
من سكون الجبل إلى نورِ الإسلام
أغسطس 10, 2025
ابني… كان سبباً في إسلامي!
أغسطس 10, 2025سيلفيستر مابيكا
من دولة: الجابون
كنت أعرف غابة “إيفيندو” المطيرة في الجابون كما أعرف اسمي. لكن ذلك اليوم من نوفمبر 2023 كان مختلفًا. الضباب الكثيف الذي التف حول قمم الأشجار العملاقة جعل كل شيء يبدو متشابهًا. بعد ساعات من التيه، شعرت بقلق يزداد داخلي. “أين أنا؟” همست لنفسي وأنا أنظر إلى ساعتي المتوقفة منذ ساعتين. رائحة الأرض الرطبة والأوراق المتعفنة ملأت أنفي، وحاولت عبثًا التقاط إشارة هاتفي.
وفجأة… لاحظت وميضًا غريبًا تحت طبقة سميكة من الطحالب عند قاعدة شجرة عتيقة.
ارتجفت أصابعي من الإعياء وأنا أسحب الكتاب الغريب من تحت الطحالب. كان غلافه الجلدي البني سليمًا بشكل مدهش رغم الرطوبة. وعندما فتحته، اكتشفت أنه مصحف قديم مكتوب بالفرنسية والعربية.
وقعت عيناي على هذه الكلمات التى لم أفهم معناها جيداً: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ أخذت أردد هذه الكلمات دون وعى كامل، ومنذ تلك اللحظة، شعرت بوجود غريب حولي لا أعرف كيف أوصفه لكم، وكأن الغابة كلها تردد معي تلك الكلمات.
بينما كنت أتصفح المصحف، سمعت فجأة صوت خرير ماء قريب. تبعته لأجد جدولًا صافيًا لم أره من قبل. “هذا مستحيل!” صرخت وأنا أركض نحو الماء لأسقي ظمئي المحترق. بعد أن شربت حتى ارتويت، نظرت إلى المصحف المفتوح على الآية: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ﴾.
وفي اليوم التالي، وجدتني مجموعة البحث من قريتي. كنت ما زلت ممسكًا بالمصحف، وكأنه كنز لا أعوضه!!
بعد عودتي إلى قريتي “ميكوني”، أصبحت منعزلاً. زوجتي “جيسيل” لاحظت التغيير وقالت لي: “أنت تبدو مختلفاً، لم تعد الرجل الذي عرفته!”.
وفي إحدى الليالي، بينما كنت أقرأ قصة النبي موسى في سورة طه، اشتعلت النيران في جزء من كوخنا بسبب مصباح زيت انقلب.
بعد إخماد الحريق، اكتشفت أن أجزاءً من المصحف قد احترقت، والتقطت بقايا من أحد الصفحات المحروقة، وقد كتب عليها: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾. هذه الآية فتحت في قلبي باباً وشغفًا لا يُوصف لمعرفة المزيد عن الإسلام.
قررت البحث عن المزيد عن الإسلام، وبالفعل وجدت مواقع كثيرة وصفحات عديدة على منصات التواصل الاجتماعي تتحدث عن الإسلام، أخذت أقرأ عن الإسلام طوال شهرين حتى وجدت قدَراً إعلاناً عن مشروع لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام من غير الناطقين بالعربية يُسمى: ” مشروع بصيرة الدعوي”. ترددت كثيراً قبل أن أضغط على الرابط مع داعية مشروع بصيرة، لكن الذي دفعني للضغط لبدء المحادثة مع الداعية هو حبي وشغفي للحديث مع أحد المسلمين المتخصصين حتى يجيبني على الكثير والكثير من الأسئلة التي تدور في ذهني. أخبرت الداعية عن المصحف الذي وجدته في الغابة، ودار بيننا هذا الحوار العميق:
- الداعية: “كيف وجدت هذا المصحف؟”
- أجبت: “كأن الغابة هي ما دلتني عليه.. ولكن كيف يؤكد القرآن حقائق علمية لم تُكتشف إلا حديثًا؟”
- قال مبتسمًا: “لأنه كلام الخالق العليم!”. وأرسل لي مقطع فيديو يتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن.
أنهيت الحوار مع الداعية، على وعد باستكماله مرة أخرى.
وبعد شهرين كاملين من البحث والتفكير والتردد، قررت أن أعاود التواصل مع داعية مشروع بصيرة، لكن ليس للنقاش بل للدخول في الإسلام عن رغبة وطمأنينة وقناعة بأنه الدين الواحد الحق، وأنه هو الطريق الوحيد إلى النور والهداية والسرور، لا أنسى السعادة التي أبداها الداعية وفرحه لانشراح صدري للإسلام، وبدأ بالفعل بتلقيني الشهادتين، وكانت الدموع تنهمر من عيني وأنا أقول: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وابن أمته”.
وعندما عدت إلى قريتي، واجهت معارضة شديدة من زوجتي وعائلتي. لكني تذكرت وصية الداعية لي عندما قال “إنك ربما تجد معارضة لدخولك في الإسلام من أقرب الناس لك، حينها تذكر قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾، واصبر واحتسب”. وأوصاني بهم خيراً قائلاً: “لعل الله يجعلك سبباً لهدايتهم للإسلام”.
أسأل الله أن يثبتني على الإسلام، وأن يكرمني بحفظ القرآن الكريم وأن يعلمني ما ينفعني من الإسلام وينفع بي المسلمين، وأن يبارك في مشروع بصيرة والقائمين عليه وأن يجزيهم خير الجزاء.