
بيان الهيئة العالمية لأنصار النبيﷺ، حول الدعوة إلى القنوت لاستمطار الفرج والنصر.
سبتمبر 11, 2025
ذكرى مولد الرسول ﷺ
سبتمبر 11, 2025أ.د. خير الدين خوجة الكوسوفي
سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في البلقان
لا بد في هذا المقام من الجهر بهذه الحقيقة التي نؤمن بها عن فضل ومنزلة تفسير “في ظلال القرآن”، ونسجل هذه الشهادة لله وللتاريخ:
لقد ظُلِم هذا التفسير وصاحبُه والجماعة التي انتمى إليها ظلماً كبيراً لم يُظلَم مثله قط في التاريخ البشري المعاصر، من قِبل بعض الطغاة والأنظمة الاستبدادية والاشتراكية في النصف الثاني من القرن العشرين، كما أنه ظُلم من قِبل بعض أدعياء العلم والمحسوبين على الإسلام من الدعاة والمثقفين الذي تلوثوا بالفكر الغربي والعلماني والاستشراقي أو التيار السلفي المتشدد.
لقد سجل التاريخ الإسلامي تلكم المقولات المرذولة في العقل وغير المقبولة، وتلكم التهم الجائرة في حق هذا النجم القرآني والتفسيري الدعوي المعاصر. إنني واثق -والعلم عند الله عز وجل- بأن التاريخ لن يسامحهم إلا بالاعتذار العلني والكتابات العلنية الجديدة من قبل هؤلاء الطاعنين المغرضين، والمرجفين في المدن والدول والكليات والجامعات والمساجد والمنصات ووسائل التواصل الاجتماعي.
وإلا فسيقيض الله من الأمة الإسلامية والعلماء وطلبة العلم من ينتقم منهم وينصف لهذا المظلوم المفترَى عليه، والذي دفع حياته ثمناً لكلمة الحق عند سلطان جائر. ألا فليستحِ هؤلاء من أنفسهم وأقلامهم وليخشوا ربهم!
ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم؟ يوم يقوم الناس لرب العالمين!
أنسي هؤلاء بأنهم مسؤولون وبين يدي الله موقوفون؟!
إن كل كلمة سطّروها وكل جملة دوّنوها ظلماً وبهتاناً في حق الأستاذ سيد قطب سيكون عليهم نقمة ووبالاً..
عجباً لأمر هؤلاء المحسوبين على العلم والإسلام! عندما يسلم أحد المفكرين الغربيين أو القسس والرهبان المشهورين ويعتنقون الإسلام، يعتلي هؤلاء المحسوبون المنابر والفضائيات والكراسي العلمية ويعكفون على ذكر مناقب المسلمين الجدد ويثنون عليهم ويحكون تحولاتهم الفكرية والعقدية والثقافية التي مروا بها بحثاً عن الحقيقة، وأخيراً هداهم الله إلى الإسلام، ويطرونهم بالثناء والمدح على كفاح هؤلاء المسلمين الجدد من أمثال الشيخ الداعية يوسف إستس والسفير الألماني مراد هوفمان والطبيب روجيه غارودي ومحمد أسد –ليوبولد ويس سابقاً-، وغيرهم كثيرون.
إن هؤلاء المحسوبين على الإسلام لم أرهم قط يذكرون ماضي هؤلاء المسلمين الجدد! ولا يعترضون على ما فعلوا وارتكبوا قبل إسلامهم! لأن الإسلام يجبّ ما قبله! هذا موقف جميل وفي غاية الروعة والحمد لله على دين الإسلام ونعمة الإيمان. ولكنهم عندما يتناولون حياة ومؤلفات وفكر الأستاذ سيد قطب والتحولات الفكرية التي مر بها؛ فبدلاً من الثناء على جهود الأستاذ سيد قطب والترحيب بهذا الجندي الإسلامي الوفي الأمين، وبدلاً من الاستفادة من علم وتجربة هذا المفكر الألمعي الكبير، والإكبار لمثل هذه الخطوات الجريئة والشجاعة النادرة والوقوف الصامد الثابت، والجهر بكلمة الحق أمام ظالمي عصره وطغاة زمانه! تجد هؤلاء المحسوبين على العلم والإسلام قد صبوا غضبهم صبّاً جمّاً على فكر وعلم وتفسير الأستاذ سيد قطب! ونسفوا جهوده وتناسوا كفاحه وصبره! بل وشككوا في نيته فداء حياته للفكرة التي آمن بها، مخلصاً له الدين سبحانه وتعالى.
