
مجزرة جديدة.. الاحتلال يهدم برج طيبة بغزة
سبتمبر 10, 2025حاوره: م. خالد بن سليمان الأحمر الأنصاري
- شعارنا الخالد والدائم: “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”
- لاقيتُ معارضة من المطبّعين لأتنازل عن مشروع قانون تجريم التطبيع
- قبل طوفان الأقصى كادت القضية الفلسطينية أن تُنسى
- الجيش الصهيوني يدعمه حلفاؤه وعلى رأسهم أمريكا والاتحاد الأوروبي
- قصف الصهاينة سفينتنا بصاروخين فلم تعُد صالحة للإبحار لفك الحصار
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد، نرحب بكم في فضاءات الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ وفي مجلتها “مجلة أنصار النبي ﷺ”.
وأتشرف في هذه الجلسة المباركة باستضافة شخصية ثرية في تعدد مجالاتها بين الهندسة الميكانيكية، والدعوة، والخطابة، والتمثيل السياسي الدبلوماسي. شخصية رصينة في تحصيلها الشرعي والعلمي، نافذة في فاعليتها، لا يحدها مصر، ولا قطر، بل تجاوز نشاطها الحدود والأقطار والأمصار. ودون إطالة عليكم، حوارنا اليوم مع الشيخ الداعية سعادة النائب الجزائري يوسف عجيسة.
س: حياكم الله أستاذ يوسف، أهلاً وسهلاً بكم.
ج: أهلاً وسهلاً ومرحباً أشكركم على الدعوة لمجلة أنصار النبي ﷺ ولكل متابعيها وقارئها.
س: سعادة النائب، لا أخفي عليك سراً؛ إنني تعقبت الكثير من القنوات والإذاعات العربية وغير العربية، من بلدان إسلامية وغيرها، بهدف التعرف على شخصكم الكريم، فوجدت ما شاء الله من التنوع والحركية! ومما تأكد عندي أن أفضل من يُعرِّف بالأستاذ يوسف عجيسة هو أنتم؟
ج: بارك الله فيك أستاذ خالد. أنا سعيد جداً كوني معكم في هذه المناسبة، وأن أكون ضيفاً لهذه المجلة الرائدة وأصحابها. المتحدث يوسف عجيسة، من الجزائر، متزوج، وأب لخمس بنات وولد، من مواليد 1969م في مدينة العلم والعلماء قسنطينة العريقة، وبالضبط من بلدية الحامة بوزيان. كانت دراستي في قسنطينة، وتخرجت في جامعة قسنطينة مهندسَ دولة في الميكانيك الطاقوية. بعدها مباشرة كانت لي بعض الأعمال الحرة، ثم وُظفت في مؤسسة عمومية في قسنطينة، ومنها عملت في إطار مراقبة النوعية والجودة في مديرية التجارة بقسنطينة لمدة عشر سنوات كاملة. في تلك السنوات دخلت العمل الإعلامي والصِّحافي بعدة برامج، وعدة حصص في إذاعة قسنطينة الجهوية.
وكان على رأس تلك البرامج برنامج “دليل المستهلك”، ثم فاقه انتشاراً وحضوراً وتأثيراً برنامج آخر لي هو “حديث الصباح”. وقبل هذا كان لي برنامج “حكمة وعبرة”.
وبعده كان برنامج “مساجدنا” الذي استمر سنة كاملة تقريباً، وتحدثنا فيه عن كثير من المساجد الموجودة في أصقاع الدنيا، وختمناها بالحديث عن “المسجد الأقصى”. وأتذكر أننا قدمنا حلقات كثيرة وطويلة في التعريف بالمسجد الأقصى المبارك.
وقدمت برنامج “اقتصادنا في الميزان” الذي كان برنامجاً تحاورياً مع المواطنين ومع أصحاب الخبرة.
قبل كل هذه البرامج كان لي عمل دعوي وتربوي كبير؛ فمنذ نعومة أظفاري ونحن نمارس الدعوة إلى الله عز وجل، وبقينا نمارس العمل الدعوي حتى سنة 2017م.
ومارست أثناءها الخطابة؛ إذ اعتليت المنبر وأنا ابن 17 سنة، بفضل الله عز وجل، ثم تنوع عملي في مساجد قسنطينة والولايات الأخرى، ضمن إطار مؤسسات وجمعيات، أو ضمن إطار مديرية الشؤون الدينية في قسنطينة. وبهذه المناسبة أذكر أنه كانت هناك مسابقة لأحسن خطيب في ولاية قسنطينة، وبفضل الله عز وجل كنت على رأس قائمة الفائزين. وهذا ربما سر أبوح به اليوم، فلله الفضل والمنة!
ثم دخلنا العمل السياسي والدبلوماسي من خلال ترشُّحي للمجلس الشعبي الوطني [وهو المجلس التشريعي]، وبتوفيق الله عز وجل نجحنا في هذه المهمة التي دامت خمس سنوات كاملة من 2017 إلى 2021م.
بعدها حُل البرلمان، وأعيدت انتخابات أخرى، فخضنا غمارها مرة أخرى، وانتخبت للعهدة الثانية في البرلمان. وهذا بفضل الله عز وجل. وباقي التفاصيل نتحدث عنها لاحقاً.
س: لعل سؤالاً يتبادر إلى الذهن بعد هذا التعريف؛ مِن منبر الجمعة إلى منصة البرلمان، أيهما الأصعب؟
ج: حقيقة كلاهما صعب، لكن تختلف نوعية هذه الصعوبات؛ إذ حينما نتحدث عن منبر الجمعة نتحدث عن الحضور، وعن الإلقاء. نتحدث عن المواضيع، وعن الرسالة. نتحدث عن رمزية الإمام، وعن وجوده في حيه، وفي بلدياته، وفي ولايته. نتحدث عن مسؤوليات المسجد. فهذه كلها كان لها دور! وكنت أحس بمسؤولية كبيرة جدا؛ إذ لما أذهب إلى مستوى آخر، أجد أنه ربما كان يسمعني قليل من الناس في المسجد.
وحينما نتحدث عن البرلمان؛ نتحدث عن مسؤولية أخرى، وعن أعمال أخرى. نتحدث مثلا عن مسئوليتي تجاه من انتخبني وأوصلني إلى هذه المكانة، وعما ينتظره مني مِن أداء!
وحينما نتحدث عن النائب في البرلمان؛ نتحدث عن دوره الأساس وهو رفع انشغالات الناس، والأمر الثاني مراقبة أداء الحكومة.
وهذا يفتح أبواباً كثيرة جداً، كمنصب له رمزيته وله حصانته، من خلال الوجود مع السلطات المحلية، مع الإدارات، مع الوزارات، مع المديريات على المستوى الوطني. فهذا كله يزيد أعباء المسؤولية أكثر.
ولم يعد دوري منحصراً في الجانب الوعظي والخطابي وفي المسؤوليات الضيقة، ولكن أصبح الآن يراني ويتابعني ملايين الجزائريين.
