المعتقلون يا وزارة الداخلية!
مايو 7, 2024بنو إسرائيل في سورة الأعراف
مايو 7, 2024لقد أنزل الله تعالى تشريعات عدة على الأنبياء والرسل، فهناك شريعة آدم، وشريعة نوح، وشريعة إبراهيم، وشريعة موسى، عليهم السلام جميعًا، وختمها ربنا سبحانه بشريعة الحبيب محمد ﷺ، وكانت هذه الشرائع مع ما بينها من اختلافات يسيرة تتناسب مع العصر الذي وجد فيه ذلك النبي المرسل من رب العالمين، وجاءت الشريعة الخاتمة على نبينا محمد ﷺ ليسير الناس عليها إلى يوم القيامة.
وتلك الشرائع كلها مصدرها واحد وهو الله سبحانه وتعالى، وهو العليم الخبير بأحوال العباد وما يصلحهم، ولذلك استنكر الله تعالى على مَن يتخذون مشرعًا لهم من دون الله عز وجل، فقال سبحانه: ﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰۤؤُا۟ شَرَعُوا۟ لَهُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا لَمۡ یَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ ٱلۡفَصۡلِ لَقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ﴾ [الشورى: ٢١]، فبيّن أن مَن يفعل ذلك يكون ظالمًا لنفسه ولمجتمعه ولربه.
وهذه التشريعات هي النظام المحكم من رب العباد، والذي أمر الناس جميعًا أن يسيروا عليه، ففيه هدايتهم للتي هي أقوم، وفيه صلاح دنياهم وصلاح آخرتهم، قال تعالى: ﴿فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَایَ فَلَا یَضِلُّ وَلَا یَشۡقَىٰ * وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِی فَإِنَّ لَهُۥ مَعِیشَةࣰ ضَنكࣰا وَنَحۡشُرُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَعۡمَىٰ﴾ [طه: 123-124].
وقال أيضًا سبحانه وتعالى: ﴿فَإِمَّا یَأۡتِیَنَّكُم مِّنِّی هُدࣰى فَمَن تَبِعَ هُدَایَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة: ٣٨]، ولذا فإننا نجد هذا النظام الإلهي المحكم يشتمل على الرحمة المطلقة، وعلى العدل التام، وعلى دقة تسيير حركة الكون، وعلى الحياة الاجتماعية الكريمة لكل البشر، وعلى مراعاة الفوارق والمشاعر بين الناس، وعلى الأخلاق الفاضلة والاحترام المتبادل، وعلى العواطف المنضبطة… إلخ.
ولكنَّ الكفرة والملحدين من أصحاب النفوذ في العالم لم يرُق لسلطانهم ولا لجبروتهم وتكبّرهم أن يسيروا وفق نظام الله تعالى، فحرفوا الشرائع، وخرجوا على الدين القويم، ورفضوا سلطان الله تعالى عليهم، وتمردوا على قوانين الإله الحكم العدل، وشرعوا شرائع ما أنزل الله بها من سلطان، كل ذلك لا لشيء سوى لحماية عروشهم وكراسيهم وملكهم، ليتسلطوا على البشرية بجبروتهم وطغيانهم.
فكانت الشيوعية والرأسمالية والإلحاد والعلمانية والديموقراطية وغير ذلك مما لم ينزل الله به من سلطان، وما ذلك إلا لخديعة البشر بأنظمتهم الفاسدة، ويسمون ذلك بالنظام العالمي، والذي خدعوا به الدنيا بأسرها أعوامًا طوالًا، فهذه عصبة الأمم نظام محكم، فسرعان ما فشلت فغيروا الاسم وأبقوا المسمى كما هو، فكانت الأمم المتحدة، وهذا مجلس الأمن، وتلك حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، وحقوق الحيوان، بل والمناداة الزائفة بالحرية والديموقراطية، ومحاربة الرق، والتجارة بالبشر، ومحاربة العنصرية، والطبقية، وغيرها.
بل ووصل الأمر لعمل المحاكم التي توهم بالعدل، فهذه محكمة العدل الدولية، وتلك الجنائية الدولية، وكل هذا ما هو إلا وهم يصدرونه للشعوب عامة، ولشعوب الدول الإسلامية خاصة، ولكنَّ المغيبين من الناس، والمخدوعين والمنتفعين من أبناء أمتنا، وقليلي الحيلة الذين ألفوا المذلة والهوان، ما زالوا يلهثون وراء هذا السراب، ويشترون من هذا الوهم، بعلم وبغير علم، وبقصد وبغير قصد.
وكل هذا بدا عاجزًا أمام ما يُسمى بالفيتو، وهو اعتراض ولو دولة واحدة من الدول الخمس الظالمة التي تمثل الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، والتي يحق لواحدة منها فقط أن تعطل قرارًا توافق عليه جميع دول العالم، فهذه تعطله لمصلحة الشيوعية، وتلك تعطله لمصلحة الرأسمالية، وأخرى لمصلحة شخصية، وباقي العالم يئن ويصرخ ولا صوت له، ولا مجيب له.
فهل رأينا شيئًا يُضْحِك أكثر من هذا؟!
طوفان الأقصى
بارك الله فيمن اختار هذا الاسم للعملية المباركة، فضلًا عمن خطط ودبر وأعد لها، وكذا مَن نفذها وقام عليها، وأيضًا من صبر على تداعياتها وما ترتب عليها من جراح لأبناء شعبنا العظيم على أرض فلسطين.
جاء طوفان الأقصى ليتحرر من كل قيود العالم الظالم المتجبر، الذي لا يعرف سوى القتل والدمار والخراب والفوضى، ولا يعترف إلا بلغة القوة والمقاومة والجهاد في سبيل الله تعالى، وانتزاع الحقوق والتحدي للظلم والجبروت.
جاء طوفان الأقصى بكل عزة وفخار، وشموخ وإباء، ليعري هذا العالم الظالم، وليقول للمعتدي: كفاك ظلمًا وكفاك كذبًا وتدليسًا، فلقد فهمنا اللغة التي تفهمها، وسنذيقك من نفس الكأس التي لطالما عذبتنا بشربها، وليقول للعالم أجمع: استفق وافهم وانهض وقُم وقاوِم وانتزع حقك فإن الحقوق تنتزع ولا تُستجدَى، وليقول للمظلومين والأسرى والضعفاء: قرب خلاصكم، وأوشكت حريتكم، وليقول للمقدسات: كل شيء يهون أمام تطهيركم من الدنس.
طوفان الأقصى يغرق النظام العالمي
لقد أوقعت طوفان الأقصى النظام العالمي في مستنقع الكذب، وفضحت زيفه، وأظهرت حقيقته للقاصي والداني، وعرّته من كل ناحية حتى بدت سوأته، فمثلًا:
مجلس الأمن
لقد بات واضحًا أنه لا قيمة له، وأنه عبء على الدول من تعيين ممثل لها تنفق عليه المال دون قيمة تذكر، فأمريكا راعية الإرهاب العالمي تفعل به ما تشاء، ولقد رأينا كيف تحدت أمريكا العالم كله، بعدما قرر مجلس الأمن وقف الحرب على غزة لدواعي إنسانية، لمنع الإبادة الجماعية في غزة، استخدمت أمريكا الفيتو لتوقف القرار نهائيًا، وليس لهذا معنى سوى أن أمريكا لا تعبأ بمجلس الأمن كله، وهي تفعل ما تريد.
وهنا التساؤل لماذا يستمر مجلس الأمن إن كان لا يستطيع إنفاذ قراره؟ وأن قراره في مهب الريح ما لم توافق عليه صاحبة الجلالة؟ لقد فشل مجلس الأمن فشلًا ذريعًا في إثبات وجوده أولًا، ثم في تمرير ولو قرار واحد ضد ما يسمَّى بإسرائيل.
الأمم المتحدة
لقد حاول الأمين العام للأمم المتحدة أن يضغط ولو شكليًا على مجلس الأمن وذلك لتحسين صورة الأمم المتحدة أمام المجتمع الدولي ففشل، وأراد دخول غزة من ناحية مصر فَمُنِع، فأي أمين عام هذا؟ وأي أمم متحدة هذه؟
فالأمم المتحدة منوط بها اتخاذ إجراءات بشأن القضايا الرئيسية التي تواجه البشرية، أليس ما يحدث في فلسطين وغزة قضية من القضايا التي تواجه قطاعًا كبيرًا من البشرية؟! أين الأمم المتحدة من قضية اللاجئين الفلسطينيين في غزة؟ حيث لا مأوى لا طعام لا شراب لا كساء لا أمن ولا أمان، والأمم المتحدة لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم، وذلك لأن الموضوع متعلق بالصهيونية التي تعين الأمين العام للأمم المتحدة ومساعديه.
