أحياء عند ربهم يُرزقون
سبتمبر 14, 2024ضيافة الشهداء عند ربهم
سبتمبر 15, 2024بقلم اللواء الركن محمود شيت خطاب (رحمه الله)
السؤال الآن: كيف يمكن إنقاذ فلسطين؟
العودة إلى الإسلام
بما فيه من تكاليف البذل والتضحية والفداء؛ لأن الجيوش التي تقاتل دون عقيدة لا تنتصر أبداً، والجيوش التي تقاتل بعقيدة لا تندحر أبداً.
لقد سمعنا مؤخراً من يزعم بأن من أهم أسباب انتصار (إسرائيل) على العرب هو تفوقها في العلم التطبيقي على العرب! وسمعنا من يزعم بأن من أهم أسباب انتصار (إسرائيل) على العرب هو تفوقها في السلاح الجوي على العرب؛ بل سمعنا من يزعم بأن من أهم أسباب اندحار العرب هو تمسكهم بالدين!
واليوم نسمع بانتصارات فيتنام الشمالية على الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يدعي عاقل بأن فيتنام متفوقة على أمريكا بالعلوم التطبيقية وفي الجو.
إن العامل البشري لا يزال هو العامل الحاسم في الحرب، ولا يزال هو القوة القاهرة لكل سلاح ولكل عتاد، ولكنّ البشر دون عقيدة غثاء كغثاء السيل، وللعرب عقيدة سماوية قادتهم إلى النصر، فكانت انتصاراتهم انتصارات عقيدة لا مراء، ولما ضعف العرب، صانتهم تلك العقيدة من التفسخ والانهيار. وهذا الأمر لا يصلح آخره إلا بما صلح به أوله: العودة إلى الإسلام من جديد.
إن العودة إلى الإسلام، ستؤدي إلى إعلان الجهاد الإسلامي، وحينذاك سيكون في الميدان لمواجهة (إسرائيل) (۷۰) مليون مقاتل من المسلمين، يستطيعون القضاء على (إسرائيل) حتى دون سلاح.
إن العودة إلى الإسلام، تجعل من المسلم الحق مقاتلاً هدفه تحقيق إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة.
وسبيل العودة إلى الإسلام، هو في إعادة النظر في تربية النشء ووضع مناهج تربيتهم على أسس مستمدة من تعاليم الدين الحنيف، والعمل بتعاليم الإسلام نصاً وروحاً.. إن تفشي التردي الخلقي بين أبنائنا لا يخدم أحداً غير (إسرائيل)، فلمصلحة مَن تخرب بيوتنا بأيدينا؟!
إن إعداد (المعلم) إعداداً سليماً، هو مفتاح الإصلاح التربوي، فلا بد من إعارة هذه الناحية أعظم درجات الاهتمام.
إن العرب بالإسلام كل شيء.. والعرب بلا إسلام لا شيء، والتاريخ خير شاهد على ما أقول.
توحيد الصف العربي
وترك المهاترات جانباً، وجعل قضية فلسطين الهدف الحيوي لتوحيد الصفوف.
وضع الوحدة العسكرية العربية فوراً موضع التنفيذ
وتقوية القيادة العربية الموحدة مادياً ومعنوياً.. لقد كان من أهم أسباب إخفاق العرب في حرب فلسطين عام ١٩٤٨، هو عدم وجود قيادة عربية موحدة، التي من واجبها استخدام القوات المناسبة والأسلحة المناسبة في المكان والزمان المناسبين.
كان الجيش العراقي يقاتل في تلك الحرب في منطقة جبلية، وكان لديه دروع لا فائدة منها في تلك المنطقة، وكان الجيش المصري يقاتل في تلك الحرب في منطقة مكشوفة، وكان محروماً من الدروع الضرورية للقتال في تلك المنطقة، وكان لدى الجيش العراقي مدافع من عيار (٢٥) رطلاً دون عتاد، وكان لدى الجيش المصري كميات ضخمة من عتاد مدافع (٢٥) رطلاً دون مدافع. فلو كان للعرب قيادة عربية موحدة حينذاك، لنقلت دروع الجيش العراقي إلى الجيش المصري، ولنقلت عتاد مدافع عیار (٢٥) رطلاً من الجيش المصري إلى الجيش العراقي، ولما بقيت دروع الجيش العراقي ومدافعه وعتاد الجيش المصري كتلاً من الحديد لا جدوى فيه للمجهود الحربي.
وفي مؤتمر القمة الأول الذي عقد في القاهرة في الفترة من١٣ كانون الثاني (يناير) حتى ١٧ كانون الثاني (يناير) ١٩٦٤ تقرر إنشاء قيادة عربية موحدة. وقد بذلت هذه القيادة جهوداً جبارة لخدمة المجهود الحربي العربي، ولكنها جُمِّدت قبيل حرب حزيران (يونيو) ١٩٦٧، فلم يظهر لها أي نشاط في تلك الحرب. يجب مطالبة المسؤولين العرب بإحياء هذه القيادة وإمدادها مادياً ومعنوياً، لأن تجميدها من مصلحة (إسرائيل)، ما في ذلك أدنى شك.