وحينما نتحدث عن النيابة -يا أستاذ خالد- نتحدث عن عهدة وطنية؛ يعني أنك كنائب لست مطالباً فقط أن تتابع وترفع انشغالات سكان الولاية فقط، ولاية قسنطينة، مثلاً ولكن قد تأتيك انشغالات من كل مكان في الجزائر، من ولايات في الجنوب، من ولايات في الشمال، في الغرب، فأنت تصبح بذلك مشغولاً.
حينما دخلنا البرلمان أصبح الوجه معروفاً، وأصبح الاسم متداولاً، وزادت المسؤوليات. وكنائب تتعرض لكثير من النقد سواءً إيجاباً أو سلباً.
لذلك، حينما نتحدث عن المنبر وعن أداء الدعاة والتربية؛ نتحدث عن أداء الأنبياء “العلماء ورثة الأنبياء”. وحينما نتحدث عن العمل البرلماني نتحدث عن الشخصية السياسية التي يتابعها العام والخاص. فلذلك كلاهما فيه مسئولية وكلاهما واجب!
س: ننتقل من الخطابة والدعوة إلى القضية الفلسطينية، وأنتم من أهم الفاعلين والناشطين في هذه القضية، سواءً على مستوى الجزائر أم على المستوى العالمي. ومع الأسف، سعادة النائب، صار الكثير يهرول بل يركض بأقصى سرعة نحو التطبيع. وقد قدمتم مشروعاً يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني. حبذا لو حدثتنا عن المشروع، وآفاقه، وهل هو في ساحة الممكن أم المستحيل؟
ج: والله، أنت فتحت الموضوع من نهايته! أنت تعلم وتدرك أن انشغالنا بالقضية الفلسطينية كان منذ زمن طويل. و”نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”. ونحن جزء من الشعب الجزائري كما تعلم. والشعب الجزائري كله يَعُدّ القضية الفلسطينية قضية مركزية، قضية أولى. شعارنا الخالد والدائم “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”. الجزائر، بكل مراحلها، لم تتخلف، ولم يتغير موقفها الدائم المناصر للقضية الفلسطينية. ويكفي أن دولة فلسطين تأسست هنا في الجزائر حينما رفضها ورفضتها كل الدول العربية! وهذا ما يحمِّلنا مسؤولية أكبر!
وإخواننا في فلسطين، وحتى في غزة الآن، يستلهمون من الجزائر، يستلهمون من تاريخنا، من جهادنا، من شهدائنا، من نضالنا. وأنا دائماً أقول إن بين الجزائر وفلسطين قضية عشق لا تنتهي، وقضية حب لم يفهمه كثيرون.
لذلك إذا سُئل الجزائري: لو لم تكن جزائرياً فماذا تكون؟ فالإجابة تكون مباشرة: “أكون فلسطينياً”. ويُسأل الفلسطيني: لو لم تكن فلسطينياً فماذا تكون؟ يجيب مباشرة: “أكون جزائرياً”!
نحن، حقيقة، تعاملنا مع القضية ونحن شباب عن طريق المعارض، والمداخلات، والمحاضرات، والمنتديات، والملتقيات، ثم ارتقينا في هذا العمل من خلال وجودنا في مؤسسات دولية؛ مثلاً كنت من المؤسسين لـ”الائتلاف العالمي لنصرة فلسطين والقدس”. وكنت أيضاً من المؤسسين لـ”هيئة الإعمار”، والآن أنا عضو في “رابطة برلمانيين من أجل القدس”، وهي رابطة تجمع كل البرلمانيين الحاليين والسابقين، في إطار العمل الدبلوماسي البرلماني، نصرة للقضية الفلسطينية.
وكنت أيضاً مؤسساً لبعض الهيئات والمؤسسات، بعد معركة طوفان الأقصى، مثل “أمناء الأقصى” وهي تضم علماء الأمة، ودعاتها، وخطباءها. وشاركت بوفد جزائري مهم. وقد أسسنا هذه المؤسسة التي ننتظر منها أن تعبئ وأن تحرك الجماهير العربية والإسلامية، ومنها “مؤسسة نساء الأقصى”.
وقد شاركت “جمعية الأيادي البيضاء” الجزائرية، التي أرأسها، بوفد نسائي. ولهذا العمل دور مهم على المستوى العالمي، وفي قطاعنا الحبيب، خلال هذه الحرب الكبيرة.
نعود إلى سؤالك -يا أستاذ خالد-؛ وهو مسألة التطبيع. وحقيقة، من خلال وجودي، في العهدة الأولى من البرلمان، كان معنا عضو مجلس فلسطين الدائم في برلمانات دول التعاون الإسلامي، وهي 57 دولة، وهو ثاني أكبر تجمع في الأمم المتحدة. 57 دولة إسلامية، منها الدول العربية، والأفريقية، والآسيوية، وتركيا، وغيرها.
حينما كنت عضواً في هذه اللجنة، كانت لنا لقاءاتنا الدورية تقريباً. وكان أهم لقاء حينما حوَّل (ترمب)، هذا الأرعن، في عهدته الأولى عاصمة الكيان الصهيوني من تل أبيب إلى القدس. وكان أول لقاء لي بهذه اللجنة، التي فيها كثير من الدول الأعضاء، عام 2018م. ولاحظت فيها أن هناك مساراً آخر نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني. وكانت لي مداخلات كثيرة جداً، وهي محملة على اليوتيوب، تتحدث عن مواجهتي، كفردٍ ممثلٍ للجزائر، لهؤلاء الذين أرادوا أن يجعلوا التطبيع أمراً واقعاً. وكنا دائماً في البيان الختامي لبرلمانات التعاون الإسلامي نجرِّم التطبيع مع الكيان الصهيوني، ونجعل هذا بنداً مهماً وقارّاً، ونحاول إبقاءه في كل بيان حتى نحصِّن دول التعاون الإسلامي والجزائر من دوامة التطبيع و”حمى التطبيع”.
كنت ألاقي عنَتًا ومعارضة. وكثير من الدول، التي طبَّعت فيما بعد، كانت تمارس ضدي بعض السياسات؛ من أجل أن أغفل عن هذا البند، وهو بند تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني؛ كالإمارات مثلاً، ومنهم ممثلو مصر، والبحرين، وغيرها. ومع الأسف، كانوا يقولون: “اتركوا التطبيع لكل دولة تتصرف وتتخذ القرار الذي يناسبها”. أما أنا فكنت مُصرًّا أن يكون القرار قرار البرلمان كله، وأن يكون بنداً في البيانات لا يتزحزح، ولا يتغير، ولا يتبدل.
وفي آخر تجمع لنا في الرباط بالمغرب استطاعوا أن يُبعدوا البيان الختامي ويُخرجوا ما يسمى بـ”إعلان الرباط”. ولم يُذكر في “إعلان الرباط” بند تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني! ومن هناك بدأت كل دولة في محاولة التطبيع! وكما رأيت خرجت خمس دول عربية إلى مستنقع التطبيع!
