
تظاهرات موريتانية تندد بالعدوان على إيران وغزة
يونيو 16, 2025
نصرة غزة: فريضة شرعية وواقعية
يونيو 16, 2025بقلم: د. سليمان بن عمار الأحمر الأنصاري – سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ- الجزائر
شهدنا في هذا الزمان نكبةً لم يعرف لها المسلمون مثيلًا في العصر الحديث، نكبة فاقت -في قسوتها وحجمها وأثرها- كل ما سجّله التاريخ من مذابح ومآسي. لقد أُلقي على قطاع غزة من القنابل والمتفجرات ما يفوق ستة أضعاف ما أُلقي على هيروشيما وناجازاكي بالنووي عام 1945م.
ألقت إسرائيل على القطاع الفلسطيني ما يزيد عن 79 ألف طن من المتفجرات، بينما لم تتجاوز حمولة القنابل الأمريكية على اليابان 13 ألف طن. وتلك القنابل التي ألقيت على غزة ليست من النوع المتعارف عليه دوليًا، بل هي قنابل متطورة، وردتها إسرائيل من حليفها الإرهابي الأول: الولايات المتحدة الأمريكية.
تفجّر تلك القنابل الأبراج، وتذيب الأجساد، وتستهدف البشر والشجر والحجر، في مشاهد لا تحتملها العين، توثقها القنوات وتنقلها الشاشات، وتؤكدها تقارير المؤسسات الأممية والمراكز البحثية. وأي جريمة أعظم من هذه؟!
أمريكا، بكل ما فعلته في اليابان، لم تفعل ما تفعله (إسرائيل) اليوم، من تهجير جماعي، وإخلاء جباليا، بل والسعي لإفراغ غزة بأكملها لتصبح ميدانًا خاليًا تمهيدًا لمحوها، كما يأمل دعاة الصفقة وخرائط ترامب!
لم تكتفِ آلة القتل بذلك، بل سلّطت سلاحًا آخر على أهل غزة، سلاحًا ليس بأقل فتكًا من المتفجرات: التجويع والتشريد. فمنع الصيادون من أسماكهم، وحُرم الفلاحون من أرضهم، واستهدفت المخابز وقُتل الخبازون، حتى أصبحت قطعة الرغيف حلمًا لا يُدرك.
حاويات الغذاء تكدّست أمام المعابر العربية، تنتظر إذن العدو للسماح بمرورها، فإذا بوزير حربهم يمنع دخول المساعدات الإنسانية والغذاء، فيما تُفتح المعابر نفسها لليهود ليحتفلوا ويرقصوا في أعيادهم..
كيف يصمد المجاهد ببطن خاوية؟!
مَن للحوامل؟
مَن للمرضعات اللاتي لا يجدن ما يأكلن ليرضعن أطفالهن؟
مَن لأجساد الأطفال والمرضى وسائر أهل غزة؟!
وكيف يواجه المجاهدون جيوش المرتزقة وجهازهم الهائل، وهم بلا غذاء ولا دواء؟!
لقد سمعتم أن السنوار -تقبله الله- مات جائعًا بعد أيام طويلة من الصبر، فهل من سامعٍ يستجيب؟ لا تسألوني عن التبرع بأموال عظيمة، بل أسألكم: أين حبّة الأرز؟ حبّة العدس؟ حبّة الفاصولياء؟ أليس أضعف الإيمان أن يُقدَّم هذا؟
وأمام هذه الجراح، خرج من بيننا من كانوا أداة خذلان وتثبيط، ممن لبسوا ثوب السُّنة والسنة منهم براء، شيوخ لا يسلم منهم إلا أعداء الأمة، بينما لا يسلم منهم المجاهدون. بعضهم قال: لا شيء علينا تجاه الفلسطينيين، وآخر زعم أن حماس متشيعة، رغم أنه لم يتبرأ من الشيعة في بلاده! وثالث قال: فقه الطهارة والنجاسة ينفعك يوم القيامة، أما متابعة أخبار غزة فلا تنفع!
وتناسوا وعيد الله للمخذلين، بل تجاوز بعضهم الحد حين تذرّع بوجود مواثيق مع اليهود، وكأن المجاهد في جهاد الدفع يحتاج إذنًا أو استشارة! إنهم يكفرون بآيات الجهاد حالًا وإن آمنوا بها مقالًا، متشابهون مع القاديانية الذين نسخوا الجهاد من أجل المحتلين.
أربعون آية من آيات الجهاد، منها أربع آيات سيف، وشيوخ التحريف لا يذكرون منها شيئًا. أين هم من سُنة النبي ﷺ وقد قاد تسع عشرة غزوة بنفسه، وفي روايات أخرى خمسًا وعشرين؟!
أين هم من سيوف النبي ودروعه، التي لبس منها يوم أُحد اثنتين، امتثالًا لقوله تعالى: ﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾؟! لماذا يُذكرون عمامته ولا يُذكرون سلاحه؟!
لقد اجتمعت كلمة الكفر وكلمة النفاق على إبادة أهلنا في غزة، وإن الواجب اليوم -شرعًا وعقلًا- أن ننصرهم، ولا نخون، ولا نتخلف، ولا نخذل.
فغزة اليوم راية تمتحن الأمة، ترفع مَن نصر، وتفضح مَن خذل، وسيظل وعد الله صادقًا:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7].