
اعتداءات الاحتلال تهجّر 6 عائلات بالضفة قرب أريحا
نوفمبر 7, 2025
تُرى لماذا أوقفوا الحرب على غزة؟!
نوفمبر 8, 2025ما زالت سياسات مصادرة الأراضي في الضفة الغربية تُطبَّق بأساليب متجددة، آخرها ما أُعلِن عنه مؤخّرًا بفرض مسمّى “المنطقة العازلة”، وهو مصطلح يُستخدم لتغطية عمليات السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المحيطة بالمستوطنات، وإغلاقها أمام أصحابها الفلسطينيين بذريعة “الأمن”، في خطوة تُعيد إنتاج سياسة المصادرة القديمة، لكنها هذه المرة تحاول إضفاء غطاء شكلي من “التنظيم” و”الترسيم”.
دير جرير، كبلدة ريفية زراعية، كانت تعتمد على الأرض بنسبة تتجاوز 60% من دخل أهلها قبل الانتفاضة الأولى عام 1987. وكانت الأراضي الخصبة المحيطة بالبلدة تُزرع بمحاصيل متنوّعة، من الزيتون والتين إلى الحبوب والخضروات. لكن مع توسّع مشاريع الاستيطان وتشييد الجدار، بدأت تلك المساحات تتقلّص تدريجيًّا، حتى فقدت البلدة جزءاً كبيراً من رقعتها الزراعية، وتحوّل كثير من المزارعين إلى عمال يوميين، بعد أن حرموا من أدوات كرامة العيش.
اليوم، يعود الاحتلال ليُصدِر أمرًا جديدًا بتاريخ 27 أكتوبر 2025، تضمّن إعلان مصادرة 29.68 دونمًا من أراضي دير جرير وكفر مالك، لصالح إقامة ما سُمّي بـ”المنطقة العازلة” حول مستوطنة “كوخاف هشاحر”. كما شمل قرارٌ مُنفصل مصادرة 12.612 دونمًا إضافيًّا، بهدف إنشاء “طريق أمني” يربط المستوطنة بالطريق رقم 449، ما يعزز حركة المستوطنين ويُسهّل مراقبة المنطقة، في حين يعزل المئات من الدونمات الزراعية عن أصحابها.
ويُحذّر ناشطون من أن تنفيذ هذه السياسات في مناطق مثل دير جرير، وسلواد، وعين يبرود، وعزون، يهدّد بعزل آلاف الدونمات الزراعية، وقطع التواصل الجغرافي بين القرى، ما يُضعف الرباط الزراعي والسكني مع الأرض، ويُسهّل عمليات التهجير الصامت.
وفي سلواد، شرق رام الله أيضًا، يروي المزارع خالد جبارة (54 عامًا) كيف فقد الوصول إلى 7 دونمات من أرض عائلته منذ عام 2013، بعد إقامة سياج حديدي وبوابات إلكترونية على مدخلها، بحجة “القرب من مستوطنة”. ويقول: “في البداية، كنّا ندخل بتصريح خاص، لكن بعد عام 2020، توقفت التصاريح تمامًا. الآن، نرى أشجارنا من بعيد، لا نستطيع لمسها، ولا حتى سقيها”.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن أكثر من 3,200 مزارع من مرابطي الضفة فقدوا القدرة على الوصول إلى أراضيهم خلال الموسم الزراعي الحالي، خصوصًا في موسم قطف الزيتون، الذي يُعتبر ذروة العمل الزراعي السنوي، وأهم فترات الرباط مع الأرض.
وتشير هيئة الجدار والاستيطان إلى أن مساحة الأراضي المُعلَن عنها كـ”مناطق عازلة” في الضفة الغربية بلغت حتى نهاية أكتوبر 2025 نحو 112 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل 11,200 دونم، تتركز في محافظات رام الله، نابلس، وسلفيت، وهي مناطق غنية بمصادر المياه والتربة الخصبة.
في دير جرير، كما في عشرات القرى الأخرى، يُقاوم المزارعون عبر تسجيل الأراضي، وتقديم الطعون القانونية، والمشاركة في جهود التوثيق، لكنهم يشعرون بأن المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل على الذاكرة، وعلى حق الأجيال القادمة في أن تعرف: من زرع، ومن جنى، ومن اغتصب.
فالأرض لا تُقاس بمساحتها، بل بجذور الزيتون التي تشبّثت بها عقودًا، وببصمات الأيادي التي عصرت ثمارها، وبأصوات الأطفال الذين تعلّموا تحت ظلالها كيف يحبون وطنهم، دون أن يُعلّموهم ذلك في مدرسة.




