
يا أهل غزة لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
مايو 5, 2025
خذلانكم لن يضرنا
مايو 6, 2025✍🏿 حسنُ الزباديُّ
مقدمة هامة: عن مفهوم النصر في ميزان الشارع الحكيم؟
فليس النصرُ في ميزان الشرع مقصورًا على الغلبة الظاهرة، ولا موقوفًا على امتلاك الأرض أو تحقيق النصر العسكري في الميدان، بل النصرُ قبل ذلك ومعه، هو غلبةُ الإيمان على الكفر، وثباتُ القلب والقالَب على أمر الله تعالى، واستجابةُ العبد لنداء ربه تعالى، لا سيَّما في فريضة الجهاد في سبيل الله تعالى، حتى لو كُتب له الشهادةُ أو التهجيرُ أو الفناءُ الظاهري.
1 – وعلى ذلك فقد رَبِحَتْ حماسُ نَصْرَهم للهِ تعالى، وثباتَهم على أَمْرِ الله تعالى:
فلقد ثبتوا عَلَى مَدارِ أكثرِ مِنْ عامٍ ونِصْفِ العام، حتى الآن ولا يزالون، على الرغم من تواطؤ أشقياءِ الكونِ عليهم، عُدَّةً وعَتادًا، وبحصارِهِم، ومنعهم من مجرد الهواء يتنفسونه، أو من الجوعِ يأكلونه.
2 – ثم ربِحت حماسُ، نصرَ اللهِ لهم، وتثبيتَه إياهم، لمَّا نصروهُ، وثبَتوا على أَمْرِهِ: – وذلك في ثباتِهم في استجابتهم لندائه تعالى، في قِتالِهم لِلمُعْتَدِين المُحْتَلِّينَ لِأَرْضِهُمْ، ولمَّا نصروهُ في أوامِرِهِ بِقِتالِهِمْ لِليَهُودِ المُغْتَصِبِينَ لِبِلادِهِمْ، ولمَّا نصروهُ في أوامِرِهِ بِقِتالِهم للصَّهايِنَةِ المُنْتَهِكِينَ لِحُرْمَةِ مُقَدَّساتِهِمْ، ولمَّا نصروهُ في أوامِرِهِ بِقِتالِهم لِلنَّصارَى الظالِمِينَ المُعاوِنِينَ لِإِخْوانِهِمْ اليهود المُعْتَدِين، ولمَّا نصروهُ في أوامِرِهِ بِقِتالِهم لِلصَّلِيبِيِّينَ الكافِرِينَ الموالِينَ للصَّهَايِنَةِ القاتِلِينَ، ولمَّا نصروهُ في أوامِرِهِ بِقِتالِهم لِأَعوانِ الظَلَمَةِ المُشْرِكِين، ولمَّا نصروهُ في أوامِرِهِ بِقِتالِهم لِلطَواغِيتِ المُوالِينَ لِليَهُودِ والنَّصارَى الصائِلِينَ الفاسِقِينَ.
– فنَصَرَهُمُ اللهُ تعالى، نصرًا شرعِيًّا إيمانيًا عقائديًا، حتى وإن لم يتحقق لهم نصرٌ كاملٌ في المَيدان، فنصرَهمُ اللهُ تعالى، لَمَّا نَصَرُوهُ سُبحانه واستجابوا لِأَمْرِهِ، وامتثلوا شريعته في الجهاد، ونصروه في أنفُسِهِمْ عَلَى أهوائِهِمْ أَوَّلًا. – {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ (7) وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ (8)} [محمد: 7-8].
3 – ثم ربِحت حماسُ، فَضْلَ احياءِ فريضة الجهاد: فطوفانُ الأَقصَى لم يكن من أجل أَسرِ جنودٍ، ولا لِتحريرِ أرضٍ، ولكن طوفانُ الأَقصَى لم يكن إِلا استجابةً – متأَخرةً – لتلك النداءات الربانية، بحتمية الجهاد وتَعَيّنه عليهم.
{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)} [التوبة: 41]. وها هم حماس ينفرون بجميع أحوالهم، فرادى وجماعات كذلك.
فَنَصَرُوا اللهَ تَعالَى في اسْتِجابَتِهِمْ لَهُ سُبحانه في أَوامِرِهِ حيثُ قالَ تعالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)} [الأنفال: 39، 40]. فها هي حماس – لم تأت ببدعة جديدة، ولم تُلق بنفسها في تهلكةٍ، بل قامت تستجيبُ للنداء السابق وتقاتل، وتُحيي فريضةً قد اندثَرَت، مع رُكامِ الجُبنِ والهَلَعِ والخوف، والتأْويل الخانِعِ، وحُبِّ الدُّنيا وكراهيةِ الموتِ، فقامت حماسُ، ليس مِن أَجل القتل كقتلٍ، ولكن قامت لتكون كلمة اللهِ بتوحيدِه هي العليا، وكلمةُ الذين كفروا هي السافِلة السُّفلَى، فقامت حماسُ، حتى لا ينتشر فسادُ الكفرِ اليهودي النصراني في الأرض.
