
دوافع الصهاينة لنقض الهدنة وتجدد الحرب في غزة
أبريل 9, 2025
رَمضَان… كَمْ فِيْكَ مِنْ مِنَحِ
أبريل 15, 2025الشيخ حسن الخطيب – عضو رابطة علماء فلسطين
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: ١٢].
يَمُرُّ علينا رمضان للسنة الثانية على التوالي بعد حرب ضروس لخمسة عشر شهراً متوالية من الموت والدمار بكل التبعات المؤلمة، والأيام العجاف، والمعاناة بثقل الضر والأذى والألم، والنكبات والرزايا والملمات، إثر معركة طوفان الأقصى التي غَيَّرَت كل المعايير والموازين البشرية والمفاهيم العسكرية؛ والتي كشفت فيه المستور وفضحت العدو المتخفي بقوة ردع زائفة وحبل الناس الذي بات قريباً ينقطع؛ كما وسينقطع حبل الله عنهم قريباً بأمر الله، ثم على يد ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: ٢٣].
فالطوفان العظيم خاضه رجال القرآن أهل الله وخاصته رغم قلتهم وقلة عدتهم وعتادهم إلا من قرآن في صدورهم؛ وأياديهم المتوضئة الطاهرة، ويقين بالله كبير؛ ليتم القضاء على فرقة غزة بالكامل في سويعات قليلة جداً؛ واقتحام خطوط دفاع ذات تحصينات متهالكة..
رجال أخذوا القرآن الكريم منهجاً، والنبي ﷺ قدوة، وسُنته وسيرته العطرة هداية وطريقاً..
مجموعة قتالية؛ فئة قليلة، طائفة على الحق ظاهرة… عُصَابة لعدوّها قاهرة لا يضرها من خذلها.. ولا يضرها من خالفها.. لا يضرها سوء أدب الحاقدين الشامتين… رغم كثرتهم وعيونهم الحاقدة المتجسسة والمتلصصة والمتربصة.. قامت بهذا العمل المتقن الناجح بفضل الله تعالى رغم التنسيق الأمني على أعلى المستويات من كل الدول المحيطة بعدو تهيأت له كل ظروف الإمداد العسكري، وسلطة وجدت لهذه المهمة القذرة، وبعد أن تخلى العديد من الدول والجماعات والأحزاب والأفراد عن التحرير والكفاح المسلح؛ محاولين ترسيخ مفهوم التعايش السلمي مع عدو لله ورسوله ﷺ والمؤمنين؛ وانطلاق رحلة التطبيع العربي مع المحتل البغيض؛ وبناء المستوطنات وكثرة الاعتداءات على كل أبناء أمتنا وشعبنا، وخاصة أهل القدس وحرائر القدس الماجدات..
ورغم الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى.. كان لزاماً على أحرار أمتنا ورجالها الأوفياء القيام بهذا الإعداد وهذا الهجوم المحكم؛ ليخوضوا معركة الطوفان العظيم.. استجابةً لأمر الله تعالى في مقاومة الغاصب المحتل المعتدي؛ وردّ عدوانه، قال الله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُم﴾ [البقرة: ١٩٤].
كيف لا… والأرض المحتلة هي أرض فلسطين المباركة، ولمَ لا نقاتل مَنْ احتل أرضنا ودنس مسرى نبي الإسلام محمد ﷺ؟
فشرف تحرير الأقصى لا يحوزه إلا من أكرمه برحمته وفَضَّلَه بحبه؛ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: ٥٤].
فقتال ومجاهدة ﴿أشدّ النّاسِ عَداوةً للذين آمنوا﴾ من أهم علامات حبّ الله لعباده المجاهدين وشهادة منه بحبهم له؛ فلولا حبه لهم ما اصطفاهم لهذا المهمة العظيمة، وهذا الفضل الإلهي والاختصاصي لهم بحبه لهم وحبهم له سبحانه وتعالى من أعظم الكرامات..
يَمُرُّ علينا رمضان وقد استشرى العدو في عدوانه وبغيه، بعدما تَلَّقَى الصفعة العسكرية المدوية.. ولولا الدعم الأمريكي والغربي له لانتهى أمره إلى الأبد؛ وكذلك الصمت العالمي والخذلان العربي ما استمر في عدوانه وانتقامه..
