
المسلمون الجدد.. سفراء للإسلام
سبتمبر 7, 2025
الاحتلال يقر بمقتل ضابط وثلاثة جنود في غزة
سبتمبر 9, 2025رومان ديني
مدغشقر
أنا: رومان ديني، من مدينة “توليارا” الواقعة على الساحل الجنوبي الغربي من جزيرة مدغشقر.
وُلدتُ في أسرة تعمل في صيد الأسماك منذ أجيال. تربينا على تقديس البحر، لا لشيء إلا لأنه مصدر رزقنا الوحيد. كنا نُعلّم أبناءنا منذ الصغر أن البحر يسمعنا إذا تحدثنا إليه، وأن الأرواح تحرسنا إن قدّمنا لها القرابين في أول مواسم الصيد!
لم نكن نعتنق ديانة واضحة، بل مزيجاً من العادات الوثنية والموروثات المحلية، وشيء قليل من المسيحية التي أدخلها إلينا بعض المبشرين الفرنسيين. لكنني –رغم كل شيء– لم أشعر يومًا أنني أفهم لماذا أُوجدت في هذا العالم. لماذا يموت أبي وأخي، وأنا لا أزال شابًّا؟ لماذا يُولد بعضنا في فقرٍ مدقع، والبعض في قصور؟ لماذا نصلي لبحرٍ أخرس؟!
كنتُ أعمل في إصلاح شباك الصيد عند الشاطئ، وأسجل في أوقات الفراغ بعض الفيديوهات للسيّاح عن الحياة البحرية، وأنشرها على الإنترنت مقابل مبالغ بسيطة من منصات المحتوى. كنت أحب الكاميرا، والحديث إلى الناس، والبحث عن ثقافات أخرى.
وذات يوم، كنت أبحث عن مقاطع فيديو باللغة الفرنسية حول “الهدف من الحياة”. كانت تلك ليلة عاصفة، لا يُمكن الخروج فيها للصيد. كنت أشعر بخوف داخلي، ولا أدري لمَ، فكتبت في محرك البحث: “لماذا خُلقت؟! وماذا بعد الموت؟!”
ظهر لي مقطع بعنوان: “لماذا خلقنا الله؟”، من إنتاج مشروع دعوي اسمه: بصيرة.
بدأت المشاهدة.. كان الصوت هادئًا، والكلمات عميقة، والمفاهيم التي تُقال كأنها المرة الأولى التي أسمعها رغم أني بلغت السابعة والعشرين.
ختم الفيديو بدعوة بسيطة: “إذا كنت تبحث عن الحقيقة، فنحن هنا لنحاورك، لا لنقنعك، بل لنجيبك بكل صدق واحترام”.
في البداية ترددت.. ثم مضيت وفتحت المحادثة مع أحد الدعاة عبر المشروع. لم يطلب مني تغيير شيء، فقط سألني: “ما الذي يشغل عقلك وقلبك؟ ولماذا تبحث وعمّا تبحث؟”
بدأنا المحادثة، وكنت كل ليلة أطرح عليه سؤالًا جديدًا:
• لماذا نعبد إلهًا واحدًا؟
• من هو محمد؟
• ما الفرق بين الإسلام والمسيحية؟
• ماذا يقول القرآن عن غير المسلمين؟
• ما موقف الإسلام من الفقراء مثلي؟
وكان يجيب بهدوء وبلا تعالٍ، ويرسل لي فيديوهات مترجمة، ونصوصًا قصيرة، واقتباسات من القرآن.
كنت أدون ملاحظاتي.. وأحيانًا أبكي وأنا وحدي!
مرت ثلاثة أسابيع.. وفي صباح أحد الأيام مات جاري، رجل كبير كنت أزوره أحيانًا. لا شيء غير متوقع فقد كان مريضًا. لكن تلك الليلة، شعرت أنني لا أستطيع تجاهل سؤالي القديم: ماذا بعد الموت؟
وعدتُ لأحد المقاطع التي أرسلها لي الداعية، كان يتحدث عن الموت في الإسلام، لا كخاتمة، بل كبداية للحياة الحقيقية الخالدة.
حينها فقط فهمت..
أن الحياة التي نعيشها ليست عبثًا.
أن الله عادل.
أن كل مظلوم سينال حقه، أن الظالم سينال عقابه.
وأن مَن خلقنا لم يتركنا تائهين.. بل خلقنا لحكمة أكبر مما كنت أظن.
في مساء ذلك اليوم، كتبت للداعية في مشروع بصيرة:
“أنا لا أعرف كل شيء بعد، لكني أعرف أن قلبي لم يطمئن يومًا كما اطمأن بما عرفته منك عن الإسلام.. أنا أريد أن أكون مسلمًا”.
فرح الداعية وأظهر لي سعادته الكبيرة، وعلمني كيف أنطق الشهادتين.
كنت أبكي وأنا أقول: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله”.
بعد إسلامي، شعرت أن كل شيء من حولي بدأ تغير، حتى البحر.. لم يعد المكان الذي أرعبني في صغري، بل أصبح يذكرني بعظمة خالقي، الذي سخّره لي.
بدأت تعلُّم الصلاة، وكنت أستيقظ فجرًا لأتوضأ، وأصلي على شاطئ البحر.
كنت أعيد مشاهدة المقاطع، وأقرأ القرآن من ترجمة فرنسية أرسلها لي الداعية.
كنت أدون كل ما لا أفهمه وأرسله له، فيرد عليّ بلطف وصبر.
وفي الأسبوع الثالث، بدأت ألاحظ نظرات أخي الأصغر إليّ، واهتمامه بما أفعل. فسألني:
“هل أصبحت مسلمًا؟”
فأجبته: “نعم، أصبحت عبدًا لله وحده.. لا أخاف البحر، ولا أرواح الأجداد، ولا بشرًا”.
فقال: “هل أستطيع أن أتعلم مثلك؟” فأرسلت له رابط مشروع بصيرة، وعلمته ما تعلمته مع المشروع. كان أخي دائماً يراقب سلوكي وسكينة وجهي وأنا أقرأ القرآن.
وبعد مرور شهرين، وجد أخي ضالته، ونطق الشهادتين بفضل الله.
اليوم، نحن اثنان من عائلة لا تعرف الإسلام، نحاول أن نكون منارة صغيرة في مدينة نائمة.
نصلي، ونتعلم، ونقرأ.
وأدعو كل يوم لأمي وإخوتي بالهداية.
فأنا على يقين.. أن من قادني لهذا النور، لن يضيع دعائي.
وأختم قصتي هذه برسالة لمن يقرأ هذه الكلمات:
قد تكون بعيدًا عن الإسلام جغرافيًا، أو ثقافيًا، أو حتى نفسيًا.. لكن اعلم أن الحق لا يعرف مكانًا، وأن الله إذا أراد بك خيرًا، قادك إليه، ولو كنت في طرف العالم.
فشكرًا لمشروع بصيرة.. كنتم النور الأول الذي أنار قلبي، بعد ظلمة طويلة وسبباً في إسلامي وتعليمي. فجزاكم الله عني كل خير.