مفزع اليتامى والأرامل
فبراير 9, 2024أمهات المؤمنين ينصرن النبي
فبراير 12, 2024
قال الشاعر:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
لقد كانت خديجة رضي الله عنها الحب الأول في حياته ﷺ، إذ أخبر ﷺ عنها في الحديث الصحيح: “إني قد رُزقت حبها”(1) .
وقد كانت خديجة من نِعم الله الجليلة على الرسول ﷺ، بقيت معه ربع قرن تَحنّ عليه ساعة قَلَقِه، وتؤازره في أحرج أوقاته، وتعينه على إبلاغ رسالته، يقول الرسول ﷺ: “آمنتْ بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها، وحرم ولد غيرها”(2).
قال ابن الأثير: خديجة أول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين، لم يتقدمها رجل ولا امرأة، وقال ابن العربي: “كان النبي ﷺ قد انتفع بخديجة برأيها ومالها ونصرها، فرعاها حية وميتة، وبرَّها موجودة ومعدومة، وأتى بعد موتها ما يعلم أنه يَسُرها لو كان في حياتها.
وقد حافظ النبي ﷺ على حبه القديم الأول، حتى بعد موت خديجة، فكان ﷺ يكثر من الثناء عليها والاستغفار لها، كما جاء في الحديث الذي رواه الطبراني، وقد غارت عائشة رضي الله عنها من ذلك، حيث تقول: “ما غرت على امرأة للنبي ﷺ ما غِرتُ على خديجة، ماتت قبل أن يتزوجني، لما كنت أسمعه يذكرها”(3)، وفي رواية: “كأن لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة”(4).
ومن كثرة ما كان يذكر النبي ﷺ خديجة غارت عائشة حتى قالت كما جاء في الحديث: “تذكر خديجة وقد أبدلك الله خيراً منها؟”. فينتفض الرسول ﷺ للدفاع عن حبه القديم الدفين في قلبه والذي ما انمحى رسمه رغم تطاول العمر فقال: “لا والله ما أبدلني الله خيراً منها”(5)، مع أن الرسول ﷺ كان في سَعة من الأمر بحيث يجامل عائشة بشيء من القول، إلا أنه رفض أن يشرك أحداً في منزلة خديجة عنده.
تنتبه عائشة لانتفاضة الرسول في الدفاع عن حبه لخديجة فتقول مستسلمة: “والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير”(6). فكان ﷺ شديد الوفاء لخديجة بعد موتها، “حتى أنه كان يذبح الشاة فيوزعها في صديقات خديجة”(7) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت عجوز إلى النبي ﷺ وهو عندي، فأقبل عليها إقبالاً حسناً، يسألها عن حالها وأخبارها، فلما خرجت قلت يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال، فقال: “إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان”(8).
أما عن مكانة خديجة عند الله عز وجل فليس أدل على علو منزلتها ومكانتها من الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي ﷺ فقال: “يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب”(9).
رضي الله عن خديجة وعن جميع زوجات المصطفى أمهات المؤمنين وجمعنا بهم في جنات النعيم.
(1) رواه مسلم.
(2) رواه البخاري ومسلم.
(3) رواه البخاري.
(4) رواه البخاري.
(5) رواه البخاري.
(6) رواه أحمد.
(7) رواه البخاري
(8) رواه الحاكم.
(9) رواه البخاري ومسلم.