
الهجرة الطّوعية من غزّة وخيارات المرابطة والثّبات
مارس 17, 2025
دور الشريف حسين في ضياع فلسطين
مارس 17, 2025أ.د خير الدين خوجة – سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في البلقان
بإذن الواحد الأحد الفرد الصمد في هذه الحلقة سنتكلم عن سيد الأنبياء والرسل ﷺ.. عن سيد ولد آدم محمد الأمين.. عن أحمد الهادي.. عن نبي الرحمة والهدى، المبعوث رحمة للعالمين وإلى الناس كافة أجمعين، عليه من الله عز وجل أزكى الصلاة وأتم التسليم. سنتكلم عن أكمل الناس صورة مع وفور عقله وذكاء لبه وقوة حواسه وفصاحة لسانه واعتدال حركاته، وحسن شمائله، وحلمه واحتماله وعفوه مع قدرته، وصبره وجوده وكرمه وسخائه وحيائه، وسماحته وشجاعته وصفاء مودته، وحسن عشرته، وشفقته ورأفته بجميع الخلائق، وحرصه على إيمانهم، وتواضعه على جليل قدره، وأمانته وصدقه وعفته، وزهده في الدنيا، وخوفه من ربه، وطاعته له وشدة عبادته، فإنه ﷺ جمع مكارم الأخلاق وفضائلها. كان خلقه القرآن، يرضى لرضاه ويسخط لسخطه.
ميزة هذا النبي العظيم
فضّل الله جل وعلا هذا النبي العظيم على جميع الأنبياء والرسل لحِكم كثيرة يعلمها الله عز وجل. ومن خلال استعراضنا لبعض الآيات القرآنية سنرى ذلك الفضل العظيم الذي وهبه الله عز وجل لنبينا محمد ﷺ.
- قال الله عز وجل ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى:5].
- وجاء في القرآن الكريم في حق محمد ﷺ: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾ [الفتح:1-2].
- وجاء في حق المصطفى المختار: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح:1].
- ونجد القرآن الكريم في حق محمد ﷺ ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾ [الأعلى:8].
- ومن أسماء الله تعالى: الرؤوف، الرحيم، وقد وردت في القرآن الكريم عشرات المرات ذكر هذه الأسماء، وقد أعطى الله نبيه محمداً اسمين من أسمائه، فقال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128].
- وجاء في القرآن الكريم القسم بحياة محمد ﷺ، و هذا يدل على أهمية حياة المقسَم به، فقال تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر:72].
- وجاء في القرآن نداء النبي ﷺ بأحب الأسماء إليه، فقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157 ]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [لأنفال: 64 ].
- معجزات الأنبياء السابقين كانت آنية ولأوقات محددة، بينما معجزة نبينا محمد ﷺ (القرآن الكريم) باقية خالدة ودائمة، تولى الله عز وجل حفظها، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9 ].
- أثنى الله عز وجل على خُلق هذا النبي العظيم قائلاً: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم: 4).
وهنالك آيات كثيرة تدل دلالة واضحة على فضل سيدنا ونبينا محمد ﷺ على باقي الأنبياء والرسل، ويكفي أن الله عز وجل أرسله رحمة للعالمين وإلى الناس كافة وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، صلوات الله وسلامه على جميع الأنبياء والرسل أجمعين.
الأهداف من دراسة السيرة النبوية
يمكن إجمالها في الآتي:
لقد اتجه جلّ المستشرقين والملحدين والعلمانيين والباحثين من العرب والأعاجم في قديم الزمان وحديثه على تناول ودراسة صاحب هذه السيرة العطرة لأهداف مشبوهة وغير نزيه؛ة لخدمة الاستعمار والتنصير والتبشير والاحتلال، والتشكيك في مصداقية أخلاق الرسول ﷺ، فذهبت تلك الجهود هباءً منثوراً مع أدراج الرياح. وقد أكّد الله عز وجل في كتابه الكريم هذه المحاولات الشيطانية والمشاريع المشبوهة والتي أنفقوا عليها أموالاً طائلة، وسخروا جنود إبليس من البشر لإطفائها وإخماد نورها، ولكنه جل وعلا أبى إلا أن يتم نوره من خلال مبعث هذا النبي العظيم، وقد كان، ولله الحمد والمنة. قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [ التوبة: 32]، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف: ٨].
