
في غمرات الطوفان (7)
مايو 9, 2025
وجوب جهاد الدفع والرد على المحرفين
مايو 10, 2025لجنة الفتوى بالجامع الأزهر
1375هـ – 1956م
يجب على مسلمي العالم إنقاذ فلسطين
الصُلح مع إسرائيل باطل مُحرّم
يحرُم التعاون مع الدول التي تدعم إسرائيل
على المسلمين الاقتداء بالرسول ﷺ في قتال الأعداء
اجتمعـت لجنة الفتوى بالجامع الأزهر في يوم الأحد 18 جمادى الأولى سنة 1375هـ الموافق أول يناير سنة 1956، برياسة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسنين مخلوف عـضو جماعة كبار العـلماء ومفتي الديار المصرية سابقاً، وعـضوية السادة أصحاب الفضيلة: الشيخ عـيسى منون عـضو جماعة كبار العـلماء وشيخ كلية الشريعة سابقاً (شافعي المذهب)، والشيخ محمود شلتوت عـضو جماعة كبار العـلماء (الحنفي المذهب)، والشيخ محمد الطنيخي عـضو جماعة كبار العـلماء ومدير الوعـظ والإرشاد (المالكي المذهب)، والشيخ محمد عـبد اللطيف السبكي عـضو جماعة كبار العـلماء ومدير التفتيش بالأزهر (الحنبلي المذهب)، وبحضور الشيخ زكريا البري أمين لجنة الفتوى.
ونظرت في الاستفتاء الآتي وأصدرت فتواها التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عـلى سيد المرسلين، سيدنا محمد، وعـلى آله وصحبه أجمعـين، أما بعـد:
فقد أطلعـت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف عـلى الاستفتاء المقدم إليها عـن حكم الشريعة الإسلامية في إبرام الصلح مع إسرائيل التي اغـتصبت فلسطين من أهلها، وأخرجتهم من ديارهم، وشردتهم نساءً وأطفالاً وشيباً وشباناً في آفاق الأرض، واستلبت أموالهم، واقترفت أفظع الآثام في أماكن العـبادة والآثار والمشاهد الإسلامية المقدسة، وعـن حكم التواد والتعاون مع دول الاستعـمار التي ناصرتها وتناصرها في هذا العـدوان الأثيم، وأمدتها بالعـون السياسي والمادي لإقامتها دولة يهودية في هذا القطر الإسلامي بين دول الإسلام، وعـن حكم الأحلاف التي تدعـو إليها دول الاستعـمار، والتي من مراميها تمكين إسرائيل من البقاء في أرض فلسطين لتنفيذ السياسة الاستعـمارية، وعـن واجب المسلمين حيال فلسطين وردها إلى أهلها، وحيال المشروعات التي تحاول إسرائيل ومن ورائها الدول الاستعـمارية أن توسع بها رقعـتها وتستجلب بها المهاجرين إليها، وفي ذلك تركيز لكيانها، وتقوية لسلطانها، مما يضيق الخناق عـلى جيرانها، ويزيد في تهديدها لهم، ويهيئ للقضاء عـليهم.
وتفيد اللجنة أن الصلح مع إسرائيل كما يريده الداعـون إليه، لا يجوز شرعاً، لما فيه من إقرار الغاصب عـلى الاستمرار في غـصبه، والاعـتراف بحقية يده عـلى ما اغـتصبه، وتمكين المعـتدي من البقاء عـلى عـدوانه. وقد أجمعـت الشرائع السماوية والوضعـية عـلى حرمة الغـصب ووجوب رد المغصوب إلى أهله، وحثت صاحب الحق عـلى الدفاع والمطالبة بحقه. ففي الحديث الشريف: “من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون عـِرضه فهو شهيد”. وفي حديث آخر: “عـلى اليد ما أخذت حتى ترد”.
فلا يجوز للمسلمين أن يصالحوا هؤلاء اليهود الذين اغـتصبوا فلسطين، واعـتدوا فيها عـلى أهلها وعـلى أموالهم، عـلى أي وجه يـمكّن اليهود من البقاء كدولة في أرض هذه البلاد الإسلامية المقدسة، بل يجب عـليهم أن يتعاونوا جميعاً عـلى اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأجناسهم لردّ هذه البلاد إلى أهلها، وصيانة المسجد الأقصى مهبط الوحي ومصلى الأنبياء الذي بارك الله حوله، وصيانة الآثار والمشاهد الإسلامية، من أيدي هؤلاء الغاصبين، وأن يعـينوا المجاهدين بالسلاح وسائر القوى عـلى الجهاد في هذا السبيل، وأن يبذلوا فيه كل ما يستطيعـون، حتى تطهر البلاد من آثار هؤلاء الطغاة المعـتدين.
قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعۡلَمُهُمۡۚ﴾ [الأنفال: ٦٠]. ومن قصّر في ذلك، أو فرّط فيه، أو خذل المسلمين عـنه، أو دعا إلى ما من شأنه تفريق الكلمة وتشتيت الشمل والتمكين لدول الاستعـمار والصهيونية من تنفيذ خططهم ضد العـرب والإسلام وضد هذا القُطر العـربي الإسلامي، فهو في حكم الإسلام مفارق جماعة المسلمين، ومقترف أعـظم الآثام.
