
البيان الأول لسفراء الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ
أبريل 28, 2025
هذا عيد المسلمين
أبريل 29, 2025د. سلمان العودة
فك الله أسره*
العيد اسم لكل ما يعتاد، وهي شعارات موجودة عند كل الأمم، فكل أمة على الأرض من الأمم الكتابية، كاليهود والنصارى، أو غيرها، من الأمم الوثنية لها أعياد؛ وذلك لأن العيد يعود إلى فطرة وطبيعة وجبلة ركبت الغرائز والفطر عليها من أن الناس يحبون أشياءً يتذكرون فيها بعض ما مضى.
ولكن الأمم الكافرة أعيادهم ترتبط بأمور دنيوية، مثل قيام دولة، أو سقوط دولة، أو قيام حاكم أو سقوط حاكم أو زواجه أو تتويجه أو ما أشبه ذلك.
وقد يحتفلون بمناسبة أخرى كربيع أو غيره، ولليهود أعياد وللنصارى أعياد، كما هو معروف، فللنصارى مثلاً عيد ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام، وعيد رأس السنة الذي يسمونه الآن بعيد الكريسمس، ومثل عيد الشكر أو عيد العطاء، ويحتفلون به الآن في جميع البلاد الغربية كـأمريكا وبريطانيا، وغيرها من البلاد التي ورثت النصرانية وإن لم تكن نصرانية حقيقية.
وكذلك المجوس والفرس لهم أعياد، مثل عيد المهرجان، وعيد النيروز وغيرها.
والرافضة أيضاً لهم أعياد، كعيد الغدير الذي يزعمون أن النبي ﷺ بايع فيه علياً على الخلافة، وبايع فيه الأئمة الاثني عشر من بعده، ولهم فيه مصنفات، حتى إن هناك كتاباً اسمه يوم الغدير يبلغ عشرات المجلدات.
ولما جاء النبي ﷺ إلى المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال النبي ﷺ: “إن الله تعالى قد أبدلكم بهما خيراً منهما: عيد الفطر وعيد الأضحى” .
ولذلك فليس للمسلمين إلا عيد الفطر وعيد الأضحى. قال الشاعر:
عيدان عند أولي النهى لا ثالثٌ ** لهما لمن يبغي السلامة في غدِ
الفطر والأضحى وكل زيادة ** فيها خروجٌ عن سبيل محمدِ
قال ذلك رداً على الشاعر الذي يقول:
المسلمون ثلاثة أعيادهم ** الفطر والأضحى وعيد المولد
فإذا انتهت أعيادهم فسرورهم ** لا ينتهي أبداً بحب محمدِ
فهذا أضاف عيداً ثالثاً، وهو عيد مولد الرسول ﷺ، فردّ شاعرنا بقوله السابق، ولذلك ينبغي إحياء هذه الأعياد واستشعارها وإدراك معناها؛ لأنها شعائر إسلامية ينبغي أن يعلم الجميع أن المسلمين في يوم عيد.
أحكام العيد
وفيما يتعلق بالعيد لدينا مجموعة من الأحكام أسردها باختصار:
أولاً: يحرم صوم يومي العيدين.
ثانياً: يستحب الخروج للصلاة للرجال والنساء، لقول أم عطية رضي الله عنها -كما في الصحيح-: “أمرَنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور -أي: البنات الغير متزوجات: الأبكار- وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى؛ ليشهدن الخير ودعوة المسلمين ويكبرن بتكبير الناس”.
فإذا أمرت الحيض، والعواتق، وذوات الخدور، فمن باب أولى أن يؤمر الرجال والشباب بالخروج إلى العيد.
وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الخروج لصلاة العيد لهذا الحديث ولغيره من الأدلة، كما في قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: 14-15].
قال بعضهم: المقصود صلاة العيد.
ثالثاً: من أحكام صلاة العيد أن الصلاة فيه قبل الخطبة، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر وأبي سعيد وابن عباس أن النبي ﷺ صلى قبل الخطبة.
رابعاً: من أحكامه أن الإمام يستحب له أن يكبر في الصلاة سبعاً في الأولى، وخمساً في الثانية، كما ثبت هذا عن جماعة من الصحابة والتابعين، كـعمر، وعثمان، وعلي، وأبي هريرة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأبي أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت وغيرهم، وقد ورد في ذلك أحاديث عدّة عن رسول الله ﷺ من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومن طريق كثير بن عبد الله المزني عن عمرو بن عوف، لكن -الأحاديث المرفوعة- كلها لا تصح لكن ثبت ذلك في أحاديث وآثار موقوفة.
وكذلك يجوز أن يكبر أربعاً في الأولى وأربعاً في الثانية، فقد ثبت هذا عن جماعة من السلف منهم ابن مسعود رضي الله عنه، كما رواه عنه الفريابي وغيره، وهو مذهب الأحناف.
خامساً: من أحكام العيد: أنه يستحب أن يقرأ في صلاة العيد بسورة (ق)، واقتربت الساعة، كما في صحيح مسلم، أن عمر رضي الله عنه سأل أبا واقد الليثي فقال له: ماذا كان يقرأ النبي ﷺ في العيد؟
فذكر له ذلك. وأكثر ما ورد أنه كان يقرأ بسبح والغاشية، كما يقرأهما في صلاة الجمعة.
