
قصيدة “المُحاصَر” – في رثاء يحيى السنوار
فبراير 22, 2025
إجراءات جوهرية تتخذها إمارة أفغانستان الإسلامية في مجال التعليم
فبراير 24, 2025الشيخ إبراهيم السكران – فك الله أسره*
الحمد لله وبعد.. إلى كل مسلم في الشام وإلى كل مسلم جسده في فجاج الأرض وقلبُه في الشام، ها قد تقاطرت الجبابرة موعدهم الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، فإن كان الصليبي قد سبقه لها بـ(الدرونز) فقد جاء الدهري بـ(سوخوي)، ضنًا أن يختصوا دونه بشؤم الجريمة، وأول من تَلقّى نيران غاراتهم لم يكن جزار الأطفال بالبراميل؛ بل الأطفال أنفسهم والنساء وفصائل الثوار الفاضلة، وما زال سباع الغرب يظنون أنه لا يليق أن يشغل غيرهم منصب أستاذ حقوق الإنسان والحرية!
تحرّك هؤلاء كلهم بمجرد أن طرق المجاهدون حلقة الباب على الساحل النصيري، صيانة مبرمل الأطفال أغلى لدى أستاذ حقوق الإنسان من ضحاياه، لكم الله يا أهل السنة في الأرض المباركة، غدوتم بين خوذة الجبابرة وضفائر الأزارقة، إن أفلت مجاهدكم من صاروخ هؤلاء احتضنته مفخخات أولئك.
وفي شبيه هذه النوائب يخال لبعض الحادبين أن النذارة تقتضي التهويل، فلا يزال يخطب بالهلع حتى تنخسف القلوب وتتبدد جمعية التوكل ويتيه تعلق النفوس بالله إلى التضرع للقوى الإقليمية وتسوّلِ النصرة ممن قد يكون في ميزان الله أحوج إليك منك إليه، وهكذا كم من شفيق حجب عن أهله الباب وهو يروم نجدتهم، بل ربما داخل عبارات بعض هؤلاء المهوّلين شيئٌ من الجزع وشبيه العويل، وقد صور حال هؤلاء أبو العباس بن تيمية تصويرًا بديعًا فقال تغمده الله برحماته: “وكثير من الناس إذا رأى المنكر، أو تغير كثير من أحوال الإسلام؛ جزع وكلّ، وناح كما ينوح أهل المصائب، وهو منهي عن هذا، بل هو مأمور بالصبر والتوكل، والثبات على دين الإسلام، وأن يؤمن بالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأن العاقبة للتقوى”.
وعلوم الاستراتيجيات والتخطيط المعاصرة اليوم تزيد التأكيد أن تهويل بأس ومنَعة العدو في النفوس جزء من الحرب النفسية (Psywar) وعكسه تقليل شوكة العدو ورباطة جأشه من الدعم المعنوي الذي يقوي القلوب ويعزز الروح المعنوية، وقد نبّه على هذا القرآن تنبيهًا عجيبًا على ثلاث مراتب، في قصة يوم بدر:
- فإن الله في تهيئة الأمر أرى نبّيه في منامه الكفار وعددهم قليل كما قال الله: ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [الأنفال: 43]، فقويت عزيمتهم على لقائهم.
- ثم لما تقابل الصفان أرى سبحانه كل طرف الآخر بأقل مما هو عليه ليستطمعهم ببعضهم وليغري كل فريق بالآخر كما قال الله: ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا﴾ [الأنفال: 44].
- ثم لما التحم الجيشان أظهر الله المسلمين في عيون الكفار ضعف عددهم؛ فاستطيرت قلوب الكفار هلعًا وتزايلت أطرافهم ذعرًا، فأمكن الله المسلمين منهم، كما قال الله: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ [آل عمران: 13].
- وهكذا فإن الشيطان كان يجرّئ الكفار على اصطلام أهل الإسلام بتهويل قوة الكفار في نفوسهم وأنه لن يغلبهم أحد كما قال الله: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ﴾ [الأنفال: 48].
ومفهوم تشريد الخلوف، ومفهوم إعداد القوة للترهيب، في القرآن، هي أيضًا جزءً من دلالات هذا المعنى النفسي في الحروب، وباب هذا يطول.
