
إجرام لم تعهده طبائع الآدميين
يونيو 13, 2025
الورقة الأخيرة.. لئلا تُسرق أحلامنا
يونيو 13, 2025د. أبو محمود نائل بن غازي
تقبّله الله*
ما الذي تريده الأنظمة الوظيفية من كتائب القسام؟
سؤالٌ ربما لا يرهقك جوابه حين مجابهته بسؤالٍ مماثلٍ على طريقة المقابلة والتطابق: من المستفيد من شيطنة القسام وإسقاطه؟
إنه ليس بخافٍ على كل مراقب ما شكّلته كتائب القسام من طفرة باهرة في الجهاد السني، والذي كان من بركته أنه آلم اليهود وأسقط مشروعهم التصفوي للقضية، المتمثل باتفاقيات (أوسلو) الهزيلة وإنشاء كيان هزيل مهترئٍ كاستحقاق لها متمثل بالسلطة الفلسطينية، والتي ذابت في دهاليز فساد نظمها معالم القضية الفلسطينة، بإزاء إفرازها جيلاً من الفسدة الظلمة الذين جرّموا الجهاد وحاربوا أهله، وفتحوا أذرعهم مشرعة لقادة الاحتلال من واسع بوابات التنسيق الأمني البغيض، والذي حاول إسقاط روح الجهاد من نفوس الفلسطينيين، وقد جُبلوا عليه وخالجهم مع كل دفقة دمٍ في جسدهم ومع كل إطلالة حزينة لمسرى نبينا ﷺ وهو يئن تحت نير الاحتلال الغاصب.
ولربما ساورهم ظنهم السيء أنه كادت مساعي مكرهم في طريقها للنجاح، بعد سنوات المفاوضات العجاف والسيطرة على غزة والضفة بقوة السلاح وإخماد الصوت وذبح الكلمة وسجن الفكرة، لولا سنن الله الشرعية القدرية باستمرار سُنة التدافع على هذه الأرض، وحفظه -سبحانه- للشام وأهلها.
فاندلعت جولة جديدة من جولات الجهاد، وانحاز الناس بكليّتهم لسبيله وركبوا غماره محتسبين.
ولدواعي الخبرة والسبق تولّت كتائب القسام قيادة الجهاد الغزي، وظهرت بسمْت المكوّن السُّني الذي يعمق جذور انتمائه لأمته السُّنية، وينتمي لها ويمثل صفحات من صفحات جهادها لعدوها، واستطاعت أن تُفشل مخططات العدو الرامية لتصفية القضية، لا.. بل وأن تزيح رموز الفساد الدحلانية وبيادق لعبته في غزة!
وأنشأت الكتائب جيشاً نظامياً أرعب المحتل وأسقط منظومته الأمنية، وجابَه قوة ردعه بموازنة الرعب، وقاتله قتالاً أبياً من نقطة الصفر، وصنع ما عجزت عنه جيوش المنطقة مجتمعة.
فكان من قدر كتائب القسام أن تجابه العدو الظاهر، وأن تعاين مكر أجناده في لباس العرب وألسنتهم، إذ ليس في وارد هذه الدمى نموّ نموذج جهادي ملهم على خط المواجهة المباشرة مع المحتل الصهيوني، وقد مثلوا لعقد من الزمن كلاب حراسة أمينة لحدوده وأمنه؛ فكان لابد من إسقاطه عبر سلسلة إجراءات متتالية كان من أبرزها:
عزل القطاع عن محيطه العربي والإسلامي.
حصار خانق طال بيوتات الآمنين المستضعفين.
اختلاق الأزمات الإنسانية.
حروب ثلاثة متتالية.
محاربة الحلفاء وعزلهم وقطع العلاقات الدبلوماسية معهم.
وكل ذلك لإسقاط المشروع الجهادي في غزة، وتصفية القضية الفلسطينية، وردّ القيادة الفلسطينية الطامحة لحضن المنظومة الدولية الفاجرة، وتمكين الفاسدين من إدارة القطاع عبر الدبابات المصرية وقصف الطائرات الصهيونية.
وما خطابات الشيطنة التي ضجت بها فضاءات الرياض وأبو ظبي والمنامة والقاهرة وغيرها، إلا حلقة من حلقات الإسقاط الممنهج للمشروع الجهادي السني في غزة والذي تمثله كتائب القسام كأحد أبرز وأقوى التشكيلات العسكرية الفاعلة في غزة. وتلك سنة الله في التدافع القدري بين الحق والباطل، والتي لا يملك بإزائها المسلم إلا الصبر والثبات ومداومة الرباط لإبطال كيد سحره، وانتفاشة صولته.
ولعل أبرز ما يمكن أن تجابه الكتائب به هذا المكر الكبار هو :
توكلها على الله تعالى، وملازمة حدوده وتحكيم شريعته.
العمل المستمر على حشد الرأي السني العام للاصطفاف خلف خيار الجهاد ودعمه، والتبرؤ من سبل الأنظمة الطاغوتية وخياراتها الرامية لوأد الجهاد وقتله في نفوس المسلمين.
البعد عن المحور الإيراني والتبرؤ من طريقته –لا سيما الآن- فدعمه المشروط في أوج قوتكم سيتحول لإملاءات في حال حصاركم وبوادر مواجهتكم لعدوكم.
الصبر ومداومة الذكر ورد المظالم.
احتساب الأجر ولملمة الصف والتعامل بأبوية مع المكونات الجهادية على اختلافها..
كتب الله لكم النصر والثبات ووفقكم لما يحبه ويرضاه، وأعانكم على تحكيم شريعته، وصون حدودها!
قال الله تعالى ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: 171-173].
والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــ
- نائل بن غازي، ماذا يريدون من كتائب القسام، موقع إلكتروني: شبكة فلسطين للحوار، 2017م.




