
مناورات عسكرية واسعة للاحتلال في الضفة المحتلة
نوفمبر 10, 2025
في تلك الليلة.. تغيرت حياتي كلها!
نوفمبر 10, 2025راسيل
مدغشقر
أنا راسيل. كنتُ أعيش في ضاحيةٍ هادئةٍ في جزيرة مدغشقر.
أعمل فنّيًا في ورشة صغيرةٍ لإصلاح الأجهزة الإلكترونية. كنتُ من أولئك الذين لا يؤمنون بشيءٍ إلا بما يرونه. الدوائر الكهربائية، الأسلاك، البطاريات.. ذلك هو عالمي. لا أصدق إلا ما يمرّ عبر التيار ويضيء مصباحًا. لكنني كنتُ في الحقيقة أعيش في ظلامٍ آخر. ظلامٍ لا تراه العين، بل يحسه القلب حين يبحث عن معنى فلا يجده.
بدأ كلّ شيءٍ بحلمٍ غريبٍ تكرّر ثلاث ليالٍ متتالية. كنتُ أرى نفسي في نفقٍ طويلٍ بلا نهاية. جدرانه من صخورٍ سوداء، وصوتُ الريح يصفّر في أذني كأنه يهمس بشيءٍ لا أفهمه. ثم يظهر في آخر النفق نورٌ أبيض صافٍ، ليس مثل نور الكهرباء، بل نورٌ يشعرني بالسكينة، يجذبني نحوه دون خوف. كلّ مرة أقترب أكثر، لكن قبل أن أصل إليه، أستيقظ.
استيقظتُ في الليلة الثالثة وأنا أرتجف. جلستُ على سريري في الظلام، أنظر إلى يديّ وكأنّ النور لا يزال يلمسهما. لم أستطع النوم بعدها. كنتُ أعيش وحيدًا بعد وفاة أمي. لم يبقَ لي إلا عملي وبعض الأصدقاء الذين لا يتحدثون إلا عن المال والموسيقى. لكن منذ تلك الأحلام، صرتُ أشعر أن شيئًا في داخلي يتحرك.. سؤالٌ قديم استيقظ بداخلي: “هل هناك إله حقًّا؟ وإن كان، لماذا لم أره من قبل؟!”
في صباح اليوم التالي، وبينما أتصفّح هاتفي، ظهر أمامي إعلانٌ يطرح سؤالاً بلغةٍ بسيطة مباشرة: “هل تبحث عن الحقيقة؟ تحدّث معنا عن الإسلام – مشروع بصيرة”.
ترددتُ، لكن الفضول غلبني، وقولت لنفسي لعلي أجد لديهم تفسيراً لحلمي.. ضغطتُ على الرابط، وبدأت المحادثة:
المحاور: “مرحبًا بك يا صديقي. ما الذي دفعك للحديث معنا اليوم؟”
فأجبته: “لا أعرف بالضبط، لكنني رأيتُ حلمًا متكررًا، وأريد أن أفهم معناه”.
ثم سألني إن كنتُ أؤمن بالله. فقلت: “لا أدري. لم أره، ولم أشعر به يومًا”!
المحاور: “نحن لا نرى الله بأعيننا المجردة، لكننا نرى أثره في قلوبنا، في بديع صنعه، في صفاته.. الحلم بالنور، كما وصفته، قد يكون دعوةً للبحث عن الحق. الإسلام يُسمّي ذلك: هِداية”.
الحقيقة أن كلمة هِداية كانت جديدة عليّ، لكن وقعها مختلف. تابع المحاور قائلاً: “النور في القرآن رمزٌ للهداية والطمأنينة. الله يقول: ﴿ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ﴾… ﴿یَهۡدِی ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ﴾ [النور: 35]”.
توقّفتُ عند الجملة الأخيرة.. هل يمكن أن يكون ذلك الحلم «هِداية» فعلاً؟ هل يمكن أن يكون الله يكلّمني بطريقةٍ لا أفهمها؟
تواصلنا طويلًا تلك الليلة.. سألته عن سبب وجودنا، وعن الموت، وعن عيسى.. شرح لي الفرق بين “العبادة” و”العلاقة بالله”، وأنّ الإسلام لا يجعل بين الإنسان وربّه وسيطًا. قال لي: “الله أقرب إليك من نفسك. يسمعك حين لا يسمعك أحد، ويهديك حتى من خلال حلمٍ إن كنتَ تبحث بصدق”.
سألته: “لكنني لستُ نقيًّا، ارتكبتُ أخطاء كثيرة، فهل يقبلني الله؟”
فقال لي: “الله لا يطلب الكمال، بل الصدق في الرجوع إليه. والتائب من الذنب كمن لا ذنب له”.
