
وَاعْتَصِمُوا.. رمضان واللحظة الفارقة
مارس 12, 2025
20 دليلا على نبوة محمد بن عبد الله ﷺ
مارس 12, 2025الشيخ حسن الخطيب – عضو رابطة علماء فلسطين
يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَاۤ أَرَدۡنَاۤ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡیَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِیهَا فَفَسَقُوا۟ فِیهَا فَحَقَّ عَلَیۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَـٰهَا تَدۡمِیرࣰا﴾ [الإسراء: ١٦]، وفي قراءة أخرى: ﴿أَمَّرْنَا مترفيها﴾ أي: جعلناهم أمراء.
بعد أكثر من خمسمائة يوم من الحرب والموت والدمار، ورغم وقف إطلاق النار.. ما زلنا نعيش شبح حرب ضروس استمرت خمسة عشر شهراً، وقد تعود وتستعر، رغم عودة النازحين بخيامهم المهترئة فوق ركام بيوتهم المدمرة.. لم تفتح المعابر للخيام والبيوت المتنقلة؛ بل للأسف ممنوع أن تدخل وبأمر الاحتلال.
توقفت الحرب وما زالت المعاناة والحياة الصعبة والقاسية والشديدة قائمة، وقد كان الموت ولا يزال بشتى وسائله وأساليبه المؤلمة، يجوب كل نواحي وأحياء غزة يضع بصمته في شوارعها ومستشفياتها ومؤسساتها؛ بل وفي كل زوايا وأركان غزة الطاهرة منها والخفية؛ حيث استخدم العدو الصهيوني كل أنواع أسلحة الدمار الشامل المتطورة منها والغبية؛ يعينه في ذلك ويَمُدُّه معظم دول العالم؛ في مقدمتها أمريكا دولة الظلم العالمي؛ بدعمهم الواضح أو بصمت المتغابين، أو بخذلان الكثير من العرب والمسلمين.
توقفت الحرب على غزة على أمل إدخال أدوات ومستلزمات الإعمار، وليس الإغاثة فقط..
توقفت الحرب بعد أن تركها العالم تذبح من الوريد إلى الوريد؛ خلال الحرب ما هانت غزة، وما ضعفت وما استكانت؛ رغم شدة بأس العدو وأسلحته الفتاكة وكثرة مناصريه؛ وقفت الحرب على غزة وقد تَخَلَّى عنها حتى أقرب الناس إليها، من أهل الدين والعروبة والوطن؛ مع العلم أن هذا العدو يحتل أرضاً إسلامية، أرض فلسطين المباركة، أرض الإسراء والمعراج؛ التي قال الله تعالى فيها: ﴿سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِیۤ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَیۡلࣰا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِی بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِیَهُۥ مِنۡ ءَایَـٰتِنَاۤ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ﴾ [الإسراء: ١].
ذكر الله تعالى أرض فلسطين المباركة، (تلميحاً وتصريحاً)؛ في مواطن عديدة في كتاب الله، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَنَجَّیۡنَـٰهُ وَلُوطًا إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَا لِلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الأنبياء: ٧١].
والتي أَقَرَّ الله تعالى في هاتين الآيتين وغيرهما ببركتها وإسلاميتها.
فحادثة الإسراء والنبي ﷺ والقرآن؛ مفردات إسلامية تخص عموم أمة الإسلام، كما النبي ﷺ هو نبي الأمة كلها ورسولها؛ وليس لأهل فلسطين فقط، وأهل فلسطين ليسوا من أمة ثانية؛ كلنا أمة واحدة؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٩٢-٩٣].
ويؤكد ذلك ثانية بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱتَّقُونِ﴾ [المؤمنون: ٥٢].
فربط الله بإسراء النبي ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المسجد الحرام بالمسجد الأقصى؛ وَوَثَّقَ بذلك أعظم عقيدة بين أهم مسجدين لأمة الإسلام؛ وبَيَّنُ قوة العلاقة بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ كما أن حادثة المعراج من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى؛ وَثَّقَ الله بها عِظَم العلاقة مع الله عز وجل؛ وكأن الهدف الأساس من حادثة الإسراء والمعراج هو توحيد أقطار وشعوب العالم الإسلامي وارتباطهم المباشر بالله عز وجل؛ وتوعية المسلمين بأهمية الربط بين المسجدين؛ وأنهما الأساس الأول في دين الله؛ فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قالَ: “المَسْجِدُ الحَرَامُ”. قُلتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قالَ: “ثُمَّ المَسْجِدُ الأقْصَى”. قُلتُ: كَمْ كانَ بيْنَهُمَا؟ قالَ: “أَرْبَعُونَ”.
