الصدّيقة بنت الصدّيق
فبراير 19, 2024أمهات المؤمنين القدوة الحسنة والأسوة الصالحة
فبراير 19, 2024
الحمدلله وكفى، والصلاة والسلام على المصطفى وآله وأزواجه وصحبه أهل الوفا والصفا.
وبعد: فإن الكلام عن الأم كلام لا تستوفيه الحروف، ويستحيل أن توفي حقه كلمات اللسان، ولا خلجات القلب، هذا إذا كانت الأم امرأة عادية مهما كان لونها أو جنسها أو قبيلتها أو غير ذلك، فكيف إذا كان الكلام عن أم واحدة من أمهاتنا أمهات المؤمنين والمؤمنات، فإن الحروف تضطرب حياء من ولوجها في سلك السيرة العطرة خشية أن تسيء في حقهن رضي الله عنهن، ولكنها تقدم ولابد للذود عن حياض النبوة الطاهر ومائها العذب الزلال السائر، وتُستنفر لتبرز مآثر الأمهات المباركات الطاهرات.
ولقد خص الله نبينا ﷺ بخصائص كثيرة على غيره من البشر، إظهاراً لقدرته، وإعلاءً لشأنه ورفعته، ومن ذلك خصوصيته بكثرة زوجاته، والتي أراد مرضى القلوب من المنافقين والمستشرقين إثارة الغبار للتعمية على وجه السماء الناصع، ولكن هيهات، فما من خصيصة اختص بها ﷺ إلا وله فيها من لطائف الحكم، وتعدد النعم ما لايستوعبه مريض حاقد، وقد يغيب عن المحب الصادق.
وإن شأن الكلام عن أمهات المؤمنين وما خصهن الله به من كرامة عشرة الحبيب ﷺ والعيش في كنفه، كمثل من يحدّث الأعمى عن جمال الكون وهيبته، فإنه مهما استطاع الفصيح البليغ أن يقرب العبارة وييسر الإشارة إلا وأحس أنه بعيد كل البعد في التعبير الوافي المصور للحقيقة في خيال الأعمى؛ فكيف السبيل إلى تقريب بعض ما تستحقه تلك الأسرة المباركة الطاهرة عند ربها {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.
لقد سماهن الله سبحانه في كتابه المجيد وكلماته الخالدة أمهات المؤمنين فقال سبحانه: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}(1)، وإن من المشهور أن رسول الله ﷺ تزوج خمس عشرة امرأة، دخل بثلاث عشرة منهن، واجتمع عنده إحدى عشرة، ومات وتحته تسع نسوة. منهن ست نساء قرشيات: خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت أبي بكر، وسودة بنت زمعة، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة، وأم حبيبة. ومن غير قريش: ميمونة الهلالية، وجويرية الخزاعية، وزينب بنت جحش الأسدية، وصفية الخيبرية.
وإنّ كلّ واحدة من أمّهات المؤمنين أمّة في الإقدام والتّضحية للإسلام، قدوة في الأخلاق والقيم السامية لبنات الأنام، قمة في العلم والأدب والاحتشام، روعة في جمال النفوس الطاهرة، والعبادة الباهرة، ولذلك لا يسع المقام إتمام المقال حول كل سيدة منهن رضي الله عنهن وليعذرنني وهن أهل لقبول اعتذار المقصر من أبنائهن.
أمنا خديجة
فهذه السيدة الطاهرة خديجة بنت خويلد ما إن سمعت أولى كلمات الوحي الخالد حتى كانت السبّاقة لاعتناق الإسلام، فنالت شرف السّبق في نساء العالمين، وكانت له وزير صدق، وعيبة(2) نصح، وشفقة أمّ، وشدت أزر نبي الله ﷺ طول بقائها في كنفه الشريف، وعرفت صدقه بما خَبَرَت من حاله ومقاله وأمره وسيرته العطرة من فعل البر وجميل الظاهر وطهارة السر، خلال عشرتها معه واستنتجت بحصافة عقلها وطيب جَنانها أن هذا الذي جاءه في الغار لن يكون سوى وحي من الله وليس غير ذلك فقالت له:
“كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”(3) .
