
عشرات الشهداء بقصف في استهداف المجوعين في قطاع غزة
أغسطس 4, 2025
شهيد الظلال.. دقيقةُ إِنصَاف!
أغسطس 4, 2025الحسن بن علي الكتاني
عضو مجلس أمناء الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه..
الأستاذ الشهيد سيد قطب، رحمه الله، أحد نوابغ المفكرين الإسلاميين، كما أنه كان أحد كبار الأدباء في القرن الماضي، الذين طبعوا بصمتهم على زمانهم، وانتقل عن هذا العالم وترك ضجة وراءه لا زالت قائمة إلى يوم الناس هذا.
ففي الوقت الذي يراه جماهير أبناء الحركة الإسلامية، وكثير من الباحثين المنصفين، كاتباً ومفكراً إسلامياً قديراً، ترك كُتباً كثيرة أصبحت منهجاً لمن بعده، فإن كثيراً من العلمانيين وغيرهم من بعض المتدينين التابعين للحكومات العربية، يرونه منظّراً للتكفير والإرهاب، وسبباً لما وصلت إليه كثير من الجماعات الإسلامية اليوم من الغلو في الحكم على الناس، والغلو في استخدام العنف تفجيراً وتقتيلاً!
فهل فعلاً كان سيد قطب، رحمه الله، في نفسه مغالياً متنطعاً؟ وهل فعلاً كان مسؤولاً عما حدث بعده من أفكار التكفير والتقتيل؟
الحقيقة أنه من الظلم وتجاوز الموضوعية الجواب عن هذا السؤال دون دراسة كتابات سيد قطب بإنصاف، ومقارنتها بحياته وكلام معاصريه.
كما أن الإنصاف يقتضي النظر في المؤثرين الحقيقيين في الجماعات التي مالت للغلو في التكفير واستخدام العنف.
من هو سيد قطب؟
هو سيد بن قطب بن إبراهيم بن حسين الشاذلي.
وُلد في قرية موشا وهي إحدى قرى محافظة أسيوط في 20 شعبان 1324 هـ. (9/10/1906). وبها تلقى تعليمه الأولي وحفظ القرآن الكريم ثم التحق بمدرسة المعلمين الأولية عبد العزيز بالقاهرة ونال شهادتها والتحق بدار العلوم وتخرج عام1352 هـ-1933 م. وعمل بوزارة المعارف بوظائف تربوية وإدارية، وابتعثته الوزارة إلى أمريكا لمدة عامين وعاد. ثم انضم إلى حزب الوفد المصري لسنوات وتركه على إثر خلاف في عام 1361 هـ1942 م.
وفي عام1370 هـ 1950م انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وخاض معهم نشاطهم السياسي الذي بدأ منذ عام 1374هـ 1954م إلى عام 1386هـ 1966م. وحوكم بتهمة التآمر على نظام الحكم وصدر الحكم بإعدامه وأعدم عام1385 هـ1966 م. رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وتقبله الله في الشهداء.
تطوره الفكري
بدأ سيد قطب رحمه الله متأثراً بحزب الوفد وخصوصًا بكاتبه عباس محمود العقاد فقد تأثر كثيراً باعتقادات العقاد وكان من أشد المدافعين عنه إلا أن نظرته إلى الجيل السابق أخذت تتغير شيئاً فشيئاً وصار ينحى باللائمة على ذلك الجيل في تردي أوضاع الأمة وبدأ بإنشاء منهج اختطه بنفسه وفق ما اقتضته الظروف العصيبة للمجتمع والأمة. زاد شغفه بالأدب العربي وألّف كتاب: كتب وشخصيات، وكتاب: النقد الأدبي أصوله ومناهجه. ثم تحول إلى الكتابة الإسلامية فكتب كتاب: التصوير الفني في القرآن، الذي لاقى استحسانًا واسعًا بين الأدباء وأهل العلم.
ثم ابتُعث سيد قطب للولايات المتحدة الأمريكية فرأى المجتمع الأمريكي على حقيقته، وهناك كتب رسالته: أمريكا التي رأيت. التي انتقد فيها بشدة ما وصل إليه الأمريكيون من انحطاط أخلاقي. وفوجئ بفرحة عارمة تغمر زعماء تلك البلاد عند استشهاد الإمام حسن البنا، رحمه الله وتقبله، فعندئذ قرر الرجوع لبلاده والانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، وكان ذلك سنة 1370هـ 1950م وقد استقطبت حركة الإخوان المسلمين المثقفين وكان لسيد قطب مشروع إسلامي يعتقد فيه بأنه:
“لا بد وأن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص”.
ولذلك كانت بداية العلاقة بين سيد قطب والإخوان المسلمين هي كتاب “العدالة الاجتماعية في الإسلام” وفي الطبعة الأولى كتب في الإهداء:
“الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون”.
وفهم الإخوان المسلمون أن هذا الإهداء يعنيهم هم فأصبحوا يهتمون بأمره ويعدّونه صديقاً لهم، إلى أن انضم فيما بعد إلى الحركة وأصبح مسؤولًا للقسم الدعوي فيها.
هذا وقد كانت له تغيرات فكرية بعد انضمامه للجماعة، فقد كانت كتاباته الأولى إسلامية أدبية، ثم بدأ يتطرق لمسائل فكرية غير منضبطة، لكنه استقر بعد ذلك على التركيز على حقيقة التوحيد، ومعانيه التي غابت عن جماهير المسلمين، ونثر هذه المعاني في كتاباته الأخيرة التي تميزت بالعمق وقوة العبارة.
ومؤلفات سيد الأخيرة هي التي اختلف الناس فيها بين مادح وقادح. وبين منتقد ومتأثر بها. والمتأثرون بها يتراوحون بين من فهم مقصوده جيداً ومن أساء الفهم فأساء التطبيق.
وفي رأيي فإن كتابات سيد الأخيرة، تشبه كثيراً كتابات رواد الدعوة السلفية، وإن لم يكن سيد يستشهد بكلام ابن تيمية ولا ابن القيم ولا غيرهما من رجالات هذه الحركة.
نعم، رأينا سيداً يستشهد بكلام ابن القيم في درجات الجهاد ضمن كتابه الأخير “معالم في الطريق”، كما أنه استفاد كثيراً من تفسير ابن كثير في كتابه العظيم “في ظلال القرآن”. والذي يظهر لي أن سيداً، رحمه الله، وصل لنفس نتائج رواد الدعوة السلفية من خلال تمعنه في كتاب الله، ودراسته له دراسة صادقة.
وهذه المؤلفات الأخيرة هي التي ذكرها أستاذنا محمد قطب، رحمه الله، في رسالته التي أرسلها للأستاذ عبد الرحمن الهرفي حيث يقول فيها:
“سألتني عن كتاب (العدالة الاجتماعية)؛ فأخبرك أن هذا أول كتاب ألفه بعد أن كانت اهتماماته في السابق متجهة إلى الأدب والنقد الأدبي، وهذا الكتاب لا يمثل فكره بعد أن نضج تفكيره وصار بحول الله أرسخ قدماً في الإسلام. وهو لم يوصِ بقراءته، إنما الكتب التي أوصى بقراءتها قبيل وفاته هي “الظلال” وبصفة خاصة الأجزاء الاثني عشرة الأولى المعادة المنقحة وهي آخر ما كتب من (الظلال) على وجه التقريب وحرص على أن يودعها فكره كله، (معالم في الطريق) ومعظمه مأخوذ من (الظلال) مع إضافة فصول جديدة، و(هذا الدين) و(المستقبل لهذا الدين)، (خصائص التصور الإسلامي)، و(مقومات التصور الإسلامي) وهو الكتاب الذي نُشر بعد وفاته، و(الإسلام ومشكلات الحضارة)، أما الكتب التي أوصى بعدم قراءتها فهي كل ما كتبه قبل الظلال، ومن بينها (العدالة الاجتماعية في الإسلام)”.
إذا تبين هذا، فلا يجوز محاسبة سيد قطب على كتاب ألفه في فترة معينة من حياته، وتراجع عن تلك الأفكار في آخر عمره. وقد ذكرنا أنه كان للأستاذ عدة مراحل في حياته ولكل مرحلة أفكارها وخصائصها.
التهم التي وجهت لسيد قطب
وُجهت لسيد قطب، رحمه الله مجموعة من التهم، واختلفت توجهات من اتهمه، فقد اتهمه جماعة من السلفيين بمخالفة عقيدة السلف في تفسيره (الظلال). وأنه تابع المتكلمين في عقيدتهم.
واتهمه (المداخلة) بأمور كثيرة فيها تضليل بل تكفير له. حتى إنهم جعلوه رأس التكفيريين وأساس الخوارج، وحملوه مسؤولية جميع الجماعات الإسلامية المغالية في الدماء والتكفير. فضلاً عن اتهامه بالتنقيص من الصحابة الكرام، رضي الله عنهم، بل والتنقيص من رب العزة والجلال، والعياذ بالله.
واتهمه جماعة من الإسلاميين بالتشدد في مسألة التكفير والخروج على الحكام. ومنهم الشيخ القرضاوي الذي رد على العديد من أفكاره، وتابعه جماعة على ذلك، ولقبوا فكره بفكر السجون وما إلى ذلك.