كيف ويعـلم الناس جميعاً أن اليهود يكيدون للإسلام وأهله ودياره أشد الكيد، منذ عهد الرسالة إلى الآن، وأنهم يعـتزمون ألا يقفوا عـند حد الاعـتداء عـلى فلسطين والمسجد الأقصى، وإنما تمتد خططهم المدبرة إلى امتلاك البلاد الإسلامية الواقعة بين نهري النيل والفرات.
وإذا كان المسلمون جميعاً وحدةً لا تتجزأ بالنسبة إلى الدفاع عـن بيضة الإسلام، فإن الواجب شرعاً أن تجتمع كلمتهم لدرء هذا الخطر والدفاع عـن البلاد واستنقاذها من أيدي الغاصبين، قال تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُواَ۟﴾ [آل عمران: ١٠٣] وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَیَقۡتُلُونَ وَیُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَیۡهِ حَقࣰّا فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِیلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُوا۟ بِبَیۡعِكُمُ ٱلَّذِی بَایَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ﴾ [التوبة: ١١١]. وقال تعالى: ﴿ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱلطَّـٰغُوتِ فَقَـٰتِلُوۤا۟ أَوۡلِیَاۤءَ ٱلشَّیۡطَـٰنِۖ إِنَّ كَیۡدَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ كَانَ ضَعِیفًا﴾ [النساء: ٧٦].
وأما التعاون مع الدول التي تشد أزر هذه الفئة الباغـية، وتمدها بالمال والعـتاد، وتمكن لها من البقاء في هذه الديار، فهو غـير جائز شرعاً، لما فيه من الإعانة لها عـلى هذا البغي والمناصرة لها في موقفها العـدائي ضد الإسلام ودياره. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا یَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِینَ قَـٰتَلُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ وَظَـٰهَرُوا۟ عَلَىٰۤ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن یَتَوَلَّهُمۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ [الممتحنة: ٩]. وقال تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمࣰا یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ یُوَاۤدُّونَ مَنۡ حَاۤدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوۤا۟ ءَابَاۤءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَاۤءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَ ٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِیرَتَهُمۡۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِیمَـٰنَ وَأَیَّدَهُم بِرُوحࣲ مِّنۡهُۖ وَیُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۚ رَضِیَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ حِزۡبُ ٱللَّهِۚ أَلَاۤ إِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [المجادلة: ٢٢].
وقد جمع الله سبحانه في آية واحدة جميع ما تخيله الإنسان من دوافع الحرص عـلى قراباته وصلاته وعـلى تجارته التي يخشى كسادها بمقاطعة الأعـداء، وحذر المؤمنين من التأثر بشيء من ذلك واتخاذه سبباً لموالاتهم فقال تعالى: ﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَأَبۡنَاۤؤُكُمۡ وَإِخۡوَ ٰنُكُمۡ وَأَزۡوَ ٰجُكُمۡ وَعَشِیرَتُكُمۡ وَأَمۡوَ ٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةࣱ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَـٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَاۤ أَحَبَّ إِلَیۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادࣲ فِی سَبِیلِهِۦ فَتَرَبَّصُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَـٰسِقِینَ﴾ [التوبة: ٢٤].
ولا ريب أن مظاهرة الأعـداء ومُوادّتهم يستوي فيها إمدادهم بما يقوّي جانبهم ويثبّت أقدامهم بالرأي والفكرة، وبالسلاح والقوة: سراً وعلانية، مباشرة وغـير مباشرة. وكل ذلك مما يحرم عـلى المسلم مهما تخيل من أعـذار ومبررات.
ومن ذلك يعـلم أن هذه الأحلاف التي تدعـو لها الدول الاستعـمارية، وتعـمل جاهدة لعـقدها بين الدول الإسلامية، ابتغاء الفتنة، وتفريق الكلمة، والتمكين لها في البلاد الإسلامية، والمضي في تنفيذ سياستها حيال شعـوبها، لا يجوز لأية دولة إسلامية أن تستجيب لها وتشترك فيها، لما في ذلك من الخطر العـظيم عـلى البلاد الإسلامية، وبخاصة فلسطين الشهيدة التي سلمتها هذه الدول الاستعـمارية إلى الصهيونية الباغـية نكايةً في الإسلام وأهله وسعـياً لإيجاد دولة لها وسط البلاد الإسلامية، لتكون تكأة لها في تنفيذ مآربها الاستعـمارية الضارة بالمسلمين في أنفسهم وأموالهم وديارهم، وهي في الوقت نفسه من أقوى مظاهر الموالاة المنهي عـنها والتي قال الله تعالى فيها: ﴿وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ﴾ [المائدة: ٥١].