تثبيت دروس النكبة العسكرية
والعمل بأمانة وإخلاص على معالجة الأخطاء التي حدثت فعلاً في حرب (إسرائيل). ولعل من أهم تلك الدروس، هي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. لقد كان من أهم أسباب اندحار العرب في حرب حزيران (يونيو) عام ١٩٦٧، هو أن القيادات العربية لم تكن على مستوى المسؤولية، والنتيجة هي أن تلك القيادات لم تستطع إعداد الجيوش العربية للحرب قبل نشوبها، فلما نشبت الحرب لم تستطع تلك القيادات قيادة الجيوش العربية كما ينبغي.
تقرير سياسة عربية موحدة تجاه (إسرائيل)
ومَن وراء (إسرائيل) من دول الاستعمار القديم والحديث.. إن السياسة العربية لم توحَّد حتى الآن، وهذا نقص لا بد من تلافيه.
تقرير سياسة تعليمية موحدة
تُدخل العلوم التطبيقية في رحاب الجامعات وحشد الطاقات العلمية في صعيد واحد للعمل في ميدان تطوير الأسلحة وإنتاج السلاح الذري.. إني أنذر العرب والمسلمين، بأن (إسرائيل) أوشكت على إنتاج السلاح الذري، والحل الوحيد أمام العرب والمسلمين، هو إنتاج هذا السلاح.لقد تعلمنا من تاريخ الحروب، بأن امتلاك سلاح جديد من طرف واحد يؤدي حتماً إلى استخدامه للقضاء على الطرف الثاني. في حرب عام ١٩٣٦ بين الحبشة وإيطاليا، استخدمت إيطاليا الغازات السامة في الحبشة، لأن الأحباش لم يكونوا يمتلكون السلاح الغازي. وفي الحرب العالمية الثانية (١۹۳۹ – ١٩٤٥) بين المحور من جهة والحلفاء من جهة أخرى، لم تستخدم الغازات السامة لأن الطرفين المتحاربين كانا يمتلكان هذا السلاح. وعندما استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية إنتاج السلاح الذري، استعملته عام ١٩٤٥ ضد اليابان دون تردد، لأن اليابان لم تكن تمتلك هذا السلاح. واليوم نجد الصراع مريراً بين المعسكرين الشرقي والغربي، ولكن هذين المعسكرين يحسبان ألف حساب قبل الإقدام على إعلان الحرب، لأن خسائر الحرب العالمية الثانية كانت نحو (۲۷) مليوناً من القتلى، والخبراء العسكريون يقدرون خسائر حرب ذرية بفناء ثلثي سكان العالم والقضاء على الحضارة العالمية.
يجب على الدول التي تمتلك المال أن تجاهد بمالها، والتي تمتلك الخبرات العلمية أن تجاهد بخبراتها، وإلا فلن تبقى الأموال ولا الخبرات إذا سبقت (إسرائيل) العرب بإنتاج السلاح الذري.. إني أنذر وأحذر، فهل من سميع مجيب، أم على قلوب أقفالها؟!
خ. حشد كل الطاقات المادية والمعنوية للمجهود الحربي
وتدريب كل القادرين على حمل السلاح على استعمال السلاح.. إن نفوس العرب مائة مليون نسمة، ومعنى ذلك أنهم يستطيعون حشد عشرة ملايين مقاتل في الميدان. ونفوس المسلمين (۷۰۰) مليوناً، ومعنى ذلك أنهم يستطيعون حشد (۷۰) مليوناً من المقاتلين في الميدان. فأين تكون (إسرائيل)، إذا أصبح العرب والمسلمون (حقاً) عند مسؤلياتهم دفاعاً عن عقيدتهم وشرفهم وأرضهم المقدسة؟
إن العرب والمسلمين متفوقون على (إسرائيل) مادياً ومعنوياً ولكن طاقاتهم دون نظام. ونفوس (إسرائيل) حسب آخر إحصاء قبل حرب حزيران عام ١٩٦٧ هو (۲,۲۲٦,۰۰۰) فاستطاعوا حشد (۲۸۰,۰۰۰) مقاتل لحرب العرب، لأن طاقاتهم المادية والمعنوية منظمة. والطاقات المادية والمعنوية القليلة المنظمة، تتغلب دوماً على الطاقات المادية والمعنوية الكثيرة غير المنظمة. وما نحتاج إليه اليوم هو: النظام والتنظيم.
لقد استطاعت (إسرائيل) حشد ۱۱٪ من نفوسها للحرب بينما حشد العرب ٣ بالألف من نفوسهم! فماذا سيقول التاريخ عنا، وماذا سيقول عنا أولادنا وأحفادنا؟
د. الاستعداد لحرب طويلة الأمد حسب أسس قويمة رصينة، تخضع للعلم العسكري وللعقل السليم، إذ لا مكان في الحروب للعواطف والأهواء.
