
الاحتلال يعتدي على مزارعين وينفذ اقتحامات بالضفة
أكتوبر 18, 2025
شاهد على الإخوان في المعتقل
أكتوبر 18, 2025د. هشام مشالي
فك الله أسره*
أبكمنا الحزن وصم الآذان النواح.. فما طابت نفسي إلا بآيات آل عمران.. لتجعل من الحزن ينبوعاً للأمل.. ومن الألم وقوداً للعمل.. فقد أجابت على الأسئلة الحارة التي تشعلها صور المآسي في القلوب:
س: كيف حدث هذا وجيوش العز في الأرض المقدسة وما حولها وفي أقطار المعمورة قائمة، والوعد الرباني لا يتخلف بنصرة المؤمنين على أحزاب الكفر أجمعين؟
ج: ﴿أَوَلَمَّاۤ أَصَـٰبَتۡكُم مُّصِیبَةࣱ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَیۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَـٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ﴾ [آل عمران: ١٦٥].. ألم يحقق الله وعده قبلها بإكرام المؤمنين بفك الحصار تارة والنكاية في تحالف الكفر والطغيان تارة وكل ذلك عند وحدة المجاهدين؟
وعند رؤية الكرامة لا يعذر في التفريط كما كان يعذر من قبل.. تلك سنة الله في المؤمنين، وقد قيل للحواريين من قبل: ﴿قَالَ ٱللَّهُ إِنِّی مُنَزِّلُهَا عَلَیۡكُمۡۖ فَمَن یَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّیۤ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابࣰا لَّاۤ أُعَذِّبُهُۥۤ أَحَدࣰا مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [المائدة: ١١٥].
س: ولكن المصاب كبير والألم لا يُحتمل؛ فهل ما حدث من تقصير يجعل النازلة بهذه الفداحة؟
ج: ﴿وَمَاۤ أَصَـٰبَكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِ فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ﴾ القدري.. لا الشرعي.. فلا يحدث شيء في هذا الكون إلا بإذنه القدري وإن خالف أمره الشرعي.. فالدنيا دار اختبار وابتلاء.. وقدر الله يحتم حدوث التدافع بين أهل الحق والباطل، ومن سنن التدافع أن يكون لكل فريق جولته ﴿وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 140].
س: ولماذا يكون للباطل جولة ولا يكون الحق دائماً منتصراً؟
ج: ﴿وَلِیَعۡلَمَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ الصادقين، فهؤلاء لا يظهر علم الله لما في قلوبهم للناس إلا في المحن؛ فلابد أن يُميَّزوا فيُعرف قدرهم فلا يُعدَل عنهم لغيرهم.. فيصدروا لصدق عمل لا لزيف شهرة، ولحسن بلاء لا لحلو لسان!
س: يُميَّزوا عن من؟
ج: ﴿وَلَیَعۡلَمَنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ﴾ فلا يغتر بمشاركتهم للمؤمنين في الظاهر فيفضحوا في المحن وتظهر سرائرهم الخبيثة على رؤوس الأشهاد، ﴿مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِیَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ عَلَىٰ مَاۤ أَنتُمۡ عَلَیۡهِ حَتَّىٰ یَمِیزَ ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِۗ﴾ [آل عمران: 179].
س: وكيف لنا بتمييزهم ومعرفة حالهم؟
ج: بأقوالهم ومواقفهم في الشدائد ﴿وَلِیَعۡلَمَ ٱلَّذِینَ نَافَقُوا۟ وَقِیلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡا۟ قَـٰتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدۡفَعُوا۟ قَالُوا۟ لَوۡ نَعۡلَمُ قِتَالࣰا لَّٱتَّبَعۡنَـٰكُمۡۗ هُمۡ لِلۡكُفۡرِ یَوۡمَىِٕذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِیمَـٰنِۚ یَقُولُونَ بِأَفۡوَ ٰهِهِم مَّا لَیۡسَ فِی قُلُوبِهِمۡۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا یَكۡتُمُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٧].. فخذلان المجاهدين وصْفُهم.. وتثبيطهم نهجُهم ﴿ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ لِإِخۡوَ ٰنِهِمۡ وَقَعَدُوا۟ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلۡ فَٱدۡرَءُوا۟ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾ [آل عمران: ١٦٨].
س: ولكن أكثر الصادقين ماتوا فما الفائدة؟
ج: ﴿وَلِیَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَاۤءَۗ﴾ فشهادتهم هذه اصطفاء من الله لهم ومن الحكم الربانية العالية لتسليط الكافرين على المؤمنين..
