
من الغناء في الكنيسة إلى الإسلام!
سبتمبر 9, 2025
مجزرة جديدة.. الاحتلال يهدم برج طيبة بغزة
سبتمبر 10, 2025أليو لو انغا
الكونغو
أنا: أليو لوانغا من جمهورية الكونغو – برازافيل
أعمل في مجال المقاولات والبناء، وأملك ورشة صغيرة لتصنيع الطوب الإسمنتي. كل يوم يبدأ عند الخامسة صباحًا، وينتهي مع غروب الشمس.. كأن الحياة عندي أصبحت مجرد سلسلة من الأصوات: آلة الخلط، والمطارق، والسيارات، والديون، والصراخ.
كبرت في بيت فقير، لا مكان فيه للرفاهية، ولا مساحة للسؤال عن معنى الحياة. والدي كان يشرب الخمر كثيرًا، ووالدتي كانت تعمل خادمة في البيوت. لم يكن لنا دِين واضح، كنا نحتفل ببعض أعياد الكنيسة، ونضع بعض التمائم حول رقابنا، ونخشى الأرواح واللعنات أكثر مما نخاف الله! ومع الوقت، فقدت القدرة على الإيمان بأي شيء.
قبل شهر من الليلة التي غيّرت حياتي، تعرضت لحادث في أحد مواقع البناء. سقطت كتلة خرسانية على رجلي، وأجبرني الأطباء على البقاء في البيت لمدة أسبوعين. كنت أنام بصعوبة، وأتنقل بعكاز خشبي، وأشعر أني فقدت السيطرة على حياتي.
لكن الشيء الذي لم أكن أتوقعه.. هو أن هذه العزلة القسرية هي التي ستفتح لي بابًا لم أطرقْه يومًا: باب الأسئلة الكبرى:
من أكون؟
لماذا خُلقت؟
لماذا أموت؟
ماذا بعد الموت؟
و من هو الله؟ هل يسمعنا أصلًا؟ وهل يهتم بنا ونحن نكافح في الطين والغبار؟
بدأت أبحث على الإنترنت عن فيديوهات دينية، وكنت أتنقل بين قنوات مختلفة. لم أكن أبحث عن دين جديد، فقط أردت أن أجد فكرة تُقنعني أن الحياة ليست عبثًا.
وفي يوم من الأيام، ظهر لي إعلان على الإنترنت لمقطع بعنوان:
“ماذا يريد الله منك؟” على منصة مشروع اسمه: “مشروع بصيرة”.
ضغطت على الفيديو، وإذا بشخص يتحدث بالفرنسية بلغة بسيطة، يشرح أن الله خلق الإنسان ليعبده، لا ليُعذّبه، وأن كل إنسان في داخله بذرة فطرة، تبحث عن خالقها.
كان الكلام مختلفًا.. ليس مثل خطب الواعظين المتعجرفين، ولا مثل الأغاني الدينية التي تُشعرك بالذنب فقط..كان حديثًا للعقل وللروح.
وفي نهاية الفيديو، وضعوا رابطًا لمن يرغب في الحوار المباشر.. ترددت للحظة، ثم كتبت رسالة قصيرة:
“مرحبًا، أنا أليو من الكونغو.. هل يمكنني أن أسأل بعض الأسئلة عن الإسلام؟”
جاءني الرد في الحال، من داعية من مشروع بصيرة، رحّب بي دون أن يسألني عن ديني أو مذهبي، فقط قال:
“ بالطبع..كل سؤال في قلبك له مكان في هذا الحوار”.
قلت له بصراحة: “أنا لا أؤمن بشيء حاليًا.. لكنني أبحث عن الله”.
فقال لي: “هذا أجمل ما يمكن أن يقوله إنسان.. لأن الله يحبّ من يبحث عنه بصدق”.
بدأ يشرح لي عن التوحيد.. عن أن الله واحد، لا يُشبه أحدًا، لا أب له ولا ابن، لا يحتاج وسطاء ولا كهنة.
قال لي: “في الإسلام، لا تحتاج أن تدخل معبدًا لتتحدث إلى الله، فقط توضأ، وقل: يا الله.. فيراك ويسمعك”.
أرسل لي ترجمة سورة الفاتحة، وشرحها لي جملة جملة.. كانت كأنها دعاء قلبي، بلغة لم أكن أعرف أنني أعرفها!
سألته: “لكنني لا أعرف شيئًا عن الصلاة، ولا القرآن، ولا حتى عن محمد، وكيف أصبح مسلمًا؟”
فقال لي بهدوء:
“أليو، الإسلام لا يشترط أن تكون عالمًا لكي تدخل إليه.. بل أن تدخل إليه لكي تبدأ بالتعلّم.
يكفيك أن توقن وتشهد أن لا أحد يستحق العبادة إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله”.
وبلا مقدمات.. وجدتني أقول له: “أنا مقتنع.. أريد أن أنطق الشهادتين الآن”.
فرح كثيرًا، وقال لي: “ردد معي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله”.
قلتُها بصوت مرتجف، وأنا في زاوية غرفتي، في نفس الليلة، بعد أول حوار صادق في حياتي.
بكيت.. لم أعرف لماذا!
ربما لأنني شعرت أنني أخيرًا وصلت، بعد أعوام من التيه!
ربما لأنني وجدت من يسمعني، بعد عمر من الضجيج!
منذ تلك الليلة، وأنا أتعلم الإسلام بالتدريج.
أرسل لي الداعية رابط المجموعة التعليمية لأبدأ تعلُّم الصلاة والطهارة، وسيرة النبي محمد ﷺ، والقرآن الكريم واللغة العربية..كنت أستمع، وأشعر أن داخلي يعاد بناؤه.. حجرًا حجرًا، كأنني أُشيّد نفسي من جديد، لا بالطوب هذه المرة، بل باليقين.
رجلي ما زالت تتعافى، لكن قلبي الآن أقوى من أي وقت مضى.. أنا أليو.. لم أكن يومًا أتصور أني سأصبح مسلمًا، في غرفة صغيرة، في ضاحية من ضواحي برازافيل، بعد حوار واحد فقط.
لكني اليوم مسلم، ولا شيء أعزّ عليّ من هذه الكلمة.
شكرًا لمشروع بصيرة.. منكم بدأت الحكاية، وإليكم يعود الفضل بعد الله.
يارب أسالك الثبات والسعادة عند اللقاء بك! عبدك الفقير المؤمن: أليو لو انغا.