
اقتحامات واعتداءات متواصلة من الاحتلال في مدن الضفة
نوفمبر 5, 2025
غزة الجليلة من الفئة القليلة
نوفمبر 5, 2025الشيخ حسن الخطيب
عضو رابطة علماء فلسطين
عندما تختفي المرجعية الدينية وينشأ المرء على الرؤية المجردة في الأحكام، ويبدي رأيه فيما يعلم وما لا يعلم، ويصبح الحكم لأدوات القوة الظاهرة من مال وسلطان، والهوى والميول هما الميزان، دون الحاجة إلى معرفة الحق وحقيقة البيان.. ندرك حينها مقولة: كيف يصنع الطغاة العبيد!
بعد سبعمائة وثلاثة وثلاثين يوماً من الغدر المدفون في قلوب ﴿أشدّ الناسِ عداوةً للذينَ آمنوا﴾ والعدوان الدامي والإجرام اللامتناهي، والطغيان الموجهة بكل أدوات الفتك والدمار، بمعاني الكراهية والحقد والحسد، لم يحققوا أهدافهم وما نالوا مرادهم..
انتصرت غزة بالله وفضله أولاً وقبل كل شيء..
رغم السبعين ألف شهيد وقريباً من مائتي ألف مصاب، والدمار الشامل الذي حل بغزة وأهلها، والخوف والتجويع والفقد والقلة والحرمان.. انتصرت غزة بالله، ثم بما مَنَّ الله به على أهلها من إيمان وصبر وثبات، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨].
آمنوا واطمأنت قلوبهم بذكر الله، فاستجمع الله كل آيات الصبر والثبات والرضا في قلوبهم وعلى ألسنتهم، وأنزل السكينة عليهم، قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الفتح: ٤]. لا ينتابهم شك ولا ريب، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحجرات: ١٥].
الذين بإيمانهم صبروا وثبتوا وجاهدوا في الله حق جهاده، وما تراجعوا قيد أنملة عن مرادهم طلباً لمرضاة الله، فانتصروا بفضل الله ومَنِّهِ وكرمه.. حاول الباطل وجنده بعدما حاولوا قتل غزة وذبحها من الوريد للوريد وتهجير أهلها، ففشلوا إلا في القتل والتدمير، ليرتقي شهداؤنا عند الله ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ [القمر:٥٥].
فشلوا في السيوف الحديدية التي تكسرت بعصا السنوار، وفشلت خطة الجنرالات بصبر أصغر طفل مقاوم، وفشلت [جدعون ١] بحجارة داود، و[جدعون ٢] بعصا موسى.. وفشلوا بقسوة القصف والعربات الآلية المفخخة بآلاف الأطنان بصبر الناس وثباتهم وصمودهم وتحديهم.. كما فشلوا بكلابهم الضالة التي حاولت نبح قافلة العز وسرقة لقمة عيشها.. فشلوا في كل خططهم ومؤامراتهم وكيدهم ومكرهم، فحركوا خفافيش سوادهم ليطحنوا غزة وأهلها، فتحرك جند الله في الأرض، وأحيا بغزة وجراحها أمم الأرض وشعوبها ضد العدوان والإجرام، لينقلب السحر على الساحر..
ولأول مرة في التاريخ نرى التحول الجذري في الأرض ضد ﴿أشدّ الناسِ عداوةً للذينَ آمنوا﴾، وعرف الناس ورأوا حقيقة اليهود، وإجرامهم وحقدهم وغدرهم.. على الهواء مباشرة، من خلال القصف الهمجي والعنيف والحزم النارية، المرعبة والمدمرة.
والكل يسأل كيف يعيش الغزيون تحت هذا القصف المدمر؟ ماذا يصنع الأطفال والنساء والشيوخ مع هذه القنابل والصواريخ الحارقة، وهي تنزل على رؤوسهم؟ كيف يبيتون كيف يستيقظون بين الأشلاء والدماء؟
ألا يعلمون أنه إذا ما الإيمان في الروح سكن.. واعتمر القلب بالله اطمأنت الجوارح والبدن.. تحركت بصالح الأعمال وارتضت بكل المحن.. صبروا وثبتوا وانتصروا بفضل الله ذي المنن..