وهنا فقط، أحسست بخطر التطبيع على الجزائر الرسمية والشعبية. وأصدرت هذا المقترح: “قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني”، وهو موجود في وسائل الإعلام، وقد تداولته بقوة. ووضعتُه على مستوى البرلمان الجزائري، لكن، مع الأسف، بعد أن وضعته مباشرة على مستوى البرلمان؛ حُلَّ البرلمان بسبب الظروف التي مرت بها الجزائر آنذاك، والحراك المبارك، وغير ذلك.
بعدها، أي حالياً، في العهدة الثانية، وفي السنة الأولى مباشرة، أعدت كتابة وصياغة هذا المقترح مرة ثانية. وهو الآن على مستوى البرلمان. وكما تدرك -يا أستاذ خالد- هذا المقترح يتخطى الحدود الجزائرية حينما نتكلم عن تجريم التطبيع، يعني تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في السياسات الخارجية. والدستور يؤكد أن كل أمر له علاقة بخارج الجزائر هو من صلاحيات رئيس الجمهورية. لذلك طلبت أكثر من مرة أن يُحال هذا القانون أو هذا المقترح على السيد رئيس الجمهورية، ثم هو من يتخذ القرار في ذلك، من أجل مناقشته والمصادقة عليه داخل البرلمان. وهو في حدود الممكن، إجابة على سؤالك؛ لأن الجزائر -كما تعلم- لا تطبِّع مع هذا الكيان لا فوق الأرض ولا تحت الأرض.
الجزائر صارمة في معاملتها مع هذا الكيان؛ تجرِّم كل المعاملات الاقتصادية، والفنية، وحتى الرياضية. وبهذه المناسبة أُحيي أبناءنا الرياضيين الذين يرفضون مواجهة الخصم إذا كان صهيونياً، الذين يضحون بمستقبلهم الرياضي، وحتى بالجوائز الكبرى في هذه الرياضات، لإدراكهم أن التطبيع خيانة وجريمة، وهو طعن في ظهر المقاومة، وفي شعبنا الصامد في قطاع غزة الذي يعطي حمام دماء، وهو متمسك بأرضه، وترابها، وهوائها، وبحرها، وسمائها.
س: شكراً على هذا التوضيح، ونسأل الله أن يرى هذا المقترح النور قريباً. وبما أنك تكلمت عن الحرب الشعواء الحادثة حالياً في قطاع غزة بل الإبادة الجماعية ضد المدنيين في غزة، وفي ظل التحركات الدولية الرسمية والشعبية، لِمن تكون الغلبة؛ أَلِلْمطبعين أم الثائرين المقاطعين؟
ج: والله أنت أثرت نقطة مهمة، وهي قضية ما يحدث الآن في قطاع غزة. وتحدثت عن طوفان الأقصى. هذه المعركة الخالدة التي جاءت في سياق لا بد من ذكره، وإعادة التذكير به. قبل طوفان الأقصى كادت القضية المركزية أن تُنسى، وهذا ما أخبرنا به الشهيد القائد إسماعيل هنية رحمة الله تعالى عليه حينما أخبره أحد نواب البرلمان الأوروبي وقال له حرفياً: “نحن كنا نعتقد قبل السابع من أكتوبر أن القضية الفلسطينية مُسحت ونُسيت ولم يعُد في الشرق الأوسط إلا إسرائيل فقط، ثم طوفان الأقصى أعاد القضية إلى مرتبتها الأولى، وعاد الحديث عن القضية، وعن حق الشعب الفلسطيني، وحق العودة، وما يعانيه إخواننا في مخيمات اللاجئين في لبنان وفي سوريا وفي العراق وفي الأردن، وفي الشتات، وفي كل أصقاع الدنيا!”. ويجب أن نعلم جميعاً أن هناك أكثر من سبعة ملايين فلسطيني مشتتين في العالم بعدما هُجِّروا من ديارهم.
والسياق الذي جاء فيه طوفان الأقصى هو حمى التطبيع في هذه الدول التي طبعت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
والسياق الذي قامت فيه هذه المعركة هو ما كان يتعرض له المسجد الأقصى من اقتحامات وتدنيس يقوم به قطعان اليهود يومياً، وما حرب سيف القدس إلا دليل على ذلك. تدخلت المقاومة واستجابت لنداء المقدسيين الذين كانوا يرابطون في شهر رمضان في صلاة التراويح. كانت الاعتداءات، وسحل المرابطات، ومنع الناس من دخول المسجد الأقصى.
وقضية الأسرى أيضاً.. إذ نسي الجميع الحديث عن الأسرى. نحن نتكلم هنا عن أكثر من عشرة آلاف أسير في ذاك الوقت.
لذلك كان لزاماً أن يكون هناك أمر وعمل يرد الأمة إلى السياق الطبيعي والمكانة الحقيقة، فكانت معركة “طوفان الأقصى” الخالدة التي غيرت المجرى والمشهد الدولي ككل. ولاحظنا ما الذي حدث أثناء المعركة، وما الذي حدث بعدها، وما الذي يحدث الآن.
وبعد سنتين من ذلك، لم يستطِع الكيان إخضاع غزة أو إخضاع المقاومة، ولا إخضاع هذه الحاضنة الشعبية التي نرى ثباتها وصمودها وصبرها إلى اليوم.
لذلك فالنصر هو نصر المقاومة، أردنا ذلك أم كرهنا. فهذا الجيش الصهيوني يدعمه شركاؤه وحلفاؤه في دول العالم وعلى رأسها أمريكا المجرمة، والاتحاد الأوروبي، وغيرهما من الأعراب المتصهينين، أعني الدول العربية التي تمنع كل وسائل الحياة لشعبنا المحاصر في قطاع غزة، وتدعم الكيان الصهيوني بكل ما يحتاجه تجارياً؛ كوقود السفن والمعابر.
هؤلاء جميعاً ما استطاعوا أن يخضِعوا حركة المقاومة في قطاع غزة، وهي “حركة المقاومة الإسلامية حماس”، و”كتائب القسام”، والفصائل الأخرى التي تشارك في المعركة إلى الآن طيلة سنتين.
وأنت تدرك، والكل يدرك أن الكيان استطاع أن يُـخضع ست دول عربية، وستة جيوش عربية، في ستة أيام. أخضعها واستولى على الأرض، واحتل غزة، وسيناء، والجولان، وجنوب لبنان.
نحن ندرك أن المقاومة ترد على هذا الكيان، وترد على هذه الحرب الكونية ضدها. الكل الآن يفاوض من أجل استرجاع الأسرى، أسرى الحرب، ووضع خطة لانسحاب هذا الجيش. وأنا متيقن أن النصر إن شاء الله سيكون حليف هذه المقاومة وهذا الشعب الصامد في قطاع غزة.
س: وهو كذلك ﴿وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَكِیمِ﴾ [آل عمران: ١٢٦]. أستاذ يوسف، فيما يخص الداخل الغزاوي، مؤكد أنكم تتواصلون مع شعب غزة الصامد، ومع الجمعيات والمؤسسات الإنسانية والإغاثية. الآن تبدو الأزمة فوق الوصف، خاصة في ظل المجاعة الحالية، وقد وصلت إلى المستوى الخامس والأخير من المجاعة. بماذا تعلقون؟
ج: أصدقك القول -يا أستاذ خالد- وأنا الذي زرت غزة قرابة عشر مرات من خلال القوافل التي كانت تنقل المساعدات إلى قطاع غزة. وكنا ننقل الناس إلى غزة. وكانت بيننا جملة مفيدة نكررها دائماً: “ننقل العالم إلى غزة، وننقل غزة إلى العالم”.
كانت معنا في الوفود التي كانت تترى إلى قطاع غزة وفود متخصصة ووفود عامة. كانت هناك وفود من الأطباء، من النواب في البرلمان، وفود من الدعاة والعلماء، وفود من الشباب من أبناء الكشافة الإسلامية، وفود من النساء، بل حتى وفود من الرياضيين والفنانين، ومن القيادات الدولية للأحزاب والجمعيات والمؤسسات. فكانت هناك قوافل تترى. وكنا حقيقة ندخل ونسهم في إدخال المساعدات. لماذا؟ لأن القطاع كما تعلم كان يحاصره الكيان، ولم يكن هناك إلا معبر رفح، الذي كان مصرياً-فلسطينياً بحتاً، نَدخل من خلاله ونُدخل المساعدات.
حين تدخل إلى قطاع غزة تدرك أن هذا القطاع ومَن فيه كأنه مجتمع آخر، ليس كباقي المجتمعات العربية. وطوفان الأقصى أكد ذلك. وكنت أقول عنهم “تجد ربما بقايا الصحابة من خلال معاملاتهم، وتربيتهم، وارتباطهم بكل ما هو روحاني ودعوي وتربوي، ارتباطهم بالمساجد مثلا ًكالمسجد العُمري الكبير الذي أسسه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وارتباطهم بالعلم وبالجامعة الإسلامية”. نتحدث عن حبهم للحياة؛ أهل غزة شعب يعشق العلم والقراءة والحياة كما يعشق الشهادة والدفاع عن أرضه. نحن تعرفنا على كثير من العائلات الغزاوية. تعرفنا على كثير من القيادات في قطاع غزة، ومن كل الفصائل، وما كنا ندخل إلى فصيل معين بل نلتقي مع الجميع، والدعم يصل إلى الجميع، مع التواصي بالحق والتواصي بالصبر. كنا مع الجميع. ونحن نعرف الكثير من أهل غزة.
دخلنا في كل الحروب التي كانت بعد “حرب الفرقان”، بعد “حرب حجارة السجيل”. وكان دخولاً عظيماً. وتعلم أن تلك الحرب كانت في 2012 حينما كان الرئيس الشهيد (محمد مرسي) رئيساً لمصر، ودخل آلاف المتضامنين والنشطاء والداعمين للقضية الفلسطينية. ودخل أيضاً وفد من قيادات حماس يرأسهم القائد (خالد مشعل) وغيره من أعضاء المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس. ودخلت آلاف من الجزائريين ومن غير الجزائريين.
قبل حرب طوفان الأقصى، كانت أطول حرب هي “حرب العصف المأكول” ذات 51 يوما. وكان الدمار كبيراً جداً. وكان عدد شهداء كبيراً أيضاً.
ونحن الآن في تواصل مستمر مع أهلنا في قطاع غزة، إما مع المؤسسات التي تنشط وتنقل مساعدات وتدعم إخواننا المحاصرين، أو مع الأفراد والعائلات. وأصدقك القول إني أقضي الساعات الطويلة ليلاً في التواصل مع العائلات، وكلهم يشكو، إذ يرسل لك كل واحد منهم الصور والفيديوهات، ويبيّن لك المعاناة، معاناة الناس في خيام النازحين. ليس لهم أي شيء يربطهم بالحياة، لا دار، ولا مدرسة، ولا مستشفى، ولا مسجد، ولا جامعة.
هذا الكيان دمر كل شيء، ويريد تهجير إخواننا من غزة لتحقيق مشروعه الكبير وهو إقامة دولة الكيان من النهر إلى النهر، من نهر النيل إلى نهر الفرات فيسيطر على كل الدول المجاورة كسوريا ولبنان والأردن والسعودية وغير ذلك. وهو يتكلم بهذا المشروع بصراحة ووضوح عن طريق وزرائه وحاخاماته، ومن خلال مداخلاته في وسائل الإعلام، لكن الله عز وجل قيّض لهذه الأمة من يردّه.
حينما نتحدث عن أهل غزة نتحدث عن قوم لا يحاربون فقط من أجل أرضهم ولكن يحاربون من أجل الأمة كلها؛ لأن الأقصى -يا أخي خالد- ليس فقط للفلسطينيين والغزيين، وليس للمقدسيين.. الأقصى هو سورة في القرآن الكريم، هو سورة الإسراء، الأقصى آية في القرآن الكريم، الأقصى في الأرض المباركة التي ذكرت في القرآن الكريم. الأقصى هو أولى القبلتين وثاني المسجدين الشريفين، فهو ليس للمقدسيين الفلسطينيين فقط بل هو لكل الأمة.
وهنا أنوه بما حصل قريباً في المسجد الأقصى إذ دخل 3969 مستوطن في سابقة تاريخية لم تحدث من قبل، وأمام مرأى ومسمع من الناس، وأمام من يدّعون أنهم ينصرون القدس وهم المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية. أين دوركم؟ أين حفاظكم على مقدساتنا وعلى أقصانا؟
إن ما يتعرض له إخواننا الآن لم يحدث في التاريخ. إنها إبادة ثم مجاعة! ولم يدركوا أن هذا الكيان يستعمل كل هذه الوسائل كوسائل الحرب، وعلى رأسها المجاعة، التي لم يفكر فيها أحد. ربما حتى المقاومة لم تفكر أن المعابر ستُغلق وأن الأمة العربية والإسلامية مجتمعة لن تستطيع أن تدخل إلى قطاع غزة قارورة ماء أو كيس طحين أو علبة أكل. فهذا حقاً هو الذي سيبقى وصمة عار في جبين الأمة، وقبل ذلك في جبين هذه الدول المطبعة مع هذا الكيان الزائل، التي تعين الكيان في حصار قطاع غزة وغلق المعابر.
