
الهجرة النبوية: هندسة النصر في زمن الاختراقات
يوليو 18, 2025
دعوة العلماء للعشائر فزعة لغزة.
يوليو 19, 2025هذه قصتي مع الإسلام..
أنا أدريان كوفي، من دولة: بنين.
في أحد الأحياء الفقيرة بمدينة كوتونو، حيث تختلط روائح البنزين المحروق بأصوات السيارات القديمة، كنت أقضي أيامي بين محركات السيارات المعطلة في ورشتي الصغيرة. منذ أن كنت طفلًا، كنت أسمع والدي القس “جاكوب” يحذر من المسلمين في دروس الأحد: “احذروا هؤلاء الذين يتبعون محمدًا! إنهم يريدون تدمير مسيحيتنا!”.
في صباح أحد أيام الصيف الحارقة، بينما كنتُ أصلح سيارةً متهالكة، ارتفع صوت الأذان من مئذنة المسجد القريب. “الله أكبر.. الله أكبر..”. شعرتُ وكأن الصوت يخترق رأسي: “مرة أخرى! هذا الضجيج الذي لا ينتهي!”، شعرت بغضب شديد وأنا أضرب المطرقة بعنف على صفيحة السيارة.
قررت أن أكفَّ عن الصمت. في اليوم التالي، بعد أن أنهيتُ عملي متأخرًا، حملتُ قطعة حديدية ثقيلة واتجهت نحو المسجد تحت ضوء القمر الخافت: “سأجبرهم على الصمت الليلة!”، هتفتُ في نفسي وأنا أشحذ إرادتي.
عندما وصلتُ إلى باب المسجد الخشبي القديم، اصطدمت فجأةً بشيخ طويل القامة يرتدي ثوبًا أبيض ناصعًا. “هل يمكنني مساعدتك يا بني؟”، سألني الشيخ بهدوء مفاجئ، وكأنه يتوقع زيارتي. ارتبكتُ، فلم أتوقع هذا الرد الهادئ على صيحتي الغاضبة!
دعاني الشيخ إلى داخل المسجد، إلى غرفة صغيرة، وقدَّم لي مشروبًا ساخنًا وسألني: “أخبرني، لماذا أنت غاضب جدًّا منا؟” أجبتُ وأنا أعبثُ بكوب الشاي: “لأن دينكم يدعو للعنف! أنتم تكرهون غير المسلمين!” ابتسم الشيخ وقال: “هل قرأت القرآن بنفسك يومًا؟”. صمتُّ للحظة قبل أن أجيب: “لا، ولكن…”. فقال: “إذًا كيف تحكم على شيء لم تدرسه؟”، ثم مدَّ يده نحو رف الكتب وقدَّم لي نسخة مترجمة من القرآن الكريم.
حدثت لي بعد ذلك حادثة اضطررت بعدها للانتقال أنا وزوجتي إلى مدينة أخرى تبعد عن مدينتي 8 ساعات تقريباً. هذه المدينة لم يكن بها أي مسلم على الإطلاق، وفي إحدى الليالي بينما كانت زوجتي نائمة في الغرفة المجاورة، جلستُ على كرسيّي البلاستيكي المهترئ تحت ضوء المصباح الخافت، أقلب بتردد صفحات القرآن الذي أعطانيه شيخ المسجد الصغير في قريتي. وقعت عيناي على آية: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125]. فتذكرتُ هدوء شيخ المسجد أثناء حديثه معي، فغمرتني موجة من الخجل.
في اليوم التالي، بينما كنتُ أتناول طعام الغداء في ورشتي، ظللتُ أبحث طويلاً على هاتفي عن الإسلام، فظهر لي قدراً إعلان عن “مشروع بصيرة لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام من غير الناطقين بالعربية”. بعد تردد دام دقائق، قررت الضغط على الرابط!
وتواصلتُ بالفعل مع أحد الدعاة في المشروع. كانت أسئلتي الأولى حادة ومباشرة: “لماذا يسمح الإسلام بتعدد الزوجات؟ كيف تدافعون عن مفهوم (العنف)؟” وغيرها من الأسئلة. فوجئتُ بأجوبته التي لم تكن وعظية قرآنية وحسب، بل تضمنت أيضاً نصوصاً من الإنجيل الذي أؤمن به أنا نفسي!! وانتهى الحوار في تلك الليلة بنصيحة الداعية لي أن أقرأ سورة مريم، ثم نتحاور مرة أخرى بإذن الله.
وفي ليلة ماطرة بينما كنتُ أقرأ سورة مريم، انبهرتُ من الاحترام الذي يظهره القرآن للمسيح وأمه مريم: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم]. شعرتُ بتناقض غريب بين ما قرأتُه وما سمعتُه من والدي طوال حياتي.
بعد شهر من البحث والتردد، قررتُ التواصل مع مشروع بصيرة مرة أخرى، لكن هذه المرة جئتُ مستسلمًا لله، معلنًا إسلامي عن قناعة وحب وفهم. ونطقتُ الشهادتين… لتبدأ معي مرحلة جديدة في تعلُّم تعاليم الإسلام مع مشروع بصيرة بإذن الله.
وختمتُ حواري مع الداعية قائلًا: “أتمنى من الله أن يوفقني في تعلُّم الإسلام جيدًا كي أتمكن من التطوع للعمل معكم في قريتي، وأُسعد الناس بإرشادهم إلى طريق الحق والهداية، ليسلموا وينعموا بما أنعم الله عليَّ به من راحة وسكينة”.
وفي صباح اليوم التالي، قررت زيارة قريتي وهذه المرة ذهبتُ إلى مسجد القرية الصغير، ووقفتُ أرتعش أمام عدد من المصلين، أنطق بالشهادتين للمرة الثانية بصوتٍ ممزوج بالدموع، لكنها دموع الفرح والسعادة: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وابن أَمته”.
حينها شعرتُ وكأن ثقلًا كبيرًا قد أُزيح عن صدري!
أسأل الله أن يثبتني ويقبلني، وأن ينفع بي الإسلام والمسلمين.