فعندما تلهجُ ألسنة المؤمنين بذكر الله تعالى تطمئن ولا تضطرب، قال الله تعالى: ﴿الَذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨]..
فلنستمع لشيخ وهو يقول لأبنائه وجلسائه أثناء القصف الهمجي والمرعب: “ناموا واطمئنوا فوالله ﴿لَنْ يُصيبنا إلّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا﴾ [التوبة:٥١]”.
انتصرت غزة بالله، ثم بما شهد به الأعداء
يقول أحد المحللين الصهاينة [يوسي هيوشع] بعد وقف القتال الأخير: “أعتقد أننا كنا نحارب مليوني مقاوم في غزة وليس أربعين ألف مقاتل.. لقد كان ثباتهم رغم جحيم القصف أقوى من رصاص المقاومة وكمائنها، صورة الطفل الذي يحمل أخاه على عاتقه بكل رجولة، أقوى من قذيفة الياسين التي خربت الميركافا وقتلت من فيها، نزوح الأهالي استغرق قرابة الشهر رغم التهديد بالقصف المتواصل والقتل اليومي بالعشرات، وعندما رجعوا، رجعوا بمئات الآلاف في ٧٢ ساعة، عادوا ليس شوقاً لبيوتهم المدمرة، وإنما لدعم المقاومة وحماية ظهرها.. ثم كيف ومن أين خرج ٧٠٠٠ شرطي وسيطروا على مفاصل الأمن في أقل من ٢٤ ساعة؟ والناس كل الناس يتعاونون معهم ويمتثلون أوامرهم! أعتقد أن من يتحدث عن النصر المطلق الآن [نتن ياهو] عليه أن يخجل من نفسه، ولا يقول شيئاً” [منقول باختصار].
انتصرت غزة بالله رغم الغدر والتجويع، والإجرام والظلم والعدوان، وكثرة الفقد والدمار والنزوح والتشريد والطغيان، وطول أمد الحصار، والخذلان.. رغم الخذلان!
وما فَتَّ ذلك في عضد رجالها ولا نسائها وأطفالها، صبرٌ وثباتٌ يصحبه صمودٌ أسطوري وإصرار وتحدي ومواجهة بكل الإيمان ومعاني الرجولة والإباء والرضا بما كتب الله عز وجل.. ﴿قُلْ لَنْ يُصيبَنا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا﴾ [التوبة: ٥١].
انتصرت غزة بالله، رغم حرب لم يسلم فيها طفل ولا رجل ولا امرأة، ولا حجر ولا شجر، انتصرت غزة بالله ثم بنسائها أيقونة الصبر والرضا والإيمان، رغم كثرة الفقد وغلاوته، انتصرت غزة بأطفالها الأبرياء وشيوخها الصابرين أيقونة العز والثبات، رغم قسوة المرض وشدة الألم والعجز والتجويع وتعدد النزوح والتشريد، انتصرت غزة بالله ثم بالرجال.. الرجال الذين أذاقوا العدو طعم الموت الزؤام..
انتصرت غزة بالله ثم بخسائر العدو الفادحة، فكثير من التقارير تحدثت عن مئات القتلى، وأخرى عن آلاف وعشرات الآلاف من الجرحى، وآلاف من المعدات والآليات المدمَّرة، ونظراً لتضارب هذه التقارير والتناقضات الواضحة فيها، فلن نتحدث عن عدد الخسائر البشرية، ولا التقارير التي تحدثت عنها، إنما في الأمر المتفق عليه، أن العدو يشكو من نقص في المعدات والآليات والدبابات والذخيرة، ففي تقرير لموقع الجزيرة الإخباري تحدث كاتب التقرير ومعده شادي عبد الحافظ، بتاريخ ١٩/ ٧/ ٢٠٢٤م، لاحظوا معي أن هذا التقرير منشور في يوليو ٢٠٢٤م، يقول فيه:
“في ١٥ يوليو/تموز الجاري، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي لأول مرة بنقص في الدبابات التي يحتاجها بعد عطب العديد منها بسبب الحرب في قطاع غزة. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية هذا الاعتراف من ردّ الجيش أمام المحكمة العليا الإسرائيلية في سياق قرار رئيس الأركان الإسرائيلي تأجيل دمج الضابطات في تشكيل المدرعات حتى نهاية ٢٠٢٥ بسبب “النقص الكبير في الذخيرة والدبابات”.
