الجبهة المغربية لدعم فلسطين تدعو إلى إطلاق حملة توعوية لمقاطعة متاجر “كارفور”
نوفمبر 30, 2024العدد الواحد والثلاثون
ديسمبر 1, 2024القائد الشهيد/ يحيى السنوار
تقبّله الله*
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالࣱ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیلࣰا﴾ [الأحزاب: ٢٣]. وقال رسول الله ﷺ: “أهل الشام في رباط إلى يوم القيامة “. “وخير رباطكم عسقلان” وقال على لسان ربه مخاطباً الشام: “یا شام أنت خيرتي من بلادي أسوق إليك صفوتي من عبادي”.
مقدمة الفرسان
الحمد لله رب العالمين الذي أنعم علينا بأن جعلنا مسلمين فشرفنا بالانتساب إليه سبحانه وتعالى، والصلاة والسلام على سيد خلق الله رفع اللواء لتحرير الإنسان ولسيادة الحق على الأرض، وسلمنا الراية من بعده لنلبي نداء الله الذي لبى من قبل ﴿ٱنفِرُوا۟ خِفَافࣰا وَثِقَالࣰا وَجَـٰهِدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [التوبة: ٤١]. وبعد:
فليس من بدع القول أن أدعي أن من دواعي الفخر والشرف أن أكتب هذه السلسلة، مسجلاً بها صفحة رائعة من صفحات ملحمة البطولة، في معركة الحق المتصلة عبر التاريخ من لدن آدم عليه السلام وحتى يرث الله الأرض ومَن عليها.
نعم، إن ذلك من دواعي فخري أن أتمكن من الكتابة في دفتر الجانب الذي أسجل فيه تاريخاً وأصنع فيه توثيقاً لهذه المرحلة الحرجة الصعبة من تاريخ هذه الأمة وهذا الشعب وهذه المقدسات، فالحمد لله أن منّ عليّ بهذا الشرف العظيم حيث يسرني أن أعيش عن قرب أحداث هذه الملحمة العظمى..
شرف عظيم هذا الذي حزت، بأن تعرفت على هؤلاء الفرسان المغاوير الذين صاغتهم عقيدة الأنبياء التي ارتضى الله عز وجل لخلقه، تعرفت عليهم عن قرب وعشت معهم لحظة بلحظة وعشت معهم الآلام والآمال، عشت معهم الابتسام للغد المشرق بشمس الحرية وراية الحق خفاقة عالية، نعم شرف وأي شرف أن يعيش المرء مع هؤلاء الفرسان الذين هاجموا الموت وطاردوه ولاحقوه في أحضانه، ولم ينتظروه ليطاردهم ويلاحقهم في مضاجعهم، وشرف وأي شرف أن أعيش قصص الفروسية هذه من أفواه الفرسان أنفسهم لأكون الأمين على نقلها لأحبتي على امتداد الوطن النازف فلسطين أولاً، وعلى امتداد الوطن الإسلامي الكبير؛ ليعيش الأحبّة صوراً ونماذج من فدائيي الإسلام وأسود رسول الله ﷺ.. فئة صارعت الموت وأراد الله عز وجل أن يخرجوا منتصرين شهداء أحياء يعيشون بين الناس يأكلون ويشربون ينامون ويقومون، ولكنهم بحق وحقيقة شهداء، نعم فقد سألوها بصدق بل وتقدموا لها بصدق وألقوا بأنفسهم في أحضانها التي تجدونها فيها لا محالة، يأبى الله عز وجل إلا أن يعطي من خلالهم الدرس الخالد الذي أدركه الصحب الكرام الأوائل: “احرص على الموت توهب لك الحياة”.
فسجّلهم ربهم إن شاء الله تعالى شهداء وأبقاهم على قيد الحياة؛ ليغيظوا عدو الله وعدوهم كلما ذكرهم ذاكر أو تغنى بهم حاد أو ترنم بأسمائهم للدرب سالك، أليس من دواعي الشرف أن يتعرف المرء على مثل هذه الكوكبة من الفرسان وأن يعيش معهم؟ أن يقبّل أياديهم ورؤوسهم تلك التي أنتجت وأنتجت وتقدمت إلى هذا الحد الذي لا يستطيعه صغار النفوس ولا ضعاف الهمم والعزائم؟ وقد قيل:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم ** وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وتعظم في عين الصغير صغارها ** وتصغر في عين العظيم العظائمُ
تقدموا لهذه الدرجة ولا زال أحدهم يرى نفسه مقصراً في حق دينه ووطنه وأمته..
