
مليشيات الدعم السريع تستهدف مخيمًا يشهد مجاعة كبيرة
فبراير 15, 2025
الشيخ “فهمي سالم” سفير الهيئة أندونيسيا يزور دمشق ويصلي في المسجد الأموي
فبراير 15, 2025د. أبو ناصر عبد الله بابا – سفير الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ في السنغال
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، ثم الصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.
وقبل الولوج في الموضوع، يستحسن بيان موقع السنغال الجغرافي.
السنغال: يقع في أقصى غرب إفريقيا، ولها حدود مع خمس دول: مالي، وغينيا كوناكري، وموريتانيا، غينيا بيساو. مما يؤكد موقعه الاستراتيجي.
دخل الإسلام السنغال منذ القرن العاشر الميلادي في زمن الملك (ورجابي انجاي) عن طريق المرابطين، وعن طريق تجار العرب.
احتل الفرنسيون المستعمرون بلدنا حقبة من الزمن فنهبوا الخيرات، وأجبروا السكان على الثقافة الفرنسية التي لا خير فيها.
بلغ عدد سكان السنغال ١٨ مليون نسمة، ٩٨% منهم مسلمون، والبقية بين النصرانية والوثنية، كما وُجد قلة قليلة من الشيعة الرافضة الذين لم يبلغوا واحداً في المائة.
ولو جمعت الشيعة اللبنانيون الذين تجنسوا، والسنغاليون المتشيعون.. لن يبلغوا صفراً فاصل ربع في المائة.
وأكثر المسلمين ينتمون إلى الطرق الصوفية، ما بين التيجانية والمريدية والقادرية. أما المذهب السائد في البلد فهو المذهب المالكي، ويشكل أهل السنة والجماعة نسبة كبيرة جداً مع التزايد يومياً تزايداً حثيثاً مشهوداً، وبسرعة ملموسة. كل ذلك بعد توفيق الله ثم بجهود دعاة وعلماء أهل السنة التي تذكر فيشكرون. بالإضافة إلى المئات والآلاف الذين تخرجوا في الجامعات العربية والإسلامية من جميع التخصصات الشرعية، ومن جميع المستويات العلمية. رجعوا إلى البلد دعاة إلى الله عملاً بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِیَنفِرُوا۟ كَاۤفَّةࣰۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةࣲ مِّنۡهُمۡ طَاۤىِٕفَةࣱ لِّیَتَفَقَّهُوا۟ فِی ٱلدِّینِ وَلِیُنذِرُوا۟ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ یَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢١-١٢٢]. مما خلّف آثاراً طيبة في الساحة السنغالية.
وسنذكر غيضاً من فيض من آثار جهود الدعاة في السنغال، وذلك من باب المثال لا الحصر:
١- أن كثيراً من القرى الوثنية بلغتها الدعوة الإسلامية فدخلوا في دين الله أفواجاً، بفضل الله ثم بجهود دعاة أهل السنة، فعلموهم ضروريات هذا الدين الحنيف، وأقاموا في ديارهم المراكز التعليمية والمساجد والجوامع، حتى خرجت تلك المراكز والجوامع دعاة وطلبة علم من بني جلدتهم ممن يتكلم بلهجتهم.
٢- محاربة كثير من البدع والخرافات التي ورثناها أباً عن جد، حتى تخلصت أو ضعفت أو قلّت، كل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، بالحجة والبرهان لا بالسيف والسنان.
٣- إنشاء جامعات عربية وشرعية في عقر ديار السنغال، تستقبل آلافاً مؤلفة من حاملي الشهادات الثانوية سنوياً، وقبل فترة ليست بعيدة عنا كان من يحصل على الشهادة الثانوية ولا يجد منحة دراسية في البلدان العربية ينقطع عن الدراسة إلى مهنة أخرى.
٤- وجود الصحوة الإسلامية والوعي الديني في أوساط الشباب المثقفين بالثقافة الفرنسية، وفي أوساط المسؤولين، وصناعي القرارات. لعل أقرب دليل على ذلك أن رئيس الجمهورية بشير جوماي فاي ورئيس الحكومة عثمان سونكو وكثيراً من الوزراء والمدراء من مسؤولي الدولة الحاكمة حالياً كانوا من هؤلاء الشباب، الذين تأثروا بجهود دعاة أهل السنة واستفادوا من دروسهم وتعاليمهم.
