
535 مجاهداً جديدًا ينضمون لصفوف النخبة في جيش إمارة أفغانستان الإسلامية
فبراير 8, 2025
هكذا تُشارك في جهاد الصهاينة (1/3)
فبراير 9, 2025نور رياض عيد – قطاع غزة
كأني بواحدٍ من أصحاب رسول الله ﷺ قبيل إسلامه كان يلهو، ويعبث، ويُمضي أيامه سدىً، فلمّا أسلم وفهم روح الرسالة، عاد إلى أهله خَلقًا آخرَ، لا يتسع قلبه لعبث العابثين، ولا وقت لديه لسفاسف الأمور، فقد انتهى ذلك الزمان، فانقلبت الاهتمامات، وتغيَّرت الأولويات.
إن الإسلام يجعل المسلم صاحب قضية، قضية تملأ كيانه، وتشغل عقله وقلبه، فهو عبدٌ يريد أن تكون حياته كلها لله، فيشعر أن المطلوبَ منه شيءٌ كثيرٌ، وأن أمامه مهماتٍ عظيمة، وأن واجباته أكثر من أوقاته، وأن خيرَه وتفكيره يجب أن يتعدى حدود مصلحة نفسه، فهذا الدين لا يقبل الأنانية، والانشغال بالتفاهات، وكل نعمةٍ أنعمها الله عليك تحمِّلك مسؤولية ستسأل عنها يوم القيامة، فهناك زكاة عليك تأديتها في مالك، وعلمك، وجسمك، ووقتك، وكل ما تملك، وحياتك ليست أمرًا عبثيًا أو عابرًا: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لَا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون: 115].
والعمل لنصرة الحق لا يثمر ثماره المرجوة إلا بنكران الذات، وكبح جماح كِبْر النّفس، وعُجبِها، فالذي يشغل بال العاملين هو أن يستثمروا جهودهم وقدراتهم وطاقاتهم فيما يُثَقِّل موازين حسناتهم عند الله تعالى، بغضِّ النظر عن المكان أو المسمى، المهم أن يكون المرءُ جنديًا في قافلة الحق، وقد جاء في الحديث الشريف: “طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ”.
وقد أَصرَّ رسول الله ﷺ على أن يصلِّي على المسكينة التي كانت تكنس مسجده، رغم أن الصحابة صلُّوا عليها ودفنوها، لكن دون أن يعلموه لانشغاله، فذهب فصَلّى على قبرها، ودعا لها؛ لأن هذه المرأة صنعت لنفسها مكانةً بخروجها عن حدود ذاتها، وبتقديمها لعملٍ ينفع أمتها في حدود استطاعتها.
إن الذي يرفض أن يأخذ دوره في ميدان الخير والإصلاح، ويرتضي أن يكون صفرًا في الحياة، فلا ينفع مخلوقًا، ولا يمنع شرًّا، يكون قد حكم على نفسه بالموت، ولذلك لما سُئل حذيفة رضي الله عنه عن ميِّت الأحياء، فقال: “لَا يُنْكِرُ الْمُنْكَرَ بِيَدِهِ، وَلَا بِلِسَانِهِ، وَلَا بِقَلْبِهِ”. وفي الآخرة سيكون أمام حسرات التقصير، والتكاسل.
إن ثغور الخير كثيرة، وشُعَب الإيمان متعددة، وكثرتها وتنوعها وتدرُّجها يفسح الفرصة أمام الجميع، فلن يعدم الحريص عملًا في كلِّ وقت، وهي تبدأ بإماطة الأذى عن الطريق، وتفسح المجال لكل خير ينفع الناس في دنياهم، وأخراهم، ولنتذكر قوله ﷺ: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ”.
وقد ذكر ابن الجوزي في (صفة الصفوة) عن التابعي زُبَيد بن الحارث اليامِي أنه إذا كانت الليلة مطيرة أخذ شعلةً من النار، فطاف على عجائز الحي، فقال: أَوَكَفَ -بمعنى سال أو تقاطر- عليكم بيتٌ؟ أتريدون ناراً؟ فإذا أصبح طاف على عجائز الحي؛ فقال: ألكم في السوق حاجة؟ أتريدون شيئاً؟
وإن من الخذلان أن تكثر سهام الخير، ولا يكوننّ للواحد منّا سهمٌ فيها، ومن التوفيق أن ييسر الله لك عمل الخير، فتعمله، وتختم حياتك به، ليصدق عليك قوله ﷺ: “إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ” قَالُوا: وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قَالَ: “يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ”.
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا.