سيادة الشريعة فوق سيادة البشر
أغسطس 15, 2024الفرق بين الشورى والديمقراطية
أغسطس 16, 2024بقلم الدكتور/ نعمان عبد الرزاق السامرائي (رحمه الله)
لقد جاءت اليهودية ديانة قومية، فهي لشعب بعينه، اختاره الله من بين شعوب الأرض، وقد ورد في التوراة في (سفر التثنية ٧: ٦-٧): “… لأنك أنت شعب مقدَّس للرب إلهك، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعباً أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض”. ويقول (ديفيد لانداو) في كتابه القيم (الأصولية اليهودية) ناقلاً نصاً عن التلمود1: “هؤلاء الذين يعيشون على أرض إسرائيل لهم إله، أما الذين يعيشون خارجها فليس لهم إله”. والإله هو رب اليهود أو رب الجنود، لكن لم يوصف بالتوراة مثلاً برب العالمين.
واليهودي يحافظ على يهوديته ولو تحول إلى دين آخر، أو صار ملحداً، فاليهودية قومية اختلطت بالدين، أو دين تحول إلى قومية، وكلما التقى يهودي بآخر سأله: من أي الأسباط أنت؟! فالديانة اليهودية ديانة قومية، ينقصها التوجه الكوني للبشر ككل، وهذا ما يميز الإسلام والنصرانية في هذا الجانب.
وأما النصرانية فهي دين وعظ وإرشاد؛ يقول السيد المسيح عليه السلام: “إنما أرسلت لهداية خراف بني إسرائيل الضالة”. وقد مكث حتى رفعه الله يعظ ويخطب، ولم يعرف السلطة يوماً من الأيام، ولا عرفت النصرانية السلطة إلا بعد أن تنصّر الإمبراطور (قسطنطين) في القرن الرابع للميلاد وصبغ الدولة بطلاء نصراني خارجي؛ فالنصرانية عقيدة بلا شريعة ولا نظام حكم.
أما الإسلام فجاء بأمرين:
1 جاء بعقيدة عامة موجهة إلى البشر كافة
فكل إنسان يقبلها يصير مسلماً، ولا يطلب منه أكثر من التلفظ بالشهادتين، فالإسلام عقيدة كونية موجهة للبشر كافة، وهكذا اختلف الإسلام عن اليهودية تلك الديانة العنصرية القومية، التي تعتبر كافة البشر نجاسات لا يحسن التعامل معها، جاء في أسفار (عزرا) وصف لشعوب بكاملها بأنها “نجسة” وقد تنجست أرضهم كذلك، وينتهي السفر بمناجاة: “… أفنعود ونتعدى وصاياك ونصاهر شعوب هذه الرجاسات، أما تسخط علينا حتى تفنينا، فلا نكون بقية ولا نجاة”. (عزرا ٩: ١٥). فمن يعتقد أن البشر أنجاس، وأنه من شعب اختاره الله، فكيف يدعو هؤلاء (الكوييم) لعقيدته ودينه؟! إن اليهودي حتى اليوم يعتقد أن دمه يختلف عن دماء كافة الشعوب، لذا فهو لا يقبل دم إنسان غير يهودي، ولا يعطي دمه لغير يهودي. فالإسلام تميز في توجهه الكوني، وعقيدته المفتوحة على كل الشعوب والعصور.
2 أما الأمر الثاني: فقد جاء الإسلام بالحكم
في البداية كان القرآن ينزل بالعقيدة، فلما هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة، راح يمارس الحكم، وقد وقّع معاهدة مع يهود المدينة، اعترفوا بموجبها بأن كل اختلاف ينبغي أن يُعرض عليه، وأن لا يغادر أحد المدينة إلا بإذن منه، وأنه المسؤول عن توفير الأمن لكل سكان المدينة، إلى غير ذلك من النصوص. ويمكن أن يلاحظ هنا أن رسول الله ﷺ لم يكن مجرد واعظ، بل كان الحاكم الفعلي الذي يعلن الحرب، ويقود الجيوش، ويوقع المعاهدات، ويقيم الحدود والعقوبات، ويجبي الأموال وينفقها، ويقضي بين الناس ويعلمهم، وكل هذه الأمور من سلطات رئيس الدولة حتى اليوم.
