
المعسكر الصهيوني وسُنّة الاستدراج
يونيو 16, 2025
دلائل نبوة محمد بن عبد الله ﷺ قبل بِعثته
يونيو 16, 2025سر اختيار الجزيرة العربية للرسالة
بقلم: د.خير الدين خوجة – سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في البلقان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف وأفضل خلق الله سيدنا وحبيبنا محمد ﷺ، المُفَضّلِ على سائر الأنبياء والرسل، مولِداً وحسباً ونسباً ومكاناً وجاهاً، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومَن اقتفى أثره وثبت على منهجه إلى يوم الدين. الحمد لله الذي شرّف الجزيرة العربية على باقي الجزر في العالم، واختص مكة المكرمة من بين مدن العالم بمبعث خير البرية سيدنا محمد ﷺ.
يقول الصحابي الجليل والشاعر الألمعي حسان بن ثابت رضي الله عنه في قصيدته عن فضل مكة المكرمة:
أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ ** مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ ** إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ
وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ ** فذو العرشِ محمودٌ، وهذا محمدُ
نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَةٍ ** منَ الرسلِ، والأوثانِ في الأرضِ تعبدُ
فَأمْسَى سِرَاجاً مُسْتَنيراً وَهَادِياً ** يَلُوحُ كما لاحَ الصّقِيلُ المُهَنَّدُ
وأنذرنا ناراً، وبشرَ جنةً ** وعلمنا الإسلامَ، فاللهَ نحمدُ
وأنتَ إلهَ الخلقِ ربي وخالقي ** بذلكَ ما عمرتُ فيا لناسِ أشهدُ
تَعَالَيْتَ رَبَّ الناسِ عن قَوْل مَن دَعا ** سِوَاكَ إلهاً، أنْتَ أعْلَى وَأمْجَدُ
لكَ الخلقُ والنعماءُ، والأمرُ كلهُ ** فإيّاكَ نَسْتَهْدي، وإيّاكَ نَعْبُدُ
ويقول رضي الله عنه أيضاً:
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطّ عيني ** وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
خلقتَ مبرءاً منْ كلّ عيبٍ ** كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ
واختص محمداً ﷺ على سائر البشر والأمم، وأنار الدنيا بمولد خير البرية ومنقذ الإنسانية ومعلم البشرية حبيب قلوبنا ونور صدورنا حبيبنا محمد صلى الله وسلم عليه في الأولين والآخرين..
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ ** وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسّمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ ** لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وبعدُ..
فقد شاء الله عز وجل أن يختار الجزيرة العربية على غيرها من الجزر ليبعث في آخر الزمان نبياً منها، وقد كان ولله الحمد والمنة. وقد يسأل سائل عن سر اختيار الله عز وجل لهذه الجزيرة دون غيرها من الجزر أو القارات. ومن خلال مقارنة الجزيرة العربية بغيرها من الدول والقارات في عاداتها وتقاليدها وأديانها وأخلاقها، سيظهر لنا الجواب في سر اختيار الله للجزيرة العربية لحمل الرسالة المحمدية الخالدة والخاتمة إلى العالم. فهيا بنا نتجول في القارات للتعرف عليها عن قرب.
أولاً: أوروبا (القارة العجوز)
الأمم الأوربية الساكنة في الشرق والغرب والشمال والجنوب، كانت تعيش في ظلام الجهل والأمية والحروب الدامية والتمزق العائلي والأسري، وكانت بعيدة كل البعد عن الحضارة الإنسانية والعلوم والآداب، كانت أجسادهم قذرة ووسخة، وكانوا يزهدون في استخدام الماء والنظافة، ولا سيما الرهبان منهم، كانوا يغالون في تعذيب الأجسام، وكانوا يبحثون في حقيقة المرأة هل هي حيوان أم إنسان، هل لها روح خالدة أم ليست لها روح خالدة، وهل لها حق البيع والشراء؟
وقد شبّه بعض الباحثين حالة أوربا منذ القرن الخامس إلى القرن العاشر بجثّة حضارية قد تعفّنت وانطمست معالمها. وكانوا يعيشون حياة همجية ويحكمها قانون الغابات. وقصارى القول: إن القرن السادس المسيحي الذي كانت فيه البعثة المحمدية كان من أحط أدوار التاريخ ومن أشدها ظلاماً ويأساً. هذا العصر كان عصر العصبية وعدم التسامح، وكان بين الدولة الساسانية والبيزنطية حروب، وكان للفوضى السياسية والاجتماعية دور كبير في القضاء على هذه الطبقة، وكانت من أكبر عوامل شلل الفكر الإنساني..