بينما نحن المسلمين ينبغي علينا أن نترفع عن مثل هذه المناهج العقيمة في تناولنا لسيرة نبينا محمد ﷺ وتدريسها. نحن نتجه في دراسة سيرة أفضل خلق الله بغرض العمل والحركة والتطبيق والنشر، ودعوة غيرنا إلى الاغتراف من معين هذه السيرة النبوية العطرة المليئة بالدروس والعبر والعظات. هذا هو الفرق بين المسلمين وبين غير المسلمين. إنه افتراق في القصد والنية، والمنهج والطريقة، والوجهة والهدف.
وفيما يلي نسلط الضوء على أهم الأهداف التي ينبغي علينا استحضارها في دراستنا دراسة عملية حركية دعوية لسيرة نبينا محمد عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم:
- – فهم شخصية الرسول النبوية من خلال حياته وظروفه التي عاش فيها، للتأكد من أن محمداً ﷺ لم يكن مجرد إنسان عبقري، ولكنه قبل ذلك رسول من عند الله عز وجل، مؤيد بوحي من عنده جل وعلا.
- – أن يجد الإنسان بين يديه صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة، كي يجعل منها دستوراً يتمسك به ويسير عليه، ولذا جعله الله عز وجل قدوة للإنسانية كلها عندما قال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ [الأحزاب:21].
- – أن يجد الإنسان في سيرته ﷺ ما يعينه على فهم كتاب الله تعالى وتذوق روحه ومقاصده، إذ إن كثيراً من آيات القرآن إنما تفسرها وتجليها الأحداث التي مرت برسول الله ﷺ.
- – أن يتجمع لدى المسلم من خلال دراسة سيرته ﷺ أكبر قدر من الثقافة والمعارف الإسلامية الصحيحة في مجال المعاملات المختلفة مع الغير.
- – أن يكون لدى المعلم والداعية نموذج حي عن طرائق التربية والتعليم والتطبيق العملي للإسلام.
- – أن حياته ﷺ شاملة لكل النواحي الاجتماعية والإنسانية والأسرية والدينية والعلاقات الدولية التي يحتاج إليها الإنسان المسلم. فحياته ﷺ تقدم إلينا نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه، الأمين مع قومه وأصحابه، كما تقدم النموذج الرائع للإنسان الداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. كما أن حياته ﷺ نموذج حي لرئيس الدولة الذي يسوس الأمور بحذق وحكمة بالغة، وللزوج المثالي في حسن معاملته، وللأب في عاطفته، وللقائد الحربي الماهر والسياسي الصادق المحنك.
- – أن تكون السيرة النبوية شيئاً ينمي الإيمان، ويزكي الخلق، ويلهب الكفاح، ويغري باعتناق الحق والوفاء لصاحبها ﷺ.
- – أن يفهم المسلم أن الرسول ﷺ يجب أن يعيش في قلبه وفي ضميره، وفي عمله وفي تفكيره، وألا يكتفى فقط بتحريك لسانه بالصلاة والسلام عليه.
مصادر السيرة النبوية
وفيما يلي جملة من المصادر القديمة والحديثة التي تناولت السيرة النبوية بأبعادها التاريخية والدينية والإنسانية والأخلاقية والتربوية والاجتماعية والأكاديمية. فأقول وبالله التوفيق والهداية:
- السيرة النبوية – للعلامة أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن هشام.
- الشفاء – للقاضي أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي.
- زاد المعاد في هدي خير العباد – لابن القيم الجوزية.
- السيرة النبوية – للعلامة الحافظ عماد الدين بن كثير.
- المغازي – للعلامة محمد بن عمر الواقدي.
- الروض الأُنُف – للحافظ عبد الرحمن عبد الله بن السهلي المغربي.
- خاتم النبيين – للعلامة الدكتور محمد أبو زهرة.
- عبقرية محمد – للأستاذ عباس محمد العقاد.
- السيرة النبوية – للعلامة أبو الحسن علي الحسني الندوي.
- فقه السيرة – الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.
- فقه السيرة – الشيخ العلامة محمد الغزالي.
- الرحيق المختوم – الشيخ صفي الرحمن المباركفوري.
- السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة – محمد بن محمد أبو الشهبة.
- السيرة النبوية بثوبها الجديد – قراءة عصرية لأحداث السيرة النبوية – الشيخ الدكتور صفوت خليلووفتش.