س: ذكرت يا أستاذ يوسف قوافل كسر الحصار والمساعدات الإنسانية التي أدخلتموها إلى قطاع غزة، وقد نقلها الإعلام. وبلغَنا من مقربيك أنك دائم الحركة من أجل فلسطين؛ ركبت البحر مع أساطيل الحرية، وطرت بالطائرات، وقطعت الحدود براً بهدف كسر الحصار عن قطاع غزة، وستقلع إلى إندونيسيا لدراسة ملاحة السفن للتحضير للأسطول العالمي القادم. حبذا لو تكلِّمنا عن قوافل كسر الحصار وأساطيل الحرية. هل من مأمولٍ قائمٍ أو مرغوب يتحقق، بعد تجربة (سِرت) الليبية ومطار القاهرة؟
ج: شكراً لك. وهذا السؤال مهم للغاية، يدفعنا دفعا للحديث عن مؤسسات أخرى في الجزائر، ونتكلم عن المبادرة الجزائرية لنصرة فلسطين وإغاثة غزة، ودورها الأساس. هذه المبادرة تأسست بمؤسسات جزائرية معروفة بعملها للقضية الفلسطينية من بينها “جمعية الأيادي البيضاء الجزائرية” التي أرأسها الآن. وأنا نائب رئيس المبادرة الجزائرية لفلسطين وإغاثة غزة التي يرأسها (الشيخ يحي صاري). فهذه المبادرة أسست بهدف كسر الحصار عن قطاع غزة. وجاءت بعد عملية “طوفان الأقصى” بعدة شهور حينما لاحظنا أن الحصار قد أُطبق على كل المعابر، فتنادينا فيما بيننا نحن ممثلو المؤسسات والجمعيات الجزائرية من أجل إنشاء هذه المبادرة. وبعد تأسيسها كان لها دور مهم جداً في تسيير السفن البحرية والقوافل البرية إلى قطاع غزة.
حينما نتحدث عن أساطيل الحرية البحرية لا بد أن نعود بالتاريخ إلى 2010 مع الأسطول البحري الأكبر الذي كان تجربة رائدة، وارتقى فيه شهداء، فقد كانت فيه مواجهة مع الكيان الصهيوني، وقُتل تسعة من إخواننا الأتراك، ثم جاءت بعده القوافل أو الأساطيل تترى.
شارك في أسطول منهم الرئيس الأسبق لتونس (منصف المرزوقي). وكان هناك أيضاً أسطول نسوي انطلق على مراحل ثلاث، وفي المرحلة الأخيرة انطلق من إيطاليا من ميناء مدينة مسِّينة إلى قطاع غزة، وكانت على متنه ممثلة للجزائر هي النائبة في البرلمان السابقة الأستاذة (سميرة ضوايفية). وقد توقفت بعدها الأساطيل لأسباب كثيرة، ثم أعيد الحديث عن الأساطيل البحرية.
وكان سنة 2024 أسطول كبير جداً، كان المفروض أن ينطلق من إسطنبول بثلاث سفن؛ سفينتين منه للركاب وسفينة كبيرة للشحن سعتها 5500 طن من المساعدات، وسفينتان كبيرتان من بينهما سفينة “الضمير”. إن هذا الأسطول الذي كان من المفترض أن ينطلق من إسطنبول لم يُكتب له النجاح بسبب أن هذا الكيان يده طولى وله تأثير على الدول وعلى المؤسسات الدولية، ويحسب أو يَعُدّ نفسه فوق القوانين، وفوق المؤسسات، وفوق مجلس الأمن، وفوق الأمم المتحدة، وفوق المحكمة الدولية، وفوق محكمة الجنائية الدولية. وهو يمارس عملية الترهيب لهذه الدول. وسبب إلغاء هذا الأسطول من إسطنبول وفشله أن الدولة صاحبة علَم الأسطول كانت غينيا-بيساو إذ سحبت علَمها وطالبت بالتحقيق في وجهة الأسطول.
بعده، في هذه السنة، استطعنا تحريك 3 سفن؛ الأولى منها هي “سفينة الضمير” التي كان من المفترض أن تنطلق من مالطا، وكان من المفترض أن يركب في هذه السفينة نحو 60 ناشطاً من 22 دولة، من بينها الجزائر التي كنت ممثلها وممثلاً عن المبادرة و”اللجنة الدولية لكسر الحصار” في هذه السفينة “سفينة الضمير”.
وكنا من خلالها نريد أن نخاطب ضمير العالم الذي سكت سنةً ونصفاً تقريباً عما يحدث في قطاع غزة، وأصبح أمر الإبادة والمجاعة واقعاً. ولذلك انتفض أحرار العالم وأرادوا أن يحركوا هذه السفينة. والكيان الصهيوني كان يدرك أن هذه السفينة لو تحركت فسوف يكون لها أثر كبير جداً، لذلك استعمل أكبر جريمة في التاريخ وهو أنه قصف هذه السفينة بصاروخين في المياه الإقليمية الدولية في فضاء شنغن، أي الاتحاد الأوروبي. وكأنه يقول إنه فوق الجميع. وحسبما ذكر ذلك وزير الدفاع المالطي، تخيل كيف انطلقت هذه الطائرة من تل أبيب، ووصلت إلى مالطا، واخترقت الأجواء المالطية والإيطالية، ثم ترقبت السفينة أربع ساعات كاملة، ثم أرسلت مسيَّرتين وقصفت السفينة بصاروخين فدمرت مقدمة السفينة فأصابت المحرك والمولّد وكل ما له علاقة بالاتصالات. ولم نستطع الانطلاق والإبحار على “سفينة الضمير” التي توجد الآن في مالطا من أجل صيانتها وتصليحها والإبحار بها إن شاء الله مرة أخرى.
بعدها كانت “سفينة مادلين” حيث انطلقت من سواحل إيطاليا ووصلت إلى مسافة 100 ميل من أراضينا في قطاع غزة، فاعتدى عليها الكيان الصهيوني بعمل إرهابي مقيت، واعتقل كل النشطاء الذين كانوا على متنها، واحتجزهم أسبوعاً كاملاً تقريباً، وعذّب بعضهم، ثم حاكم بعضهم، وأجبروا أن يوقعوا على أنهم إن دخلوا وعادوا في قوافل كسر حصار أخرى فسوف يُحاكَمون ويُحكَم عليهم بالمؤبد 100 سنة.
وبعدها “سفينة حنظلة” التي كانت منذ 2023 تجوب البحار كالمحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. وهي تتحدث بالجانب الإعلامي والسياسي والدبلوماسي عن كسر الحصار على غزة، وأن هذا الحصار الظالم هو حصار غير قانوني، وما زال قائماً، وأن الآن توجد حرب أخرى وإبادة في القطاع. و”سفينة حنظلة” انطلقت في هذا الشهر بداية من شهر 6، وتوجهت إلى قطاع غزة، ووصلت إلى أقرب نقطة على بُعد 40 ميلا تقريباً من قطاع غزة. وكان على متنها نشطاء وبرلمانيون ودبلوماسيون وصحفيون. وبالطريقة نفسها وقع الاعتداء عليها وسط المياه الدولية، واعتُقل نشطاؤها لمدة أسبوع كامل، وهم في الحجز، ودخلوا في إضراب عن الطعام، ورفضوا أن يتناولوا أي شيء من هذا الكيان الذي يمارس حرب التجويع على إخواننا في غزة. وأراد الكيان أن يجمّل صورته السيئة أمام العالم فقام بإعطاء الناشطين ماءً وطعاما فرفضوا ذلك، ودخلوا في إضراب عن الطعام، فأطلق سراحهم مؤخراً، وعادوا إلى أوطانهم.
