الاحتلال يهدم أكثر من 1500 منشأة فلسطينية بالضفة الغربية في 2024
ديسمبر 3, 2024لو كان عرضاً قريباً!
ديسمبر 4, 2024د. محمد الصغير – رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ
عهِد الله للأحبار والرهبان بحفظ ما أنزله على أممهم من الكتب، فبدلوا نعمة الله كفراً واجتهدوا في تحريفها وتبديل معالمها، وتعاملوا مع نصوصها إخفاءً وإعلاناً بحسب ما يخدم مصالحهم: ﴿تَجۡعَلُونَهُۥ قَرَاطِیسَ تُبۡدُونَهَا وَتُخۡفُونَ كَثِیرࣰاۖ﴾ [الأنعام: ٩١].
لذا أصبح معهوداً أن يقال: العهد القديم والعهد الجديد، ومألوفاً أن نسمع كلمة “أناجيل” بدلاً من “إنجيل”، وتُنسب إلى أشخاص بأعيانهم وليس إلى السيد المسيح عليه السلام، أما كلمة الوحي الأخيرة إلى أهل الأرض فقد تكفّل الله بحفظ كتابه: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ﴾ [الحجر: ٩].
كما تكفّل باستظهار النبي ﷺ للقرآن بدرجة لا تقبل النسيان: ﴿سَنُقۡرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰۤ﴾ [الأعلى: 6]، ﴿لَا تُحَرِّكۡ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعۡجَلَ بِهِۦۤ﴾ [القيامة: 16].
واستظهره عن ظهر قلب في حياة رسول الله ﷺ جمعٌ من الصحابة عُرفوا بالقرّاء، واستمرت السلسلة القرآنية بالرواية المتواترة يتناقلها الأجيال إلى الآن .
جوامع الكلم
قال رسول الله ﷺ: “ألا إنني أوتيتُ القرآنَ، ومثله معه”. وقال الله تعالى في حق نبيه ﷺ: ﴿وَمَا یَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰۤ * إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡیࣱ یُوحَىٰ﴾ [النجم: 3-4].
فكل أحاديث رسول الله ﷺ هي من أنواع الوحي الذي أيده الله به، فاختصر له الكلام اختصاراً، وآتاه جوامع الكلم، وأصبح حفظ السنة النبوية مهمة العلماء الربانيين والمعلمين المخلصين، يحملها من كل خلَف عدوله، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وحصلوا بذلك نضارة الوجه وعظيم الأجر، قال رسول الله ﷺ: ” نضَّرَ اللَّهُ امرأً سمِعَ مَقالتي فبلَّغَها؛ فرُبَّ حاملِ فقهٍ غيرِ فقيهٍ، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هوَ أفقَهُ مِنهُ”.
وأصبح من ثوابت التاريخ ومسلمات العلم أنه ما رفع أحد لواء السنة إلا رفع الله ذكر.
مشروع القبة الخضراء
وقد أكرمنا الله مع ثلة من الأنصار في الرباط على ثغر النصرة النبوية، ونيل شرف الدفاع عن الجناب النبوي المكرم، من خلال تأسيس الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ، التي تأسست قبل ثلاث سنوات، ونذرت مشاريعها للذود عن حياض صاحب السيرة العطرة، فانطلقت كل مشاريع الهيئة في هذا الفلك المنير، وكُتب لها من الانتشار والقبول بقدر نسبتها إلى سيدنا الرسول ﷺ، وفي مقدمة هذه المشاريع:
- هذا السفر المبارك، الذي يصدر شهرياً باسم: مجلة أنصار النبي ﷺ، والتي تجاوزت أعدادها الثلاثين وكلها في نصرة النبي الأمين ﷺ.
- ويأتي بعدها: مشروع “بصيرة” لدعوة غير الناطقين بالعربية، تحقيقاً لقول الله تعالى في شأن نبيه ﷺ: ﴿قُلۡ هَـٰذِهِۦ سَبِیلِیۤ أَدۡعُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِیرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِیۖ وَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ وَمَاۤ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ﴾ [يوسف: ١٠٨]. في محاولة لفتح أعين الخلق على نور الحق، من خلال فريق تمرس على دعوة غير المسلمين وتعليمهم.
- وبعد عام من تأسيس الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ، انطلقت “أكاديمية أنصار النبي ﷺ” لجمع علوم النصرة، وتعليم فقه الدفاع عن رسول الله ﷺ في صورته الأوسع.
- وقد افتتحت الأكاديمية قبل أيام “مركز القبة الخضراء” لحفظ السنة النبوية في مدينة اسطنبول، ليكون الأول في تركيا والثاني على مستوى العالم، من خلال ما أضافه للمشاريع السابقة من تحديث وتطوير، قام عليها فضيلة الشيخ أحمد الشنقيطي عضو مجلس الأمناء بالهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ؛ حيث قسمها إلى مراحل أشبه بالدورات المنفصلة تيسيراً على طلاب العلم، بحيث تكون البدايات مع “الأربعين النووية” لتنخرط فيها الأسرة المسلمة بكل مستوياتها، ويستظهر فيها الطلاب هذه الأربعين، ثم تأتي دورة “بلوغ المرام”، وبعدها دورة “الصحيحين” منفردين أو بحفظ ما اتفق عليه الشيخان، وهكذا إلى نهاية كتب السنة.
فمن انتظم في العام الأول سيتخرج برتبة “راوية” عن رسول الله ﷺ، ومن أكمل العام الثاني يصبح “محدّثاً”، ومن اختتم العام الثالث صار “مسنداً”.
مع الإعلان عن مركز “القبة الخضراء” لحفظ السُّنة، تقدم في أسبوعين ألفي طالب من أكثر من خمسين دولة، ينتمون إلى خمسمائة مدينة حول العالم، وقد اختار الله لاسطنبول أن تنطلق منها حلقات التحفيظ الأولى في المساجد، وبقية الدول عن بُعد، وقد بدأت السنغال ولبنان في التأسيس لهذا التدريس، ونأمل أن تكون مراكز تحفيظ السنة في كل قطر من أقطار العالم الإسلامي، وإلى تحقق ذلك سيكون التعليم خارج تركيا عن بُعد..
وسأضع لكم في نهاية المقال رابط التسجيل في مركز القبة الخضراء.
إن هذا المشروع على قدر الأمة ويحتاج إلى تضافر الجهود وتكامل الطاقات، لأنه لا يقتصر على مطلق الحفظ، وإنما يجمع بين الرواية والدراية مع الاهتمام بالأسانيد، ويركز مشايخ التحفيط فيه على التفهيم مع التلقين، والتوعية لهذه الأوعية الحافظة، وطوبى لمن استعمله الله في حفظ سنة رسول الله ﷺ بوقته وعلمه، أو ماله وحثه، ومن سارع إلى وضع أولى اللبنات تحقق له أعلى الدرجات، وأصبح له أجر من حفظ السنة النبوية، وعمل بها إلى يوم القيامة.