تآمُر عالمي، وصمت عربي وعجز إسلامي؛ يستمر العدوان الوحشي علينا بكل أدوات القتل الأمريكية دون رادع أو ضمير؛ وأبناء جلدتنا وأمتنا يجيدون فَنَّ القطيعة والخذلان، حينما تركوا أكثر من اثنين مليون نفس مسلمة تحت القصف والقتل والدمار يئنون من وجع الموت والقلة والفاقة التي استحكمت بهم؛ فقد سلموا مفتاح معبر رفح الجنوبي للقطاع لعدو فاجر أثيم، يتحكم في كل ما يدخل غزة فيأذن لما يشاء ويمنع ما يشاء؛ ليكتمل بذلك الخذلان ويشتد الحصار، ونعيش الابتلاء بكل أبعاده وأشكاله وألوانه وطرقه، وقد تحقق فينا قول الله تعالى: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَیۡءࣲ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَ ٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾ [البقرة: ١٥٥].
ونحن في حالة نزوح دائم، بخيامنا المهترئة، ووسط ركام بيوتنا المدمرة؛ وشح المياه التي قُطِعَتْ؛ ولقمة العيش التي فُقِدَتْ؛ وما أَمَرَّها إن وُجِدَتْ؛ والخوف يطاردنا والتعب والنصب أنهكنا بحثاً عنها؛ وقد تآمر علينا كل الخصوم والأعداء، وتواطأ معهم الضعف والقلة والفاقة والمرض والجوع الذي يقرصنا والتشريد والتهجير الذي أخذ من آدميتنا ما أخذ؛ ومعظم مقومات الحياة قد انعدمت.
وأهل الملة والدين ينظرون!
وهم المأمورون بنصرة إخوة الدين؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ [الأنفال: ٧٢].
فقد استنصرناهم يا الله وما نصرونا، ويا ليت وقف الأمر عند العجز وعدم النصرة والخذلان؛ بل تعدى إلى نصرة العدو وإمداده بالمال والنفط والغذاء عبر البحر والبوابة الشرقية لفلسطين المحتلة، أهل غزة يزداد الأمر عليهم سوءاً بدخول شهر البر والإحسان رمضان العطاء؛ والذي يتعاضد فيه المسلمون؛ وبدلاً من أن يتلبسوا عباءة الدين والأخلاق والمروءة والشهامة؛ وتمتدّ يد العون والمساعدة لإخوانهم لنصرتهم؛ تركوهم يتضورون جوعاً، خاصة وأن ﴿أشدّ الناسِ عداوةً للذين آمنوا﴾ أهل غدر وخيانة ونكث للعهود ونقض المواثيق..
فمع بداية رمضان؛ وما أن انتهت المرحلة الأولى لاتفاقية وقف إطلاق النار، لتبدأ المرحلة الثانية وتنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى وما تم الاتفاق عليه.. تنصل المجرم مما التزم به من استحقاقات؛ فأغلق المعابر وشدد الحصار ومنع إدخال كل مستلزمات الحياة من الطعام والمستلزمات الطبية والوقود؛ ليساومونا على لقمة العيش حتى نقبل بشروط العدو.. ونقبل بالمخطط المرسوم والتخلي عن أرضنا؛ لنتخلى بعد ذلك عن ديننا، مصلحة للماسونية العالمية وأذنابها في المنطقة العربية.
بعد أسبوعين من الإغلاق والمنع.. شَنَّ المجرم بأكثر من مائة طائرة عدواناً شاملاً في ساعة السحر والسحور في رمضان على قطاع غزة راح ضحيتها قريباً من ألف شهيد وجريح بموافقة أمريكية وصمت عربي مريب،
وفي محاولة فاشلة لإطفاء نور الله تعالى..
هيهات هيهات أن يحققوا أياً من أهدافهم الخبيثة، العلنية منها والسرية؛ قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [التوبة: ٣٢].
