
هكذا تُشارك في جهاد الصهاينة (2/3)
مارس 16, 2025
الهجرة الطّوعية من غزّة وخيارات المرابطة والثّبات
مارس 17, 2025الشيخ جلال الدين بن عمر الحمصي – سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في لبنان
الحمد لله معز المؤمنين ومذل المشركين، والصلاة والسلام على قائد المجاهدين، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه القويم في نصرة هذا الدين العظيم.. وبعد: قال تعالى: ﴿وَأَوۡرَثۡنَا ٱلۡقَوۡمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسۡتَضۡعَفُونَ مَشَٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۖ﴾[الأعراف: 137].
فضائل الشام كثيرة، وهي أرض مباركة، جاء في ذلك آيات وأحاديث وآثار كثيرة، وقد استفاضت الأخبار عن السلف أنهم قالوا: الأرض التي بارك الله فيها هي الشام. ومن بركاتها أن كثيرًا من الأنبياء نزلوا فيها وكانت بعثتهم فيها.
- كما وقال وهب بن منبه رحمه الله: ” هي رأس الأرض” .
- وجاء عن مُجَاهِد رحمه الله أنه قال: “سَمَّاهُ مُبَارَكًا لِأَنَّهُ مَقَرُّ الْأَنْبِيَاءِ وَمَهْبِطُ الْمَلَائِكَةِ وَالْوَحْيِ، وَمِنْهُ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.
- وقال الثعالبي رحمه الله: “والْمَسْجِدِ الْأَقْصَى: بيت المقدس. والأقصى: البعيدُ. والبركة حولَهُ منْ وجهين: أحدهما النبوَّة والشرائعُ والرسُل الذين كانوا في ذَلِكَ القُطْر وفي نواحيه. والآخر: النِّعَم من الأشجار والمياه والأرض المفيدة.
وقد دعا نبينا ﷺ فقال: “اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، وَفِي يَمَنِنَا”.
وروي أن الله تكفل بالشام وأهله، وأن عقر دار الإسلام في الشام، وأن الفتن إذا وقعت فالإيمان في الشام، وكان ﷺ يوجه أصحابه إلى الشام، وأنه إذا فسد أهل الشام فلا خير فينا، وأنها أرض المحشر والمنشر، وهي مهاجر إبراهيم خليل الرحمن، وأنها خيرة الله من أرضه، وروي أن رسول الله ﷺ قال: “طُوبَى لِلشَّامِ، طُوبَى لِلشَّامِ”. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِمَاذَا؟ قَالَ: لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا”.
وغير ذلك من الفضائل التي تدل على فضل الشام وبركتها .
وفيها الطائفة المنصورة؛ فصحّ عن نبينا ﷺ أنه قال: “لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ﷺ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ، تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ “.
وجاء في رواية أنهم في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، ورُوي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: هم بالشام.
وجاء فيها تفاسير أخرى أنهم “أهل الحديث”، قاله ابن المبارك والإمام أحمد وعلي بن المديني والبخاري، ولا يمنع أن تكون جميع هذه التفاسير صحيحة فلا تعارض إن شاء الله، لذا قال الإمام النووي رحمه الله: “وَأَمَّا هَذِهِ الطَّائِفَةُ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِنَّمَا أَرَادَ أَحْمَدُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ مُفَرَّقَةٌ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْمُؤْمِنِينَ؛ مِنْهُمْ شُجْعَانٌ مُقَاتِلُونَ وَمِنْهُمْ فُقَهَاءُ وَمِنْهُمْ مُحَدِّثُونَ وَمِنْهُمْ زُهَّادٌ وَآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفَ وَنَاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمِنْهُمْ أَهْلُ أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمَعِينَ بَلْ قَدْ يَكُونُونَ مُتَفَرِّقِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ فَإِنَّ هَذَا الْوَصْفَ مَا زَالَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى الْآنَ وَلَا يَزَالُ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ..”.
وقال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله: “وأما من قال من العُلَمَاء أن هذه الطائفة المنصورة هم أهل الحديث، كما قاله ابن المبارك، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل، وعلي ابن المديني، والبخاري وغيرهم، فإنَّه غير مناف لما ذكرناه؛ لأنّ الشام في آخر الزمان بها يستقر الإيمان وملك الإسلام، وهي عقر دار المؤمنين، فلابد أن يكون فيها من ميراث النبوة من العِلْم ما يحصل به سياسة الدين والدنيا، وأهل العِلْم بالسنة النبوية بالشام هم الطائفة المنصورة القائمين بالحق الذين لا يضرهم من خذلهم”.
والشام هي قبلة المجاهدين وأرض الرباط، وجاء في الأخبار أنها فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى في الغوطة، وهي مدينة قرب دمشق، ودمشق من خير مدائن الشام.
وروي أن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: “صَرِيخَ الشَّامِ إِذَا جَاءَ بَلَغَ كُلَّ مُسْلِمٍ” .
وذلك لأن الشام قبلة الجهاد والمجاهدين، والله سبحانه وتعالى يجتبي إليها خيرة عبادة، وخير الجند جند الشام. ففي الحديث عَنِ ابْنِ حَوَالَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةً، جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ”، فَقَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَاكَ. قَالَ: “عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَإِنَّهُ خِيرَةُ اللهِ مِنْ أَرْضِهِ، يَجْتَبِي إِلَيْهِ خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ”.
ومدحه ﷺ للشام عند الفتنة؛ فلأنها كانت مأوى الجهاد والرباط، فإذا فسد أهله، فسد الناس كلهم؛ لأنهم إذا تركوا الجهاد ذَلُّوا.
ولذلك لا يلحق بالشام -يعني بركب المجاهدين في الشام- إلا مؤمن؛ لأن بعزهم ينتشر الإيمان ويقوى، فبفساد أهل الشام وذلهم ضعف واستكانة للمسلمين في بقاع الأرض، وفي قوتهم وعزيمتهم عز وتمكين للإسلام والمسلمين وعلو ورفع لراية دين رب العالمين.
وفي آخر الزمان ينزل عيسى عليه في الشام؛ لينجي البشرية من الظلم والطغيان، ويهلك فيها مسيح الضلالة والدجل والطغيان.
والمشهور أن الشام هي فلسطين وقلبها بيت المقدس والأقصى المبارك، وسوريا وعاصمتها دمشق خيرة مدائن الشام، ولبنان أرض الرباط التي رابط فيها إمام أهل الشام الإمام الأوزاعي على ثغور بيروت، والأردن منزل الانبياء ومأوى الصحابة والتابعين، رضي الله عنهم أجمعين.
فالشام هي حصن الإسلام وقلعتها في آخر الزمان، وهي واسطة البلاد ووجهها وغرتها.
وقد ذكر بعض الباحثين أن مما يدخل في بلاد الشام: شمال غرب بلاد الحرمين، وجنوبي تركيا، وشيئاً من غرب العراق، وغالب جزيرة سيناء في مصر، والله أعلم.
وأفضل بلاد الشام فلسطين، وفلسطين المحتلة من اليهود الغاصبين ستعود بإذن الله تعالى ثم بعزيمة وجهاد رجالها وأبطالها، وسنصلي بإذن الله في بيت المقدس والمسجد الأقصى.. هذه عقيدتنا، عقيدةُ كُلِ موحدٍ بأنها أرضُ الإسلامِ والمسلمين، أرضُ الأنبياءِ، مهبِطُ الرسلِ والرِسالات، بها سيندحرُ اليهود بوعدٍ من الله عز وجل.ِ
واللهُ لا يخلف وعده ..
﴿وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾ [الإسراء: 51].