الأمر الآخر الجدير بالذكر أن القرآن نزل بالعقيدة ثم جاءت التشريعات والنظم متأخرة، ومنها نظام الحكم، فكانت الدولة تبعاً للدين، والدين هو الذي رسم نظام الدولة، لذا ظلت (الشرعية) للدولة ونظام الحكم ترتبط بالدين. أما الحال في النصرانية فجاء على غير ذلك، فقد كان عمر الإمبراطورية البيزنطية قروناً، حين حولها الأمبراطور قسطنطين من الوثنية إلى النصرانية، فالدولة سابقة ومتقدمة على الدين. وحين تنصرت الدولة، لم تتبدل التشريعات ولا المؤسسات، لقد كانت النصرانية مجرد طلاء خارجي، حتى قال القاضي عبد الجبار: “إن الروم لم تتنصر، ولكن النصرانية ترومت”. وقد بقيت تعاليم المسيح مع التشريعات والمفاهيم الوثنية جنباً إلى جنب، دون امتزاج، لذا سرعان ما حصل الانفصال، وجاءت العلمانية.
فالإسلام ثبت العقيدة والعبادة، ثم جاءت الدولة بعد ذلك، أما النصرانية فلم تعرف السلطة، ولم يمارس السيد المسيح الحكم يوماً، بل نُقل عنه قوله: “دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله”. فإن صحّ هذا عنه، فهو التبرؤ من السلطة والاكتفاء بالدعوة والإرشاد والوعظ.
لقد جاء الإسلام بعقيدة كونية مفتوحة، وسلطة واضحة المعالم، حتى لقد أجمع المسلمون على وجوب نصب الخليفة وإن جرى اختلاف في تعيين الأفضل. فالإسلام يتميز عن الديانتين -اليهودية والنصرانية- بالجمع بين العقيدة الكونية والسلطة الحاكمة.
من خصائص النظام السياسي الإسلامي
كتب الأستاذ الدكتور حامد ربيع بحثاً مسهباً عن خصائص النظام أو النموذج السياسي الإسلامي، وجدت من المفيد تلخيصه على الوجه التالي.. وقبل الدخول في صلب الموضوع، أجد من المناسب أن أنوه بأن دراسة د. ربيع ركزت على التطبيق العربي، فذكر ستة عناصر:
1- سيادة الأخلاق ووحدة قيم الممارسة؛ فالربط بين الأخلاق والممارسة واضح جداً في النظم الإسلامية عموماً، والنظام السياسي على وجه خاص، لذا فالفصل المعروف “دع ما لقيصر القيصر وما لله لله” هذا الفصل غير مقبول في الإسلام. ولا يقبل أن تكون الحركة والممارسة إلا على أساس خلقي، ومن هنا جاء الرفض في الفصل بين الحياة الخاصة، والحياة العامة، فمن لا يصلح في الحياة الخاصة، فلا موضوع له في الحياة العامة، ويستشهد لذلك ما قاله الماوردي -الفقيه الشافعي- جاء في الحديث: «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك” فشرط الولاية العامة يكون بتحقق مواصفات الصلاحية للولاية الخاصة، وما ينطبق على الفرد العادي ينطبق على الحاكم، وهذه الممارسة لا تقف عند الفرد المسلم، أو حتى الذمي، بل تذهب بعيداً لتشمل غير المسلم، حتى في حالة الحرب، فلا يحق الغدر بأحد، ولا الهجوم على غرة، ولا قتل الجريح ولا المرأة ولا المنقطع للعبادة… إلخ.
٢- النظرة إلى الحياة الدنيوية على أنها معاناة، وكذلك الحكم، ومثله الخضوع للحاكم، هذه النظرة تدفع لإخضاع المواطن لامتحان المفروض أن ينتهي بإثبات القدرة والصلابة، بحيث يستحق أن يوصف بأنه “مؤمن”، وهكذا تصبح السلطة تكليفاً لا تشريفاً، وواجباً قبل أن تكون حقاً. وواجب المواطن أن ينصح لحاكمه، وأن يقوّمه “كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته…”، وأن من أفضل الجهاد عند الله، كلمة حق عند سلطان جائر.