ثانياً: الإمبراطورية الرومانية الشرقية
هي المعروفة بالإمبراطورية الرومانية البيزنطية، ويعرفها العرب بالروم، وكانت تحكم عدة دول وقارات، مثل اليونان والبلقان وآسيا الصغرى وسورية وفلسطين ومصر وأفريقية الشمالية، كانت عاصمتها: القسطنطينية (إسطنبول). تأسست هذه الإمبراطورية سنة 395م، وانتهت بغلبة الدولة العثمانية على القسطنطينية عام 1453م.
لقد حدثت في هذه الدولة اضطرابات وثورات كثيرة، وبسببها هلك 30.000 (ثلاثون ألف شخص) في القسطنطينية عام 532م. كانت المتناقضات المختلفة ظاهرة مشهودة في حياتهم. ترسخت في أذهانهم النزعة الدينية والرهبنة، وكانوا حريصين جداً على اللهو واللعب والطرب والترف.
وكانت هناك ميادين رياضية كبيرة لمشاهدة المصارعات الحرّة بين الرجال وبعضهم تارةً، وبين الرجال والسباع تارة أخرى. كانوا يحبون الجمال ويعشقون العنف والهمجية وكانت ألعابهم دموية. وكانت عقوباتهم فظيعة تقشعر منها الجلود. أما كبراؤهم وسادتهم فقد كانوا يعيشون حياة ماجنة ومترفة مليئة بالقبائح والعادات السيئة.
أما دولة مصر فكانت إحدى ولايات البيزنطة الغنية، ولكنها كانت تتعرض لاضطهاد ديني فظيع واستبداد سياسي، وكان البؤس والشقاء مما يعاني منه مصر، والرومان اتخذوا مصر شاة حلوباً يحسنون حلبها ولكنهم يسيئون علفها. أما سوريا فكانت هي ولاية أخرى للبيزنطة، وكان يحكمها الغرباء وكانوا يعتمدون على القوة ولا يظهرون تعاطفاً مع الشعب السوري المحكوم، وكان السوريون يبيعون أبناءهم لتسديد الديون التي كانت عليهم، وكثرت المظالم والرقيق في هذه المرحلة التاريخية من حكم هذه الإمبراطورية..
الإمبراطورية الإيرانية
تأسست على يد الملك (أردشير) سنة 224م وكانت تحكم فارس وأذربيجان وطبرستان وسرخس وجرجان وكرمان وبلخ وخراسان وخوارزم، والعراق واليمن من الجزيرة العربية، وبعض ولايات الهند. كانت الزرادشتية ديانة إيرانية قديمة وفلسفة دينية في آن واحد. صاغ (زرادشت) تعاليمه في كتاب مقدس يعرف بـ”الآفيستا”. وتعرف الزرادشتية في النصوص الإسلامية بـ”المجوسية”، كانت الزرادشتية خلفت المزدائية ديانة إيران القديمة.
ظهر الزرادشت في القرن السابع قبل الميلاد، واعتنق هذه الديانة ذوو السلطة الحاكمون، وكان من فلسفتها تفضيل زواج الرجل بأمه أو ابنته أو أخته، حتى إن يزدجرد الثاني الذي حكم في أواسط القرن الخامس الميلادي تزوج بابنته!
