التوبة من خطيئة الضعف!
نوفمبر 12, 2024تثبيت المؤمنين وانتكاس المبطلين
نوفمبر 12, 2024خالد خضر بيضون
بيروت
ينشغل العالم منذ أيام بمتابعة ما يجري من أحداث على أرض فلسطين، وبخاصة بعد الملحمة البطولية التي سطّرها المقاومون الشجعان بسواعدهم يوم السبت 7 أكتوبر 2023م، الذي وافق 22 ربيع الأنور 1445. ومع استعار الحرب بمرور الساعات والأيام، وتمادي قوات الاحتلال بقتل المدنيين العزّل من الشيوخ والنساء والأطفال وتهجير من بقي على قيد الحياة منهم من أرضه، ينشغل الناس بمتابعة مختلف التحليلات حول السيناريوهات المرتقبة ونشهد سيلاً من المعلومات والتصريحات والأحداث التي تجد تأثيرها فيه نفس المتابع وفكره.
ولأن النبي ﷺ هو قدوة المسلم ومرجعيّته، فإن على المسلم اتباع الهدي النبوي في هذه اللحظات، فبه تكون الطمأنينة ويتتحقق النصر وشفاء الصدور بإذنه تعالى، فكيف تعامل النبي ﷺ مع أصحابه عند لقاء العدو؟
أولاً: الاستبشار بوعد الله تعالى
كان النَّبيُّ ﷺ يُبشِّرُ المؤمنينَ بوَعدِ اللهِ لهم بالنَّصرِ والتَّمكينِ، وقدْ أيَّدَه اللهُ سُبحانه بمُعجزاتٍ ظاهرةٍ، وفي هذا تَثبيتٌ وتَأييدٌ للمؤمنينَ أنَّهم على الحقِّ الَّذي جاءهُم به النَّبيُّ ﷺ مِن ربِّه سُبحانه.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: كُنَّا مع عُمَرَ بيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَتَرَاءَيْنَا الهِلَالَ، وَكُنْتُ رَجُلًا حَدِيدَ البَصَرِ، فَرَأَيْتُهُ وَليسَ أَحَدٌ يَزْعُمُ أنَّهُ رَآهُ غيرِي، قالَ: فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِعُمَرَ: أَمَا تَرَاهُ؟ فَجَعَلَ لا يَرَاهُ، قالَ: يقولُ عُمَرُ: سَأَرَاهُ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ علَى فِرَاشِي، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا عن أَهْلِ بَدْرٍ؛ فَقالَ: إنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ كانَ يُرِينَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ بالأمْسِ، يقولُ: “هذا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا، إنْ شَاءَ اللَّهُ”. قالَ: فَقالَ عُمَرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بالحَقِّ، ما أَخْطَؤُوا الحُدُودَ الَّتي حَدَّ رَسولُ اللهِ ﷺ، قالَ: فَجُعِلُوا في بئْرٍ بَعْضُهُمْ علَى بَعْضٍ، فَانْطَلَقَ رَسولُ اللهِ ﷺ حتَّى انْتَهَى إليهِم، فَقالَ: “يا فُلَانَ بنَ فُلَانٍ، وَيَا فُلَانَ بنَ فُلَانٍ، هلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَكُمُ اللَّهُ وَرَسولُهُ حَقًّا؟ فإنِّي قدْ وَجَدْتُ ما وَعَدَنِي اللَّهُ حَقًّا”. قالَ عُمَرُ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لا أَرْوَاحَ فِيهَا؟! قالَ: “ما أَنْتُمْ بأَسْمعَ لِما أَقُولُ منهمْ، غيرَ أنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ شيئًا”.1
وقد كان من وصاياه ﷺ: “إن بيَّتَكُم العدوُّ فقولوا: “حم لا يُنصَرونَ”.2 ففي هذا الحَديثُ يُرشِدُ النَّبيُّ ﷺ أصحابَه حالَ مُباغَتةِ العدوِّ لهم، فيَقولُ ﷺ: “إن بَيِّتّكم”، أي: إنْ بيَّتَكم العدوُّ فقَصَدكم بالقتلِ ليلًا على غِرَّةٍ، واختَلَطتُم معَه، فَلْيكُن شِعارُكم “حم لا يُنصَرونَ”، أي: لِيَكُنْ هذا شِعارًا لكُم تتَعارَفون به، ويَعرِفُ بَعضُكم بَعضًا به؛ بأن يَقول: “حم لا يُنصَرون”، والمعنى: بفَضلِ السُّورةِ المفتتحةِ بـ”حم”، وهي سور: غافر وفصلت والشورى والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف، ومَنزلتِها.. لا يُنصَرون، وسيَكونُ ذلك حتمًا بانهِزامِ الأعداءِ، ولا يُنصَرون، أي: لا يُنصَرُ الكفَّارُ عليهم.