أثناء ذلك -يا أخي خالد- كانت هناك فكرة وهي “قافلة الصمود” التي انطلقت من الجزائر. ودائماً في إطار “المبادرة الجزائرية لنصرة فلسطين وإغاثة غزة” وصلت إلى تونس، ومن تونس انطلقت إلى ليبيا. وحينما خططنا وبرمجنا هذه القافلة كان الهدف أن نصل إلى حدود دولة مصر، أي أننا سنقطع ليبيا بغربها وشرقها. وكنا نأمل أن تتوحد ليبيا حول القضية الفلسطينية، وهذا ما أُخبرنا به. وكان من المفترض أن يكون أكبر تجمع في مدينة بنغازي الموجودة في شرق ليبيا تحت حكم (خليفة حفتر) لكن مع الأسف، كما تعلم وكما يعلم الجميع، وُوجهت القافلة بالصد وبالاعتداء في (سرت)، واعتُقل بعض نشطائها، وكانت هناك مساومة ومقايضة حتى تبتعد القافلة عن المكان. وابتعدنا عن حدود مدينة (سرت)، فأطلق سراح الجميع وعدنا بعد ذلك.
هذه القافلة حققت هدفا معنوياً كبيراً جداً وهو كسر الحدود التي وضعها الاستعمار بين دول المغرب العربي وبين دول العالم. يعني لا بد أن نفهم أن القافلة استُقبلت استقبال الأبطال، ووُضعت في خدمتها كل الأمور اللوجستية من أجل نصرة إخواننا في قطاع غزة. وندرك جميعاً أن القافلة فيها جزائريون وتونسيون وليبيون. والليبيون أعطونا بعض المساعدات من أجل إيصالها إلى أهل غزة.
وكان الهدف من هذه القافلة هو المسيرة الشعبية باتجاه غزة لتلتقي بالقافلة التي جاءت جواً إلى مطار القاهرة. فكان الهدف أن تلتقي هذه بتلك في القاهرة يوم 13/6 ثم تنطلق إلى العريش. وكان من ضمن البرنامج أن نسير على الأقدام مسافة 20 كلم، من العريش إلى رفح، ثم نعتصم أمام رفح حتى يفتح المعبر وتدخل المساعدات التي هي بالأطنان ومنع الاحتلال دخولها إلى قطاع غزة الذي يعاني المجاعة. كان هذا هو الهدف لكن مع الأسف مُنعنا جواً في القاهرة من الدخول، وبين القاهرة والإسماعيلية، ومُنعنا براً في ليبيا عند حدود سرت، وأُجبرنا على العودة أدراجنا. وكانت النتيجة أكبر من ذلك.
والآن هناك فعاليات وتحرك دولي من أجل أن يكون هناك أسطول بحري أكبر وأوسع وأعظم وأضخم، وبأكبر مشاركة للنشطاء. والكل يعمل على إنجاح المشروع الذي سوف يرى النور قريباً بإذن الله.
س: هل من حركية رسمية أو شعبية خفية عن الإعلام تطلعنا عليها؟
ج: يا أخي خالد، الصراع بيننا وبين الصهاينة موجود في الصفحة الأولى من سورة الإسراء. والله عز وجل يقول في الوعد الآخر، في الوعد الثاني: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ [الإسراء: 7].
الآن هناك حراك وزخم دولي كبير على الرغم من الصمت العربي المخزي، وعلى الرُّغم من التواطؤ الذي نراه من بعض الأنظمة العربية، وعلى الرغم من الخيانة والتطبيع، وعلى الرغم من الحرب الإعلامية التي تشنها كثير من القنوات المحسوبة على العرب وهي ضد العرب.
على الرغم من كل ذلك نرى أن هناك حراكاً دولياً كبير جداً. أنت ترى الطلبة في الجامعات الأوروبية والجامعات الأمريكية يتحركون ويعتصمون وينددون. وها هم ممثلو الكيان الصهيوني تُساء وجوههم في كل وسائل الإعلام. أنت ترى هذه المسيرات الضخمة في أوروبا، والبارحة فقط في أستراليا وقعت مسيرة ضخمة جداً فيها نحو 300 ألف متظاهر. وها هو العالم كله أصبح يرى أن هذا الكيان الصهيوني يمثل خطراً ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط وفلسطين وغزة والأمة العربية والأقصى ولكن أصبح يمثل خطراً على كل الدنيا الآن، حتى أن بعض اليهود يقولون: “نحن ندمنا، ونحن ندرك أن ما فعله بنا (هتلر) فنحن نفعله الآن بهذه الأمة العربية والإسلامية وبفلسطين”.
ويذكرون أنفسهم بأن من أقام المحرقة والهولوكوست ليس الفلسطينيون أو العرب إنما النازية الألمانية، إن صدق ذلك!
فالحراك الدولي الضخم بالتأكيد سيكون له ضغط على الكيان من أجل رفع الحصار وإدخال المساعدات. هناك مسيرات، ومداخلات في البرلمانات الأوروبية، وحراك للاعتراف بالدولة الفلسطينية وإن كان اعترافاً مشروطاً بدولة فلسطينية منزوعة السلاح وليس فيها مقاومة. إن هذه الحكومات تتحرك بضغط شعبي من سكانها ومواطنيها ومؤسساتها التشريعية، وهو الذي جعل هذه الدول تأخذ هذا المنعرج.
ربما في بداية شهر تسعة في جمعية الأمم المتحدة سيكون هناك اقتراح للاعتراف بالدولة الفلسطينية، على الرغم من أننا في الجزائر لا نؤمن بهذا التقسيم بل نعتقد أن فلسطين لا بد أن تعود لأهلها وأصحابها وللمسلمين من البحر إلى النهر، كل فلسطين التاريخية. ومع ذلك نثمن ما يقوم به أحرار العالم. ونحن ندرك أن أحرار العالم يرفضون سياسة الكيان المحتل، ويرفضون حرب التجويع، ويرفضون احتلال غزة واحتلال الضفة.
هذا الكيان لا يريد فقط تحقيق أهدافه المتمثلة في القضاء على حماس واسترجاع الأسرى بل يريد أيضاً أن يسيطر على الضفة الغربية، وهي بُعد استراتيجي له، وهي أهم عنده من غزة، ويسميها بيهودا والسامرة، ويذكر أنها في تاريخه ونبوءاته أنها ستكون أرضه.
لذلك نحن نثمن كل هذا الحراك العالمي والدولي وندعو إلى حراك إسلامي وعربي. ولا بد أن نرفع السقف فوق هذه الموجة، وهي كبيرة جداً، وإخواننا يناشدوننا، وأنتم تسمعون وترون. الجميع في فلسطين يناشدوننا يومياً: أين أنتم يا عرب؟ أين أنتم يا مسلمون؟ أين أنتم؟ أين المسيرات والمساعدات والدعم وغير ذلك؟
س: في المجال الإنساني، لكم سهمٌ وافر من خلال “جمعية الأيادي البيضاء الجزائرية”. نرغب أن تعرّف بالأيادي البيضاء الجزائرية، وهل لها إنجازات في أرض غزة؟
ج: والله الحديث عن العمل الإنساني هنا يكشف جانباً آخر من شخصية يوسف، العمل الإنساني والإغاثي. نحن عملنا هذا العمل منذ سنوات، وربما أكثر.