هذه الديانة منذ تأسيسها كانت تحارب فكرة الحرب القائمة بين النور والظلام وبين روح الخير وروح الشر أو بين إله الخير وبين إله الشر. إن مجدد هذه الديانة (ماني) الذي جاء في القرن الثالث المسيحي، كان يدعو إلى حياة العزوبة ظناً منهم أنه سيحسم الشر والفساد من العالم، ويعلن أن امتزاج النور بالظلمة شر يجب الخلاص منه، فحرم النكاح استعجالاً للفناء وانتصاراً للنور على الظلمة بقطع النسل، وقضى أعواماً في النفي ثم عاد إلى إيران.
ثم ظهر ضال آخر في أوائل القرن الخامس المسيحي اسمه (مزدك)، كان يدعو إلى إباحة الأموال والنساء وجعل الناس شركاء فيها، وكانوا يدخلون على الرجل في داره ويغتصبون أمواله وينتهكون عِرضه. وقد جاءت في وثيقة إيرانية تاريخية تعرف بـ(نامة تنسر)، جاء فيها: “وانتُهكت الأعراض وعم خلع العذار، ونشأ جيل لا كرامة فيه ولا عمل، لم يكن له رصيد ولا ماض مجيد، وليس لهم هم بمصير الشعب ولا إشفاق عليه، ولا يتصف بكمال ومهارة، وكانت تسيطر عليهم اللا مبالاة والبطالة، وكانوا بارعين في النميمة والخبث والافتراء والبهتان، واتخذوا ذلك وسيلة لكسب القوت والوصول إلى الثروة والجاه”.
ونتيجة لذلك انتشرت ثورات الفلاحين، وكان النهابون يدخلون في قصور الأغنياء وينهبون ما يجدون من أموال وأثاث ويلقون القبض على النساء ويستولون على الأملاك والعقارات. و في عهد الساسانيين (عهد أفضل ملوك إيران، وكسرى كان من أفضل ملوكهم) في القرن السادس الميلادي، كانت الأحوال سيئة جداً، كان الشعب تحت رحمة الملوك الذين كانوا يحكمون بالوراثة ويرون لأنفسهم فضلاً على غيرهم وأنهم فوق بني آدم، وكانوا يخاطبون بكلمة (الإله)، وتضاف إليهم الألوهية بطريقة هينة، وكانت موارد البلاد كلها بيد هؤلاء الملوك المترفين والمسرفين. كان لملوكهم خدم وزوجات وجواري وغلمان وطهاة ومربون للطيور والسباع.
لقد وصل الحال بملك (يزدجرد) آخر ملوك إيران، أنه لما خرج من عاصمته (المدائن) هارباً من الفتح الإسلامي العربي حتى ينجو بنفسه، أخذ معه ألف طاهٍ، وألف مغنٍ، وألف قيّم للنمور، وألف قيم للبزاة، وحاشية أخرى. حصل كل هذا بجانب ما كان يعانيه الشعب من بؤس وشقاء وفقر وتعب وعناء وتذمر وبكاء وجوع وضرائب ثقيلة، يعيشون كالبهائم. وكانت بين المملكة الساسانية الشرقية والمملكة الغربية البيزنطية حروب، بلا مصلحة للشعب ولا رغبة.
الهند
أما الهند فبرز أهلها في العلوم الرياضية وعلم الفلك والطب والتعمق في الفلسفة، واتفق المؤرخون على أن أحط أطوارها ديانة وخلقاً واجتماعاً كان في مستهل القرن السادس الميلادي. حيث انتشرت الخلاعة والفجور في المعابد ولا عيب فيها. وكانت المرأة لا قيمة لها ولا عصمة، وكان الرجل يخسر امرأته في القمار، وإذا مات زوجها صارت كالميتة لا تتزوج ولا تستحق احتراماً، وانتشرت عادة إحراق اليتامى نفوسهن بعد وفاة أزواجهن خاصة في الطبقات الأرستوقراطية إظهاراً للوفاء وفراراً من الشقاء، ولم تزُلْ إلا بعد الاحتلال الإنكليزي.