ثانياً: اليقين والتوكل على الله تعالى
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ إذا غزا، قال: “اللهم أنت عَضُدِي ونَصِيرِي، بِكَ أَحُول، وبِكَ أَصُول، وبك أقاتل”.3
وعنى عضدي: عوني. قال الخطابي: معنى أحُول: أحتال. قال: وفيه وجه آخر، وهو أن يكون معناه: المنع والدفع من قولك حال بين الشيئين: إذا منع أحدهما من الآخر، فمعناه: لا أمنع ولا أدفع إلا بك.4
ومن وصيّته ﷺ بالدعاء ذلك اليوم إذ بلغت القلوب الحناجر: “اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا”.5، وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قُلْنَا يَوْم الخَنْدَق يَا رَسُول الله هَل من شَيْء نقُول قد بلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر قَالَ نعم اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوارتنا وَأمن روعاتنا قَالَ فَضرب الرب عز وَجل وُجُوه أَعْدَائِنَا بِالرِّيحِ فَهَزَمَهُمْ الله تَعَالَى.6
وأوصانا إذا خاف الإنسان قوماً أن يقول: “اللَّهُمَّ إِنَّا نجعلُكَ في نحورِهِمْ، ونعُوذُ بِكَ مِنْ شرُورِهمْ”.7 تقول: جعلت فلاناً في نحر العدو: إذا جعلته قبالته، وترساً يقاتل عنك، ويحول بينه وبينك، والمعنى: نسألك أن تصد صدورهم، وتدفع شرورهم، وتكفينا أمورهم، وتحول بيننا وبينهم.8
ثالثاً: الإكثار من ذكر الله تعالى
الإكثار من ذكر: “يا حي يا قيوم”، فعن علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي عنه، قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئاً من قتال ثم جئت مسرعاً لأنظر إلى رسول الله ﷺ ما فعل فجئت فأجده وهو ساجد يقول: “يا حي يا قيوم” لا يزيد عليها، فرجعت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد، يقول ذلك، ثم ذهبت إلى القتال ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، فلم يزل يقول ذلك حتى فتح الله عليه.9
قال الخطابي: لا يجوز أن يتوهم أحد أن أبا بكر كان أوثق بربه من النبي ﷺ في تلك الحال، بل الحامل للنبي ﷺ على ذلك شفقته على أصحابه وتقوية قلوبهم، لأنه كان أول مشهد شهده، فبالغ في التوجه والدعاء والابتهال لتسكن نفوسهم عند ذلك، لأنهم كانوا يعلمون أن وسيلته مستجابة، فلما قال له أبو بكر ما قال كف عن ذلك وعلِم أنه استجيب له لما وجد أبو بكر في نفسه من القوة والطمأنينة.10
وكان من ذكره ﷺ يوم الخندق: “لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده”.11
وفي هذا اليوم المجيد، أصبحت المدينة وأصبح الملك لله.. وأصبح النصر لله ورسوله وخلت الساحة من الأوثان والوثنيين الذين ولوا مدبرين.. تكنس الريح آثارهم ونفاياتهم.. نظر ﷺ إلى ساحة القتال فحمد الله هو وأصحابه.. وذكّرهم بنعمة الله عليهم ومعجزته التي لوت أعناق المشركين وأذلتهم، كما أذلت أعناق مشركين آخرين في زمن غابر جدًا.. إنهم قوم النبي الكريم هود، وهم قوم عاد؛ فقد نصر الله نبيه هود بريح عاتية آتية من الغرب، ونصر الله محمدًا ﷺ بريح عاتية آتية من الشرق، ولذلك يقول ﷺ: “نُصرت بالصبا، وأُهلكت عاد بالدبور”. وقال ﷺ: “لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده”.