بل هم الأحياء على الحقيقة وغيرهم أموات ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٩]؛ فما أعظم الحياة عند الله! ﴿فَرِحِینَ بِمَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَیَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِینَ لَمۡ یَلۡحَقُوا۟ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ﴾ [آل عمران ١٧٠].
س: بماذا يستبشرون وقد حلت بمن خلفهم النكبات من بعدهم؟
ج: ﴿یَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا یُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [آل عمران: ١٧١]؛ فلا يُظن في الله إلا ما يليق به سبحانه.. فكيف يستجيبون لأمره ويضيع عملهم؟ ﴿ٱلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَاۤ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ مِنۡهُمۡ وَٱتَّقَوۡا۟ أَجۡرٌ عَظِیمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٢]؛ فما بالكم بالعظيم إذا وعد؟!
أو بعد أن وكلوا أمرهم إليه يضيعهم؟! ﴿ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣].
س: ألا يمكن تحقيق هذه الحكم بدون هذه المعارك؟
ج: ﴿أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا یَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ مِنكُمۡ وَیَعۡلَمَ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾ [آل عمران: ١٤٢].. وهل يظهر الجهاد والصبر إلا في المعارك؟ “ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة”.
والموت مصير محتوم.. فليكن في سبيل الله ﴿وَلَىِٕن قُتِلۡتُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَوۡ مُتُّمۡ لَمَغۡفِرَةࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحۡمَةٌ خَیۡرࣱ مِّمَّا یَجۡمَعُونَ * وَلَىِٕن مُّتُّمۡ أَوۡ قُتِلۡتُمۡ لَإِلَى ٱللَّهِ تُحۡشَرُونَ﴾ [آل عمران: 157-158].
س: ولكن العالم اجتمع على حربهم فهل من سبيل للنصر؟
ج: ﴿إِنَّمَا ذَ ٰلِكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یُخَوِّفُ أَوۡلِیَاۤءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ [آل عمران: ١٧٥]؛ فالنصر من عند الله ﴿إِن یَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن یَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِی یَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٠].
وقد أذاقهم حلاوة النصر قبل ذلك ﴿إِن یَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحࣱ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحࣱ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٤٠]. ﴿وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرࣲ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةࣱۖ﴾ [آل عمران: ١٢٣].
س: ولكن الكافرين قد علوا بالفعل في الأرض؛ فكيف يتركهم الله ليفسدوا في الأرض ويهلكوا الحرث والنسل؟
ج: ﴿وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ خَیۡرࣱ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إِثۡمࣰاۖ وَلَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ﴾ [آل عمران: ١٧٨]؛ فالإملاء للمجرمين سُنة من سنن الله، والأخذ كذلك “فإذا أخذه لم يفلته”؛ لأنه يأخذه ﴿أَخۡذَ عَزِیزࣲ مُّقۡتَدِرٍ﴾ [القمر: 42].
س: شُفيَت صدورنا بكتاب ربنا فمتى تُشفَى الصدور بمحق الكافرين؟
ج: ولهذا ذكر الله منته على المؤمنين ضمن آيات الجهاد ﴿لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ إِذۡ بَعَثَ فِیهِمۡ رَسُولࣰا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ یَتۡلُوا۟ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتِهِۦ وَیُزَكِّیهِمۡ وَیُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُوا۟ مِن قَبۡلُ لَفِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینٍ﴾ [آل عمران: ١٦٤]، وكما فتح الله القلوب بآيات كتابه الشافي فيرجى منه تمام النعمة بفتح البلاد بآيات عزه الكافي ﴿وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِیࣰا وَنَصِیرࣰا﴾ [الفرقان: 31].
فقط.. أكملوا ما بدأتموه من جهاد عدوكم وتقوى ربكم ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱصۡبِرُوا۟ وَصَابِرُوا۟ وَرَابِطُوا۟ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠].
ومن لم يفتح له باب جهاد العز والشرف فليعد له عدة الصدق ﴿وَلَوۡ أَرَادُوا۟ ٱلۡخُرُوجَ لَأَعَدُّوا۟ لَهُۥ عُدَّةࣰ﴾ [التوبة: ٤٦].
وأبشروا؛ فواو المعية جامعة بين تمحيص المؤمنين ومحق الكافرين، فهما متلازمان قريبان: ﴿وَلِیُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَمۡحَقَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾ [آل عمران: ١٤١].
﴿وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِیلࣰا﴾ [النساء: ١٢٢].