ذ. تقرير خطة إعلامية موحدة تكون على مستوى الأحداث
إن إطلاق التصريحات الهوائية لا تفيد العرب، وقد أضرت بمصلحتهم ضرراً بليغاً. وأجهزة الإعلام يجب أن تعتمد (الصدق) أولاً وأخيراً حتى يثق بها العرب والمسلمون قبل غيرهم، فقد مضى الوقت الذي كانت فيه تروج الأكاذيب! إن أجهزة الإعلام العالمية تعمل على تضليل أعدائها، وأجهزة الإعلام العربية والإسلامية تعمل على تضليل شعوبها!
إن أجهزة إعلام العرب والمسلمين، يجب أن تركز على أن العرب والمسلمين لا يعتمدون على أحد، ولكنهم يطالبون بحقهم. ويجب أن تتعلم هذه الأجهزة الأسلوب الإعلامي الحصيف من القرآن الكريم: ﴿أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقَـٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُوا۟ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِیرٌ﴾ [الحج: ٣٩]. لقد ذكر الإسلام: (يُقاتَلون) ولم يقل: (يُقاتِلون).
ر. إنشاء صندوق ثابت لفلسطين
لجمع الأموال مـــن الحكومات والشعوب لدعم الفدائيين وعلى رأسهم منظمة (فتح) والمجهود الحربي العربي.
ز. التعاون الاقتصادي بين العرب والمسلمين بغير حدود
فمن الحرام أن نستورد شيئاً من دولة أجنبية تنتج مثله أو أفضل منه دولة عربية أو إسلامية.
س. التنسيق الكامل للإنتاج الحربي بين الدول العربية والإسلامية، والتخطيط للاكتفاء الذاتي في التسلح.
ش. التعاون مع المسلمين بكل مكان
في كل المجالات التي تهدف إلى إنقاذ فلسطين.. إن من المهم أن نضع الدول الإسلامية عند مسئولياتها التاريخية. إنَّ القدس ليست للعرب وحدهم، بل للمسلمين، والعرب لا يصاولون (إسرائيل) وحدها بل يصاولون الصهيونية العالمية ومَن وراء (إسرائيل). لذلك يجب أن يكون إنقاذ فلسطين واجباً إسلامياً لا واجباً عربياً فقط. قال لي سفير الأفغان في بغداد: “إن كابول عاصمة الأفغان سقطت بيد العشائر الأفغانية التي طوقتها من كل جانب وهي تهتف: اندحر سادتنا العرب واحتل اليهود القدس الشريف، فابعثونا إلى فلسطين للجهاد”. وقد قبضت القبائل الأفغانية على وزير الخارجية الأفغاني، وأرادت ذبحه ذبح الخراف.
في كل بلد إسلامي مأتم ومناحة على القدس، فلماذا لا نحاول أن نبلور هذا الشعور الطيب إلى جهاد مقدس؟!
ص. إن الفدائيين العرب بحاجة إلى المال وإلى السلاح
ولقد زرت معسكراً من معسكراتهم فوجدت أربعة فدائيين يتناولون علبة صغيرة من سمك (السردين)! ولقد استشهد عدد عديد من الفدائيين في ميدان الشرف، فهل تعلمون كيف تعيش عوائلهم التي خلفوها وراءهم دون معيل. هؤلاء الفدائيون أعادوا بعض ماء الوجه للعرب، وقدموا أرواحهم رخيصة في حرب (إسرائيل). يجب أن نجوع ليشبعوا، ويجب أن نلتحف الثرى ونشد البطون ونتخلى عن الترف، لكي نمدهم بالسلاح والتجهيزات والمال.
ض. تحصين القرى الأمامية
والأخذ بنظام (حرس الحدود) كما هو الحال في (إسرائيل).. إن تحصين القرى الأمامية ووضع حرس لها، يرفع معنويات أهلها أولاً، ويجعلها أكثر أمناً عند هجوم العدو عليها ثانياً، ويكوِّن منها قواعد أمامية في حالة الهجوم على (إسرائيل). لقد كان من واجب العرب أن يفعلوا ذلك بعد حرب عام ١٩٤٨، ولكنهم لم يفعلوا شيئاً!
وكان من المؤمل أن يفعلوا ذلك بعد حرب حزيران (يونيو) عام ١٩٦٧، ولكنهم حتى الآن لم يفعلوا شيئاً.. إن المؤمن لا يُلدَغ من جحر مرتين، إلا العرب فإنهم يُلدغون ألف مرة، ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون!
إن تحصين القرى الأمامية يحتاج إلى أموال ضخمة، فلا بد من تعاون العرب والمسلمين في تحصين القرى الأمامية -خاصة المنطقة الأردنية التي يبلغ طولها نحو (٦٨٠) كلم- مادياً لإخراج هذا العمل الحيوي إلى حيز التنفيذ.
ـــــــــــــــــ
* محمود شيت خطاب، إرادة القتال في الجهاد الإسلامي، ط2، دار الفكر/دمشق، 1393هـ، ص37-45.