وامتاز الهند بين جاراتها بالتفاوت الفاحش بين طبقات الشعب والامتياز بين الإنسان والإنسان. كان نظاماً قاسياً لا هوادة فيه ولا مرونة، مدعماً بالدين والعقيدة، وقسم المشرعون الهنديون في قانونهم المدني الذي كانت لهم صفة دينية سكان الهند إلى أربع طبقات:
1- طبقة الكهنة ورجال الدين، هم (البراهمة)
2- ورجال الحرب والجندية، وهم (شترى)
3- ورجال الفلاحة والتجارة، وهم (ويش)
4- ورجال الخدمة وهم (شودر)، وهم أحط الطبقات! وليس لهذه الطبقة إلا خدمة الطبقات الثلاثة الأولى، وأن كفارة قتل الكلب والقطة والضفدع والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء بسواء.
هذا القانون منح البراهمة مركزاً ومكاناً لا يشاركهم فيها (شودر)، فالرجل البرهمي رجل مغفور له ولا يجوز فرض جباية عليه، ولا يعاقب بالقتل في حال من الأحوال، أما (شودر) فليس لهم أن يقتنوا مالاً أو يدخروا كنزاً أو يجالسوا برهمياً أو يمسوه بأيديهم أو يتعلموا الكتب المقدسة. وكانت تعيش في عزلة من العالم ويسيطر عليها الجمود والتزمت والعادات والتقاليد والتفاوت الطبقي والتعصب الدموي.
سر اختيار جزيرة العرب
وبعد عرض أحوال هذه الإمبراطوريات البائدة والجائرة ننتقل الآن إلى معرفة بعض أسرار الجزيرة العربية؛ لكي نرى الحكمة الإلهية في اختيارها لتكون مهداً لخاتم الأنبياء والرسل والرسالات السماوية، وإليكم أبرز الأسرار:
1- أن ألواح قلوبهم كانت صافية لم تكتب عليها كتابات دقيقة يصعب محوها وإزالتها، شأن الروم والفرس والهند الذين كانت عندهم عُقد نفسية وفكرية لم يكن من السهل حلها. أما العرب فلم تكن في نفوسهم إلا كتابات بسيطة سببها الجهل والبداوة ومن السهل محوها وغسلها ورسم نقوش جديدة فيها.
2- كانوا على الفطرة وأصحاب إرادة قوية، أحبوا الحق وماتوا في سبيله.
3- كانوا جادين واقعيين، أصحاب صراحة وصرامة، لا يخدعون غيرهم ولا أنفسهم، اعتادوا القول السديد والعزم الأكيد.
4- كان العرب بمعزل عن الترف والبذخ الذي يصعب علاجه.
5- كانوا أصحاب صدق وأمانة وشجاعة، ليس النفاق من طبيعتهم.
6- كانوا مغاوير حرب وأحلاس خيل وأصحاب جلادة وتقشف في الحياة، وكانوا متمرسين في الفروسية وهو الخلق البارز عندهم.
7- لم تُستهلك قواهم العقلية والفكرية ومواهبهم الفطرية في فلسفات خيالية وجدال عقيم بيزنطي، وحروب إقليمية سياسية. فكانت أمة بكراً دافقة بالحياة والنشاط والعزم والحماس.
8- كانوا أمة نشأت على الحرية والمساواة وحب الطبيعة، ولم تخضع لحكومة أجنبية، ولم تتمرس الغطرسة الملوكية الإيرانية أو الرومانية التي احتقرت الإنسان.
9- إذا قورن ذلك بما اعتاد العرب من الحرية وعزة النفس والاقتصاد في التعظيم والأدب قبل ظهور الإسلام؛ رأيت الفرق الهائل بين طبيعة الأمتين و وضع العجمي والعربي، فكان العرب يخاطبون مَلِكهم: أبيتَ اللعنَ (أي لا يصدر منك أحكام جائرة تلعن من الناس بسببها). وعِمْ صباحاً (أي أنعم صباحاً/ نعم الصباح)، حتى أن بعضهم امتنع عن الخضوع لمطالب الأمراء والملوك، كما في قصة الفرس (سكاب) الذي طلبه أحد الملوك من بني تميم في الجاهلية.