لعَمري إن هذا لشيء عجاب! قالوا عن الأستاذ جاهل وإنه طاف في بلاد الأمريكان والكفر والفساد! لا علم له بالشريعة ولا بالتفسير ورجاله! ولا بالحديث الشريف وحُفّاظه وشُرّاحه! ولم يكن على هدي ومنهج السلف الصالح! حسبي الله عليهم وأعوذ بالله من شر هذا الكلام وبطلانه! لقد جانبوا الصواب وتنكبوا الصراط. أطاعوا إبليس وجنده من الإنس بهذا الكلام وبخسوا الناس أشياءهم وأغضبوا الرحمن. هل عاشوا في ظلال تفسيره؟! أَشَرِبوا من مَعين بلاغته وروعة أسلوبه وقوة بيانه؟! أشهدوا مؤلفاته؟! اطلعوا على كلامه؟! أقرؤوا عباراته من كل كتبه؟! أم أنهم استرقوا السمع من أجوبة العلماء في الأشرطة المسجلة وعملوا بالمتشابه من كلامه! ونقبوا في البلاد وكتبه عن هفواته وعيوبه؟!
لقد تقولوا عليه بالأقاويل والأباطيل، وحملوا ألفاظه فوق ما تحتمل، وفسروا جمال أسلوبه في التفسير وحلاوة كلامه في التعبير بصاحب الفكر الإخواني والشيطاني الشرير! ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما أخلصوا يقيناً.
لقد رفع الله تفسيره ومؤلفه في قلوب المسلمين والعلماء المخلصين وطلبة العلم الشرعي المنصفين وعامة الشعوب الإسلامية أجمعين، ابتداء من جنوب شرق أوروبا في بلاد البلقان إلى جنوب شرق آسيا في جاكرتا ودار النعيم في كلانتان، ومن القاهرة ودار العلوم والمشرق العربي إلى الجزائر وشمال إفريقيا، والحمد لله أولاً وآخراً.
أتريدون أن تطفئوا نور تفسيره بالأقلام الزائفة والحبر الفاسد؟! كلا، لقد رُفعت الأقلام وجفت الصحف، وكُتب لتفسيره حسن القبول بالترجمة والطبع والنشر والتدريس، فإما أن تتوبوا وتعودوا إلى رشدكم، إذ لا مناص ولا انفكاك من هذه الحقيقة، وهذا أولى وخير لكم إن كنتم تعلمون! أو اخسؤوا ولا تُكلِّمون، وموتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
أهمية تفسير سيد قطب
إن تفسير وكتاب “في ظلال القرآن” لا يُستغنى عنه بحال من الأحوال، وأن الداعية خاصة والمثقف المسلم عامة لابد بأن يقتني نسخة منه، وأنه إذا حُرم منه فقد حُرم من خير كثير. ذلك أن صاحب هذا الكتاب لم يترك موضوعاً دعوياً عصرياً أو قضية دينية معاصرة إلا وله حديث مباشر أو غير مباشر عنه، وله فضل السبق في معالجة كثير من المسائل والشبهات الدعوية والفكرية التي تثار في الساحة الإسلامية، وبيان الحَل الإسلامي الأمثل المبني على الكتاب والسنة للخروج من الأزمات الاجتماعية والأخلاقية والسياسية الراهنة والمتدهورة.
لقد أبدى الأستاذ سيد قطب رحمه الله عصارة فكره وخلاصة تجربته في هذا الكتاب، أي: تفسيره “في ظلال القرآن” حيث اعتبر هذا التفسير من قبل النظام السياسي المصري الغاشم في الستينات ثورة فكرية إصلاحية دعوية على مصر وعلى العالم العربي والإسلامي، حيث كانت سلطات عبد الناصر في ذلك الوقت تفرض عقوبات على كل المكتبات والهيئات التي تحاول طبع هذا الكتاب، وفرض نظامه السياسي عقوبات جائرة على جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى، لأن ذلك الكتاب في نظرهم دعوة إلى التطرف الديني!؟
وأؤكد هنا مرة أخرى بأن الله عز وجل شاء أن ينال هذا الكتاب شهرة كبيرة في العالم الإسلامي، وتلقته الأمة بالقبول وأصبح له مكانة مرموقة وسامية لدى كافة الدعاة في بقاع الأرض، وبمختلف اللغات العالمية. وأصبح له قراء وأنصار، وربما هذا الذي دفع بالمستشرق أوليفيه كاريه أن يقول في مقدمة كتابه (في ظلال القرآن -رؤية استشراقية): “الإخوان المسلمون أو قطب والقطبيون”.
إن كتاب “في ظلال القرآن” ومؤلفه لجديران بالدراسة والبحث والتمعن من قِبل الباحثين، لأنني على يقين بأن الكتاب وصاحبه وجماعته التي انتمى إليها، مظلومون ومتهمون باتهامات باطلة لا أساس لها، ولا سيما من قِبل بعض الأنظمة السياسية العربية والعالمية، وحقاً كما قال الأستاذ الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي: “قليلاً ما تنطبق الأسماء على مسمياتها تمام الانطباق! وسيد قطب من الذين تنطبق أسماؤهم عليهم تماماً، فقد كان سيداً وكان قطباً..”.
وللحديث بقية إن شاء الله..