– {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} [التوبة: 29، 30]. وكذلك استجابت حماسٌ، فقاتلوا اليهودَ والنصارى، حتى يخرجوا مِن أَرضِهِم، أو أن يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)} [التوبة: 36]. وها هم حماس والفصائل يستجيبون، فيقاتلوا اليهود والنصارى كافة.
{فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ، إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)} [النساء: 76]. وكذلك.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} [التوبة: 123]. وها هم حماس يقاتلون اليهود المحتلين المجاورين لهم.
– {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13)} [التوبة: 12، 13].
– {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)} [التوبة: 14 – 16]. وها هي حماس تمتثله ضد المحتلين.
– {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191]. لله دَرُّكِ يا حماس، فما تخلفتم عن ذلكم مِن شيءٍ، ضد الغاصبين.
{فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} (4) محمد.
{فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)} [النساء: 74]. وها هم حماس يمتثلون ذلك.
{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)} [النساء: 84]. وها هم حماس يمتثلون ذلك.
– {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126]. وها هم حماس يمتثلون مبادئ الجهاد الإسلامي، دون اعتداء منحرف.
– {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)} [الشورى: 41، 42].
– {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)} [الحج: 39، 40]. وها هم حماس يستجيبون لكل ذلك.
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} [التوبة: 73]. وها هم حماس يستنُّون بذلك.
{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (24) التوبة. لله دَرُّكِ يا غَزَّةَ.
{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87) لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)} [التوبة: 81 ، 89].
وهذا هو حال المناوئين لحماس اليوم، كحال المنافقين للمجاهدين بالأمس، وما أكثرُهم في زماننا.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمْ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15 – 16]. وها هم حماس يمتثلون ذلك.
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)} [الأنفال: 60، 61].
وكذلك حماس، قد أعدت عُدَّتَها، وطوَّرَت نفسها، من أطفال الحجارة، إلى شباب المقلاع، إلى الصاروخ ثم إلى المُسيرات الطائرات.
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [مَنْ لَمْ يَغْزُ، أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ، أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ، قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ] (-). رواه: (د، جه، مي). بأسانيد حِسان
[لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ [ظاهرون] كَذَلِكَ، [يُقاتلون مَنْ نَاوَأَهُمْ مِن أهلِ الشِّرك] (-)، إِلَى يَوْم الْقِيَامَة]، [حتى يقاتلَ آخرُهم (المسيحَ) الدجالَ]، [وَلَا تَزَال طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنصورة]، [ما يَضرُّهم مَن كذَّبَهم ولا مَن خالَفهم]، [لا يَضرُّهم عداوةُ مَن عاداهم ولا خُذلانُ مَن خَذَلَهم]، [تُقاتلُ أعداءَها، كُلَّما ذَهبتْ حَربٌ، نَشَبَتْ حَرْبُ قَومٍ آخَرِين]، [ثُمَّ يَنزلُ عيسى ابنُ مَرْيَمَ]، وهُم عَلَى ذلك]، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ (-)، وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (-)، [وَهُمْ بِالشَّامِ]، [يُقَاتِلُونَ عَلَى أَبْوَاب دِمَشْق وَمَا حَوْلهَا (-)، وَعَلَى أَبْوَاب بَيْت الْمَقْدِس وَمَا حَوْلَهُ، لَا يَضُرّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة] صحيح متواتر. – إن لم تكن حماسُ بيتِ المقدس، حلقةً في تلك السلسلة المنصورة، في العصر الحديث، فمن سواهم ؟؟؟.
فحماسُ غزةَ قد نَصَرَتْ اللهَ تعالَى – إيمانيا وعقائديًا، دنيويًا وأُخرويًا – فَأَحْيَتْ كُلَّ هَذِهِ الأَوامِرِ، والشَّعائِرِ، والشَّرائِعِ والمبادئ الرَّبانِيَّةَ المُبَارَكَةَ، وثبتت عليها حتى النهاية، بَعدَ ما تَعَطَّلَ الجهادُ أَكثَرَ مِن قَرْنٍ مِن الزَّمانِ.
عَلَى الرَّغْمِ مِن أَنَّه بِإِحْياءِ الجهادِ، يَحَيى المُسلمونَ بدِينِهِم، في عِزَّةٍ وكَرامَةٍ وقُوَّةٍ، وأما في ضَياعِ الجهاد، يَموتُ المُسلِمونَ ودِينُهم، في ذِلَّةٍ ومَهانَةٍ ومَهلَكَةٍ، كما نَحنُ فيه اليومَ.
– {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ، فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا، وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا، وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)} [آل عمران: 146 – 148].