عمل قمنا به، وأحسست بأننا قدمنا شيئاً للإنسانية؛ وهو كسر الحصار عن إخواننا الروهينجيا في بنغلاديش، في المخيمات حينما تعرضوا لحرب قذرة وتطهير عرقي وحرق وإبادة على يد الحاكمين في دولة بورما. نتحدث عن (أراكان)، وقد كانت أول قافلة لنا من الجزائر، كنشطاء في العمل الإنساني والإغاثي، إلى دولة بنغلاديش، أو إلى حدود دولة بنغلاديش مع أراكان. ربما كنت أول نائب برلماني عربي مسلم أفريقي يدخل إلى تلك المناطق. ورأينا بأم أعيننا أشياء فظيعة. رأينا إخواننا المسلمين ومعاناتهم، وسجلنا كثيراً من الشهادات الحية عن كيف كان الناس يُحرقون، وكيف كانوا يُقطّعون، كيف يُحرق الأطفال الصغار. ما قام به هؤلاء في (ميانمار) أمر يفوق التصور. كانت لنا مساعدات بهذا الشأن، وسيّرنا بعد ذلك قوافل من أجل دعم اللاجئين في هذه المناطق وهم أكثر من مليوني لاجئ. وإلى اليوم ما زالوا يعانون، وما زلنا في تواصل معهم. وقد حُفرت كثير من آبار سقي الماء، ونُقلت المساعدات.
قمنا بعمل إغاثي من خلال جمعيتنا “الأيادي البيضاء الجزائرية”، وهي جمعية وطنية معتمدة، تأسست منذ أكثر من خمس سنوات. دورها الأساس هو إغاثة إخواننا في قطاع غزة، وفي مخيمات اللاجئين، وفي الصحراء الغربية. وكان لجمعيتنا عمل كبير في مخيمات اللاجئين في الصحراء الغربية. وهذا كله موجود في قانونها الأساس ونظامها الداخلي.
ناهيك عن العمل الإغاثي والإنساني هنا في الجزائر إذ كان لنا دور أساس أثناء جائحة كورونا أو وباء الكوفيد. وربما كانت أول جمعية دخلت إلى البؤرة الأولى للوباء في ولاية البليدة هي “جمعية الأيادي البيضاء الجزائرية” من خلال إدخال المساعدات الطبية وغير ذلك.
وكانت لنا تجربة إغاثية مع إخواننا المغتربين في فرنسا أثناء جائحة الكوفيد إذ أدخلنا مساعدات كبيرة جداً من عند المغتربين ووزعناها على المستشفيات في الجزائر.
والعمل الأساس للجمعية هو العمل لفلسطين، والعمل لأجل غزة حيث كانت لنا مشاريع كثيرة على الأرض قبل “طوفان الأقصى”، وكانت لنا حملات منتظمة مثل “حملة الأضاحي”، و”حملة الدخول المدرسي”، و”حملة الإطعام في رمضان”، وحملات في الشتاء مثل “شتاء دافئ”، وسقيا الماء، وحفر الآبار حيث حفرت الجمعية أكثر من 43 بئراً. كل هذا كان قبل “طوفان الأقصى”. وكنت أصر أنا شخصياً على أن تحفر هذه الآبار في المدارس والمساجد. ذكرني بهذا إخواننا الذين ينفذون ويطبقون أعمال الجمعية في غزة، بحرصي الشديد على أن تحفر الآبار في الثانويات والمدارس والمساجد التي أصبحت فيما بعد ملاجئ لإخواننا الفلسطينيين، وكانت ملاذاً لهم.
وبعد “طوفان الأقصى”، زاد عمل الجمعية من خلال الكثير من الأعمال الإغاثية بتوفير الأطعمة الساخنة، وتوزيع الطرود الغذائية، وإدخال الخيام. في وقت مضى حينما أُخرجوا من ديارهم ودُمرت بيوتهم، كان لزاماً علينا أن نوفر لهم شيئاً من الأمن والأمان بتلك الخيام الضعيفة. وكان علينا أن نوفر ذلك أيضاً بعد غلق كل المعابر وانعدام ما يقيم صلب إخواننا من أكل. فنحن نجتهد الآن، مع غلاء الأسعار والعمولة، في تحويل العملة. كل هذا يؤثر على أداء الجمعية لكن نحن صامدون ومستمرون، مواصلون لأعمالنا وواجبنا ووجودنا في قطاعنا الحبيب، من خلال مكتبنا “الأيادي البيضاء الجزائرية” ومَن يمثلوننا في غزة. ونحن دائماً في تواصل مع إخواننا. ونحن نجتهد من خلال الدعم الذي تتلقاه الجمعية من إخواننا في الجزائر الذين جعلوها وجهة لهم من أجل تقديم تبرعاتهم ودعمهم ومساعداتهم لإخواننا في قطاع غزة.
س: مِن موقعكم البرلماني كيف تقيم السياسة الجزائرية تجاه “طوفان الأقصى”؟
ج: نحن في البرلمان الجزائري، بعد معركة الأقصى مباشرة، في الأشهر الأولى، عقدنا جلسة برلمانية مفتوحة، وأظهرنا عزمنا ودعمنا ومساندتنا، واستدعينا لهذه الجلسة وزير الخارجية (أحمد عطاف)، وخاطبناه مخاطبة مباشرة بما يجب على الدولة الجزائرية والبرلمان الجزائري والمؤسسات الرسمية الجزائرية أن تقدمه لأهلنا في قطاع غزة.
والحمد لله، كان موقفنا الرسمي والشعبي والدبلوماسي والسياسي موقفاً عالي السقف فيما يقدمه دبلماسيونا في مجلس الأمن. والجزائر الآن عضو في مجلس الأمن للسنة الثانية، وكان موقفها موقفاً مشرفاً أثنى عليه حتى إخواننا في “حركة المقاومة الإسلامية حماس” وحتى في “كتائب عز الدين القسام” وباقي الفصائل الفلسطينية. فموقف الجزائر موقف تاريخي وسيظل ثابتاً بإذن الله.
ولنا مرافعتنا في البرلمانات الدولية، فالبرلمان الجزائري عضو في كثير من البرلمانات الإسلامية الأوروبية والمتوسطية والدولية. فدائماً وأبداً أقوالنا وأعمالنا ومشاريعنا هي من أجل القضية الفلسطينية. وأداء نوابنا كان مميزاً، ويبين حقيقة الدعم الرسمي للقضية الفلسطينية.
وربما كان أهم دعم هو موقف رئيس الجمهورية حينما رفض التطبيع جملة وتفصيلاً، وحينما قال: “إن قضية القدس قضية مقدسة”، وحينما قال “فلسطين هي قضيتي الخاصة”، وقال أيضاً “إن فلسطين قضية وطنية”.