أما أنا فعلى يقين قاطع لا يراوده شك أن هذا شرف لي وفخر، والحمد لله لم ينازعني فيه أحد، فمن مثلى حاز الشرف الذي حزت بصحبة مثل هذه الطائفة والكتابة عنها والتسجيل لها؟ وإن كنت في غمرة هذه المفخرة الغامرة والفرحة العارمة تطير بي المشاعر وتحلق بي النشوة فإن ذلك لا يمكن أن ينسيني بحال من الأحوال وتحت أي ظرف حتى هذا الظرف.. لا ينسيني أن أذكر لأهل الفضل فضلهم وليس ذلك من بدع القول؛ فمن الحق الذي لا غلو فيه أنه إذا ما ذُكر الفارس أن يُذكر أستاذه، وإذا ما ذُكر البطل أن يُذكر صانع البطولة فيه.
أستاذ الفرسان
من الحق الذي لا مراء فيه أن نقف وقفة إجلال لأستاذ الفرسان ومربيهم ورائدهم ورمزهم، ومفجر الفروسية في صدورهم والبطولة في أفعالهم والحماس في أرواحهم والتطلع إلى المجد في أعماقهم.. الذي دفعهم فعله الأسطورة لأن يطاردوا الموت، يراودونه عن نفسه، ذاك الشيخ المجاهد أحمد ياسين.
نعم فهو بحق ودون منازع رمز صورة الحياة التي دبّت في نفوس هذا الشباب، فتدفق العطاء يطارد الموت، يراوده يصنع البطولات، يسطر المجد بحروف من نور أو من نار، أو قل بحروف من ألم أو من أمل، أو بحروف من أحمد ياسين؛ فهو الروح التي أفاضها الله علينا فجاءت حماساً يشعل النفوس؛ لينقلها من ضحية المشروع الذي يراد به صناعة مجموعات المرتزقة التي يريد بها اليهود أن يسيطروا على المنطقة ويسودوا العالم، إلى طلائع لحرب التحرير الشامل ومقدمة لفرسان الحماس.. لمغاوير المجد.. لطلائع المجاهدين.. صناع الحياة عشاق الموت.
مرة أخرى يشرفني أن أسطر ملحمتي هذه (فرسان الحماس) لأسجل فيها وبحروف من أحمد ياسين أسطورة العصر قصص الفرسان المغاوير، فرسان الحماس: عامر أبو سرحان، أشرف البعلوجي، محمد أبو جلالة، وياسر داود، وغيرهم ممن ساروا على درب الفروسية هذا الطاهر الشريف. ولي أمل ورجاء أن يسامحني هؤلاء الفرسان إن كنت على غير قصد مني قد بخست أحدهم حقه فلم أنزله قدره، أو لم أستطع أن أعبر عن مشاعره التي أحس يوم تقدم فارساً مغواراً، أو تجاوزت حدي بالكتابة عنه رغماً عنه وقد أحب أن يموت جندياً مجهولاً وفارساً ملثماً لا يعرفه أحد فكتب وصيته بذلك، وأبى الله عز وجل إلا أن يميط اللثام عن وجهه وعلى رؤوس الأشهاد ولتُبهر الأنظار وتخشع القلوب بصانعي المجد، فتنظر نظرة التقدير والافتخار لفرسان الحماس، وليهتف كل هذا التوحيد على امتداد الوطن الإسلامي الكبير وقلوبهم تخفق فرحة ودموعهم منهمرة شوقاً، يهتفون وبصوت واحد :
فتيان أحمد أوقدوا نار الفدى *** بحجارة وبخنجر وزجاج نار
شامير أطرق صاغراً في ذلة *** وتعاظمت بحماسنا نور ونار
لو كان ينظر جيشه في رعبه *** للم متاعه وارتحل آن انفجار
لن يبقى أخضر يابس يا ابن البلاد*** ستعود خيبر بل قريظة والفخار
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين.
ـــــــــــــــــــــ
* كتاب “أشرف البعلوجي”، ليحيى السنوار، ص1-4.