فالارتباط بين المسجدين أزلي مع بداية الخليقة إلى قيام الساعة؛ فالمسجد الحرام قبلة المسلمين الدائمة في الصلاة، والمسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى؛ وقبلة كل موحد صادق في الجهاد في سبيل الله.
رغم هذه العلاقة بين المسجدين وقوة الرابط بينهما؛ خذل المسلمون أهل فلسطين؛ تركوا غزة وحدها تحت القتل.
إن موقف العرب والمسلمين من غزة وأهلها بخذلانهم الغريب، يضع ألف علامة استفهام عن نوعية علاقتهم بأعداء الأمة! خاصة عندما نرى علاقة أهل الكفر قد توطدت مع ﴿أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَ ٰوَةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟﴾ [المائدة: ٨٢].
في هذه الحرب الضروس؛ قال الله تعالى: ﴿وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادࣱ كَبِیرࣱ﴾ [الأنفال” ٧٣]. وقد ثبت ذلك حينما قدموا لهم كل أنواع الدعم المادي والعسكري والمعنوي..
والله تعالى في هذه الآية يحذر المسلمين من ألا يكونوا أولياء لبعضهم بعضاً؛ كما الكفار بعضهم أولياء بعض؛ فكيف تضافرت جهود الكافرين مع بعضهم بعضا؟ وتخلى المسلمون عن مهمتهم الأساسية؛ وهم أولى الناس أن يكونوا لبعضهم بعضاً أولياء؛ قال الله تعالى: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ﴾ [التوبة: ٧١].
وكذلك النبي ﷺ يقول: “المسلمونَ تتكافَأُ دِماؤهم وهم يَدٌ على مَنْ سِوَاهُمْ، يَسعى بذِمَّتِهِمْ أدناهم”.
فلماذا كان خذلان المسلمين لأهل غزة؟
هل هم مستعدون للفتن التي حذرهم الله منها وستعود عليهم بالويل والثبور وعظائم الأمور؛ من جراء ذلك؛ والتي ستدور عليهم؟
المسجد الأقصى ليس محطة عابرة في حياة المسلمين؛ فـ”أشد الناس عداوة للذين آمنوا”، لن يكتفوا بغزة وحدها لو سقطت لا سمح الله؛ بل سينتقلون إلى الأقرب فالأقرب من البلاد المجاورة؛ فما الذي جرى يا ترى حتى يتم التخلي عن غزة وأهلها بهذه الطريقة المهينة والدنيئ؟.
خاصة أن النبي ﷺ حذَّرَ من ترك الشام وفي قلبها فلسطين من مغادرتها، وشجع الهجرة العكسية إليها، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، في ؛ قال رسول الله ﷺ: “الشَّامُ صَفوةُ اللهِ مِن بِلادِه، يَسوقُ إليها صَفوةَ عِبادِه، مَن خَرَج مِنَ الشَّامِ إلى غيرِها فبِسَخطِه، ومَن دخَلَ مِن غيرِها فبِرحمته”.
والأحاديث كثيرة التي تربط المسلم بالأقصى، والنبي ﷺ يثبت أهلها بالبقاء فيها؛ ويشجع الهجرة إلى فلسطين، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: “سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بعدَ هِجْرَةٍ، فَخِيارُ أهلِ الأرضِ أَلْزَمُهُمْ مُهاجَرَ إبراهيمَ، ويَبْقَى في الأرضِ شِرَارُ أهلِهِا، تَلْفِظُهُمْ أَرْضُوهُمْ، تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللهِ، وتَحْشُرُهُمُ النارُ مع القِرَدَةِ والخَنازِيرِ”.
وكأنه ﷺ يعلم واقع أيامنا هذه وقصة صراعنا مع “أشد الناس عداوة للذين آمنوا” [المائدة: ٨٢]؛ ويعلم حجم المؤامرة على طائفة آخر الزمان المنصورة؛ ومحاولة تهجيرهم الآن من أرضهم؛ وقد نَبَّه ﷺ الأمة إلى عظيم فضل رباط عسقلان (غزة)، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله ﷺ: “أوَّلُ هذا الأمرِ نُبوَّةٌ ورحمةٌ، ثمَّ يكونُ خلافةً ورحمةً، ثمَّ يكونُ مُلكًا ورحمةً، ثمَّ يتكادمون عليه تكادُمَ الحُمُرِ، فعليكم بالجِهادِ، وإنَّ أفضلَ جهادِكم الرِّباطُ، وإنَّ أفضلَ رباطِكم عَسْقلانُ”.
انتهت الحرب على غزة بأضرارها البالغة وآلامها الشديدة
فلماذا خذل العرب والمسلمون أهل فلسطين والأقصى؛ ومعلوم أنَّ العرب أهل نخوة وشهامة؛ فكيف وإن كان العربي مسلماً؟ سيكون أكثر عزة وشهامة ونخوة وعطاء ومروءة وإيثاراً.. و.. و..