٣- مهمة الحكم في الإسلام حراسة الدين، والدعوة إليه2؛ “فالدولة وظيفتها الدفاع عن العقيدة، وأساس شرعية السلطة، ومحور وجودها نشر الدعوة، الدين والسلطة يتفاعلان كحقيقة ديناميكية واحدة.. وهكذا فإن شرعية السلطة هي الدين، وأداة الدين هي السلطة. إن واجب الدولة هو أن تدعو إلى الحق، وأن تدعو من خلال الإقناع والاقتناع، فلا تُكره أحداً على الاقتناع، هذا المفهوم كان لابد وأن يتحول إلى قواعد للممارسة، في كل ما له صلة بنظرية التعامل السياسي في الحضارة الإسلامية”.
إن هذه المهمة لا تجعل من الدولة الإسلامية حكومة (ثيوقراطية) بل دولة “فكرة” تعمل جاهدة لخدمتها ونشرها في العالم، ومن هنا نفهم مغزى تلك الرسائل التي بعث بها رسول الله ﷺ لحكام زمانه، كما نفهم الدافع وراء حروبه، فالكل يستهدف تبليغ الدعوة، ونشر الإسلام، ليس أكثر.
٤- إن النظام السياسي الإسلامي يصعب وصفه بمصطلحات العصر، مثل الديمقراطية أو حكم الفرد أو الحكم الأتوقراطي (حكم النخبة)، لكن يمكن وصفه بأنه نظام يسعى جاهداً لسيادة القيم، والتي لا تنبع من إرادة الحاكم، بل من الشريعة ونصوصها3 “لو نظرنا إلى النموذج الإسلامي -بهذا الخصوص- لوجدنا (القيم) وهي أبنية سماوية أخلاقية، تسود الحاكم قبل المحكوم، وهي تمثل جوهر عقد “البيعة”، وتعطي المحكوم حق رفض الطغيان… فتخريج الأحكام ليس من وظيفة الحاكم، وما ينسب إلى الحكام، من قبيل سن القوانين بالمعنى المتعارف عليه في التقاليد الغربية، يكاد أن يكون لا وجود له، إن التشريع من عمل وحق الفقيه، ولا سلطان على الفقيه في استخراج الأحكام إلا ضميره… فلنتذكر أحمد بن حنبل، وقبله أبا حنيفة، وبعدهما ابن تيمية على سبيل المثال، والواقع أن هذه الخصائص كثيراً ما يغفل عنها الفقه المعاصر، عندما يصف الخليفة بأنه كان يجمع السلطتين: الدينية والمدنية، من منطلق التصور الذي فرضته نماذج الممارسة في التراث الغربي الكاثوليكي” أ. هـ.
5- تقوم الحضارة الإسلامية على عقيدة الإسلام، والتي تقوم على مبدأ الارتقاء الديني، وتطعيم مبدأ العدالة بمبدأ المساواة، وصولاً إلى نتيجة باهرة هي: “لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى”. المسلمون سواسية، لكن الاختلاف بين المسلم وغيره، فالإيمان بالله وكتبه ورسله مستويات، وكذلك عدم الإيمان مستويات، فهناك أهل الكتاب وهناك عبدة الأوثان والأصنام، وهناك بين المسلمين التقي والأقل تقوى. إذن فهناك تمييز من منطلق “التقوى”، لكن لا أثر له أمام القضاء، كذلك فإن الإسلام هو خاتم الأديان، وبه ختمت رسالة السماء، ومحمد ﷺ خاتم المرسلين.