واتهمه العلمانيون بأنه زعيم الفكر الإرهابي المتطرف، وأن كتبه هي التي فرخت ذلك.
والحقيقة أن مناقشة تلك التهم قد يجرنا لمحاكمة تلك التوجهات نفسها، بمعنى أن الغلط قد يكون فيمن اتهمه لا فيه هو. فما يسميه البعض تطرفاً قد يكون هو الصواب والاعتدال ولكن لتطرف الآخر رأى الاعتدال تطرفاً.
وقد يكون ما سماه الآخر غلواً في التكفير هو بسبب مرض الإرجاء والتسيّب لديه. وهكذا يقال في كل تهمة اتهم بها سيد رحمه الله.
على أن هناك تُهماً اتُّهم بها الأستاذ لأسباب سياسية ولتحميل كلامه ما لا يحتمله وحمله على أسوأ المحامل.
ومسألة أخرى وهي أنه قد تكون التهمة صحيحة ولكنه تراجع عنها في كتبه الجديدة وما عاد يقول بها.
ومن الجدير بالذكر أن نذكر بأن سيداً، رحمه الله، كان معارضاً سياسياً، ومن الطبيعي أن تسعى كثير من الجهات لإسقاطه وتشويه سمعته، وتسخير أي فكرة لذلك.
وهذا لا يمنعنا من أن نعترف بأن سيداً، رحمه الله، كان بشراً وهو ممن يعتريه الخطأ، ولكن الخطأ ممن قصد الخير وسعى له مغفور، بخلاف الخطأ ممن سعى للباطل وعمل له.
الجاهلية
من العبارات التي أخذها البعض على سيد عبارة (الجاهلية) التي وصف بها الحكومات والمجتمعات المعاصرة، وزعموا أنه بذلك يكفر الجميع، على طريقة شكري مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة.
لكن يرد البعض بأن سيد قطب استخدم لفظ الجاهلية في وصف المجتمعات الإسلامية ولم يستخدم لفظ الكفر ولم يصرح بتكفير فرد أو مجتمع. ورسول الله ﷺ وصف التعصب للجماعة والقبيلة بقوله: “أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم؟” وأيضاً عندما قال رسول الله ﷺ لأبي ذر الغفاري: “إنك امرؤ فيك جاهلية”، وذلك عندما عير بلال بن رباح بأمه.
بل إن الله تعالى وصف كل حكم يخالف الحكم الإسلامي بالحكم الجاهلي، وذلك بقوله تعالى: ﴿أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ یَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمࣰا لِّقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ﴾ [المائدة: ٥٠]. فأين العيب في وصف ما يخالف الشرع بالجاهلية؟ ومن زعم أن في هذا تكفيراً للحكومات أو المجتمعات فيقال له: أليس الله قد وصف من لم يحكم بما أنزل الله تعالى بالكفر والظلم والفسق كما في الآيات السابقة لتلك الآية؟ فماذا بقي للناس أن يقولوا بعد ذلك؟ ولكن المجتمعات لا توصف بالجاهلية المطلقة إلا إن كانت مخالفة للإسلام تمام المخالفة، وهذا هو الكفر، أما مطلق الجاهلية فلا يخلو من ذلك مجتمع منحرف، والانحراف يقل ويكثر بحسبه وضع ذلك المجتمع. وسيد رحمه الله فعلاً أكّد على أن الحكومات التي لا تحكم بالشريعة هي غير مسلمة ولا موحدة لله تعالى، وأن من رضي بذلك عن طواعية فهو يأخذ نفس الحكم.
ولا شك أن الفقهاء يفرّقون بين الكفر العام والكفر الخاص، ويشترطون في الثاني تحقق شروط وانتفاء موانع.
بل إن سيداً رحمه الله نفسه بيّن مقصده من هذه العبارة؛ فقد قال في آخر كتاب له وهو (لماذا أعدموني): “واتجاه المجموعة في الواحة إلى عدم تكفير الناس من ناحية أخرى! وقد قلت له: إننا لم نكفر الناس وهذا نقل مشوه إنما نحن نقول: إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة وعدم تصور مدلولها الصحيح والبعد عن الحياة الإسلامية، إلى حال تشبه حال المجتمعات في الجاهلية”. (ص22).
وقال في كتابه )معالم في الطريق(: “المجتمع الجاهلي هو الذي لا يُطبَّق فيه الإسلام، ولا تحكمه عقيدته وتصوّراته، وقيمه وموازينه، ونظامه وشرائعه، وخلقه وسلوكه”.
وجاء في كتاب )في ظلال القرآن( في تفسير قوله تعالى من سورة الأنفال:
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [الأنفال: 72].
فقال سيد: “فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاء في المجتمع المسلم، ومن ثم لا تكون بينهم وبينه ولاية، ولكن هناك رابطة العقيدة”.
وقال الشيخ فيصل المولوي، رحمه الله: “والفهم الصحيح المنسجم مع القواعد الشرعية، والمنسجم مع الشهيد سيد قطب نفسه في نصوص كثيرة، هو ما قال عنه أخوه الأستاذ محمد قطب حفظه الله، قال: “إن كتابات سيد قطب تركّزت حول موضوع معين، هو بيان المعنى الحقيقي لـ”لا إله إلا الله” شعوراً منه بأن كثيراً من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته، وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت في الكتاب والسنّة، ولكنه مع ذلك حرص حرصاً شديداً على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصوداً به إصدار الأحكام على الناس، إنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة، ليتبينوا هم لأنفسهم إن كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي، أم أنهم بعيدون عن هذا الطريق، فينبغي عليهم أن يعودوا إليه، ولقد سمعته بنفسي يقول أكثر من مرة “نحن دعاة ولسنا قضاة” كما سمعته أكثر من مرة يقول: “إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك، وهذا أمر ليس في أيدينا، ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس””.
وبناء على ذلك نقول: إن الشهيد سيد قطب كان يتحدث عن ردة المجتمع عندما يرفض الاحتكام لشريعة الله، وليس عن الردة الفردية التي يتحدث عنها الفقهاء ووضعوا لها شروطاً وبينوا حكمها. والإشارة إلى المؤذنين إنما وردت لبيان أهمية كلمة لا إله إلا الله وخطورتها ودعوتهم للالتزام بها قبل غيرهم، وليس المراد منها الحكم بردتهم. وعلى كل حال، فالعبارة خاطئة في اعتقادنا لأنها يمكن أن يساء فهمها. وإنما أردنا من هذه النّقول أن نؤكد أن سيد قطب رحمه الله لم يقصد هذا المعنى أصلاً، ولم نقصد إلى تبرير مثل هذه العبارات. وثبوت الخطأ على شهيد عظيم كسيد قطب رحمه الله لا يطعن في دينه، وإنما يؤكد بشريته، ونحن نعتقد أن لا عصمة إلا لرسول الله ﷺ.
الطعن في الصحابة رضي الله عنهم
ومن الانتقادات لسيد قطب طعنه في الصحابة رضي الله عنهم في كتابه (كتب وشخصيات)، فقد طعن في الصحابيين معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص فقد اتهمهما بـ(النفاق) و(الرشوة) و(الخيانة) و(الكذب) و(الخديعة)، وطعن في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، واعتبر خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه امتداداً طبيعياً لخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن خلافة عثمان، رضي الله عنه، هي فجوة بينهما. ويُدافع عنه البعض بأن تلك الكتابات صدرت من سيد قُطب قبل تأثره بالفكر الديني تقريباً عام 1364هـ (1944م)، وخلال مراحله الفكرية الأولى، حيث تغيرت أفكاره بعد نضوجه وكتب كتابات قوية موافقة للتصور الإسلامي الصافي كما في “الظلال” و”المستقبل لهذا الدين” وغير ذلك من كتبه الأخيرة.
موافقة المتكلمين
والحقيقة أن هذه التهمة لا يخلو منها تفسير من تفاسير المتأخرين بما فيهم علماء يحترمهم هؤلاء الناقدون. فلم الكيل بمكيالين؟
ومع هذا فمن قرأ آخر ما كتبه سيد قطب وهو “مقومات التصور الإسلامي” يجد أنه ينعى على كل من خالف السنة من المتكلمين وغيرهم. فيجب ألا ننسى التطور الفكري التدريجي لسيد قطب وأنه كلما وقف على الحق مال إليه وترك أفكاره القديمة.
وبعد هذا كله، فأهم شيء عندنا هنا هو موقف سيد قطب من تكفير الناس وقد بينّا براءته من ذلك، ولا يضره أن ينتحله بعض المنحرفين فلطالما انتحل الضُلاّل علماء صادقين ليروجوا باطلهم.
أما الجماعات الإسلامية الصادقة المدافعة عن حقوق أمتها، المتصدية للغزاة والمحتلين، والمطالبة بتحكيم شريعة ربها فهذه لا شك أن الخطأ فيمن خالفها وتعدى عليها واتهمها بما هي بريئة منه، والعيب فيهم وليس فيها، والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط.