
الأسير حيٌ ميت
مايو 4, 2024
سن الرشد
مايو 6, 2024
كونوا شوكاً في حلق بني صهيون واسقوهم الموت كل لحظة
يا بني صهيون: أحفاد المصطفى يعدّون لكم العدة لقتالكم إلى يوم الدين
اتركوا النزاعات والخلافات واتحدوا ضد بني صهيون
الجهاد هو روح الإسلام وخلاصته، وسر قوته، وعنوان وجوده
بسم الله الرحمن الرحيم..
﴿وَٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ فِینَا لَنَهۡدِیَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ﴾ صدق الله العظيم [العنكبوت: 69].
المؤمنون الذين جاهدوا أعداء الله، والنفس، والشيطان، وصبروا على الفتن والأذى في سبيل الله، سيهديهم الله سبل الخير، ويثبتهم على الصراط المستقيم، ومَن هذه صفته فهو محسن إلى نفسه وإلى غيره. وإن الله سبحانه وتعالى لمع مَن أحسن مِن خلقه بالنصرة والتأييد والحفظ والهداية.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ اللهُ فلا مُضلّ له، ومن يُضْلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. تحية طيبة أما بعد:
أهلي وإخواني وأحبائي في دين الله..
إن الجهاد أصيل مكين في هذا الدين، وهو روح الإسلام وخلاصته، وهو سر قوته وعنوان وجوده وحيويته، وهو السبيل المضمون المأمون الذي يسلكه المؤمنون الصادقون، ويصلون به إلى جنات النعيم، وينالون رضوان رب العالمين، فمن المعلوم أن الخلق كلهم ملك لله وعبيد، وأن الله يفعل في مُلكه ومِلكه ما يريد، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، ولا يُقال لما لم يُرِد لمَ لمْ يكن؟
ومع هذا فقد اشترى الله تعالى من المؤمنين أنفسهم لنفاستها لديه، إحساناً منه وفضلاً، ورقم ذلك العقد الكريم في كتابه القديم فهو يُقرأ أبدًا بألسنتهم ويُتلَى، فقال تعالى في كتابه الحكيم: ﴿۞ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَیَقۡتُلُونَ وَیُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَیۡهِ حَقࣰّا فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِیلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُوا۟ بِبَیۡعِكُمُ ٱلَّذِی بَایَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ﴾ صدق الله العظيم [التوبة: 111].
أهلي وإخواني وأحبائي في دين الله، يجب أن تعلموا أن الأجل محتوم، وأن الرزق مقسوم، وأن ما أخطأ لا يصيب، وأن سهم المنية لكل أحد مصيب، وأن كل نفس ذائقة الموت، وأن ما قدر أزلاً لا يخشى فيه الفوت، وأن الجنة تحت ظلال السيوف، وأن الري الأعظم في شرب كؤوس الحتوف، وأن مَن اغبرّت قدماه في سبيل الله حرّمه الله على النار، وأن مَن أنفق دينارًا كتبه الله بسبعمائة، وفي رواية أخرى بسبعمائة ألف.
وأن الشهداء عند الله من الأحياء، وأن أرواحهم في جوف طير خضر تتبوأ من الجنة حيث تشاء، وأن الشهيد يُغفر له جميع ذنوبه وخطاياه، وأنه يُشفّع في سبعين من أهل بيته ومَن والاه، وأنه يأمن يوم القيامة من الفزع الأكبر، وأنه لا يجد كرب الموت، ولا هول المحشر، وأنه لا يحس ألم القتل إلا كمسّ القرصة، وكم للموت على الفراش من سكرة وغصة!
وأن الطاعم النائم في الجهاد أفضل من الصائم القائم في سواه، ومَن حرس في سبيل الله لا تبصر النار عيناه، وأن المرابط يجري له أجر عمله الصالح إلى يوم القيامة، وأن ألف يوم لا تساوي يوماً من أيامه، وأن رزقه يجري عليه كالشهيد أبدًا لا ينقطع، وأن رباط يوم خير من الدنيا وما فيها أجمع، وأنه يؤمّن من فتنة القبر وعذابه، وأن الله يكرمه يوم القيامة بحسن مآبه.. إلى غير ذلك من الفضل الذي لا يُضاهَى ولا ينتهي، والخير الذي لا يتناهى.