٦- جاء الإسلام بالحكم، وجوّز استعمال القوة، وإن ربط الإيمان بالقناعة وليس بالإكراه، لكنه وجد الدول تملك القوة فتستعملها ضد نشر الإسلام، لذا لابد من إزالة هذه القوة بقوة إسلامية، لذا فإن العرض الأول من المسلمين يكون بالدعوة للإسلام “أَسْلِمْ تَسْلَمْ”، وقد قبلت اليمن الإسلام، لذا لم تعرف القتال، ورفضت مكة الإسلام، فسيّر رسول الله ﷺ جيشاً بلغ تعداده عشرة آلاف من الصحابة، حتى فُتحت4. “إن الإسلام يؤمن بأن الحق الذي لا تسانده قوة، لا قيمة له، وأن على الدولة أن تحيط نفسها بسياج من الأدوات الكفيلة بغرض الاحترام والهيبة، على كل من يتعامل مع النموذج الإسلامي للممارسة السياسية…”.
هذه بعض خصائص النظام السياسي الإسلامي، كما ذكرها د. حامد ربيع. لخصتها بأمانة، مع ذكر بعض الأمثلة فقط.
النظام السياسي الإسلامي والنظم الأخرى
الدكتور حامد ربيع -أستاذ علوم سياسية- قام بدراسة النظم التي عرفها العالم قديماً وحديثاً، ثم حاول أن يوضّح طبيعة النظام السياسي الإسلامي، وموقعه من هذه النظم، وقد أحصى النظم على الوجه التالي5:
۱- النموذج اليوناني. 2- النموذج الروماني. 3- النموذج الفارسي. 4- النموذج الكاثوليكي. 5- نموذج الدولة القومية.
وحاول بيان سمة كل نظام ثم تحدث عن النظام السياسي الإسلامي.
أولاً: النموذج اليوناني
ويتمثل بالمدينة الدولة، والذي كان سائداً ما بين القرنين (٧ – ٥) قبل الميلاد. وميزته الظاهرة الفكر المثالي المجرد على حساب الحركة؛ لذا فقد فشل في إيجاد حلول لمشاكل الحياة، كما فشل في إيجاد دولة تعبر عن حقيقة العصر وآمال الشعب، وكان البحث عن السعادة هو محور المفاهيم السياسية، وهكذا جرى الخلط بين النظام السياسي وغيره، وخير من يمثل هذا النموذج أفلاطون في كتابه (الجمهورية).
ثانياً: النموذج الروماني
وقد كان طغيان الحركة هو المحور الذي يسيطر على الممارسة، والحركة تعني القوة، والقوة تعني نشر النفوذ، ليتمكن مجتمع من السيادة والسيطرة على المجتمعات الأخرى، وهذا يتطلب الحركة والقوة، لذا راح هذا النموذج يضرب الرق على الشعوب المغلوبة، ودخل في سلسلة من حروب لا نهاية لها، مع الفرس أولاً، ومع المسلمين بعد ذلك.. لكن هذا النموذج كان يتحدث عن الحريات وحقوق الفرد. لكنه لم يقدم بالفعل سوى نموذج الدولة المستبدة المسيطرة، التي غرقت بالحروب، وظلت تمجد القوة حتى سقطت.
ثالثاً: النموذج الفارسي
يقوم على أساس اختفاء حقوق المحكوم إزاء الحاكم، الحاكم إله سياسي، والمحكوم لا وجود له، لذا انتهى إلى اللا أخلاقية والفشل في صنع دولة مسيطرة، لقد أطلق سيادة الحاكم، ولم يسمح للفرد بأي وجود سياسي، وقد خاطب أول سفير مسلم الفرس قائلاً بأنهم جاءوا لإخراج العباد من عبودية البشر إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
رابعاً: النموذج الكاثوليكي خلال العصور الوسطى
وهو نموذج معقّد بحسب طبيعته وعلاقاته المدنية، وعدم وضوح خصائصه الحركية، واختلاطه بنماذج أخرى، والسمة البارزة هي التعصب الديني المطلق ورفض كل تصور مخالف، والطرد من الكنيسة لكل من لا ترضى عنه، والسمة الثانية هي الاستفزاز لكافة المخالفين، ومن مفرزات التعصب والاستفزاز الحروب الصليبية ومحاربة اليهود، وفي داخل المجتمع تمثل سوء العلاقة بين الكنيسة والنظم الإقطاعية والملكية، ومن ردود الفعل لهذا النموذج، جاءت الدولة القومية.