سادساً: من أحكام العيد: أنه لا نافلة قبلها ولا بعدها، كما روى الستة عن ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي ﷺ خرج إلى العيد فلم يصلِّ قبلها ولا بعدها. إلا إذا صلى الناس العيد في المسجد، فإنه يصلي ركعتين تحية المسجد.
آداب العيد
للعيد آداب ينبغي التحلي بها:
أولاً: الاغتسال قبل الخروج إلى العيد، وقد صحّ هذا في موطأ مالك وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه كان يغتسل قبل خروجه، وكذا صح عن السائب بن يزيد، وصح عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قال: “سنة العيد ثلاث: المشي -يعني يمشي للعيد ماشياً- والاغتسال، والأكل قبل الخروج” ولعله أخذ ذلك عن بعض الصحابة.
وذكَر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على أنه يستحب الاغتسال لصلاة العيد، والمعنى موجود، فإن المعنى الذي يستحب له الغسل للجمعة وغيرها من الاجتماعات العامة، متحقق في العيد بل هو أكثر ذلك.
ثانياً: من آداب صلاة العيد ألا يخرج في عيد الفطر حتى يأكل تمرات، لما رواه البخاري عن أنس أن النبي ﷺ كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات. بخلاف الأضحى، فإنه يستحب ألا يأكل إلا بعد العيد، من أضحيته.
وإنما استحب أكل التمرات في عيد الفطر؛ مبالغةً في النهي عن الصوم في ذلك اليوم، لأن الإنسان يفطر قبل أن يذهب إلى العيد.
ثالثاً: من آداب يوم العيد: التكبير، كما قال الله عز وجل: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة:185]؛ فأشار إلى مشروعية التكبير في العيد.
والتكبير في العيد نقل عن ابن عمر رضي الله عنه، من طرق وبأسانيد صحيحة، عند البيهقي وابن أبي شيبة أنه كان يكبّر إذا خرج من بيته إلى أن يأتي إلى المصلى. وكان التكبير منذ الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام مشهوراً جداً عند السلف، وقد نقله جماعة من المصنفين كـابن أبي شيبة وعبد الرازق والفريابي في كتابه أحكام العيدين عن جماعة منهم، حتى إن نافع بن جبير رضي الله عنه كبّر ثم تعجب من عدم تكبير الناس، وقال لهم: ألا تكبرون ألا تكبرون؟!
وكذلك محمد بن شهاب الزهري يقول: “كان الناس يكبّرون من حين خروجهم من بيوتهم حتى يدخل الإمام؛ فيشرع للإنسان أن يكبر من حين أن يخرج من منـزله إلى أن يدخل الإمام في يوم العيد للصلاة ثم الخطبة.
رابعاً: من آداب العيد: التهنئة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أياً كان لفظها، كقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم، أو ما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المشروعة المباحة التي يتبادلونها.
والتهنئة أمر كان معروفاً عند الصحابة، ورخص فيه أهل العلم كالإمام أحمد وغيره، وقد ورد ما يدل على مشروعية التهنئة في المناسبات، وتهنئة الصحابة بعضهم بعضاً فيما إذا حصل لهم أمر يسر، كما هنوا من تاب الله عليهم، إلى غير ذلك، ولا حرج في هذه التهنئة.
بل ورد في ذلك آثار عديدة صحيحة عن الصحابة؛ يحتج بها على أنه لا بأس أن يهنئ الناس بعضهم بعضاً بالعيد، وهذا من مكارم الأخلاق التي لا بد أن يحافظ الناس عليها، ولا حرج فيها، وأقل ما يقال فيها: إن هناك أحد فهنئه وإن سكت فاسكت.
قال الإمام أحمد رحمه الله: إن هنأني أحد أجبته وإلا لم أبتدئه.
خامساً: من آداب العيد: التجمل بأحسن الملابس؛ لما روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه خرج إلى السوق فوجد حلةً من إستبرق تباع، فجاء بها إلى النبي ﷺ وقال: يا رسول! ابتع هذه تتجمل بها للعيد والوفود.
فدل على أن التجمل للعيد والوفود كان معروفاً، وأقر النبي ﷺ عمر على التجمل؛ لكنه أنكر عليه شراء هذه الحلة التي هي من حرير، وقال: “إنما يلبس هذه من لا خلاق له”.
وعن جابر رضي الله عنه قال:كانت للنبي ﷺ حلة يلبسها للعيد والجمعة . وعن ابن عمر-أيضاً عند البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه.
فينبغي أن يلبس الإنسان أحسن ما عنده من الثياب.
أما بالنسبة للنساء -إن خرجن- فينبغي أن يبتعدن عن الزينة؛ لأنهن منهيات عن إظهار زينتهن للرجال الأجانب.
ـــــــــــــــــ
- مقتبس من مقال: وقفات في شهر رمضان، د. سلمان العودة، موقع إلكتروني: الشبكة الإسلامية.