
أويغور تركيا يطالبون بإطلاق معتقلي الصين
مايو 14, 2025
الثبات على الحق أول النصر
مايو 15, 2025تُعامل السيرة النبوية وكأنها مجرد أحداث تاريخية شُبعت بحثًا وتحقيقًا، دون أن نُمعن النظر في جوهرها التطبيقي، وكيف يمكن أن تكون منهاجًا حيًا يُنير واقعنا اليومي، لا مجرد سردٍ يُقرأ في الكتب. لم ندرسها كطريقة حياة، بل كقصص تُروى، ولهذا لم تصبح جزءًا من وعينا الجمعي كما ترسخت في نفوس الصحابة حين تعلموها من النبي ﷺ نفسه.
السيرة في مناهجنا.. الغائب الحاضر
لماذا لم تُدرّس السيرة للأطفال كما تُدرّس تحية العلم والشعارات الوطنية؟ لأن من يتحكم في صناعة الوعي يدرك أن بناء الأمم يبدأ بصغارها، ولهذا دُسَّت السموم في المناهج، حتى لا ينشأ جيل يسأل الأسئلة التي يخاف منها كل مستبدٍّ ومعتدٍ.
ماذا لو كان أطفالنا يتعلمون من الرسول ﷺ كما تعلم منه الصحابة؟
كانوا سيسألون بأسئلتهم البريئة والعميقة في آن واحد:
• هل كان النبي ﷺ سيطل على الكعبة من برج الساعة في رمضان؟
• هل سيصعد فوقها ليشرف على توسعتها، بينما تُستباح دماء المسلمين في الشرق والغرب؟ (حاشاه من ذلك).
• ماذا سيقول لجنود الحدود الذين يحرسون الأرض؟ وهل سيعد من يحاول القدوم إليها غازيًا أم طالب حق؟
• أيّ الدول الإسلامية اليوم ستكون دولته؟ وهل سيتفرق العرب من جديد؟
• كم “مُسيلمة” سيبعث إليه برسالة يدّعي فيها أنه شريك في الأمر؟
هل كان سيرى في جامعة الدول العربية امتدادًا لـ حلف الفضول الذي نصر المظلوم، أم حلفًا آخر لا يُشبه إلا “لعقة الدم” و”نادي قريش”؟
لو طبّقنا السيرة.. لما أضعنا الطريق
لم تكن السيرة دروسًا نظرية، بل منهجًا لصناعة النهضة. لو أننا أحببناه حقًا واتبعنا خطواته، لما وجدنا أنفسنا نكرر أخطاء الماضي، ولما وقعنا في الفخاخ ذاتها التي سقط فيها الشريف حسين بن علي عندما حلم بـ”مملكة عربية” على أجزاء من أرض العرب، بدلاً من أمة موحدة كما أرادها النبي ﷺ.
أين سيكون النبي اليوم؟
لو كان بيننا اليوم، أين سيكون؟
• في غزة، يحفر الأنفاق بيديه الشريفتين، ويشرف على بناء خندق جديد حولها، ويعد أصحابه بأنهم ظاهرون على عدوهم ولن يضرهم من خذلهم، ويقرأ عليهم: ﴿وَلِيُدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الإسراء: 7].
• في دمشق، يعيد تأسيس الدولة، يكتب صحيفة جديدة للمدينة، ويعمر المساجد ليكون منطلق الدعوة والجهاد من جديد.
• في الأسواق، يفتتح سوقًا بعيدًا عن الاستغلال الرأسمالي، يعيد إحياء الاقتصاد الإسلامي ليكون عادلاً ومنصفًا، لا رهينةً للبنوك الربوية والاستهلاك المفرط.
• بين الناس، يحدثهم عن بدر وأحد، عن يوم حنين إذ ﴿أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم﴾، عن فقه الأولويات، وعن أن التنافس ليس على الدنيا، بل على ﴿جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾.
• في السياسة، يرسل عدة رسائل مفادها: “أسلم تسلم”، دون خوف أو تملق أو مواربة.
السيرة.. جسرنا إلى المستقبل
لهذا كله، حق علينا أن نجعل السيرة أسلوب حياتنا، لا مجرد قصص تُحكى في كتب التاريخ. أن نكون الجسر الذي يصل أطفالنا بتعاليم النبي ﷺ، حتى لو بالغ أعداؤنا في التغطية عليها، وحتى لو حاولوا تغييبها عن مناهجنا.
نحن بحاجة إلى تعليم السيرة تطبيقياً، يضمن أن تنشأ الأجيال القادمة على العدل والحق، حتى يكون لهم نصيبٌ من نور النبي، ورجاء شفاعته يوم القيامة، ﴿یَوۡمَ لَا یَنفَعُ مَالࣱ وَلَا بَنُونَ﴾ [الشعراء: 88].
والحمد لله رب العالمين