فلماذا كان الخذلان؟ ألهذا الحد تخلى العربان عن أخلاقهم وعن دينهم؟!
ولكن ومن المعلوم أن الذي يتولى أمر المسلمين اليوم إما شاب مترف؛ أو عجوز استمرأ الترف؛ وأهل الترف معلوم لا يهتمون لا بتاريخهم المجيد، ولا حاضرهم التليد، ولا مستقبل أيامهم القريب منه والبعيد؛ بل جل اهتمامهم فتح النوادي والشاليهات دون رقيب ولا حسيب، متشابهين بمن سبقوهم من أهل الترف والنوادي؛ قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُنَا بَیِّنَـٰتࣲ قَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَیُّ ٱلۡفَرِیقَیۡنِ خَیۡرࣱ مَّقَامࣰا وَأَحۡسَنُ نَدِیࣰّا * وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هُمۡ أَحۡسَنُ أَثَـٰثࣰا وَرِءۡیࣰا﴾ [مريم: 73-74].
وهذا إيذانٌ من الله تعالى بقرب هلاك أهل الترف والفسق والفجور؛ وقدوتهم في ذلك (ترامب) الذي يسعى اليوم لتهجير أهل غزة بمفردات ترفه وفسقه وفجوره وغروره…
خرجت علينا أمريكا برئيسها المعادي لكل ما هو مسلم، بفكره المُتْرَف لتهجير أهل غزة منها؛ غزة التي عجز سلفه وكل دول التحالف ودول الخذلان أن يهزموها؛ أو يحرروا منها أسراهم؛ فما الذي حدا بترامب أن يلعب هذه اللعبة الخطيرة؛ أهو إيذان من الله تعالى بهلاك أمريكا؟
غزة التى أجبرت العدو أن ينسحب من غزة دون تحقيق أي من أهدافه؛ غزة التي أرغمت العدو على الخروج من غزة وهو يجر أذيال الخيبة والهزيمة، يتجرع مرارة الإنفاق والفقد؛ ﴿فَسَیُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَیۡهِمۡ حَسۡرَةࣰ ثُمَّ یُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ یُحۡشَرُونَ﴾ [الأنفال: ٣٦].
أم إنهم يريدون العودة إلى أهدافهم عبر بوابة أخرى؛ بوابة التآمر والكيد والخديعة؛ فـ(النتن ياهو) وصَبِيَهُ في واشنطن يحاولان الظهور للجمهور الصهيوني تحديداً دون غيره؛ بصورة المنتصر؛ وبدعم كبير من المتخاذلين الجدد في المنطقة العربية.
فترامب يعلم علم اليقين حجم الهزيمة التي مُنِيَ به سيده الصهيوني؛ فجاءت تصريحاته في محاولة منه لإنقاذ (النتن) من عواقب الهزيمة واستحقاقاتها.
الحديث عن التهجير فيه غرابة؛ بل ويعد أمراً مضحكاً!
كيف يتحدثون عن التهجير؟ وهم الذين أنفقوا جُلَّ أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ولتستمر الحرب، وإن فشلت كل مخططاتهم؛ فقد تم وقف إطلاق النار؛ وانسحاب العدو من محاور القتال، وعودة النازحين إلى شمال غزة؛ والإفراج عن مئات الأسرى من أصحاب المؤبدات والمحكوميات العالية؛ فما الهدف الآن من الحديث عن التهجير؟!
كيف يتحدثون عن التهجير، وهم الذين يعلمون أن أهل غزة ما خرجوا وقت القصف والموت والدمار.. فكيف سيخرجون وقد آثروا الركام والدمار على الراحة والدعة؟
كيف يتحدثون عن التهجير وأهل غزة موجودون في كل بقعة على أرضها ينتظرون فتح بيت المقدس ويرقبونه؟
كيف يتحدثون عن التهجير وهم يعلمون أنهم هُزِمُوا في غزة؛ وقد خرجوا منها أذلة صاغرين؟
كيف يتحدثون عن التهجير وهم يعلمون أن حديثهم هذا وسلوكهم الأرعن سيعجل نهايتهم قريبة؟
أم أن الخذلان الذي تعرضت له غزة وحجم الدعم العالمي للعدو والقوات المهولة والأسلحة الفتاكة.. والألف مليار دولار أغرتهم! ليعيدوا كَرَّة العدوان!!
أم يريدون استحضار نظريات وخزعبلات علم النفس كما استحضر فرعون سحرته فكانت نهايته؟
أم أن الترف الذي يعيشونه؛ يمنعهم من الاعتراف بالحقيقة المرة التي صدمتهم وستهلكهم؟؟
ويبدو أن هذه الحقيقة المُرَّة هي التي تراودهم اليوم؛ وينازعوننا حقنا زوراً وبهتاناً!
