
الاختفاء الذي غيّر كل شيء
أغسطس 10, 2025
الشفاء الذي جاء من السماء
أغسطس 10, 2025سيرج بونغو
من دولة: الجابون
كنت أعيش في أحد أحياء ليبرفيل، العاصمة التي تجمع بين زحمة السياسة وهدوء الغابات القريبة. تربيت في بيت كاثوليكي متدين، كان والدي عضواً في الكنيسة، وأمي تقود جماعة التراتيل. ومع ذلك، كانت نفسي تحمل في داخلها قلقاً لم أكن أفهمه، وأسئلة لم أجد لها إجابة!
كنت أعمل في إحدى الشركات السياحية سائقاً بين الغابات والمتنزهات، أرافق سياحاً أجانب في جولات تستمر أياماً. وفي أحد الرحلات، كان معي رجل آسيوي هادئ، يحمل معه كتيباً يطالعه أثناء الرحلة. وفي أحد الليالي، ونحن نقيم معسكراً في طرف أحد الغابات، سألته: “ما هذا الكتاب الذي تقرؤه؟”، فقال: “إنه القرآن الكريم.. كلام الله الذي أُنزل على نبينا محمد ﷺ”.
تفاجأت.. فهذه أول مرة أسمع شخصاً يذكر “محمداً” ﷺ في هذا السياق. وكنت أعتقد أن الإسلام دين للشرق الأوسط فقط، لا صلة لنا به.
قضينا ليلة طويلة نتحاور فيها عن الخلق، وعن الآخرة، وعن الحق. وقبل أن نفترق، قال لي: “لا أريد إقناعك، ولكن إذا شعرت يوماً أن قلبك يحنّ للمعرفة عن الإسلام فابدأ بالبحث وسيهديك الله الطريق”.
مرت الأيام، ونسيت كلامه.. حتى جاء ذلك اليوم الذي سألني فيه ابني الصغير “ميشيل”:
“أبي، أين يذهب الناس بعد الموت؟ ولماذا نصلي؟ وهل يرانا الله ونحن نائمون؟”.
سكت. لم أعرف كيف أجيب. كانت الأسئلة أكبر مني، وأعمق مما درسته في الكنيسة. بل لم أجد لمثل هذه الأسئلة أجوبة شافية واضحة ومقنعة في دين المسيحية.. في تلك الليلة، تذكرت كلام الرجل السائح.. وبحثت عن معلومات وإجابات على الإنترنت. فإذا بي أجد إعلاناً لمشروع يُسمى (مشروع بصيرة للدعوة إلى الإسلام).
فكرت وترددت كثيراً قبل أن أتواصل معهم ، ربما أجد عندهم أجوبة شافية لبعض التساؤلات التي تدور في رأسي!
وبالفعل تواصلت معهم، ورحب بي داعية من المشروع.. كان يجيب أسئلتي بصبر وبساطة ووضوح. كان يرسل لي بعض الفيديوهات التي تجيب عن كثير من تساؤلاتي، ومقاطع قرآنية مع التفسير، وأرسل لي كتاباً رائعاً عن سيرة النبي محمد ﷺ. وكأني كلما قرأت سطراً أضاءت نقطة في صدري!
في ليلة ماطرة، ونحن نجلس أمام شرفة المنزل، نظر إليّ ابني وقال: “أبي، ماذا تخفي عني؟ أنت تبدو مختلفاً”!
فقلت له: “يا ميشيل.. أبوك قرر أن يسير نحو النور والهداية… وقد وجد الطريق”.
وفي تلك اللحظة، تواصلت مع (مشروع بصيرة) مرة أخرى، وقلت للداعية : “أنا مستعد.. أريد أن أصبح مسلماً”.
ونطقت الشهادتين، وأنا أبكي، لكنه لم يكن بكاء الحزن، بل بكاء من وصل بعد سفر طويل.
بعد إسلامي، بدأت أتعلم الصلاة، وأرتب وقتي بين العمل ومعرفة المزيد عن الإسلام، وكنت أجيب أسئلة ابني باطمئنان. وبعد شهرين، سألتني زوجتي: أتريدني أن أعرف ما الذي غيرك؟
فقلت: “أريد ذلك من كل قلبي”.. في البداية لم تنطق زوجتي بأي كلمة.. ومع مرور الوقت بدأت في التقرب مني تسألني عن الإسلام! وهل هو السبب الذي جعلني هكذا: هادئاً،صبوراً،حنوناً ومرتباً عن ذي قبل؟!
مرت الأيام والدعاء لزوجتي بالهداية لم يفارقني في كل صلاة.. أسأل الله أن يشرح صدر زوجتي ويمنّ عليها بالهداية والإسلام. وأن ينفع بي الإسلام والمسلمين. وأن يبارك في مشروع بصيرة والقائمين عليه، وأن يجزيهم عني خير الجزاء!