وقد أشار القرآن الكريم إلى أن موالاة الأعـداء إنما تنشأ عـن مرض في القلوب يدفع أصحابها إلى هذه الذلة التي تظهر بموالاة الأعـداء؛ فقال تعالى: ﴿فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ﴾ [المائدة: ٥٢].
وكذلك يحرم شرعاً عـلى المسلمين أن يمكّنوا إسرائيل ومن ورائها الدول الاستعـمارية التي كفلت لها الحماية والبقاء، من تنفيذ تلك المشروعات التي لا يراد بها إلا ازدهار دولة اليهود وبقاؤها في رغـد العـيش وخصوبة في الأرض، حتى تعـيش كدولة تناوئ العـرب والإسلام في أعـز دياره، وتفسد في البلاد أشد الفساد، وتكيد للمسلمين في أقطارهم، ويجب عـلى المسلمين أن يحولوا بكل قوة دون تنفيذها، ويقفوا صفاً واحداً في الدفاع عـن حوزة الإسلام؛ وفي إحباط هذه المؤامرات الخبيثة التي من أولها هذه المشروعات الضارة. ومن قصر في ذلك أو ساعـد عـلى تنفيذها أو وقف موقفا سلبياً منها، فقد ارتكب إثماً عـظيماً.
وعـلى المسلمين أن ينهجوا نهج الرسول ﷺ، ويقتدوا به، وهو القدوة الحسنة، في موقفه من أهل مكة وطغـيانهم بعـد أن أخرجوه منها ومعه أصحابه رضوان الله عـليهم من ديارهم وحالوا بينهم وبين أموالهم وإقامة شعائرهم، ودنسوا البيت الحرام بعـبادة الأوثان والأصنام، فقد أمره الله تعالى أن يعـد العـدة لإنقاذ حرمه من المعـتدين، وأن يضيق عـليهم سبل الحياة التي بها يستظهرون، فأخذ عـليه الصلاة والسلام يضيق عـليهم في اقتصادياتهم التي عـليها يعـتمدون، حتى نشبت بينه وبينهم الحروب، واستمرت رحا القتال بين جيش الهدى وجيوش الضلال، حتى أتم الله عـليه النعـمة، وفتح عـلى يديه مكة، وقد كانت معـقل المشركين، فأنقذ المستضعـفين من الرجال والنساء والولدان وطهر بيته الحرام من رجس الأوثان، وقلّم أظافر الشرك والطغـيان.
وما أشبه الاعـتداء بالاعـتداء، مع فارق لا بد من رعايته، وهو أن مكة كان بلداً مشتركاً بين المؤمنين والمشركين، ووطناً لهم أجمعـين، بخلاف أرض فلسطين، فإنها ملك للمسلمين، وليس لليهود فيها حكم ولا دولة، ومع ذلك أبى الله تعالى إلا أن يظهر في مكة الحق ويخذل الباطل ويردها إلى المؤمنين، ويقمع الشرك فيها والمشركين، فأمر سبحانه وتعالى نبيه ﷺ بقتال المعـتدين؛ فقال تعالى: ﴿وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَیۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَیۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡۚ﴾ [البقرة: ١٩١]. والله سبحانه وتعالى نبّه المسلمين عـلى ردّ الاعـتداء بقوله تعالى: ﴿ٱلشَّهۡرُ ٱلۡحَرَامُ بِٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡحُرُمَـٰتُ قِصَاصࣱۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡ فَٱعۡتَدُوا۟ عَلَیۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡۚ﴾ [البقرة: ١٩٤].
ومن مبادئ الإسلام محاربة كل منكر يضر بالعـباد والبلاد، وإذا كانت إزالته واجبة في كل حال، فهي في حالة هذا العـدوان أوجب وألزم، فإن هولاء المعـتدين لم يقف اعـتداؤهم عـند إخراج المسلمين من ديارهم وسلب أموالهم وتشريدهم في البلاد، بل تجاوز ذلك إلى أمور تقدسها الأديان السماوية كلها وهي احترام المساجد وأماكن العـبادة. وقد جاء في ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ أَن یُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِی خَرَابِهَاۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن یَدۡخُلُوهَاۤ إِلَّا خَاۤىِٕفِینَۚ لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ﴾ [البقرة: ١١٤].
أما بعـد: فهذا حكم الإسلام في قضية فلسطين، وفي شأن إسرائيل والمناصرين لها من دول الاستعـمار وغيرها، وفيما تريده إسرائيل ومناصروها من مشروعات ترفع من شأنها، وفي واجب المسلمين حيال ذلك، تبينه لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، وتهيب بالمسلمين عامة أن يعـتصموا بحبل الله المتين، وأن ينهضوا بما يحقق لهم العـزة والكرامة، وأن يقدروا عـواقب الوهن والاستكانة أمام اعـتداء الباغـين، وتدبير الكائدين، وأن يجمعـوا أمرهم عـلى القيام بحق الله تعالى وحق الأجيال المقبلة في ذلك، إعـزازاً لدينه القويم.
نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبهم عـلى الإيمان به، وعـلى نصرة دينه، وعـلى العـمل بما يرضيه.
والله أعلم.