4 – لقد ربِحت حماسُ غَزَّةَ التمكين الدَّعَوي والمعنوي: في قلوب الأمة المسلمة، بل وفي قلوب العالمين اليوم، من غير المسلمين، فحتى أعداء حماس، أصبحوا يتفاوضون معهم، ويحسِبون لهم ألفَ ألفِ حساب، وهذا نوع من النصر المعنوي.
فحماسُ غزةَ قد نَصَرَتْ اللهَ تعالَى في إِحياءِ الجهاد، وما وَهَنُوا وما ضَعُفوا وما استكانوا، على الرغم من فقدانهم لأبسط مقومات البقاء، فَنَصَرَهُمُ اللهُ اليَومَ علَى جَمِيعِ قوَى الشَّرِّ في الأَرْضِ، وثَبَّتَ اللهُ أَقدامَهُمْ، فَهُمْ اليومَ بإيمانهم، أَعَزُّ القَومِ، وبثباتهم هم أَثْبَتُ القَوْمِ، وأَقْوَى القَومِ، بل وشرفاءُ العالَم يقفون في صَفهم، ويَكفيهِم شَرَفًا، أَن أَشْقِياءَ العالَمِ بِأَسْرِهِ اليَومَ يُفَاوِضُونَهُم، وَيَشْتَرون وُدَّهُمْ، والسَّلامَةَ مِنْهُمْ، فأيُّ نصرٍ بعد هذا، أَلَيْسَ فيكُم رَجُلٌ مِن حماس، أليس فيكم رجلٌ بَصيرٌ.
5 – ثم ربِحتْ حماسُ، الاصطفاف مع سلسلة المؤمنين المجاهدين الخالدين، المتبعين لهدي المرسلين: فحماسُ غزةَ – حتى لو احترقوا جميعًا – فهم أَقربُ حالًا وامتثالًا بإبراهيم الخليل، عليه السلام، في ثباته ونصرة دينه، واستقامته على الدعوة إلى توحيد ربه، فوجب عليه البيانُ باللسانِ أو بالسِّنانِ، وإن لم يَملك جُندًا ولا سلطانًا ولا جيشًا، فَثَبَتَ حتى أحرقوه، ثم طردوه من بلده، بلا دعوة ولا دولة، ولا جيش ولا تمكين، ومع ذلك اصطفاه اللهُ تعالى بذلك الثبات، خليلا للرحمن، بميزان النصر الحقيق، وجعله أُمة منتصرةً، بل وأمر الأنبياءَ والمؤمنين بالاقتداء بفعله وسبيله. {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً، قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا، وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ، اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ، أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)} [النحل: 120 – 123]. – {وَمَنۡ أَحۡسَنُ دِينٗا مِّمَّنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ، وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۗ، وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا 125}. [النساء: 125].
6 – كما ربِح قَتْلَى حماسِ غزةَ، الفوزَ الأُخروي، بالشهادةِ في سبيل الله تعالى، وحياة النعيم الأَبَدِيَّةِ، ونحسَبُهم كذلك:
فحماسُ غزةَ، حتى لو هلَكوا جميعًا، فهم أَقربُ حالًا وامتثالًا بأصحابِ الأخدود، الذين ثبتوا على دينهم وجهادهم، وثبتوا بلا جيش ولا قوة، ولا منعة ولا سلطان، وجاهدوا بلسانِهم حتى هلكوا جميعًا، بلا نصر في الميدان، ولا دعوة بقيت في البلدان، ومع ذلك وصفهم اللهُ تعالى بأنهم منتصرون، بميزان النصر الحقيق، فهم على الفوز الكبير موصوفون، وإن فنَوا جميعًا فهم باقون، وأبقى اللهُ دعوتهم وسبيلهم نموذجًا منتصرًا، وقدوةً للنصر إلى يوم الدين، فقط لأَنهم ثبتوا على جهادِهِم حتى النهاية: {وَمَا نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ (8) ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ (9)} [البروج: 8-9]. {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا – [وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ] – لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)} [البروج: 11، 12].
7 – ربِحت حماسُ، كَسْرَ حاجز الخوف، وفضح التخاذل الأُمَمِيِّ، سواء عند العدو، أو بين صفوف اخوتِهِم، وكشفِ التمايز بين الصادقين والمنافقين.
– ملحوظةٌ هامةٌ:
“تنزيلُ تلك النصوص ومناط أحكامِها، لا يعني عِصمة أَحدٍ، ولا أن الطائفةَ المنصورة منحصرةٌ في جماعةٍ أو فصيلٍ، بل هي وصفٌ إيمانيٌّ عامٌ مُطلَقٌ، لكل من جاهد في سبيل الله مخلصًا، وامتثل أوامره سبحانه ثابتًا، سواءٌ غَلب أو استُشهِد* .”
والبقية تأتي … إن شاء اللهُ تعالى
ذي القِعدَة 1446هـ 2/5/2025 مـ 📍 غزة، بيت المقدس – وأكنافها