والمراد أن هذه اللغة التخويفية الترهيبية الإحباطية في الحديث عن تواطؤ الأمم على الأرض المباركة، والتي يستعملها بعض الأفاضل هذه الساعة، ليست الطريق الشرعي في هذه الداهية، فهذه اللغة النياحية مثقاب التخذيل، ونحن اليوم أشد ما نكون للغة التثبيت وأنفاس المبشرات، فإنما القوة قوة القلب، والنصر صبر ساعة، وهذا لا يعني عدم ذكر قوة العدو بحق دون زيادة، وعلى وجه الدعوة للثبات والعمل، كما قال الله: ﴿قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ [الفتح: 16].
والمؤمن الفَطِن يفتح وعي المسلمين لقضاياهم، ويحرك هممهم ليعصبوا جراحاتهم، مع الاحتراس أن يدخل في حد الإرجاف، فقد شنع القرآن على كلمات الإرجاف وقت الحرب، كما قال الله: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب: 60]، وكما ذكر بعض أهل التفسير أن المرجفين في المدينة “قوم كانوا يخبرون المؤمنين بما يسوؤهم من عدوهم، فيقولون عن سرايا المسلمين: إنهم قد قُتِلوا أو هُزِموا، وإن العدو قد أتاكم”، مما يختلط فيه الحق بالباطل. وأصل الإرجاف: الحركة والاضطراب، واستُعملت هنا لأنه يحصل بمثل كلماتهم هذه اضطراب تماسك المجتمع المسلم.
فأين الوجهة إذن؟
القِبلة حقًا تحت دخان هذه المدلهمة: إيقاد سُرُج القرآن حتى تنكشف المخارج والدروب وأنفذ الأسلحة وأمكن العتاد، ويتدلى للقلوب حبل التعلق بالله فإذا هو يلقف ما يأفكون، وسنعرض فيما يلي بعض هذه المعاني القرآنية..
1- قطع العلائق
من أعظم أنوار القرآن في نظير هذه الداهية استحضار أن الله يقدّر على أهل الإسلام تحزّب أعداء الدين وتواثقهم عليهم ليمتحن التوكل على الله، ففي مشهد مهيب لرسول الله ﷺ يحكيه القرآن لنا في لحظة اكتظاظ الأعداء يقول الله: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران:173].
يا لجلالة المشهد! يقال له: إن الأعداء أبرموا صفقة وتحالفوا وهم حولكم الآن، فيصعد القلب في معراج العبودية ويقول: “حسبنا الله”، والحسب يأتي بمعنى الكفاية، أي: أن الله كافينا، ثم يثني على الله ويعظمه فيقول “ونعم الوكيل”، وأصل الوكالة الاعتماد، والوكيل هو الذي يُعتمد عليه فيتولى الأمر، فقوله: “حسبنا الله ونعم الوكيل” حاصل معناها “الله كافينا وهو نعم من نعتمد عليه”.
ولعلك لاحظت أن القرآن قبل أن يذكر مقولتهم هذه ﴿وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ ذكر أن حالًا إيمانية لهم سبقت ذلك فقال عنها: ﴿فَزَادَهُمْ إِيمَاناً﴾ فظهر بذلك أن تلك المقولة التي فخّم الله شأنها ﴿وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ إنما هي ثمرة وأثر لقلب جلجل باليقين بالله في اللحظة التي تعثر فيها قلوب أكثر الخلق في شقوق الشكوك وصدوع الارتيابات.
وكم ينساب من الألسنة في مضائق المواقف كلمات إيمانية تبهت المستمعين يظنها الناس من براعة البيان وإنما هي من حرارة القلوب، فإذا رأيت المعنيين بالشام تتفاوت كلماتهم فاعلم أن وراء ذلك قلوبًا تفاوتت.
بل انظر كيف أن النبي ﷺ وصاحبه ضمن حدود سيطرة الكفار وبينهم وقد اشتد الطلب عليه، ووصلوا لمكان وجودهم فعلًا، بل لم يكن بين كفار قريش وبين النبي ﷺ وصاحبه إلا أن يخفض أحد الكفار عينه ليراهم دونه، كما في (البخاري) عن أبي بكر: “كنت مع النبي ﷺ في الغار، فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا”!
فكفاهم الله إياهم وبلغ بهم الإيمان بمعية الله أعظمه، كما قال الله: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 40].