وهذا شأن الصالحات مع أزواجهن إذا رأته فزعاً ووجلاً من صروف الدّهر وتغيّر الأحوال فإنّها تثبته وتذكره بما فيه من خصال الخير ليستمر على ذلك، وليثبت على الطريق ولا يلتفت إلى ما يقف في وجه دعوته.
ولقد ظلت على هذا المنوال في إنفاق مالها وجاهها دفاعاً عن رسول الله ﷺ حتى جاءتها البشارة وهي في الأرض يحملها أمين الوحي، فعن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: “مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِيَّاهَا”. قَالَتْ: “وَتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ” (لؤلؤ مجوف)(4).
وفي رواية: “ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصبّ”(5).
ولحقتْ بالرفيق الأعلى فما حزن على امرأة كحزنه عليها، وقال فيها قولته التي لا زال يرددها كل لسان يقرأ حديثه صلوات ربي وسلامه عليه؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي ﷺ إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء”، قالت: “فغرتُ يوماً فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها”. قال: “ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها قد آمنتْ بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء”.(6)
إنه الوفاء في أبهى صوره، وأحلى تجلياته، يطل من نفسه الشريفة الوفية فلا ينسى لصاحبة الفضل فضلها، ولا يبخسها حقها ونبلها، وهذا شأن الأوفياء الأصفياء.
ثان امرأة قرشية تزوجها النبي ﷺ(7)، وكان ذلك لحكمة عظيمة حينما فقدت زوجها وهي المهاجرة في سبيل الله لأرض الحبشة فأراد أن يؤنس وحشتها ويزيل غربتها وهي ممن أسلمن قديماً، فهل عجزت أرحام الأمهات أن يلدن أبكاراً يتزوجهن رسول الله ﷺ؟ كلا والله! لو أشار بأصبعه يومئذ لأي رجل لتسابق المئات في وهب بناتهن الجميلات العُرُب الأتراب، ولكن كان يرى مصلحة الأمة قبل حاجة الشهوة.
ومع ذلك كانت سودة طيبة النفس فتنازلت لأختها عائشة عن ليلتها حينما أحست بالكبر وطلبت بقاء عصمتها في يد زوجها الحبيب لتكون من نسائه في الجنة، فرضي الله عنها.
وكانت ثالثة الطاهرات من أزواج النبي ﷺ الصديقة بنت الصديق التي ما نزل القرآن في حجر إحداهن سواها، ولقد عرضت على النبي ﷺ في سَرَقة من حرير فاستغرب النبي ﷺ لصغرها، ولكن قال: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ(8)”.
وللوفاء الأخوي بينه وبين أبي بكر الصديق تزوجها النبي ﷺ، وحظيت منه بالمكانة التي حظيها والدها، ولقد سئل رسول الله ﷺ أي الناس أحب إليك فقال “عائشة…”، ولم تزدها فتنة المنافقين وإرجافهم إلا علواً ظاهراً ورفعةً في الدنيا والآخرة، وعاد حملة الإفك بالإثم والفجور، والخزي والثبور، وراحت هي أطهر من ماء السحاب، وصار شرفها الوافر وعِرضها الطاهر قرآناً يُتلى نوراً مسطوراً في سورة النور إلى يوم البعث والنشور، فلا نامت أعين الطاعنين، ولا صحت أنفس الخائبين الأفاكين في كل مكان وحين.
حَصانٌ رَزانٌ ما تُزِنُّ بِريبَةٍ وَتُصبِحُ غَرثى مِن لُحومِ الغَوافِلِ
وكانت رابعة الفضليات الطاهرات حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وشابه شأنها شأن سودة وأم سلمة في جبر خاطر والدها ووفاء لعهد الإخاء حينما فقدت زوجها، “والمرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي عندما تترمل لا تنتهي حياتها كما يحدث في بعض المجتمعات الجاهلة.. حيث تصبح جزءاً من المتاع يتوارثه أقرباء الزوج في بعض البلاد.. أو يصبح حتماً عليها أن تتزوج من شقيق الزوج أو من يرضاه لها في بلاد أخرى.. وحتى إذا أرادت أن تتزوج وسُمح لها بذلك فلن تجد إلا الرجال من الدرجة الثانية.. فكلهم يرغبون المرأة البكر الصغيرة.. أما الإسلام.. فقد طالب المرأة أن تستأنف حياتها من جديد، مرة بعد أخرى حتى لا تضيع في دائرة العُقد والحرمان.. وضرب المثل في ذلك قائد الأمة.. فعندما ترملت حفصة واستشهد زوجها في سبيل الله، قال رسول الله: “يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة”. ويضمها النبي ﷺ إليه فتقر عينها، ويرضي هذا التصرف والدها الذي بذل الكثير في سبيل تدعيم الدين الجديد. وتنضم بذلك حفصة الشابة التقية الورعة إلى بيت النبوة لتصبح أماً للمؤمنين”(9).