وقد حول ساحة المؤمنين إلى نصر وربيع؛ فالحمد والشكر لمن هزم الأحزاب وحده، كانت معركة غير متكافئة عددًا واستعدادًا لكن المؤمن عندما يفعل الأسباب ثم يتوجه بها نحو الله تتحول النتائج إلى أعياد.. ها هو ﷺ يبشّر أصحابه بعد انتهاء المعركة بنهاية عصر وبداية آخر.. يبشرهم ﷺ بانهيار هيبة قريش وانكسار حربتها، يبشرهم بأن الخندق مقبرة قوة قريش: “الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم”.12
رابعاً: التذلل والافتقار لله عز وجل
فمنه دعاؤه في الخروج يوم بدر لأصحابه: “اللهم إنهم حفاة فاحملهم. اللهم إنهم عراةٌ فاكسُهم. اللهم إنهم جياعٌ فأشبعهم”.13 فعن عبد الله بن عمرو: أن النبي ﷺ خرج يوم بدرٍ في ثلاثمائة وخمسة عشر رجلاً؛ فقال: “اللهم إنهم حفاة” جمع الحافي “فاحملهم”؛ أي: أعطِ كل واحدٍ منهم المركوب، “اللهم إنّهم عُراة”، جمع العاري، “فاكسُهُم”؛ أي: أعطهم كساء. “اللهم إنهم جياع” جمع الجائع “فأشبعهم”، ففتح الله له؛ أي: للنبي ﷺ؛ فانقلبوا؛ أي: انصرفوا، وما منهم رجلٌ إلا وقد رجع بجملٍ أو جملين واكتسوا وشَبعوا.14
وكذلك دعاؤه مما رواه ابن عباسٍ: قال النَّبيُّ ﷺ يوم بدرٍ: “اللَّهمَّ إني أنشُدُكَ عَهْدَكَ، ووعدك! اللَّهُمَّ إن شئتَ لم تُعْبَدْ” فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك، فخرج ﷺ؛ وهو يقول: “﴿سَیُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَیُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ”﴾ [القمر: ٤٥].15
ودعاؤه بعد أُحد والصحابة صفوف خلفه:
“اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كُلُّهُ اللَّهُمَّ لا قابِضَ لِما بَسَطْتَ ولا باسِطَ لِما قَبَضْتَ، ولا هادِيَ لِمَن أضْلَلْتَ ولا مُضِلَّ لِمَن هَدَيْتَ ولا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ ولا مانِعَ لِما أعْطَيْتَ، ولا مُقَرِّبَ لِما باعَدْتَ ولا مُباعِدَ لِما قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنا مِن بَرَكاتِكَ ورَحْمَتِكَ وفَضْلِكَ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ النَّعِيمَ المُقِيمَ الَّذِي لا يَحُولُ ولا يَزُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ العَيْلَةِ والأمْنَ يَوْمَ الخَوْفِ، اللَّهُمَّ إنِّي عائِذٌ بِكَ مِن شَرِّ ما أعْطَيْتَنا وشَرِّ ما مَنَعْتَنا، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا الإيمانَ وزَيِّنْهُ في قُلُوبِنا وكَرِّهْ إلَيْنا الكُفْرَ والفُسُوقَ والعِصْيانَ، واجْعَلْنا مِنَ الرّاشِدِينَ اللَّهُمَّ تَوَفَّنا مُسْلِمِينَ، وأحْيِنا مُسْلِمِينَ، وألْحِقْنا بِالصّالِحِينَ غَيْرَ خَزايا ولا مَفْتُونِينَ، اللَّهُمَّ قاتِلِ الكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسَلَكَ ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ واجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وعَذابَكَ، اللَّهُمَّ قاتِلِ الكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ، إلَهَ الحَقِّ”.16
وعَنْ أَبِي النَّضْرِ، عن كِتَابِ رَجُلٍ مِن أَسْلَمَ، مِن أَصْحَابِ النبيِّ ﷺ يُقَالُ له: عبدُ اللهِ بنُ أَبِي أَوْفَى، فَكَتَبَ إلى عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ حِينَ سَارَ إلى الحَرُورِيَّةِ، يُخْبِرُهُ، أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ كانَ في بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، يَنْتَظِرُ حتَّى إذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهم، فَقالَ: “يا أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ”، ثُمَّ قَامَ النبيُّ ﷺ وَقالَ: “اللَّهُمَّ، مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عليهم”.17
فالعَافِيةُ نِعمةٌ مِنَ النِّعَمِ التي يَنبَغي على المَرءِ أنْ يُدَاوِمَ على سُؤالِ المَوْلَى سُبحانَه وتَعالى إيَّاها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ سالِمٌ مَوْلَى عُمَرَ بنِ عُبَيدِ اللهِ -وكان كاتِبًا له- أنَّه قَرَأ كِتابًا كَتَبَه عَبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفَى رَضيَ اللهُ عنهما إلى عُمَرَ بنِ عُبَيدِ اللهِ الذي كان أميرًا لِلحَربِ على الخَوارِجِ والحَرُوريَّةِ في عَهدِ الخَليفةِ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه، والحَرُوريَّةُ همْ فِئةٌ مِنَ الخَوارِجِ، وكان في الكِتابِ: “إنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ في بَعضِ أيَّامِه”، أي: غَزَواتِه “التي لَقيَ فيها العَدُوَّ، انتَظَرَ حتَّى مَالَتِ الشَّمسُ”، وتَحرَّكَتْ عن وَسَطِ السَّماءِ، وبذلك تَكونُ الحَرارةُ قدِ انكَسَرتْ، “ثمَّ قَامَ في النَّاسِ” المُحارِبينَ معه، فخَطَبَ فيهم “فقال: أيُّها النَّاسُ، لا تَمَنَّوْا لِقاءَ العَدُوِّ”، وهذا النَّهيُ لِأنَّ المَرءَ لا يَعلَمُ ما يَنتَهي إليه أمْرُه، ولا كيف يَنجُو منه، ولِأنَّ الناسَ مُختَلِفونَ في الصَّبْرِ على البَلاءِ، ولِأنَّ العافيةَ والسَّلامةَ لا يَعدِلُها شَيءٌ.
وأيضًا نَهَى ﷺ عن تَمَنِّي لِقاءِ العَدُوِّ؛ لِمَا فيه مِن صُورةِ الإعجابِ بالنَّفْسِ، والاتِّكالِ عليها، والوُثوقِ بأسبابِ القُوَّةِ، ولِأنَّه يَتضَمَّنُ قِلَّةَ الاهتِمامِ بالعَدُوِّ واحتِقارَه، وهذا يُخالِفُ الاحتياطَ والحَزمَ، “وسَلُوا اللهَ العافيةَ”، والعافيةُ مِنَ الألفاظِ العامَّةِ المُتناوِلةِ لِدَفْعِ جَميعِ المَكروهاتِ في البَدَنِ والمالِ والأهلِ والدُّنيا والآخِرةِ، وخُصَّتْ بالدُّعاءِ في هذا المَقامِ؛ لِأنَّ الحَربَ مَجالُ الإصاباتِ والابتِلاءِ، ثمَّ قال لهم: “فإذا لَقيتُموهم فاصْبِروا” فالصَّبرُ في القِتالِ والحَربِ فَرضٌ على المُسلِمِ ما دام ذلك في قُدرَتِه وطاقَتِه، وإنَّما يَأتي النَّصرُ لِمَن صَبَرَ أكثَرَ، “واعلَموا أنَّ الجَنَّةَ تَحتَ ظِلالِ السُّيوفِ”، أي: أنَّ لِقاءَ العَدُوِّ والنِّزَالَ بالسُّيوفِ مِنَ الأسبابِ المُوجِبةِ لِلجَنَّةِ، ثمَّ سَأَلَ اللهَ تعالَى النَّصرَ، فقال: “اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتابِ”، وهو القُرآنُ، “ومُجْريَ السَّحابِ” بالأمطارِ والصَّواعِقِ ونَحوِها، “وهازِمَ الأحزابِ” وهُمُ الأحزابُ الذين اجتَمَعوا عليه ﷺ في غَزوةِ الخَندَقِ الأحزابِ، فهَزَمَهمُ اللهُ بالرِّيحِ العاصِفةِ مِن دُونِ قِتالٍ، “اهْزِمْهم وانصُرْنا عليهم”.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن تَمَنِّي لِقاءِ العَدُوِّ، وهذا غَيرُ تَمَنِّي الشَّهادةِ. وفيه: أنَّ الإنسانَ إذا لَقيَ العَدُوَّ فإنَّ الواجِبَ عليه أنْ يَصبِرَ. وفيه: الدُّعاءُ على المُشرِكينَ بالهَزيمةِ والزَّلزَلةِ.18
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى في العدد القادم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صحيح مسلم.
2 رواه الترمذي وأبو داود بإسناد صحيح.
3 رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.
4 ابن علان، كتاب الأذكار شرح العلامة ابن علان.
5 الشوكاني، تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين، الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله.
6 رواه أحمد بإسناد حسن.
7 ناصر الدين البيضاوي، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة.
8 رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
9 سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها – السيرة النبوية.
10 رواه الحاكم بالمستدرك بإسناد صحيح.
11 محمد الصوياني، السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة.
12 صحيح البخاري.
13 ابن الملك، شرح المصابيح لابن الملك.
14 رواه أبو داود بإسناد حسن.
15 صحيح البخاري.
16 رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي والحاكم وصححه.
17 رواه البخاري.
18 موقع الدرر السنية، بتصرف.