فإذا تدبر المؤمن هذا الخبر من سيرة رسول الله ﷺ علم أن الرهان حقًا على ما في القلوب، وعلم أن أكثر الخسائر والنقص الذي أصاب المسلمين اليوم في سياستهم واقتصادهم وحروبهم وعلومهم ومعارفهم إنما منبعه نقص ما في القلوب، وتأمل بالله عليك كيف ينبه القرآن على أن المدار على ما في القلوب في قول الله: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح:18].
وقد قال أبو العباس ابن تيمية عن الأحوال التي تكون النية صادقة في طلب نصرة الدين لكن يغفل عن التوكل: “وطائفة أخرى قد يقصدون طاعة الله ورسوله لكن لا يحققون التوكل عليه والاستعانة به، فهؤلاء يثابون على حسن نيتهم وعلى طاعتهم، لكنهم مخذولون فيما يقصدونه إذ لم يحققوا الاستعانة بالله والتوكل عليه”.
وجوهر التوكل والتعلق بالله في مثل هذه الأحوال أن تنخلع القلوب مما بيد الخلق وينقطع طمعها أن يكون في تدبيرهم شيء من الأمر، حتى يكون نظر القلب يتقلب في السماء. وما أكثر ما يقع في القلوب من الاطمئنان للنصر وقت الكثرة والإمكانيات، وهذا غير دقيق، بل قد تكون الذلة مفتاحًا لتعلق القلوب بالله فتكون سببًا للنصر، وقد تكون الكثرة والإمكانيات تهرش بثور العُجْب فيضعف التعلق بالله فتكون سببًا للهزيمة.
وتدبر هذين بالمقارنة بين الآيتين:
- الأولى: قول الله: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾ [آل عمران: 123].
- والثانية: في قول الله: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا﴾ [التوبة: 25].
فانظر كيف قاد الضعف المادي للتعلق بالله فانهمر النصر، وكيف قادت القوة المادية للعُجْب فحُجِب من النصر بقدرها.
ثم انظر في يوم أُحد كيف كان من أصعب المواقف إذ شُجّ وجه رسول الله ﷺ وكُسرت رَباعيته، ومع ذلك نهاهم الله في هذا الموضع عن أمرين في العمل والمشاعر، فنهاهم عن “الهوان” في العمل، ونهاهم عن “الحزن” في المشاعر، وكشف لهم طريق الغلبة فقال لهم سبحانه يوم أحد: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139]. فالإيمان مفتاح الغلبة.
ثم تدبر كيف يصور القرآن انتصار أهل الإيمان ببركة التضرع والتعلق بالله؛ كما يقول الله: ﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ* فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 250-251]، ومن المدهش حقًا عناية القرآن بالتنبيه على هذه العلاقة بين الضراعة والنصر كما قال الله في موضع آخر: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 146-148].
وما زال القرآن يعيد التصريح بوظيفة “البأساء والضراء والمصائب والخطوب والكوارث” إذ يقدرها الله على الأمم، وأن من أجلّ وظائفها المصرّح بها في القرآن استخراج الضراعة من قلوب العباد، ومع ذلك ما زالت النوائب تتوالى وكثير من القلوب محبوسة لا تكاد تتزحزح، قال الله سبحانه: ﴿ولَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنعام: 42:43]. وقال سبحانه في موضع آخر: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ﴾ [الأعراف: 94]، وقال سبحانه أيضًا: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ [المؤمنون: 76].
وانظر كيف يصور القرآن نصر الله للقلة المؤمنة في مواجهة جيوش الأمم التي تتكالب عليها بحسب قوة إيمانهم وصبرهم ومجاهدتهم كما قال الله: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ﴾ [الأنفال: 26]، وشدائد الأيام يختبر الله بها شدائد الإيمان كما قال الله في حكمة مداولة الأيام: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [آل عمران: 140]، ثم قال عقيبها: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [آل عمران: 141].
وفي موضع آخر من كتاب الله قال سبحانه: ﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [آل عمران:154]، وهكذا قول الله سبحانه: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ [آل عمران:179]، ونظائرها. فالمحن هي أدق ساعات الاختبار، والطالب النابه إذ دخل قاعة الاختبار انكب على إحسان الجواب فكيف تدخل علينا ساعات الاختبار فنتفنن في صياغة الإجابات الخاطئة؟!
ــــــــــــــــــــــــ
* مقال: إن الناس قد جمعوا لكم، موقع إلكتروني: طريق الإسلام، 2016م.