وقد كانت صوامة قوامة قانتة طائعة أمره الله تعالى بإرجاعها بعد أن هم بطلاقها(10)، لقد كانت حفصة ورعة تقية عالمة.. تشغلها هموم المسلمين ومصلحتهم.، خصها الله بحفظ كتابه في بيتها حتى تيسر جمعه في عهد عثمان رضي الله عنهم أجمعين.
ثم تزوج عليه الصلاة والسلام زينب بنت خزيمة الهلالية العامرية. وكانت زوجة لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فلما استشهد في بدر ضمها رسول الله ﷺ إليه فجبر خاطرها بعد أن انقطع عنها الناصر والمعين. وكانت قد بلغت الستين من عمرها حينما تزوج بها النبي ﷺ، وكانت تسمى أم المساكين لرحمتها إياهم ورقتها عليهم.
ثم تزوج البقية من أمهات المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية، لفقدها زوجها الذي مات عنها، وهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، الصحابي ذو الهجرتين، ولقد “كانت أم سلمة تعرف لنفسها قدرها، فإيمانها العميق، وتضحياتها التي ليس لها حدود، ومجدها الموروث، وزواجها من النبي الكريم، وعقلها الراجح، أكسبها مكانة رفيعة في المجتمع المسلم.. فهي تقول لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما تدخّل في مراجعة أمهات المؤمنين لزوجهن الرسول: “عجباً لك يا ابن الخطاب، قد دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله وأزواجه؟”. قال عمر: فأخذتني أخذاً كسرتني به عن بعض ما كنت أجد”(11).
ولقد كان لها الرأي الحصيف والمشورة الفاصلة في غزوة الحديبية حينما أبى الناس امتثال أمر النبي ﷺ لشدة وجدهم وحرارة شوقهم لموطنهم الأصيل مكة المكرمة، وقد ردتهم قريش بميثاقها المجحف والذي كان يراه النبي ﷺ من وراء سُجف الغيب نصراً؛ فقالت: “قم وانحر هديك واحلق رأسك ولا تكلم أحداً، فما إن رأوه حتى كادوا أن يقتتلوا اقتداء بالحبيب، فما أعظم تلك المرأة الناصحة العابدة الزاهدة”.
ثم تزوج جويرية بنت الحارث بعد غزوة بني المصطلق فكانت بركتها على أهلها بالعتق من الرق، والدخول في طاعة الملك الحق واتباع سيد الخلق ﷺ، “فلقد أُعتِقَ بزواجها من رسول الله ﷺ أهل مائة بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها”(12).
ثم تزوج زينب بنت جحش وكانت قصتها في إبطال التبني أمراً عجباً في بيان كراهة النبي ﷺ لذلك، فجاء القرآن يكاشفه الأمر، ولو أن شيئاً من الوحي كتمه النبي ﷺ لكتم تلك المعاتبة الكريمة من الولي الحميد، قال تعالى: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه…} (الآيات من سورة الأحزاب). أي مِن كراهة الزواج من امرأة متبنيك زيد خشية أن يقول الناس: تزوجَ زوجة ابنه.
وبنى ﷺ بريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة، ثم أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان سيد قومه، وكانت مسلمة قانتة مهاجرة، ارتد عنها زوجها وتنصر، وثبتت ثبوت الجبال الرواسي فأرسل النبي ﷺ ليخطبها إليه ففعل وأصدقها النجاشي نيابة عن رسول الله أعظم صداق، وهكذا ينبغي للدعاة القادرين ألا يفرطوا في الصالحات إذا عضهن الدهر بنابه، ووطئهن بكلكله.
