لا زلتُ أتذكرك يا صديقي
فبراير 9, 2024خديجة الحب الأول
فبراير 12, 2024
الزينبان أمنا جويرية صفية ميمونة الهلالية
فبنتُ جحش بنت عمة النبي برّة سمّاها النبي بزينب
من أسد وهي بعقد الله نكاحها أزواجَه تباهي
يجمعها مع النبي المصطفى جدها خزيمة أخ الوفا
يعني أن إحدى الزينبين هي أمنا زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر ابن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة.
ففى خزيمة تجتمع معه ﷺ . وهذا عجيب، لكنه ممكن والغالب على ظني أن في نسبها سقطًا، ولكن هذا هو الذي وجدته من نسبها في كتاب الاستيعاب للحافظ ابن عبدالبر، وكان اسمها (برّة) فسماها النبي ﷺ زينب. وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله ﷺ.
خصائص أمّنا زينب بنت جحش
ومن خصائصها أنها هي التي زوّجها الله تعالى لنبيه ﷺ دون وليّ، قال تعالى: {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها}. وكانت رضي الله عنها تفخر على أزواجه ﷺ بذلك؛ فتقول “إن آباءكن أنكحوكن والله تعالى أنكحني إياه من فوق سبع سماوات”. قال ناظم قرة الأبصار:
وبنت جحش بنت عمة الرسول زوجها الرحمن بارىء العقول
خيرَ نبيٍ إذ قضى منها الوطر زيد وماتت في خلافة عمر
إذ فتحت مصر وكانت أطولا نسائه يداً كما قـد نُقلا
ومناقبها كثيرة وبسببها نزلت آية الحجاب، وفي خبر تزويجها عند ابن سعد: فبينما رسول الله ﷺ يتحدث عند عائشة إذ أخذته غَشية فسُري عنه وهو يبسم ويقول: “مَن يذهب لزينب فيبشرها”. وتلا قوله تعالى: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله…} الآية.
قالت عائشة: “فأخذني ما قرُب وما بعُد لما يبلغنا من جمالها وأخرى هي أعظم وأشرف ما صنع الله لها زوّجها من السماء”. وقالت: “هي تفخر علينا بهذا”.
قول عائشة فأخذني “ما قرب وما بعد” كناية عن شدة الغيرة، وقولها “وأخرى هي أعظم وأشرف” عطف على قولها “لما يبلغنا من جمالها”، تعني أن شدة غيرتها بسبب مسألتين، الأولى ما يبلغها من جمالها، والثانية أن الله تعالى زوّجها لنبيه ﷺ من السماء، وكان ذلك سنة ثلاث أو أربع.
وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عائشة قالت قال رسول الله ﷺ: “أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً”.
قالت: “فكن يتطاولن أيتهن أطول يداً”. قالت: “وكانت أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعمل بيديها وتتصدق”.
وفي رواية، قالت عائشة: “فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله ﷺ نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى تًوفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة ولم تكن بأطولنا فعرفنا حينئذ أنه إنما أراد طول اليد بالصدقة، وكانت زينب امرأة صَناع اليدين فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله”.
«صَناع» بفتح أوله: لها صنعة تعملها بيديها.
وروى ابن عبد البر من وجوه عن عائشة أنها قالت: “كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله ﷺ، وما رأيت امرأة قط خيراً في الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثاً وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد تبذلاً لنفسها في العمل الذي تتصدق به وتتقرب به إلى الله عز وجل”.
وقالت عائشة فيها في قصة الإفك: وكان رسول الله ﷺ يسأل زينب عن أمري فقالت “يا رسول الله احمى سمعی و بصري والله ما علمت إلا خيراً”، فعصمها الله بالورع.
كرمها وزهدها
ومن كرمها وزهدها ما نقله الحافظ ابن حجر في كتاب الإصابة في ترجمة برزة بنت رافع، قالت: لما خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها، وهو اثنا عشر ألفاً، فلما أدخل عليها قالت “غفر الله لعمر، غيري من إخوانى كان أقوى على قسم هذا مني”. قالوا: هذا كله لك. قالت: “سبحان الله”. واستترت منه بثوب وقالت: “صبوه واطرحوا عليه ثوباً”. ثم قالت لي: “أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان”. من أهل رحمها وأيتامها. ففرقته حتى بقيت منه بقية تحت الثوب فقالت لها برزة: غفر الله لك يا أم المؤمنين والله لقد كان لنا في هذا حق. قالت: “فلكم ما تحت الثوب”، فوجدنا تحته خمسة وثمانين درهماً. ثم رفعت يدها إلى السماء وقالت: “اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا”. فماتت.
وزاد في ترجمتها في الإصابة أنها لم تأخذه إلا عاماً واحداً، فجعلت تقول: “اللهم لا يدركني هذا المال من قابل فإنه فتنة”. ثم قسمته في أهل رحمها من أهل الحاجة، فبلغ ذلك عمر فقال: “هذه امرأة يُراد بها خير”. فوقف عليها وأرسل بالسلام وقال: “بلغني ما فرقت”. فأرسل بألف درهم تستبقينها فسلكت بها ذلك المسلك.
وفي الحديث أن رسول الله ﷺ قال لعمر بن الخطاب: “إن زينب بنت جحش أوّاهة”. قال رجل يا رسول الله ما الأواه؟ قال ﷺ: “الخاشع المتضرع {وإن إبراهيم لَحليمٌ أواهٌ منيب}”.
وأخرج ابن سعد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال: قالت زينب بنت جحش حين حضرتها الوفاة: “إني قد أعددت كفني، وإن عمر سيبعث إليّ بكفن فتصدقوا بأحدهما وإن استطعتم أن تتصدقوا بحَقوي فافعلوا”.
والحقو بفتح الحاء المهملة وسكون القاف: الإزار الذي يلبسه الإنسان من سرته إلى أسفله.
ورُوي من وجه آخر عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: بعث عمر بخمسة أثواب من كتان، فكُفنت فيها وتصدقت عنها أختها حمنة بكفنها الذي كانت أعدته. قالت عمرة فسمعت عائشة تقول: “لقد ذهبت [تعني زينب] حميدة متعبدة مفزع اليتامى والأرامل”.
وتوفيت رضي الله عنها سنة عشرين في خلافة عمر، عن ثلاث وخمسين سنة وصلى عليها عمر رضي الله عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الشيخ العلامة محمد المصطفى بن الإمام العلوي الشنقيطي، (تُوفي: 1388هـ)، كتاب: تنوير قلوب المسلمين بتاريخ أمهات المؤمنين، ص78 وما بعدها، ط2، مطلعة المدني- القاهرة، 1966م.