يقول الله تعالى في كتابه الحكيم: ﴿لَّا یَسۡتَوِی ٱلۡقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ غَیۡرُ أُو۟لِی ٱلضَّرَرِ وَٱلۡمُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلۡمُجَـٰهِدِینَ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ عَلَى ٱلۡقَـٰعِدِینَ دَرَجَةࣰۚ وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلۡمُجَـٰهِدِینَ عَلَى ٱلۡقَـٰعِدِینَ أَجۡرًا عَظِیمࣰا﴾ صدق الله العظيم [النساء: 95].
أهلي وإخواني وأحبائي في دين الله..
طريق الجهاد في سبيل الله طويل وصعب، ويحتاج إلى صبر وتحمل حتى تلقى إحدى الحسنين: إما النصر على أعداء الدين أو الشهادة في سبيل الله.
أهلي وإخواني وأحبائي في دين الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، والحفاظ على سُنة نبينا محمد ﷺ، وأن تسيروا على نهج الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى مَن تبعهم من الصالحين والمجاهدين.
أما بعد: أقسم بالله إني أحبكم جميعًا، ولكن أحبّ أن أموت في سبيل الله، وأن ألتحق بركب رفقاء الدرب والشهادة. كم هو صعب فراقكم، ولكن كم هو جميل أن ألقى الله عز وجل مضرجاً بالدماء!
هذه وصيتي لكم:
أوصيكم بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها، وقراءة القرآن، والعمل بما جاء في القرآن والسنّة، وصوم النوافل، والإكثار من الدعاء لي والتصدق عني قدر الإمكان، كما أطلب منكم زيارتي في قبري.
أمي الحبيبة الغالية..
سامحيني، وادعي لي ولا تبكي علي، فإن لقاءنا في الجنة بإذن الله، والله إني أحبك وأعلم أن فراقك صعب، لكن سامحيني. أتمنى من الله أن تصبري يا أمي، فأنا أحبك لأنك دائماً كنتِ العطاء الذي لا ينتهي وستبقين إن شاء الله، فاحتسبيني يا أمي فأنا سأكون مع مَن اختارهم الله لجواره؛ فاحتسبينا جميعاً وقولي: “اللهم فرج لي مصيبتي وأجرني في مصيبتي واخلفني خيراً فيها”. وأستودعك اللهم دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك.
أبي الحبيب الغالي..
احترم رغبتي واحتسبني عند الله، فمَن ساعدني للوصول للجنة لا يُجَزى سوى بشفاعتي له، فاجعلني مستريحاً دائماً وفخوراً بأب أنا ابنه أمام ربي وخلقه، فبعزة الله يا غالي أن تريحني في قبري، ولا تفعل شيئاً سوى احتسابي عند الله، فالله أعطى والله أخذ، وإنا لله وإنا إليه جميعاً راجعون. وسامحني إن كنت أخطأت في حقك، وأطلب منك أن تربي إخوتي على نفس الطريق، طريق الجهاد في سبيل الله.
إخواني وأقاربي الأعزاء..
الحمد لله الذي هداني للإسلام، ورزقني الشهادة في سبيله، فأرجو منكم أن تواظبوا على الصلاة والعبادات، وأن تربّوا أبناءكم التربية الإسلامية الصحيحة، وأتمنى منكم أن تسامحوني إن أخطأتُ يوماً معكم، وأوصيكم بالتحابّ والتماسك، وأن يصفح بعضكم عن بعض، وأن تصلوا الأرحام، وأن تكرموا من يزاوركم في عرسي.
أصدقائي وأحبتي في دين الله..