يأتي هذا الخبر البالغ الأهمية في سياق أشارت فيه الصحيفة إلى عدم كفاءة الكثير من الدبابات الإسرائيلية، فقد عطلتها ضربات المقاومة في قطاع غزة، بحيث لا يمكن استخدامها حتى للتدريب، كما لا يُتوقع أن تُضاف دبابات جديدة إلى سلاح المدرعات في أي وقت قريب.
هذا يعني أن الخسائر الصهيونية فوق المتخيل، وقد تغير نمط الحرب وما عدنا نرى دبابات الميركافا.. انتصرت غزة بالله رغم نظام: “سُمح بالنشر”.
يقول هنري كيسنجر: “يخسر الجيش التقليدي إذا لم ينتصر، ويفوز رجل حرب العصابات إذا لم يخسر”.
انتصرت غزة بالله ثم بحجم الخسائر الهائلة عند العدو، ثم بمحاولات الانتحار المتزايدة في الجيش الصهيوني، والهروب من الخدمة العسكرية، وعدم الاستجابة لأوامر القيادة العسكرية برفض الانخراط في الجيش، ثم بتصريحات رئيس الأركان “إيال زامير” وتضارب احتياجات جيشه العسكرية المتزايدة ليعوض نقص الجنود على لسانه، فتارة يقول: إنه حقق أهداف الحرب وعلى المستوى السياسي أن يتحرك لإبرام صفقة تبادل الأسرى. وتارة يقول: إنه يحتاج ثمانين ألف جندي لإكمال مهمته في غزة. وآخِر تصريح له أنه يحتاج ٢٠٠ ألف جندي، ليستطيع احتلال غزة. توقفت الحرب وما احتل غزة، ودون تحقيق أهداف النصر المطلق الذي يدّعونه..
سنتين كاملتين من الإبادة الجماعية بكل وسائل وأدوات القتل والصواريخ والقنابل الذكية منها والغبية! والجسر الجوي الذي ما توقف بكل ما أنتجته مصانع الأسلحة الصهيو أمريكية والأوروبية الحديثة والمتطورة، وبكل أنواع الدعم الأمريكي والأوروبي، في محاولة يائسة لإنقاذ الكيان من هزيمة مائة بالمائة لولا هذا الدعم اللا محدود والخذلان العربي الإسلامي بأبشع صوره وألوانه ووسائله وأساليبه، ﴿وَلَٰكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا﴾، [الأنفال:٤٢]. وانتصرت غزة بالله..
معركة طوفان الأقصى والحقائق الغائبة عن الأذهان
الأولى: حقيقة عداوة اليهود الشديدة للذين آمنوا
وأكدها القرآن الكريم، بقوله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [المائدة: ٨٢]، هذه الحقيقة يريد المنافقون إخفاءها، وأظهرها دم الأبرياء في غزة للعالمين، وإجرام العدو وشديد بطشه وطغيانه.
الثانية: حقيقة أهل الكتاب
وبيان عداوة الغرب الصليبي المشرك للإسلام والمسلمين، ذلك الغرب المتلبس بالديمقراطية الكاذبة والمتخفي بالإنسانية الزائفة، التي صدعوا رؤوسنا بها، حين تداعوا جميعاً لنصرة اليهود، والذين اعتمدوا السردية الصهيونية، رغم علمهم بكذبها، قال الله تعالى: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [آل عمران: ١٨٦].
