رسالة إلى شعبنا المسلم في فلسطين
مايو 8, 2024يا أمنا.. ويا زوجتي
مايو 17, 2024صباح الخير..
يحلو لي أن أخترق الأبعاد المكانية، وأعبر إليك.
أبعث لك من مكان ضيّق، فيه ثلاثة أسرّة وباب، ومنقوش بنفوس مَن يعيشون تجربة الكفاح الحقيقية.
تطلّب إرسال الرسالة لكم في هذا اليوم تحديداً، أن أكتبها قبل شهر وأرسلها في بريد الصليب الأحمر. فهنا لا نملك ترف إرسال رسائل إلكترونية سريعة عبر الفيسبوك والإيميل.
ثلاثة أشهر كبرت من عمري، تعلّمت فيها أن أشرب الكبرياء كل صباح، وأدرّب المخيلة على نفض ضيق المكان، باستنشاق ألوان ومساحات لم توجد بعد.
أنا أستطيع أن أراك الآن، وأنت جالس على أريكتك المريحة، وبجانبك فنجان قهوة عربية طازجة، حضّر برعاية وحب. أبناؤكم يستيقظون بتثاؤب، وغصباً يتحضرون للمدرسة، للجامعة، للحياة.
تشعر بملل الرسالة، تقف لتفتح الشباك، مشرعاً للنسيم الدخول، تتذكر أنّك لم تتصل بأمك، تمسك بجهازك، وإذ بصوتها يحاكيك: “هلا يمّا”.
أنت تكمل القراءة، وأنا مازلت مستلقياً في زنزانتي الضيقة، أكتب لك الرسالة وحيداً، بلا أم ولا حبيبة ولا أطفال، بلا شبابيك، بلا قدرة على رفع سماعة الهاتف، لمعانقة صوت مَن اشتاق لهم. لا أريكة لديّ، لا نافذة، سوى نافذة باب الزنزانة، يطلّ منها السجان الصهيوني المناوب كلمّا ملّ.
أكتب لك من مكان يلتقي فيه المناضلون الفلسطينيون ويكبرون، يمرضون، ويموتون أحياناً، ليمنحوا الروح ما سما وعلا، ويجذّروا فينا الصمود.
أكتب لك الرسالة، وأنا أفكر برفيقي خالد، الذي يعاني منذ سنتين من مرض لم يُشخَّص بعد، ومثله 1200 أسير مريض، يعانون يومياً ولا مناجي.
أكتب لك، وأنا أتذكر رفيقي ميسرة، الذي قضى، بعد أن بقي منسياً 10 سنوات طوال، قبل أسابيع في هذا المعتقل، بعد أن احتله المرض، ليصبح الشهيد الجديد، جرساً يعيد إلى البال 203 شهداء، قضوا داخل السجون.
أكتب لكِ، وهنالك 13 أسيرة فلسطينية، تتأصّل فيهن الأنوثة الحرّة، يتدفقن بعبق الجمال والعشق والانتظار، ويحتوين العالم كلّه، من مكانهنّ الضيق في سجون الاحتلال.
يحلو للمحتل أن يسميني “اللا موجود”. أسر جسدي، وقيّد تحركاتي، لكنّه لم ولن يأسر حرّيتي.
ومن هذه المساحة الحرّة، أكتب لك أنتَ الحُرّ، وأنتِ الحرّة هذا الصباح:
ابحثوا عن قصص الأسرى في سجون الاحتلال.
وخبّروا عن 1200 أسير مريض، منهم 170 بحاجة لعمليات عاجلة، 24 مريضاً بالسرطان، 204 أسرى استُشهدوا في السجن، 77 أسيراً أمضوا أكثر من 20 عاماً، 25 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 25 سنة، أسيران قضيا أكثر من 30 عاماً في السجن، 235 طفلاً أسيراً، 13 أسيرة، 4900 أسير لا يستطيعون ضم عائلاتهم وأصدقائهم إلى صدورهم، 4900 عائلة فلسطينية تنام وتصحو على حلم الالتقاء بأبنائها.
محبتّي لكم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*موقع إلكتروني: فيسبوك: صفحة مبادرة (رسائل الحرية الداعمة للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال). 17-4-2013م.