حقوق الإنسان والطفل والمرأة
فهي مصطلحات تدعو إلى السخرية والاستهزاء والضحك، فشر البلية ما يُضْحِك، فقد أوضح طوفان الأقصى أن المقصود بالإنسان في مصطلح المنظمة هو الإنسان الغربي غير المسلم، فإن كنت مسلمًا أو عربيًا فلا حظ لك في الإنسانية، وبالتالي لا حظ لك فيما يسمى بالحقوق، ويصير القط والكلب أولى منك بالرعاية والرأفة والحنان.
ونفس المعنى لو كنت طفلًا أو امرأة، فلا تبحث عن حق بين حقوق البشر، وإلا أما سَمِعَتْ تلك المنظمات عن ثلاثين ألفًا من المدنيين العُزل ماتوا بنيران وحمم الطائرات من الأسلحة المحرمة؟
وأن مليوني شخص صاروا مشردين بلا مأوى؟
أما سمعت وشاهدت تلك المنظمات أشلاء الأطفال وهي تتناثر شرقًا وغربً شمالًا وجنوبًا؟
أما علمت أن آلافًا من البشر ما زالوا تحت الأنقاض منذ أكثر من أربعة أشهر؟
أما سمعوا هندًا وهي طفلة تستغيث وسط الأشلاء حتى انقطع صوتها بعد ست ساعات لا لشيء غير أنها قُتلت أيضًا؟
أما سمعوا أمًّا تبكي على صغيرها لا لأنه مات -فقد مات الآلاف مثله- لكن لكونه مات من الجوع؟
أما شاهدوا الأطفال ينامون في ماء المطر داخل خيامهم؟
أما رأت المستشفيات تُقصف؟ والأطفال الخدج يموتون؟ والأونروا تمنع من عملها وكبريات الدول توقف دعمها لها لأنها تساعد أبناء فلسطين؟
إذن لقد ماتت تلك المنظمات موتًا كاملًا، وأصبحت هي والعدم سواء.
وهذا هو حال المجتمع الدولي، لا خير فيه، ولا خير يُرجى منه، وما حال روسيا أو الصين وغيرها بأحسن حالًا ممن ذكرنا، ونحن في الحقيقة لا نعول على المجتمع الدولي، صاحب الشعارات التي باتت بالية لا قيمة لها.
طوفان الأقصى وحكام العرب
طوفان الأقصى يكشف ورقة التوت التي كانت تستر سوأة الحكام العرب، والذين ظهر اليوم عيانًا أنهم ما كانوا إلا في محل المفعول به، لا الفاعل، والذين عاشوا دهرًا يستترون وراء القضية الفلسطينية، ويظهرون أنهم حماتها، جاء الطوفان عليهم ليحملهم إلى مزبلة التاريخ ولو حكمًا، وليظهرهم على حقيقتهم التي باتوا عليها تحت لحاف عدوهم، وما تسربلوا به من العمالة والخيانة.
بل ويكشف معهم أيضًا أصحاب العمائم واللحى الذين يعظمون القصور أكثر من تعظيمهم لله تعالى، ويرون أن قتل البعوضة جريمة لا تُغتفر، لكن قتل الآلاف ظلمًا وعدوانًا قضية لا تُعتبر.
ألا ما أقبح النظام الدولي، وما أقبح أعوانه من شرذمة الحكام المتصهينين، وممن اشتروا الدنيا وباعوا الدين!
وأخيرًا طوفان الأقصى ورئيس أمريكا
هل رأيتم رئيس أمريكا وهو يهذي، فيردد الكذبة خلف حليفه ثم يتراجع عنها، ثم يعود للكذب وهكذا؟ هل توقعتم يومًا أن رئيس أمريكا أعظم دولة يخرج على شعبه ليقول لقد قدمنا مقترحنا وننتظر رد حماس، أي والله ينتظر رد حماس، إذن لقد أغرق طوفان الأقصى كل الأرض!
فما أعظمك وما أجملك أيها الطوفان!
وما زلنا ننتظر منك المزيد، وسلام على رجالك الأوفياء الأبطال.