الثالثة: حقيقة المؤمنين
فلا يعرف المؤمن ولا يعلم أمره إلا عند الابتلاءات والمحن، قال الله تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ﴾ [آل عمران: ٢٤٠]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٦٦]، ولأن الناس أصناف وألوان منهم البخيل والكريم والكافر والمؤمن والجبان والشجاع، والكاذب والصادق والمتخاذل والناصر.. فابتلانا الله لينظر أينا أحسن عملاً.. قال الله تعالى: ﴿ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَیَوٰةَ لِیَبۡلُوَكُمۡ أَیُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلࣰاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفُورُ﴾ [الملك: ٢].
ولأنهم أهل الحق والدار والأرض: ﴿قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا﴾ [البقرة: ٢٤٦]. ولأنهم أهل الدين والإيمان صبروا وثبتوا وهم يلهجون بقول الله تعالى: ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٥٠]، فقاتلوا وصبروا وثبتوا، وانتصروا بالله.
رابعاً: بيان حقيقة المنافقين ومَن هم
ففي وقت الشدة ونزول الابتلاء يصبر المؤمن على دينه بلا تردد، ويقيم الله بثبات المؤمن الحجة على المنافقين، ويفضحهم، قال الله تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ ۗ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ۚ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ۗ قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ١٦٧-١٦٨].
هذه حقيقة المنافقين اليوم وهذه هي حُججهم، فكشف حقيقة مدعي الإسلام والعروبة، أهل أمتنا وديننا وملتنا ومن يحيطون بنا، ومن هم جنود الغرب الأخفياء وعبيده الأوفياء، هؤلاء الذين اتخذوا أهواءهم ورغبات أنفسهم والشيطان آلهة تُعبَد من دون الله.. هؤلاء الذين خذلوا أهل غزة، واستحضروا كل شياطين الأرض وفُجَّارِها إلى ديارهم، وتحالفوا مع أعداء الله والشيطان، هؤلاء الذين سَمَّاهم الله في سورة التوبة، بل في عموم القرآن، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: “كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم”.
هذه حقيقة مُرَّةٌ ومؤلمة عن حقيقة أعدائنا الكثر، وخصومنا الألداء، والذين توحدت أفكارهم وتضافرت جهودهم، وبانت حقيقة اليهود والنصارى وعموم الذين أشركوا والمنافقين، إنهم أصناف البشر الذين حذرنا الله تعالى منهم أشد التحذير، وخاصة المنافقين غير معروفي الوجهة والمبدأ والضمير، الذين قال الله فيهم: ﴿مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤٣].
هؤلاء الذي كان منهم عظيم الخذلان، والذي أخبرنا به النبي ﷺ قبل ألف وأربعمائة سنة فقال: “لا تزال طائفةٌ من أُمَّتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك”. ، أخبرنا عن متخاذل ومخالف وأنهم لن يضرونا، بل وسنقهرهم بإيماننا وصبرنا وثباتنا، قال ﷺ: “لا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِن أُمَّتي يُقَاتِلُونَ علَى أَمْرِ اللهِ، قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَالَفَهُمْ، حتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ علَى ذلكَ”.
وفي رواية ثالثة لا يتحدث فقط أنها ظاهرة بدينها، بل وقائمة بأمر الله، وهذا ما يغيظ المنافقين والكافرين، قال ﷺ: “لا تَزالُ طائفةٌ من أُمَّتي قائمةً بأمرِ اللهِ، لا يَضُرُّهم مَن خذلهم، ولا مَن خالفهم، حتى يأتىَ أمرُ اللهِ، وهم ظاهِرُونَ على الناسِ.
هذه الحقيقة المرة تبشرنا بفرج الله ونصره رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين وخذلان المتخاذلين، سنظهر بديننا وننتصر له، ونقهر عدونا ونهزمه بأمر الله وفضله، لا يضرنا مخالفة وخذلان المتخاذلين..
وانتصرت غزة بالله..