فبصبر وثبات رجال غزة ونسائها أفشل الله كل مخططاتهم ورهاناتهم الخاسرة؛ رغم حربهم اللا أخلاقية والأبشع في التاريخ؛ والتي قوامها الخسة والنذالة والحقد والحسد؛ قال الله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: ١٠٩]؛ “وَدَّ”.. يتمنون بحقدهم وحسدهم تحقيق أهدافهم ولن يتحقق..
هؤلاء الذين ما توقف إجرامهم، بدعم أمريكا الدولة الأسوأ في التاريخ؛ والتي انقلبت على كل المواثيق والمبادئ والقيم والمثُل؛ والتي تقود الآن طابوراً طويلاً من المنافقين والسحرة والكفرة الفجرة؛ ممن صمتوا دهراً ونطقوا كفراً.. دول الإرجاف والذين ما توقف خذلانهم يبثون من خلال إعلامهم السام كل مفردات التخذيل والتثبيط والتحبيط؛ ولسان حالهم يقول: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ [النساء: ٨٩]..
ومع ذلك ورغم كل وسائل القتل والتغييب وأدوات السحر والإرجاف لهزيمتنا والقضاء على إرادة شعبٍ حُرٍ يريد الحياة على أرضه؛ ومقاومته التي أرغمت القاصي والداني من الأعداء والخصوم، والشامت واللئيم الصامت؛ أن يوقعوا على وقف إطلاق النار بفضل الله تعالى ثَبَّتَ بإرادته شعبنا وأَيَّدَ بقوته مُقَاوَمَتَنَا (طائفة آخر الزمان المنصورة)؛ التي صَبَّرَها الله تعالى وأَنْزَلَ الطمأنينة والسكينة في قلوب أبنائها ورَضَّاهم؛ حتى رأينا وسمعنا أيقونة الصبر والرضا (أم مالك بارود) الصابرة المحتسبة المؤمنة وكلماتها الخالدة.. وهي تقول بكل العفوية الإيمانية، وبكل الطمأنينة والرضا.. بكل القوة والصبر والثبات، في وداع أبنائها الأربعة: “أربعة يا مه.. أولادي أربعة اللي استشهدوا؛ الحمد لله أنا راضية.. الحمد لله اللي عندنا قماش نكفن أولادنا، وما عندنا قماش نرفعه راية”.
ومن ثم استشهدت ابنتها، وفي رمضان هذا يأتيها خبر استشهاد زوجها والذي غاب عنها طيلة أيام الحرب، وما زادها إلا إيماناً وتسليماً، وما نطقت إلا بكلمات الرضا والصبر.. فسبحان الذي رَضَّاها، فسبق الرضا صَبْرُها!
فيا من تريدون هزيمتنا؛ أمرنا الله أن نقول لكم: ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: ١٢].
﴿ستُغلبون﴾ والله ﴿ستُغلبون﴾ وسننتصر..
سننتصر يا ترامب..
أقول:
يا من دمرتم بيوتنا وقتلتمونا وشردتمونا.. يا من خذلتمونا وحرمتمونا وجوعتمونا.. لن تهزمونا بأمر الله؛ فالله بشرنا بهزيمتكم بقوله: ﴿ستُغلبون﴾، وبشرنا بنصره بقوله: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِين * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: ١٧١-١٧٣].
ومهما اشتدت ضَرَاوُتُكُم وأَذِيَّتِكُم؛ يبشرنا ربنا عز وجل بأنكم لن تضرونا؛ بل وببشارة الله لعباده المؤمنين بهزيمتكم ونصرة عباده المؤمنين؛ قال الله تعالى: ﴿لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ﴾ [آل عمران: ١١١].
ومع ذلك يتوعدوننا بأمريكا؛ يتوعدوننا بالعرب أنهم تخلوا عنا، وأنهم سيفتحون علينا أبواب الجحيم! وكأن مفاتيحها بأيدهم والعياذ بالله، وأنهم سيضربون بأسلحة الدمار الشامل والموت الزؤام!
لقد استخدمتم كل هذه الأدوات قبل ذلك وفشلتم… فما الذي استجد عليكم؟
تتوعدوننا بمفردات البشر وقوتهم؛ ونحن نتوعدكم بالله الواحد القهار..
﴿سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚوَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