
فصائل المقاومة تؤيد رد حماس على ترامب
أكتوبر 4, 2025محمد إلهامي (رئيس التحرير)عضو الأمانة العامة للهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ
رسالة إلى السادات الأكرمين المجاهدين والمرابطين من أخيكم المقصر، المحبوس في عجزه المقهور في بيته..
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المجاهدين وقائد الغر الميامين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد..
فإلى سادتي الكبار الأجلاء، الأولياء الأصفياء، العمالقة الميامين، من اصطفاهم الله على كل العالمين، فأسكنهم في خيرة أرضه التي يجتبي إليها خيرته من خلقه، واصطفاهم على العالمين فجعلهم من المجاهدين عند مسرى نبيه في الأرض المقدسة المباركة، واصطفاهم على العالمين فجعلهم من الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى يأتي أمر الله!
إني أتصاغر في نفسي حين أتحدث إليكم، تصاغر من فاتته المقامات العظيمة التي أقامكم الله فيها، حتى أجرى على أيديكم المعجزات والكرامات، وأعاد بكم إحياء النفوس والقلوب، وأدخل بكم في دينه أفواجا من الناس كانوا من أهل الكفر فأسلموا لما رأوْه من صبركم وثباتكم وبطولتكم.. فمن كان هذا حالهم، فلا ريب أنهم عند الله في المكان الرفيع، في مقام القرب والاصطفاء..
ولئن ابتلاكم الله بالشدة والأذى، فتلك سنة الله في أوليائه المقربين المصطفين، فإن أشد الناس بلاء: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل.. ولا يزال البلاء بالرجل حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة كما قال نبينا ﷺ، فهنيئاً لكم من رجال تقدمون على الله بلا خطيئة.. وإنه لمقام وحالٌ لا يشعر به ولا يتحسر على فواته إلا من فاته هذا الاصطفاء والاختيار، فهو يعرف كيف يكون قدومه على الله!!
سادتي المجاهدين المرابطين الميامين..
إني وإن تصاغرت في نفسي حين أكلمكم، فإن لي باباً إليكم، وهو باب النصيحة في الدين، فقد جعلها الله تعالى نصيحة عامة، يجوز فيها للأدنى أن يتكلم مع الأعلى والأرفع، فقد قال نبينا ﷺ: “الدين النصيحة”. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: “لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم”.
وإن في نفسي أموراً، أبسطها بين يدي سادتي المجاهدين المرابطين، لعلهم يرون فيها ما يستحق النظر والأخذ بعين الاعتبار..
وإني وإن كتبتها من مكتب وثير في أمنٍ وعافية، فلقد كتبتها بروح تحلق عندكم، وبصر يتعلق بكم، وقد فارقنا منذ نشبت هذه الحرب لذة الطعام والشراب والنظر إلى أهل وولد، فما نأكل شيئاً إلا ويذهب طعمه لتذكرنا إياكم، ولا ننظر في أهل ولا ولد إلا ضاعت لذتها لمعرفتنا بما تعانونه في ذلك.. فاقبلوها مني على الضعف والعجز والتقصير.. فإن الذي أضمنه من نفسي أني أحبكم غاية الحب، وأحرص عليكم غاية الحرص!
سادتي المجاهدين المرابطين..
إن الذي دخل منكم في طريق الجهاد هذا إنما دخله وهو يطلب الشهادة، فإن الله تعالى لم يضمن لأحدٍ من الناس النصرَ، إنما ضمنه لعموم الأمة، وأما آحادها وفئاتها وبعض حركاتها وجماعاتها فإنهم يقاتلون لأن ذلك هو الواجب عليهم، ولأن الشهادة هي الأجر المضمون لهم.
ولذلك فإن الله تعالى وعد المجاهدين بالمغفرة والنجاة من العذاب والخلود في الجنة، وجعل ذلك ثمرة التجارة مع الله، ثم جعل النصر في الدنيا أمرًا على البيع لعموم الأمة، قال تعالى:
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَـٰرَةࣲ تُنجِیكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِیمࣲ * تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَ لِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَ الِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ * یَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡ وَیُدۡخِلۡكُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ وَمَسَـٰكِنَ طَیِّبَةࣰ فِی جَنَّـٰتِ عَدۡنࣲۚ ذَ الِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ * وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحࣱ قَرِیبࣱۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [الصف: 10-13].
وأصرحُ من ذلك وأوضح قوله تعالى في سورة التوبة: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَ الَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَیَقۡتُلُونَ وَیُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَیۡهِ حَقࣰّا فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِیلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُوا۟ بِبَیۡعِكُمُ ٱلَّذِی بَایَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَ الِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ﴾ [التوبة: ١١١].