سامحوني، وادعوا لي بالمغفرة، ولا تنسوني من صالح الدعاء، ولا تقطعوني وزوروني بقبري، بارك الله فيكم، وأرجو منكم أن تواصلوا طريق الجهاد والمقاومة والاستشهاد، والمحافظة على الصلاة، وخاصة صلاة الفجر في المساجد، والتخلي عن الحزبية، لأن الحزبية تقتل صاحبها. وأخلِصوا دائماً النية مع الله.
وكي لا أنسى، أتقدم لإخواني في (حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين) وجناحها العسكري (سرايا القدس)، الأحياء منهم، ومَن لقي الله تعالى مجاهدًا في سبيله، بالشكر الجزيل لما قدموه لي كي أصل لهذا الطريق، طريق الجهاد وطريق العزة والكرامة، كما أطلب منكم الاستمرار في خيار الجهاد والمقاومة وإياكم وأن توقفوا العمل الاستشهادي، وأن تبقوا شوكاً في حلق بني صهيون، تسقوهم الموت في كل لحظة، لا يهمكم مَن خالفكم، فأنتم بإذن الله على الطريق الصحيح والسليم، طريق الشهداء والوفاء لدمائهم الطاهرة.
كما أطلب من إخواني في (حركة الجهاد الإسلامي) وجناحها العسكري (سرايا القدس) أن يكون عرس الشهادة مطابقاً لما جاء بالقرآن والسنة، وأطلب منكم عدم طباعة صور لي، وأن يكون موكب التشييع صامتاً، وأطلب من إخواني المجاهدين عدم إطلاق الرصاص وتوفيرها لقتال العدو الصهيوني، وكل من يخالف الوصية فليتحمل الإثم.
أما بالنسبة لديوني فهي مدونة، وأطلب من كل شخص له دَين أو حق عليّ أن يذهب لإخواني في (حركة الجهاد الإسلامي) ولأهلي، فهم جاهزون لسداده مهما كبر أو صغر.
وهذه رسالة إلى بني صهيون..
ارحلوا عن أرضنا، وإن لم ترحلوا سنجعلكم ترحلون بعملياتنا الاستشهادية وصواريخنا المباركة، ولن ترحمكم بنادق مجاهدينا، ولا أحزمتهم الناسفة؛ فهاهم أحفاد المصطفى يعدون لكم العدة لقتالكم إلى يوم الدين، ولن نرضى إلا بفلسطين كاملة من بحرها إلى نهرها.
الموت لبني صهيون، الموت لبني صهيون، الموت لبني صهيون.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
ورسالة أيضًا إلى أبناء الشعب الفلسطيني..
إياكم والاقتتال، واتركوا النزاعات والخلافات، واتحدوا ضد بني صهيون، فإن في الاتحاد القوة وفي التفرق الضعف والهزيمة.
إخواني: الإسلام سبيلنا، والشهادة أسمى أمانينا، ولا إله إلا الله محمد رسول الله، فليتقدم الشباب المسلم جند الله وجند رسوله وعشاق الشهادة ليخضبوا بالدم شوارع أرض الإسراء.
وأخيراً..
لن أقول لكم: وداعاً. بل: إلى الملتقى مع النبيين والصديقين والشهداء، ومع مَن اختارهم الله تعالى.
أهلي وإخواني وأقاربي وأحبائي في دين الله، سامحوني سامحكم الله، والله إني أحبكم جميعاً، واستودعوا الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم الشهيد باذن الله
محمد أحمد أبو سالم
ـــــــــــــــــــــــــ
* استُشهد الشهيد محمد أحمد خليل أبو سالم في 21-8-2007م، وعمره عشرون عاماً، أثناء تنفيذه مهمة جهادية بالقرب من مستوطنة (كوسوفيم) جنوب قطاع غزة. واستُشهد معه الشهيدان المجاهدان هما: عوض الله إبراهيم شتات، وشادي مصطفى السقا، وكلاهما من مدينة القرارة بمحافظة خانيونس. المصدر: وصايا مسافرة لكوكبة مضيئة من شهداء حركة الجهاد الإسلامي، إعداد: طارق أبو علي، دار الشاطئ/غزة، 2012، ص432-434.