خامساً: الدولة القومية
والسمة البارزة هي سيادة الفرد، وجعل حقوق المواطن تحتل المركز الأول والأخير للوجود السياسي. وأنه لا وسيط بين المواطن والدولة، فالعلاقة مباشرة، ولا يسمح بأي علاقة منافسة، وقد عمل هذا النموذج على محاصرة الكنيسة في أضيق دائرة، وهي دائرة العبادة، وما عداها فهي للدولة، وقد انتهى بتأليه الدولة، باسم حقوق الفرد والمحافظة عليها. ومن مفرزات هذا النموذج التوسع الاستعماري والانتشار في كافة القارات، ونهب خيراتها، وقهر شعوبها، وجعلها أسواقاً لبضائعه وسلعه، والتحكم في دول العالم بهدف تأمين مصالح دول هذا النموذج.
خصائص النموذج الإسلامي
أما أهم خصائص النموذج الإسلامي فهي:
۱- إن العلاقة بين الحاكم والمحكوم مباشرة، لا تعرف الوسيط، ولا يفصل بين الاثنين أية عقبة اجتماعية أو نظامية.
٢- العلاقة السياسية تنبع من مفهوم العلاقة الدينية، وتتحدد بها، فعلاقة المسلم بكتاب الله وتعاليمه هي التي تحدد خصائص العلاقة السياسية، فالولاء للدين هو المقياس، فالأكرم هو الأتقى.
3- إن العلاقة كفاحية: فكل مواطن مطالب بالدعوة لله، ونشر تعاليم الإسلام، والدفاع بكل الوسائل المشروعة، والدولة تشاركه في ذلك.
4- وهذه العلاقة مطلقة غير مقيدة بفئة ولا طبقة، والتمييز بين الحاكم والمحكوم هو تمييز وظيفي، لا علاقة له بالانتماء ولا بالوراثة، وحين اقترب نظام الحكم من النموذج الفارسي، لم يصل إلى المبالغات التي عرفتها تقاليد الحكم الفارسي والطبقية وتأليه الحاكم.
5- إن العلاقة السياسية ظلت تمتاز بالبساطة، فلم تعرف التجريد المثالي الذي عرفه النموذج اليوناني، ولا التركيب النظامي الذي عرفه النموذجان الروماني والكاثوليكي، ولا الاستيعاب المطلق الذي سيطر على النموذج القومي.
٦- إن النموذج الإسلامي يجمع بين الفكر والحركة، ويقيم توازناً بين الحاكم والمحكوم. وفي نفس الوقت لا يتجاهل أن السيادة بحاجة للقوة، وأن القوة تحمي الشرعية، وإن كانت لا تصنعها. وإن شرعية الحكم تستمد من تمسكه بالشريعة، وتذهب الشرعية بالخروج على الشريعة.
7- في النموذج الإسلامي كان الدين هو الأساس المتقدم، والسياسة تابع له. وفي جل النماذج كانت السياسة هي المنطلق الأول، والدين أداة من أدوات السياسة. ومن مفارقات بعض النماذج، أنه يحارب الدين داخل مجتمعه ويسعى ويعاون على نشره في الخارج (كما في النموذج القومي)؛ فالغرب يحارب الدين داخلياً، ويسهم في نشره في الخارج، لأنه يأتي بالولاء للسادة، ويربط الأنصار الجدد بهم.
كلمة أخيرة: إن هذه النماذج لا يخلو كل منها من إيجابيات وحسنات.
ــــــــــــــــــــــ
* د. نعمان عبد الرزاق السامرائي، النظام السياسي في الإسلام، ط2، 1418هـ، الرياض، ص18-29.
1 الأصولية اليهودية، ترجمة مجدي عبد الكريم، ص٤٠١، مكتبة مدبولي.
2 سلوك الممالك في تدبير الممالك، ص۸۳.
3 سلوك الممالك في تدبير الممالك، ص۸۳.
4 المرجع السابق، ص۸۸.
5 سلوك المالك في تدبير المالك 1/13- ١٧/ ١٤٠٠ هـ – ١٩٨٠م.