فالجزائر الرسمية وغير الرسمية أي الشعبية، والحمد لله رب العالمين، هي دولة لا ولن تطبع مع الكيان الصهيوني الزائل؛ بل وتواجهه في مجلس الأمن بكثير من القرارات والمشاريع التي جاء بها ممثل الجزائر الدائم في الأمم المتحدة؛ إذ جاء بمشاريع كثيرة كوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات، وإتاحة الفرصة لدخول الصحفيين لمعرفة الواقع الذي يعيشه إخواننا، وللردّ على السردية الصهيونية التي تنفي وجود مجاعة أو إبادة. وهي تمنع دخول الصحفيين لنقل الواقع الحقيقي في قطاع غزة. فنحمد الله عز وجل على موقف الجزائر، وهي تحاول دائماً وأبداً بالتواصل مع الدول. وكان للجزائر دور أساس في اعتراف كثير من الدول بالدولة الفلسطينية، اعترافاً رسمياً.
وهناك الكثير من التجمعات والأحزاب السياسية الجزائرية لها موقف مشرف تجاه القضية الفلسطينية، ولها موقف داعم لحركة المقاومة الإسلامية. ولها تشاور مستمر في هذا الشأن، ودعم مستمر سياسياً ودبلوماسياً وإغاثياً. وكذلك الموقف الجماهيري والشعبي.
س: أستاذ يوسف، تظهر بعض التوجهات التي تحاول كسر جدار التطبيع داخل المؤسسات والمجال العام الجزائري. ما تفسيرك لهذا؟ وما مستقبل هذه المحاولات؟
ج: أنا أؤكد حقيقة أن الجزائر ليست في منأى عن أن يمارَس عليها الضغط للتطبيع مع الكيان الصهيوني. وهذه حقيقة نراها بين الفينة والأخرى؛ لكن المزاج العام للشعب الجزائري وللدولة الجزائرية الرسمية هو ضد التطبيع. ونحن أتينا بمقترح “تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني” حتى نحصن الجزائر حكومة وشعباً من التطبيع مع الكيان الصهيوني. وما دامت الحكومة تأتي وتذهب فلا بد أن يكون هناك قانون يحفظ هذه الأمة من التطبيع مع الكيان. فهناك من قال لي حينما وضعت هذا القانون: “الشعب الجزائري لا يحتاج إلى قانون يجرم أو يحول بينه وبين التطبيع”!
نعم، أنا أدرك ذلك لكن لا بد أن نحصن هذه المواقف بقوانين يصادق عليها البرلمان؛ لأن القوانين تدوم والأشخاص والحكومات تأتي وتذهب. فنحن، من أجل الحفاظ على هذا الموقف التاريخي الذي نعتز به كجزائر الشهداء، وكجزائر ترفض الاحتلال، وكجزائر أعطت مليوناً ونصف مليون من الشهداء من أجل استرداد هذا الاستقلال، ومن أجل عدم الاعتراف بالكيان المحتل، سوف نعمل إن شاء الله على أن نحافظ على الجزائر ألا تطبع مع الكيان، ولا تشارك في وحل التطبيع، وترفض وجودها معه في أي محفل من المحافل الدولية على الرغم من وجود من يدفعنا للتطبيع، ويظن أن الجزائر سوف تساوم على ذلك.
وقد ساومت وقايضت دولة جارة، فسارعت باعترافها بالكيان الصهيوني وبتطبيع العلاقات معه؛ بل وتعدى تطبيعها إلى تطبيع فاحش حينما أصبح تطبيعها أمنياً وعسكرياً وسياسياً واستخباراتياً، وصارت للكيان قواعد عسكرية على الحدود الجزائرية، وأضحت تمس بأمن الجزائر. فهذه المقايضة، أنا مدرك أن الجزائر لن تصل إليها، ولن يقايضنا أحد، لأن استقلالنا وقرارنا بيدنا وسنحافظ إن شاء الله على هذا الموقف وعلى هذا التحصين.
س: من خلال عضويتكم في عديد من الهيئات الدولية والإقليمية والإنسانية والإغاثية، حدّثنا باختصار شديد في كلمات مختصرات معتصرات، ماذا يعني لك طوفان الأقصى؟
ج: معركة الفصل والحسم؛ فما قبل الطوفان ليس كما هو بعد الطوفان.
س: ماذا تعني لكم غزة؟
ج: غزة في القلب.
س: ماذا يعني لكم التطبيع؟
ج: التطبيع خيانة وجريمة ولن يكون في الجزائر بإذن الله.
س: بيت المقدس؟
ج: أولى القبلتين، وجزء لا يتجزأ.
س: الصهاينة؟
ج: عدونا الدائم.
س: أستاذ يوسف، تفضل بكلمة أخيرة تلخص فيها النظرة والعمل؟
ج: أولا أنا شاكر لكم الاستضافة التي تجعلنا في هذه المجلة “مجلة أنصار النبي ﷺ”، ولها من اسمها نصيب. فالنصرة واجبة “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً”. ونحن نستغل هذه الفرصة لندعو الأمة جمعاء ألا تفوت هذه المناسبة العجلة.
حينما انطلق “طوفان الأقصى” نحن شبهناه في الجزائر بأول نوفمبر 1954، يوم انطلقت الثورة المباركة والجهاد المبارك ثم من بعدها جاءت المعارك، وجاء الشهداء، وجاءت الفتوحات، وتوجت في النهاية بالاستقلال.
هذه المرحلة من التاريخ مرحلة مهمة جداً. وإن أشرافنا وسادتنا وتاج رؤوسنا الذين قاموا بهذا العمل “طوفان الأقصى” ذهب معظمهم شهداء، قادة وجنوداً وحاضنة وغير ذلك. ونحن مطالبون ألا نضيع هذه الدماء، وألا نترك هذه التضحيات تضيع، وأن نكون في مستوى التحديات، تحديات “طوفان الأقصى”، وفي مستوى التضحيات، تضحيات إخواننا الذين قدموا مهجهم ودمائهم وأموالهم وزوجاتهم وأبنائهم طيبة بها نفوسهم، ليس من أجل أرضهم فقط بل من أجل الأمة كلها، ومن أجل أقصى الأمة.
سميت المعركة بـ”طوفان الأقصى” لأنها من أجل الأقصى وتطهيره، والحفاظ عليه، واسترداده ليكون ضمن حياض الأمة الإسلامية التي -مع الأسف- بلغ عددها مليارين لكنها لم تستطع أن تحافظ على مليوني مسلم في قطاع صغير، قطاع غزة. إنهم يحاربون، وهم رأس الحربة من أجل الأمة، ومن أجل مقدساتها.
نسأل الله عز وجل أن يلهم الأمة المباركة رشدها، وأن يرفع عنها الغفلة والضيم، وأن يرفع عنها الجبن والخور، وأن يجعلها في مستوى التحديات.