عمل الصحابة للدين وحساباتنا المكدودة! (2/ 2)
يناير 11, 2025هل يكفي التحرير من غير تمكين؟ – سوريا نموذجاً
يناير 11, 2025د. عبد الله الزنداني – عضو مجلس أمناء الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ
الشهادة في سبيل الله هي تاج العزّ ووسام الشرف الذي يعلو رؤوس المؤمنين. إنها دليل الإخلاص لله، وتجسيد للتضحية بالنفس في سبيل نصرة الدين والحق. لم تكن الشهادة مجرد موت في ميدان القتال، بل هي حياة أبدية في جوار الله، ومقام رفيع لا يناله إلا من صدق مع الله في نيته وإيمانه.
فضل الشهادة في الإسلام
الشهادة في سبيل الله لها مكانة عظيمة في الإسلام، وقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية إشارات كثيرة تعظّم هذه المرتبة.
- في القرآن الكريم
- قال الله تعالى:
﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٩].
هذه الآية تؤكد أن الشهداء لا يموتون؛ بل ينتقلون إلى حياة أبدية عند الله، مليئة بالكرامة والنعيم.
- وقال الله سبحانه:
﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ﴾ [التوبة: ١١١]، الشهادة هي تجارة رابحة مع الله، يبيع فيها المؤمن نفسه ليشتري بها الجنة.
وقال ﷻ أيضًا:
﴿فَلۡیُقَـٰتِلۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِینَ یَشۡرُونَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا بِٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَمَن یُقَـٰتِلۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَیُقۡتَلۡ أَوۡ یَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِیهِ أَجۡرًا عَظِیمࣰا﴾ [النساء: ٧٤].
- في السنة النبوية
- قال رسول الله ﷺ:
“للشهيد عند الله ست خصال: يُغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويُوضَع على رأسه تاج الوقار، ويُزوَّج من الحور العين، ويُشفع في سبعين من أقاربه”.
- وقال أيضًا:
“ما يجد الشهيد من ألم القتل، إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة”.
- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال رسول الله ﷺ:
“يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّين”.
مراتب الشهداء في الإسلام
الشهادة ليست مقتصرة فقط على مَن يموت في ميدان القتال، بل الإسلام وسّع مفهوم الشهادة ليشمل كل من يموت في ظروف خاصة بنية صادقة. قال النبي ﷺ: “الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله”.
- الشهيد في سبيل الله: أعظم الشهداء مكانةً، وهم من يضحون بأرواحهم للدفاع عن الإسلام والدين.
- المطعون: مَن يموت بسبب الطاعون.
- المبطون: مَن يموت بسبب مرض في البطن.
- الغريق: مَن يموت غرقًا.
- صاحب الهدم: مَن يموت تحت الأنقاض أو في حادث مشابه.
قصص الشهداء من التاريخ الإسلامي
- سيدنا حمزة بن عبد المطلب
أسد الله ﷻ وأسد رسوله ﷺ.. استشهد في غزوة أُحد على يد وحشي بن حرب، لكنه بقي رمزًا للشجاعة والتضحية.
- أنس بن النضر
في غزوة أحد، قال: “واها لريح الجنة!” وقاتَل حتى استُشهد بجروح تعدت الثمانين.
- مصعب بن عمير
حامل لواء الإسلام في غزوة أحد، استشهد مضحيًا بنفسه وهو يدافع عن النبي ﷺ.
- الشهداء في فلسطين
القضية الفلسطينية قدمت العديد من القادة الشهداء، مثل:
- الشيخ أحمد ياسين: مؤسس (حركة حماس)، استُشهد عام 2004 في غارة إسرائيلية وهو خارج من صلاة الفجر.
- الدكتور عبد العزيز الرنتيسي: قائد (حماس) بعد الشيخ أحمد ياسين، استُشهد بعد أقل من شهر في غارة إسرائيلية.
- المهندس يحيى عياش: العقل المدبر لعمليات المقاومة، اغتيل عبر هاتف مفخخ عام 1996م.
- القائد إسماعيل هنية: رئيس المكتب السياسي لـ(حماس)، استُشهد في محاولة اغتيال بطهران أثناء حضوره اجتماعًا هناك.
- يحيى السنوار: أحد أبرز القادة العسكريين وآخر رئيس لحركة (حماس)، استُشهد حديثًا في عدوان إسرائيلي، ليترك فراغًا كبيرًا في صفوف المقاومة.
فضل الشهادة وكرامة الشهيد
- الخلود في الجنة: قال الله: ﴿بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٩].
- الشفاعة لأقاربه: “يشفع الشهيد لسبعين من أهله”.
- تاج الوقار: يوضع على رأسه تاج من نور.
- النجاة من عذاب القبر: الشهيد محمي من أهوال القبر والفزع الأكبر.
خاتمة
الشهادة في سبيل الله هي أسمى مراتب الإيمان، وهي رمز للتضحية والإخلاص.
الشهداء لا يموتون، بل هم أحياء عند الله ينعمون بكرمه ورزقه. وعلى مر العصور، كان الشهداء أعلامًا تُضيء للأمة طريقها نحو العزة والكرامة.
نسأل الله أن يجعلنا من الصادقين في نياتنا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.