فها أنت ترى آية لا حديث فيها عن النصر في الدنيا. هذا مع أن السورة نزلت في وقتٍ كان المسلمون فيه منتصرين وقد عادوا من غزو الروم في تبوك.. ولكن العقد والوعد هو كما كان أول الأمر: الجهاد مقابل الجنة. والنصر قد يأتي وقد لا يأتي لكل مجاهد.
وعلى ذلك مضى النبي ﷺ وصحبه الكرام، وقد قُتِل في مكة مسلمون تحت التعذيب لم يروا النصر ولعله لم يخطر لهم ببال. بل إن الزعماء الذين بايعوا النبي ﷺ على تأسيس الدولة المسلمة -في بيعة العقبة الثانية- ماتوا قبل أن تنتصر الدولة، وبعضهم مات قبل أن تقوم الدولة أصلاً.
ولقد قُتِل جلة من الصحابة في بدر وأحد والخندق، ولم يروا حتى بلوغ الدولة المسلمة درجة الأمن والاستقرار!
وأما الذين بقوا منهم، أولئك الذين رأوا مشاهد النصر والفتح، فقد جال بخاطرهم أن قد حان وقت الراحة، فما هو إلا أن ذَكَّرهم الله تعالى وحذَّرهم من هذا الخاطر، وأنزل عليهم ﴿وَأَنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلۡقُوا۟ بِأَیۡدِیكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]، فإذاً القتال عند الله هو النجاة، وإذاً ترك القتال في سبيل الله هو التهلكة.
فالعهد الذي أخذه الله على عباده هو الجهاد والقتال في سبيله، والمقابل هو: الجنة!
ولهذا بشَّر النبي ﷺ ذلك المجاهد المتجرد من شأن الدنيا القائم في مكانه حيثما وضعه أميره، فقال ﷺ: “طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه، أشعثٌ رأسه، مُغْبَرَّة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، وإن استأذن لم يؤذَن له، وإن شفع لم يُشفَّع”.
أقول هذا كله مخافة أن يكون قد تسرب إلى النفوس بعض تعلق بالدنيا، أو بعض جزع بعد طول الصبر، أو بعض ملل وتشوق إلى الراحة.. وإنها لثغرة في النفس قد تحمل صاحبها على أن تتشقق صلابته أو تُخْتَرَق صرامته، أو يتخلى عن بعض احتياطاته.. فنُنْكَب فيه، وليس يعوضنا عنه شيء من أهل هذه الدنيا.
لقد فهمت من سيرتكم ومشاهدكم شيئاً لم أفهمه من الكتب ولا من الشروح ولا من العلماء، فهمتُ من حربكم هذه كيف أن أجر الرباط فوق أجر القتال، وقد جاء هذا في أحاديث عدة عن النبي ﷺ:
“رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه أُجرِي عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأَمِنَ الفتان”.
وفي حديث آخر: “رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل”.
وفي حديث آخر: “كل ميت يُخْتَم على عمله، إلا المرابط في سبيل الله فإنه يُنمَى له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمَن فتنة القبر”.
تلك أحاديث لم أفهمها إلا في هذه الحرب الأخيرة: إن المرابط هو اليقظ الصبور، هو ذلك الذي لا يمل مقامه في الرباط، ولا تفتر يقظته مع طول المراقبة والانتظار، فهو فوق المقاتل في ضبط النفس وتملكها والتمكن منها وإخضاعها للوازم الجهاد في سبيل الله، فإن المقاتل قد تعينه نفسُه الشجاعةُ المقدامة إذ هو يقاتل ويهاجم، ولكن المرابط الصبور يحمل نفسَه الملولةَ على الصبر والرباط.. فلهذا كان له أجرٌ ليس لغيره.. لئن مات وهو مرابط، فإن أجره يبقى مكتوباً كأنما هو مرابط حتى يوم القيامة!!
فتأمل أخي المرابط المجاهد في رجلٍ رابَطَ شهرين أو ثلاثة أو عامين أو ثلاثة، ثم يرى ميزانه يوم القيامة وقد رابط خمسين سنة أو مائة سنة أو خمسمائة أو ألف سنة بحسب ما يفصل بينه وبين يوم القيامة!!
إن الصبر نصف الإيمان.. ولقد طالت هذه المعركة بما لم يكن أحد يحسب، ولكننا والناس نرى منكم بعد هذا الطول شدة وبأساً وبسالة وإقداماً يجعلنا في حيرة: أي بشر هؤلاء؟ وكيف هم بعد كل هذا ما زالوا يقاتلون ويذيقون عدوهم من بأس الله الذي وعدهم به ﴿لَیَبۡعَثَنَّ عَلَیۡهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَن یَسُومُهُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِ﴾ [الأعراف: ١٦٧].
لولا اشتعال النار فيما جاورت .. ما كان يُعرف طيب عَرف العود
ولولا طول المعركة ما عرفنا أصالة معدنكم ولا سمو نفوسكم ولا اصطفاء الله لكم من بين خلقه!
إنكم لا تعرفون ماذا يفعل الله بقلوب الناس بكم، ولا كيف يحيي بكم النفوس، ولا كيف يوقظ بكم الضمائر.. ولئن طال الوقت واشتد الصبر فهو خير لكم في الآخرة، وهو لحكمة يعرفها الله في الدنيا، فالله قد عوَّدنا الجميل ونحن نقيس على ما تعودنا منه سبحانه.. فلئن شئتموها طوفاناً يتحرر به الأسرى فلعل الله قد شاء أن يجعلها المعركة الكبرى التي يتحرر فيها المسرى.. فيكون لكم من الأجر فوق ما طلبتموه، ليس أجر تحرر المسرى فحسب، بل أجر إيقاظ الأمة والنفوس!
إنني في مكاني بالخارج أرى ماذا فعل الله بكم في نفوس الناس: قوم نشطوا بعد يأس، وقوم عملوا بعد قعود، وقوم أسلموا بعد كفر، وقوم تابوا بعد غفلة، وقوم يدخلون في سلك الجهاد بعد أن كانوا متنعمين لا يفكرون في دين ولا في جهاد.. إنكم تغرسون غرساً عظيماً، يوشك أن ينبت، وأن يثمر.. والله يدبر أمرنا وأمركم، ويدبر بكم ولكم، ويصنع لنا ولكم وبكم.. وهو وحده الحكيم اللطيف علام الغيوب.
ولقد تفضل الله على قومٍ فساقهم إلى الجنة في السلاسل، كما قال النبي ﷺ.. ألا تعرفون كيف أن بعض الأسرى في الفتوح الإسلامية قد صاروا في صفوة المجاهدين الفاتحين؟.. نعم، كان الأسر والسلاسل في أول أمرهم طريقهم إلى الدرجات العلا من الجنة.. فكم من شدة ومحنة كانت هي نعمة الله الكبرى على عبده، وهي التي أصاب بها الفردوس الأعلى!
فتعلقوا بالصبر، وتمسكوا بالصبر، وتشبثوا بالصبر.. وكونوا كما أراد الله من عباده ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱصۡبِرُوا۟ وَصَابِرُوا۟ وَرَابِطُوا۟ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠].
واعلموا -سادتي المجاهدين والمرابطين- أنكم أهل العمل.. وأنكم الخبر والموضوع.. ومثلكم أجل وأعلى من أن يتعلق بكلام المحللين والسياسيين ومن يبيعون الكلام على الفضائيات ونحوها.. إنما هذه أسواق منصوبة للكلام، وهي أحياناً من مراكز التضليل والخداع.
وقد رأيتم كيف أن ترمب كان يُعلن أنه ينهى إسرائيل عن ضرب إيران، ثم ضربت إسرائيل بعدها بساعات، وتبين أن هذا التصريح من ترمب كان جزءاً من الخداع والتضليل. وقد نَدَر جداً أن يُستشف من الفضائيات والأخبار شيءٌ ذو بال. ومن كان عارفاً بالحال حقاً زهد في هذه الفضائيات وما فيها ومن فيها.. إنما يُستفاد منها فهم عقل العدو كيف يعمل في جانبه الإعلامي.. وأما المحللون، فقومٌ مهروا في توليد الكلام وتشقيقه وتفريعه بلا طائل.. وأغلبهم تستطيع أن توجز كلامه في الساعة في عبارة واحدة لا تزيد عن السطر الواحد، ولكنه يجب أن يملأ الوقت ويكثر الثرثرة، فتلك هي مهمته!
أنتم أعلى وأجل من أن تتعلق نفوسكم بقول هؤلاء وتحليلهم.. فهم في الجملة أدنى عقلاً منكم، وأدنى معرفة بالحال منكم، وأعجز عن استشفاف القادم منكم أيضاً.
وإن من إحسان الله إلى عباده المقربين أن يجردهم من كل تعلق إلا به، وأن يقطع عليهم كل سبب إلا سببه، ﴿حَتَّىٰۤ إِذَا ٱسۡتَیۡـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُوا۟ جَاۤءَهُمۡ نَصۡرُنَا﴾ [يوسف: ١١٠].
فما هو إلا الصبر..
أسأل الله تعالى أن يفرغ عليكم الصبر والسكينة والرضا والبركة، وأن يسدد رميكم وأن يقذف الرعب في قلوب عدوكم.. إنه ولي ذلك والقادر عليه!
أخوكم المحب لكم