أبَيتَ اللعن إن سكاب علق ** نفيس لا تعار ولا تباع
فلا تطمع أبيت اللعن فيها ** ومَنعَكَهَا بشيءٍ يُستطاع
10- كانت هذه الجزيرة بين قوتين متنافستين، قوة المسيحية والمجوسية وقوة الشرق، وظلت رغم ذلك محتفظة بحريتها وشخصيتها ولم تخضع لتلك الدولتين إلا في قبائلها.
11- كانت طبائعهم أشبه ما تكون بالمادة الخام التي لم تنصهر بعد في أي بوتقة محولة، فكانت تتراءى فيها الفطرة الإنسانية السليمة والنزعة القوية إلى الاتجاهات الإنسانية الحميدة، كالوفاء والنجدة والكرم والإباء والعفة. إلا أنهم كانت تعوزهم المعرفة التي تكشف لهم الطريق إلى ذلك.
12- ثم إن الجزيرة العربية تقع بالنسبة لرقعتها الجغرافية في نقطة الوسط بين هذه الأمم، التي كانت تموج من حولها بين حضارة الغرب المادية وبين حضارة الشرق الروحية الخيالية.
13- شاءت حكمة الله أن يكون الرسول المبعوث أمياً وأن يكون القوم الذي أُرسل إليهم أميين في غالبيتهم العظمى، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الجمعة: 2]، لا يتلو من كتاب ولا يخطه بيمينه حتى لا يرتاب الناس في نبوته ﷺ، وحتى لا تتكاثر لديهم أسباب الشك لدعوته ﷺ.
14- أن الله عز وجل جعل البيت الحرام مثابة للناس وأمناً، وهو أول بيت وُضع للناس للعبادة وإقامة الشعائر الدينية، تحقيقاً وتمديداً لدعوة ملة إبراهيم حنيفاً، وما كان من المشركين.
15- اقتضت حكمة الله عز وجل أن تكون اللغة العربية هي لغة دعوة الإسلام وأن تكون هي لغة القرآن، وأن تكون لغة الجنة أيضاً نظراً لخصائصها ومميزاتها عن اللغات الأخرى، والله أعلم، والله أعلم حيث يجعل رسالته.
وبعد هذا العرض اليسير لهذه الحِكم وهذه المقارنة، تتجلى لنا الحكمة الإلهية في سر اختيار الجزيرة العربية لتكون مهبط آخر الرسالات إلى قيام الساعة. ويفهم ضمنياً من هذا الاختيار كون العرب أو الأمة العربية الإسلامية أجدر الشعوب لقيادة هذا العالم المضطرب المليء بالظلم والبطش والقتل والقصف والتجويع والتشريد الممنهج للمسلمين والعرب؛ كما هو الحال في غزة العزة منذ 7 من أكتوبر 2023م إلى يومنا هذا، أكثر من تسعة عشر شهراً لا تتوقف المجازر والإبادة الجماعية لإخواننا العُزّل في فسلطين، وعلى وجه خاص في غزّة العزة.
وهذا الوضع الراهن ما هو إلا ظل ونتيجة لتلك الإمبراطوريات الظالمة السابقة التي أهلكت الحرث والنسل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.. يتبع إن شاء الله.
المصادر:
نور الدين أبو لحية، ثمار من شجرة النبوة، دار الأنوار للنشر والتوزيع، ط2، 1437هـ.
أبو الحسن النبوي، السيرة النبوية، دار ابن كثير، دمشق، ط12، 1425هـ.
سعد المرصفي، الجامع الصحيح للسيرة النبوية، مكتبة ابن كثير، ط1، 1430هـ.