مِنة الله على المؤمنين
فبراير 21, 2024من أعلام السنة الإمام الأعمش
فبراير 22, 2024نظم الشيخ العلامة عبد الرحمن ناصر السعدي رحمه الله قصيدة في شرح حديث النبي ﷺ:
«إِنَّ مَثَلَ ما بعثَنِي اللهُ به مِنَ الهدَى والعلمِ كمَثلِ غيثٍ أصابَ أرْضًا فكانت منها طائفةٌ طيِّبةٌ، قبِلتْ الماءَ فأنْبتَتْ الكَلأَ والعُشْبَ الكثيرَ، وكان منها أجادِبُ أمسَكتِ الماءَ، فنفَعَ اللهُ بها النَّاسَ فشَرِبوا منها وسَقَوا وزَرَعُوا. وأصَابَ طائِفة منَّا أخرَى، إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمسِك ماءً ولا تُنبِتُ كلًا. فذلك مثل مَنْ فقِه في دينِ اللهِ، ونفَعه بما بعثني اللهُ به، فعَلِمَ وعَلَّم، ومثل مَنْ لم يَرفَعْ بذلك رأسًا، ولم يقبلْ هُدَى اللهِ الَّذي أُرْسِلتُ بِهِ”.
[متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري]
فقال رحمه الله يحث على طلب العلم:
قد طال شوقي إلى الأحباب والفكر وقد عراني لذاك الهم والسهرُ وكم يجيش الهوى قلبي فيتركني لا أستفيق لما آتي وما أذرُ
وكم نصيح أتى يوماً ليعذلني فصار يعذرني فيهم ويعتذرُ يا لائمي في الهوى صعباً أضر به طول البعاد عن الأحباب مذ هجروا
فبات يرعى الدراري من تشوقه قد بات منه الحشا والقلب ينفطرُ لو كنتَ تدري الهوى أو قد بُليتَ به وذقت آلامه كالنار تستعرُ
لما نطقت ولم ينطق بلائمة لوم المحبين ذنب ليس يغتفرُ دع عنك ذكر الهوى والمولعين به وانهض إلى منزل عالٍ به الدررُ
تسلو بمربأه عن كل غالية وعن نعيم لدنيا صفوه كدرُ وعن نديم به يلهو مجالسه وعن رياض كساها النور والزهرُ
انهض إلى العلم في جد بلا كسل نهوض عبد إلى الخيرات يبتدرُ واصبر على نيله صبر المجد له فليس يدركه من ليس يصطبرُ
فكم نصوص أتت تثني وتمدحه للطالبين بها معنى ومعتبرُ أما نفى الله بين العالمين به والجاهلين مساواة إذا ذكروا
وقال للمصطفى معْ ما حباه به ازدد من العلم في علم به بصرُ وخصص الله أهل العلم يشهدهم على العبادة والتوحيد فاعتبروا
وذم خالقنا للجاهلين به في ضمنه مدح أهل العلم منحصر وفي الحديث إن يرد رب الورى كرما بعبده الخير والمخلوق مفتقرُ
أعطاه فقهاً بدين الله يحمله يا حبذا نعماً تأتي وتنتظرُ أما سمعت مثالاً يستضاء به ويستفز ذوي الألباب إن نظروا
بأن علم الهدى كالغيث ينزله على القلوب فمنها الصفو والكدرُ أما الرياض التي طابت فقد حسنت منها الربى بنبات كله نضرُ
فأصبح الخلق والأنعام راتعة بكل زوج بهيج ليس ينحصرُ وبعضها سبخ ليست بقابلة إنبات عشب به نفع ولا ضررُ
يكفيك بالعلم فضلاً أن صاحبه بالعز نال العلا والخير ينتظرُ يكفيك بالجهل قبحاً أن صاحبه ينفيه عن نفسه والعلم يبتكرُ
يكفيك بالجهل قبحاً أن صاحبه قد آثر المطلب الأدنى ويفتخرُ أي المفاخر ترضى أن تزان بها أجهلك النفس جهلاً ما له قدرُ
أم بالجهالة منك في شريعته كيف الصلاة وكيف الصوم والطهرُ أم كيف تعقد عقداً نافذاً أبداً كيف الطلاق وكيف العتق يا غدرُ
أم افتخارك بالجهل البسيط نِعَم وبالمركب لا تبقي ولا تذرُ تباً لعقل رزين قد أحاط به مع الجهالة شين الذنب والغررُ
كم بين من هو كسلان أخو ملل فما له عن ضياع الوقت مزدجرُ قد استلان فراش العجز مرتفقاً حتى أتى المضعفات الشيب والكبرُ
وبين من هو ذو شوق أخو كلف على العلوم فلا يبدو له الضجرُ يرعى التقي ويرعى من تحفظه أوقاته عن ضياع كله ضررُ
لا يستريح ولا يلوي أعنته عن الوصول إلى مطلوبه وطرُ تلفيه طوراً على كتب يطالعها يحلو له من جناها ما حوى الفكرُ
تلهيه عن روضة غناء مزهرة أطيارها غردت والماء منهمرُ أطيارها غردت والماء منهمرُ
وباحثاً تارة مع كل منتسب يبغي الرشاد فلا يطغى ويحتقرُ
واهاً له رجلاً فرداً محاسنه بالحزم والعزم هاك الصعب والعسرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* مجموع مؤلفات الشيخ السعدي 26/ 187 وما بعدها.