لو كان عرضاً قريباً!
ديسمبر 4, 2024مظاهرة مؤيدة لفلسطين داخل البرلمان الكندي تطالب بوقف دعم الاحتلال
ديسمبر 4, 2024صبغة الله وصيل – وكيل وزارة المعارف بالإمارة الإسلامية في أفغانستان
تمر الشعوب المضطهدة والمقهورة، بمراحل عصيبة وصعبة خلال عملية التحرر والاستقلال، وذلك لما تجلبه الحرب من الويلات والمآسي والكوارث، وتحتاجه المقاومة من تجشم المخاطر، وركوب المهالك، وبما تميل إليه النفوس من الدعة والراحة والسكون، وما تهواه من استعجال الثمرة وكثرة التشكي وقلة الصبر.
وخاصة من يرفع منهم علم المقاومة والكفاح يتعرضون لضغوط متتالية، وهزات متوالية.. مِن قتل القادة، وخسائر نفسية وعسكرية، إضافة إلى التشويه والتهميش، وخذلان القاصي والداني، وحملات الملامة والعتاب، ودعوات الاستسلام والتنازل لهم، ليعطوا الدنية في دينهم وعقيدتهم، أو ليلينوا أو يستكينوا.
قال الله تعالى: ﴿قَالُوۤا۟ أُوذِینَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِیَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ﴾ [الأعراف: ١٢٩].
وقال تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَقَالُوا۟ لِإِخۡوَانِهِمۡ إِذَا ضَرَبُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ كَانُوا۟ غُزࣰّى لَّوۡ كَانُوا۟ عِندَنَا مَا مَاتُوا۟ وَمَا قُتِلُوا۟ لِیَجۡعَلَ ٱللَّهُ ذَ لِكَ حَسۡرَةࣰ فِی قُلُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ﴾ [آل عمران: ١٥٦].
لما جرى ويجري على الساحة الفلسطينية من شن عمليات استباقية (طوفان الأقصى) على العدو الصهيوني، ثم همجية الاحتلال وتجاوزه كل المعايير الإنسانية والأخلاقية، وما تعرض له شعبنا هناك من القتل والتهجير والتجويع والتعطيش، والدمار والخراب.. ارتفعت بعض الأصوات بتخطئة هذا القرار التاريخي.
أعترف أن الحال شديد والأوضاع صعبة، ولكن الصبر والصمود، والثبات والمقاومة، والعمل الدؤوب ولو كان قليلاً يُصنَع المستحيل وتُقلب الموازين بإذن الله.
إنني أتذكر جيداً أن في بداية المقاومة والجهاد ضد الاحتلال الأمريكي.. كان الناس يعيرون المجاهدين ويقولون لهم، بأنكم تناطحون الجبل، وتقومون بما لا يعود ضرره إلا عليكم..
الآباء يلومون أبناءهم بالذهاب إلى جبهات القتال، والأشقاء يلقون اللوم على أشقائهم، وهلم جرا. و لم يكن هذا شأن العوام فقط بل بعض المنتسبين إلى العلم والفضل.
بعد الاحتلال الأمريكي بسنوات قليلة أذكر أنني كنت حاضراً في إحدى المحاضرات لأحد المشايخ المشهورين بالعلم والفضل، وبعد انتهاء المحاضرة طرح عليه أحد الحضور سؤالاً:
ما حكم القتال ضد الأمريكان وحكومة كرزاى العميلة المفسدة؟
فأجابه الشيخ قائلاً: “أنتم أغبياء! تظنون أنكم ستهزمون أمريكا بهذه المناوشات، وبهذه الأسلحة البسيطة؟ انتبهوا! لا يمكن مجابهة القوة الأمريكية، اذهبوا، وصالحوا العدو، والتحقوا بحكومة كرزاي”.
لم يلقِ المجاهدون الأبطال لهذه الدعوات بالا، ولم ييأسوا بالملامة والعتاب بل واصلوا جهادهم واستمروا في كفاحهم ضد الاحتلال الأمريكي وحلفائهم.
بل حتى المجاهدون أنفسهم بلغت قلوبهم الحناجر واستبطأوا النصر حين بلغت جرائم الاحتلال الأمريكي ذروتها إبان استراتيجية (ترامب) الحربية، فكل يوم كنا نسمع أخبار وتقارير عن مداهمات وهجمات قصف ومجازر في حق الشعب الأفغاني ويفوق عدد الشهداء والجرحى على العشرات يومياً.
إبان هذه الأوضاع الصعبة الشديدة زارنا معالي وزير الخارجية “أمير خان متقي” في عدد من الإخوة الإعلاميين ومسؤولي المجاهدين إذ سأله أحد الإخوة قائلاً:
إلى متى سنقارع هذا العدو القوي؟ هل بإمكاننا أن نصرعه بهذه العمليات الضئيلة قليلة الأثر التي لا تزيده إلا شراسة ووحشة؟!
فأجابه “متقي” قائلاً: بأننا إن لم نصل إلى هدفنا بهذه المقاومة والجهاد فلا بد وأن نقترب منه.
وهكذا كان.. فبعد سنوات قليلة رأينا بأعيننا أن مراكز المديريات والولايات كانت تسقط بأيدي المجاهدين كتساقط أوراق الشجر في الخريف، حتى سقطت أفغانستان كلها بأيدي المجاهدين وولت أمريكا هاربة تجر أذيال الخزي والعار، ولله الحمد.
لقد بلغ بأمتنا اليأس في عصور مختلفة، حتى زعموا أن هذه المنطقة لا يفتحها إلا المهدي المنتظر في آخر الزمان، ولكن بعد الجهاد المتواصل والكفاح المستمر فتح الله على أيديهم ومكنهم في الأرض.
فبدلاً من إلقاء اللوم على المجاهدين الأبطال والمقاومين الذين مرغوا أنف العدو الصهيوني في التراب، يجب أن نلوم أنفسنا، لخذلاننا لمن يدافعون عنا، وركوننا إلى الدنيا، وتركنا لواجب الإعداد اللازم، والجهاد والمقاومة.