كأنّ الجملة أُرسلت إليّ وحدي.. جلستُ طويلاً أمام الشاشة، أقرأها مرارًا. ثم شعرتُ أن الوقت قد حان لقرارٍ لم أتوقّعه يومًا. قلت له: “أريد أن أكون مسلماً.. كيف السبيل ومتى وكيف؟”
أجابني بكل هدوء وترحاب: “نعم، إذا آمنتَ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فقلها بقلبك ورددها معي بلسانك، وابدأ حياتك الجديدة”.
كتبتها ورددتها بقلبي ولساني: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله”.
لم تكن كلماتٍ فقط، بل كأنّها المفتاح الذي فتح بابًا ظلّ مغلقًا في داخلي لسنوات.
شعرتُ بحرارةٍ خفيفةٍ في صدري، ثم بسكونٍ لم أعرفه من قبل. كأنّ ذلك النور الذي كنتُ أراه في الحلم، دخل قلبي أخيرًا.
بعد أن انتهى الحوار، خرجتُ إلى الشرفة.. كانت السماء تمطر مطرًا خفيفًا، والمدينة نائمة. نظرتُ إلى الأفق المظلم، وشعرتُ أن كلّ شيءٍ حولي أصبح مختلفًا.حتى أصوات الطيور بدت لي وكأنها تسبّح بحمد الله!
تذكّرتُ ما قاله المحاور: “الهداية نور، ومن وجدها، لا يعود كما كان”.
دخلتُ غرفتي وغسلتُ وجهي ويديّ وقدميّ وتوضأت كما علّمني المحاور. كانت أول مرّة أتوضأ فيها. ثم فتحتُ فيديو قصيرًا عن الصلاة للمبتدئين قد أرسله لي المحاور، ووقفتُ على قطعة قماشٍ بسيطةٍ، ورفعتُ يديّ كما رأيت في الفيديو.
حين نطقتُ “الله أكبر”، انهمرت دموعي بلا وعي، لم أشعر أنني أتحدث إلى الغيب، بل إلى قريبٍ يسمعني، يعرفني، ويحبّني رغم جهلي الطويل.
في الأيام التالية، تغيّر كل شيء.. كنتُ أستيقظ باكرًا لصلاة الفجر، ثم أذهب إلى عملي بنفسٍ جديدٍ. صرتُ أبتسم كثيرًا، وأعتذر حين أخطئ، وأتجنب الغيبة والكذب. زملائي لاحظوا التغيير وسألوني: “ما بك يا راسيل؟ هل وجدتَ كنزًا؟”
فقلت: “نعم.. كنزًا لا يُشترى، اسمه الإسلام”.
ابتسموا ساخرين أولًا، ثم بدؤوا يراقبونني بصمتٍ. وبعد أسابيع، جاء أحدهم وسألني خفيةً: “هل يمكن أن تحدّثني عن الإسلام؟ لقد رأيتك تصلي بطمأنينةٍ غريبة”.
ضحكتُ، وتذكّرتُ نفسي قبل شهرٍ واحدٍ فقط، حين كنتُ أطرح الأسئلة ذاتها.
قلت له بهدوءٍ: “سأرسل لك رابطًا لموقعٍ اسمه مشروع بصيرة.. هم من ساعدوني على الدخول في الإسلام وتعلم تعاليم الإسلام أيضاً”.
والآن أرى النفق نفسه، لكن هذه المرة وصلتُ إلى آخره،،النور الذي كنتُ أراه بعيدًا صار يملأ المكان، وكأن صوتًا ما بداخلي يقول لي: “لقد وصلت”.
الآن، بعد أشهرٍ من ذلك الحلم الأول، أدركتُ أن الله لا يحتاج إلى المعجزات ليهدي عباده. أحيانًا يرسل إليك إشارةً أو رسالة بسيطة: حلمًا، أو كلمةً، أو شخصًا، أو إعلانًا في هاتفك.
لكن عليك أن تفتح قلبك لتراه.
كلما تذكّرتُ تلك الليلة التي كتبتُ فيها الشهادة عبر الإنترنت، أبتسم وأقول لنفسي: “ذلك لم يكن حلمًا فقط.. بل نداءٌ من النور الذي خلقني، لأراه أخيرًا كما أراد لي أن أراه”.
ومنذ ذلك اليوم، لم تعد الكهرباء وحدها هي التي تضيء حياتي.. النور الحقيقي صار في قلبي، يهدي خطواتي في طريقٍ جديدٍ ملؤه السلام.
الشكر كل الشكر لمن أخذوا بيدي إلى النور والسكينة والسعادة.. شكراً بصيرة.