ثم جاء الحظ السعيد لأمنا صفية بنت حيي بن أخطب، وسيقت نساء القموص سبايا، وفي مقدمتهن زوجة كنانة، سيدة بني قريظة.. فأعتقها وتزوجها.. وقد ظهر من صدقها وإيمانها وخشيتها على رسول الله من غدر اليهود أن أبت البناء بها قريباً من موطن أهل المكر والخديعة وهي التي قتل أبوها وعمها وغيرهم. فرضي الله عن أنفس شربت من منبع الإيمان فارتوت، وازدانت بالصحبة النقية والزوجية لسيد البرية، ما فاقت بهن نساء العالمين، وهكذا وقع الزواج بميمونة بنت الحارث الهلالية حيث خطبها وقيل وهبت نفسها، فبنى بها بسرف، وكان القدر أن ماتت بسرف بعد حين فرضي الله عن أمهاتنا أمهات المؤمنين.
خصائص أمهات المؤمنين
أول الخصال وأجلها
والتي ينبغي للمسلم أن يفقهها (وأيضاً لمريض القلب) أن يعيها أن زواج النبي ﷺ وطلاقه لبعضهن كان من الله سبحانه القائل {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ…} التحريم (5).
ثانياً: القنوت
{وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} (الأحزاب: 31).
ثالثاً: الزهد
لقد خيرن بين الزهد والبقاء مع النبي فاخترن الزهد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)}. فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة.
رابعا: حرمة الزواج بهن بعد وفاته ﷺ
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} (الأحزاب 53)
خامساً: عدم الزواج عليهن بعد القدر المحدود الذي أباحه الله تعالى لنبيه ﷺ
قال تعالى: {لايَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} (الأحزاب 52)
سادساً: الطهر والعفة
قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (الأحزاب: 33)
سابعاً: تبليغ دعوة الحق للخلق
لا سيما أن نساء النبي ﷺ واسطة بينه وبين النساء خاصة والرجال عامة قال تعالى:{اذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (الأحزاب 34)
ثامناً: احتجابهن عن الأجانب
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب: 59)
تاسعاً: القدوة الحسنة
لقد كان سلوك نسائه يخضع للوحي النازل في بيت النبوة، فأمرهن أن يكنّ الأسوة الصالحة في فعل الخير واجتناب الشر، قال تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} (الأحزاب: 30)
وغير ذلك من خصال الخير والبر، وسائر الفضائل التي اجتمعت في أطهر أسرة طلعت عليها شمس الله في أرضه وتحت سمائه، وعرفها التاريخ، وشهدتها البشرية، فلنعرف لبيت النبوة الطاهر حقه، ولنصرف الجهد في استخلاص الدروس التربوية لتحصين الأسرة المسلمة المعاصرة من معاول الهدم والضياع، وسلخ المرأة المسلمة عن رسالتها ودينها لتغدو آلة تعبد الموضة وتطير وراء كل تافهة.
فهاهي تلك الشذرات أيتها النبيلة وياسمين الصالحات، وجوهرة في عقد الأمهات؛ فربيها وانفخي فيها روح الحياة واجعليها لبناتك نبراساً يستضئن به عسى الفجر يكون قريباً بكن، والسلام.
(1) (الأحزاب: 6).
(2) قال في أساس البلاغة للزمخشري: “ومن المستعار: هو عيبة فلانٍ إذا كان موضع سره وعن رسول الله ﷺ: “الأنصار كرشي وعيبتي”.
(3) البخاري، (3).
(4) البخاري، (3817).
(5) البخاري، (3820).
(6) أحمد، (24908)، قال شيخنا شعيب الأرنؤوط رحمه الله: حديث صحيح وهذا سند حسن في المتابعات.
(7) تزوج النبي ﷺ ست نساء قرشيات: خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت أبي بكر، وسودة بنت زمعة، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة، وأم حبيبة.
(8) البخاري، (5078)، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ”.
(9) من كتاب (أمهات المؤمنين في مدرسة النبوة)، (ص49).
(10) الحاكم في المستدرك (6753)، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
(11) أمهات المؤمنين في مدرسة النبوة، (ص55).
(12) أبوداود (3933) وحسنه الألباني.