
في ذكرى مولده الشريف..فداك نفسي يا رسول الله!
سبتمبر 15, 2025
من أعظم أعلام الأمة الإمام المجدد يوسف القرضاوي
سبتمبر 16, 2025أنس السلطان
فك الله أسره
من جديد، تجتمع ذكرى مولد الحبيب المصطفى محمد ﷺ مع ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير.. هذا المولد النبوى الشريف الذى أضاءت به الدنيا وأشرقت، وتصدع إيوان كسرى وتزلزل..
حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهزمٌ *** من الشياطينِ يقفو إثرَ منهزمِ
نقف مع مولده الشريف لنعتبر ونفكر، وإذ بقول سيدتنا حليمة السعدية مرضعة الحبيب المصطفى: “كنا في فقر مدقع، وفى سنة مجدبة، والله ما أمطرت علينا ذاك العام قطرة، ولا نبتت في مراوحنا نبتة”.
فما وصل عليه الصلاة والسلام وهو طفل إلى ديار بني سعد، إلا وغمامة ملأت السماء فأمطرت حتى سالت الأودية، وامتلأت عشباً أخضر، وحلبوا حتى ملأوا الآنية، وكانوا في رغد من العيش. إنها إذن البركة والخير والرزق تسير معه حيثما سار.
ثم نتأمل في سيرته العطرة إذ هو في مكة فيها فتى يافعاً، وتقوم قريش بإعادة بناء الكعبة بعد انهدامها في سيل أصاب البيت الحرام، ويتم بناء الكعبة ثم تقف القبائل تكاد تتقاتل من منهم يضع الحجر الأسود في مكانه؟
ويأتي بنو هاشم بصفحة مملوءة دماً فيغمسون أيديهم فيها ويتعاهدون ألا يضع أحد الحجر في مكانه إلا واحد منهم، حتى ولو كلفهم ذلك أن يفنوا جميعاً!
ثم يقترح أحد حكماء قريش أن يتحاكم القوم إلى أول داخل للبيت. فيكون هذا الداخل هو حبيب الرحمن محمد ﷺ، وقد كان هذا الموقف قبل بعثته الشريفة، فيعرضون الأمر عليه فيكون حكمه وتكون حكمته أن فرَش عباءته على الأرض ووضع الحجر عليها، ثم طلب من كل قبيلة أن يبعثوا بأحدهم ليحمل طرفاً من الثوب.
فاشتركت بذلك القبائل كلها في حمل الحجر حتى كانوا إلى جوار الكعبة فحمل رسول الله ﷺ الحجر الأسود بيديه الشريفتين ووضعه في مكانه، فداك أبي وأمي.. إنها إذن الحكمة والبصيرة والعقل يتبعانه حيث كان.
ما أحوجنا الآن في الذكرى الثانية لثورة يناير المباركة إلى البركة والخير والرزق، وما أحوجنا أيضاً إلى الحكمة والبصيرة والعقل، وتمام ذلك كله في رسول الله ﷺ.
إن بلادنا تعانى اليوم من قلة البركة في الرزق، ومع ذلك نغفل قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ﴾ [الأعراف: 96].
كما تعاني بلادنا من قلة الحكمة والتعقل، والإسراع في نقل الشائعات، ومع ذلك نغفل عن قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 83].
أي: ولو تمهلوا قبل نشر الأخبار مع عدم التثبت وتركوا الكلام فيما لا يحسنون لكان في هذا خير لهم، ولتكلم الحكماء والعقلاء فاستجاب الناس لكلامهم وانتفعوا برأيهم، ولو سكت الجاهل لمات الخلاف، كما يقولون.
إنها إذن ذكرى الثورة وهي أيضاً ذكرى ميلاد الحبيب المصطفى محمد ﷺ، الذي نحتاج إلى الكثير من استلهام الدروس من سيرته العطرة، في محاولة لعلاج أزماتنا.
أخيراً: وفي ذكرى الثورة نتذكر شيخنا الشهيد عماد عفت، ولما يأتِ حقه بعد ولما يُحاسب المجرمون بعد، ولكن القاتل وإن ظن أنه أفلت من عقوبة الدنيا فعند الله تجتمع الخصوم!