إن الترف والكِبْرَ سيقودهم حتماً إلى الهاوية والهلاك.
أهل غزة بفضل الله تعالى يقودهم حب الله عز وجل ورسوله ﷺ؛ المزروع في قلوبهم، وحب فلسطين وبيت المقدس؛ يقودهم إلى امتثال أمر الله؛ وهي التي رأيتموها يوم السابع من اكتوبر، وأنتم تنظرون!!
كيف لا وفلسطين آيات في كتاب الله عز وجل؟
فلسطين قلب العالم الإسلامي؛ ودرة الأرض، وبيت المقدس مسرى النبي ﷺ أطهر بقاع الأرض؛ بعد مكة والمدينة..
فلسطين أرض الحضارات ومهد الرسالات ومهوى أفئدة الصالحين، ومثوى الشهداء ومنذ احتلالها، وشعبها المجاهد الصابر ما فتئ يكافح ويجاهد لاسترداد حقه ووطنه السليب؛ حتى تحركت ثلة مؤمنة من أبناء أمتنا ممن بشر الرسول ﷺ بهم، حين قال: “لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم…”.
هذه الثلة التي طمعت أن تكون هي الطائفة المنصورة؛ فاستعدت بكل وسائل الإعداد امتثالاً لأوامر الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ﴾ [الأنفال: ٦٠].
فتوكل الرجال على ربهم وقد أحسنوا الإعداد، وأرادوا وقويت عزيمتهم وتطورت وسائلهم وأساليبهم القتالية؛ حتى كان يوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م؛ يوم الطوفان العظيم؛ يوم (طوفان الأقصى)، والتي كسر فيها المقاتلون المباركون كل قواعد ومفردات المعركة مع هذا العدو المتغطرس بضربة عسكرية استباقية أفقدته صوابه، وقضت على أهم مميزاته ونظريته القتالية؛ ألا وهي نظرية الردع؛ والتي تعد سلاحه الأقوى والاستراتيجي في جيشه..
جيشه الذي انهار في أقل من ست ساعات؛ حيث تم القضاء على فرقة غزة بالكامل في الساعات الأولى للطوفان؛ هذا الطوفان الذي أذهل العدو بشقيه الصهيو أوروأمريكي؛ وفريق التطبيع والترف العربي .
فَجَمَّعَ الغرب جموعة الكافرة، بعد اللحظات الأولى للطوفان؛ ليخوضوا حرباً همجية بكل أبعادها التدميرية، في محاولة لسحق المقاومة في غزة وتغيير ليس وجهها فحسب؛ بل وتغيير وجه المنطقة العربية والإسلامية، خاضوا حرباً على غزة تستمر باعتقادهم من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع! لذلك قررت الجامعة العربية يومها؛ عقد مؤتمر قمة بعد شهر من العدوان! فماذا ستكون النتائج وما هي القرارات يا ترى؟
هذه الحرب امتد أوار لهيبها وسعارها من ثلاثة أسابيع إلى أكثر من سبعة وستين أسبوعاً..
استمرت وطالت أيامها؛ وازدادت قسوتها على شعبنا؛ شَعْبُنَا الذي ما كَلَّ التَّحَمُّلَ والثبات، وما مَلَّ التضحية والفداء؛ فبفضل الله تعالى صبر شعبنا واحتسب؛ ومقاومتنا واجهت وأبدعت، فاحتار العدو فيها قبل الصديق كيف قاتلت وصمدت ونجحت وأثخنت الجراح وأرغمت؛ رغم انقطاع مدد الأرض وحجم التآمر الكبير عليها.
كل محاولاتهم اليائسة والبائسة للحفاظ على الكيان باءت وستبوء بالفشل حتماً بإذن الله؛ فالله هو الذي يقول: ﴿لَن یَضُرُّوكُمۡ إِلَّاۤ أَذࣰىۖ وَإِن یُقَـٰتِلُوكُمۡ یُوَلُّوكُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ ثُمَّ لَا یُنصَرُونَ﴾ [آل عمران: ١١١].
وقد اقتضت سُنة الله تعالى وحكمته أن يقصم الْمُتْرَفِين المُسْتَكْبِرِين؛ وقد آن أون زوالهم وهلاكهم؛ بترف جبروتهم وطغيانهم وظلمهم وعدوانهم وخذلانهم؛ فإرادة الله ماضية؛ وحكمه غالب؛ ﴿وَسَیَعۡلَمُ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوۤا۟ أَیَّ مُنقَلَبࣲ یَنقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: 227].