٥- كما لهم أثر ملموس في الجانب الإعلامي بإقامة محطات إذاعية، وقنوات تلفزيونية، ذات آثار واسعة في نشر الدروس، وتعليم العقيدة، وتصحيح الأخطاء والمفاهيم. ومسطر هذا المقال فقط يشرف على خَمس إذاعات إسلامية دعوية داخل السنغال في أماكن مختلفة؛ حيث يصل صوت الدعاة إلى جميع الأماكن النائية، ويقرع أجواء جميع البيوت السنغالية من غير حاجز، وتلك الوسائل نعمة عظيمة سخرها الله لدعاة هذا الزمن ؛فينبغي شكر الله في استخدامها بطريقة صحيحة وسليمة.
٦- ومن آثار وإنجازات دعاة ومشايخ وعلماء أهل السنة في السنغال وغيرها من دول إفريقيا إقامة (اتحاد علماء إفريقيا) الذي جمع قريباً من خمسين دولة إفريقية، يجتمعون وينسقون ويتشاورون في الأمور الدعوية، وفي المسائل المدلهمة التي تهم الدعوة الإسلامية في القارة.
٧- ومن الآثار الإيجابية التي يمكن ذكرها واعتبارها من جهود الدعاة: ظاهرة الحجاب الشرعي والتدين والالتزام بالسنة في كثير من القطاعات، بعد أن كنا حيناً من الدهر نعاني آثار الاستعمار الفرنسي الذي جر نساءنا إلى السفور والتبرج، وخوف كوادرنا السابقين من إظهار الهوية الإسلامية أو الافتخار بالإسلام.
٨- والجدير بالذكر أن كثيراً من الجامعات العربية والإسلامية، والجهات العالمية أسهمت في هذه الآثار والإنجازات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وعلى سبيل المثال: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، التي لا تكاد تدخل دولة إفريقية إلا وتجد قيادة الدعوة الإسلامية بيد خريجيها أو خريجي أمثالها من الجامعات العربية والإسلامية، وفي الوقت نفسه أثرت علاقات الدعاة بالهيئات والمؤسسات العالمية تأثيراً إيجابياً ففتحت لهم آفاق التعاون وتبادل الخبرات الدعوية التي رفعت مستوى الأداء والعطاء إلى منزلة تحمد عقباها، ومن هذه الهيئات:
- الهيئة العالمية للسنة النبوية.
- والمؤسسات التي تخدم قضية فلسطين وغزة، ومنها: الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ التي لها سفراء في أكثر من ثمانين دولة. يرأسها الشيخ الفاضل د. محمد الصغير، وفي هذه الهيئة المباركة “القبة الخضراء” في حفظ أحاديث المصطفى ﷺ، حيث تشجع طلبة العلم على حفظ الكتب الستة وغيرها، مما جعلنا نقتفي آثارهم فننظم مسابقات للطلاب في السنغال لحفظ متون الأحاديث.
٩- ومن آثار الدعوة الإسلامية في السنغال اجتياز كثير من العقبات والصعوبات التي عاناها مشايخنا من الدعاة الأوائل. فقد أخبرنا عدد من مشايخنا ودعاتنا القدامى بالمشاكل والعوائق التي كانوا يعانون في نشر الإسلام وتعليم الكبار والصغار أمور دينهم، بخلاف حال الدعاة اليوم الذين مُهدت لهم الصعاب حتى صارت قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً.
١٠- ومما أسهم في تحقيق نتائج طيبة للدعوة السُّنيّة في السنغال تكاتف الدعاة وتوحيد صفوفهم وتنسيق جهودهم في تحقيق أهدافهم، دون أن يتتبع هذا زلات هذا وذاك هفوات ذاك، أو يفرح هذا بفضح عورات هذا، وذاك بكشف أخطاء هذا.. مما ابتلي به كثير مَن في دول العرب، إلا من رحم ربي.
فتلك عشرة كاملة، نكتفي بها في هذا المقال. نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينصر علماءنا ودعاتنا ومشايخنا أينما كانوا في العالم الإسلامي.